الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإذَا غَدَا مِنْ طَرِيقٍ، رَجَعَ فِى أُخْرَى.
ــ
لا يُعْرَفُ خُرُوجُ المرأةِ في العِيدَيْن عندَنا. وكَرِهَه سُفْيانُ، وابنُ المُبارَكِ، ورَخَّصَ أهلُ الرَّأْىِ للمرأةِ الكَبِيرَةِ، وكَرِهُوه للشّابَّةِ، لِما في خُرُوجهِنَّ مِن الفِتْنَةِ، وقولِ عائِشةَ، رَضِىَ اللَّه عنها: لو رَأى رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ما أحْدَثَ النِّساءُ لَمَنَعَهُنَّ المَساجدَ، كما مُنِعَت نِساءُ بَنِى إسْرائِيلَ (1). ولَنا، ما ذَكَرْنا مِن سُنَّةِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم، وهى أحَقُّ أن تُتَبّعَ، وقولُ عائِشةَ مُخْتَصٌّ بمَن أحْدَثَتْ دونَ غيرِها، ولا شَكَّ في أنَّ تلك يُكْرَهُ لها الخُرُوجُ، وإنَّما يُسْتَحَبُّ لَهُنَّ الخُرُوجُ غيرَ مُتَطَيِّباتٍ، ولا يَلْبَسْنَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ ولا زِينَةٍ ويَخْرُجْنَ في ثِيابِ البِذْلَةِ؛ لقَوْلِ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«وَلْيَخْرُجْنَ تَفِلَاتٍ» (2). ولا يُخالِطْنَ الرِّجالَ، بل يَكُنَّ ناحِيَةً مِنهم.
678 - مسألة: (وإذا غَدا مِن طَرِيقٍ، رَجَع في أُخْرَى)
الرُّجُوعُ في غيرِ الطَّرِيقِ التى غَدا منها سُنَّةٌ. وبه قال مالكٌ، والشافعىُّ؛ لأنَّ النبىَّ
(1) أخرجه البخارى، في: باب انتظار الناس قيام الإمام العالم، من كتاب الأذان. صحيح البخارى 1/ 219. ومسلم، في: باب خروج النساء إلى المساجد. . . إلخ، من كتاب الصلاة. صحيح مسلم 1/ 329. والإمام مالك، في: باب ما جاء في خروج النساء الى المساجد، من كتاب القبلة. الموطأ 1/ 198. وذكره الترمذى، في: باب ما جاء في خروج النساء في العيدين، من أبواب العيدين. عارضة الأحوذى 3/ 10.
(2)
تقدم تخريجه في 4/ 334.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
صلى الله عليه وسلم كان يَفْعَلُه. قال أبو هُرَيْرَةَ: كان رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذا خَرَج يَوْمَ العِيدِ في طَرِيقٍ رَجَع في غيرِه (1). قال التِّرْمِذِىُّ: هذا حديثٌ حسنٌ. قال بعضُ أهلِ العِلْمِ: إنَّما فَعَل هذا قَصْدًا لسُلُوكِ الأبعَدِ في الذَّهابِ ليَكْثُرَ ثَوابُه وخُطُواتُه إلى الصَّلاةِ، ويَعُودُ في الأقْصَرِ؛ لأنَّه أسْهَلُ. وقيل: كان يُحِبُّ أن يَشْهَدَ له الطَّريقانِ. وقيل: كان يُحِبُّ المُساواةَ بينَ أهلِ الطَّرِيقَيْن في التَّبَرُّكِ بمُرُورِه بهم، وسُرُورِهم برُؤيَتِه، ويَنْتَفِعُونَ بمَسْألَتِه. وقِيل: لتَحْصُلَ الصَّدَقَةُ ممَّن صَحِبَه على أهلِ الطَّرِيقَيْن مِن الفُقَراء. وقيل: ليَشْتَرِكَ الطَّرِيقان بوَطْئِه عليهما. وفى الجُمْلَةِ، الاقْتِداْءُ به سُنَّةً؛ لاحْتِمال بَقاءِ المَعْنَى الذى فَعَلَه لأجلِه، ولأنَّه قد يَفْعَلُ الشئَ لمَعْنًى ويَبْقَى
(1) أخرجه الترمذى، في: باب ما جاء في خروج النبى صلى الله عليه وسلم إلى العيد في طريق ورجوعه من آخر، من أبواب العيدين. عارضة الأحوذى 3/ 11. كما أخرجه ابن ماجه، في: باب ما جاء في الخروج يوم العيد. . . إلخ، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 412. والدارمى، في: باب الرجوع من المصلى من غير الطريق الذى خرج منه، من كتاب الصلاة. سنن الدارمى 1/ 378. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 338.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في حَقِّ غيرِه سُنَّةً مع زَوالِ المَعْنَى، كالرَّمَلِ والاضْطِباعِ في طَوافِ القُدُومِ، فَعَلَه هو وأصحابُه لإِظْهارِ الجَلَدِ للكُفارِ، وهى سُنَّةٌ. قال عُمَرُ، رَضِىَ اللَّهُ عنه: فيمَ الرَّمَلانُ الآنَ؟ ولمَن نُبْدِى مَناكِبنا وقد نَفَى اللَّهُ المُشْرِكِينَ؟ ثم قال: مع ذلك لا نَدَعُ شيئًا فَعَلْناه مع رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (1).
(1) أخرجه أبو داود، في: باب في الرمل، من كتاب المناسك. سنن أبى داود 1/ 436. والإمام أحمد، في: المسند 4511