الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْعِيدِ إِلَّا بَعْدَ الزَّوَالِ، خَرَجَ مِنَ الْغَدِ فَصَلَّى بِهِمْ.
ــ
الشَّمْسُ، بدَلِيلِ الإِجْماعِ أنَّ فِعْلَها في ذلك الوقتِ أفْضَلُ. ولم يَكُنِ النبىُّ صلى الله عليه وسلم، ليَفْعَلَ إلَّا الأفْضَلَ، ولو كان لها وقتٌ قبلَ ذلك، لكانَ تَقْيِيدُه بطُلُوعِ الشَّمْسِ تَحَكُّمًا بغيرِ نَصٍّ ولا مَعْنَى نَصٍّ، ولا يَجُوزُ التَّوْقِيتُ بالتَّحَكُّمِ. وأمّا حَدِيثُ عبدِ اللَّهِ بنِ بُسْرٍ، فيُحْمَلُ على أنَّه أنْكَرَ إبْطاءَ الإِمامِ عن وَقْتِها المُجْمَعِ عليه؛ لأنَّه لو حُمِل على غيرِ هذا لم يَكُنْ إبْطاءً، ولا يَجُوزُ أن يُحْمَلَ ذلك على أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم كان يَفْعَلُ الصلاةَ في وقتِ النَّهْى؛ لأنَّه مَكْرُوهٌ بالاتِّفاقِ، والأفْضَلُ خِلافُه، ولم يَكُنِ النبىُّ صلى الله عليه وسلم يُداوِمُ على المَفْضُولِ ولا المَكْرُوهِ، فتَعَيَّنَ حَمْلُه على ما ذَكَرْنا.
675 - مسألة: (فإن لم يَعْلَمْ بالعِيدِ إلَّا بعدَ الزَّوالِ، خَرَج مِن الغَدِ فصَلَّى بهم)
وهذا قَوْلُ الأوْزاعِىِّ، والثَّوْرِىِّ، وإسْحاقَ، وابنِ المُنْذِرِ. وحُكِىَ عن أبى حنيفةَ، أنَّها لا تُقْضَى. وقال الشافعىُّ: إن عَلِم بعدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، كقولِنا، وإن عَلِم بعدَ الزَّوالِ لم يُصَلِّ؛ لأنَّها صلاةٌ شُرِع لها الاجْتِماعُ والخُطْبَةُ، فلا تُقْضَى بعدَ فَواتِ وَقْتِها، كالجُمُعَةِ، وإنَّما
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يُصَلِّيها إذا عَلِم بعد غُرُوبِ الشَّمْسِ؛ لأنَّ العِيدَ هو الغَدُ؛ لقولِ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «فِطْرُكُمْ يَوْمَ تُفْطِرُونَ، وَأَضْحَاكُمْ يَوْمَ تُضَحُّونَ، وَعَرَفَتُكُمْ يَوْمَ تُعَرِّفُونَ» (1). ولَنا، ما روَى أبو عُمَيْرِ بنُ أنَسٍ، عن عُمُومَةٍ له مِن أصحابِ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أنَّ رَكْبًا جاءُوا إلى النبىِّ صلى الله عليه وسلم، فشَهِدُوا أنَّهم رَأوُا الهِلالَ بالأمْسِ، فأمَرَهم أن يُفْطِرُوا، فإذا أصْبَحُوا أن يَغْدُوا إلى مُصَلَّاهم. رَواه أبو داودَ (2). وقال الخَطَّابِىُّ (3): سُنَّةُ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أولَى أن تُتَّبَعَ، وحَدِيثُ أبى (4) عُمَيْرٍ صَحِيحٌ، فالمَصِيرُ إليه واجِبٌ. ولأنَّها صلاةٌ مُؤَقَّتَةٌ، فلا تَسْقُطُ بفَواتِ الوَقْتِ، كسائِرِ الفُرُوضِ، فأمَّا الجُمُعَةُ فإنَّها مَعْدُولٌ بها عن الظُّهْرِ بشَرائِطَ، مِنها الوَقْتُ، فإذا فات واحِدٌ مِنها رَجَع إلى الأصْلِ.
(1) أخرجه بدون ذكر «وعرفتكم يوم تعرفون» كل من: أبى داود، في: باب إذا أخطأ القوم الهلال، من كتاب الصوم. سنن أبى داود 1/ 543. والترمذى، في: باب ما جاء الصوم يوم تصومون. . . إلخ، من أبواب الصوم. عارضة الأحوذى 3/ 216. وابن ماجه، في: باب ما جاء في شهرى العيد، من كتاب الصيام. سنن ابن ماجه 1/ 531.
وأخرجه البيهقى عن عطاء مرسلا وفيه: «وعرفة يوم تعرفون» . في: باب خطأ الناس يوم عرفة، من كتاب الحج. السنن الكبرى 5/ 176. وأخرج أبو داود في المراسيل أن النبى صلى الله عليه وسلم قال:«يوم عرفة الذى يعرف فيه الناس» . المراسيل 125.
(2)
في: باب إذا لم يخرج الإمام للعيد من يومه يخرج من الغد، من كتاب الصلاة. سنن أبى داود 1/ 264. كما أخرجه النسائى، في: باب الخروج إلى العيدين من الغد، من كتاب العيدين. المجتبى 3/ 146، 147. وابن ماجه، في: باب ما جاء في الشهادة على رؤية الهلال، من كتاب الصيام. سنن ابن ماجه 1/ 529. والإمام أحمد، في: المسند 5/ 57، 58.
(3)
في: معالم السنن 1/ 252.
(4)
في م: «ابن» .