الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَتَجُوزُ إِقَامَةُ الْجُمُعَةِ فِي مَوْضِعَيْنِ مِنَ الْبَلَدِ لِلْحَاجَةِ، وَلَا يَجُوزُ مَعَ عَدَمِهَا،
ــ
مُفَضَّلَةٌ بسَجْدَةٍ. ويَحْتَمِلُ أن يُسْتَحَبَّ؛ لأنَّ لَفْظَ الخَبَرِ يَدُلُّ عليه، ولأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا عَمِلَ عَمَلًا أَثْبَتَه:
657 - مسألة: (وتَجُوزُ إقَامَةُ الجُمُعَةِ في مَوْضِعَيْن مِن البَلَدِ للحاجَةِ، ولا يَجُوزُ مع عَدَمِها)
وجُمْلَةُ ذلك، أنَّ البَلَدَ إذا كان كَبِيرًا، يَشُقُّ على أهْلِه الاجْتِماعُ في مسْجِدٍ واحِدٍ، ويَتَعَذَّرُ ذلك لتبَاعُدِ أقْطارِه، أو ضِيقِ مَسْجِدِه على أهْلِه، كبَغْدادَ ونَحْوِها، جازَتْ إقامَةُ الجُمُعَةِ في أكْثَرَ مِن مَوْضِعٍ على قَدْرِ ما يَحْتاجُونَ إليه. وهذا قولُ عَطَاءٍ. وأجازَه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أبو يوسفَ في بَغْدادَ دُونَ غيرِها، قال: لأنَّ الحُدُودَ تُقامُ فيها في مَوْضِعَيْن، والجُمُعَةُ حيثُ تُقامُ الحُدُودُ. ومُقْتَضَى قَوْلِه، أنَّه لو وُجِدَ بَلَدٌ آخَرُ تُقامُ فيه الحُدُودُ في مَوْضعَيْن، كان مثلَ بَغْدَادَ؛ لأنَّ الجُمُعَةَ حيثُ تُقامُ الحُدُودُ. وهذا قولُ ابنِ المُبارَكِ. وقال أبو حنيفةَ، ومالكٌ، والشافعىُّ: لا تَجُوزُ الجُمُعَةُ في بَلَدٍ واحِدٍ في أكْثَرَ مِن مَوْضِعٍ واحِدٍ، ورُوِىَ أيضًا عن أحمدَ مثلُ ذلك؛ لأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم لم يَكُنْ يُجَمِّعُ إلَّا في مَسجِدٍ واحِدٍ، وكذلك الخُلَفاءُ بعدَه، ولو جاز لم يُعَطِّلُوا المَساجِدَ، حتى قال ابنُ عمرَ: لا تُقامُ الجُمُعَةُ إلَّا في المَسْجِدِ الأكْبرِ، الذى يُصَلِّى فيه الإِمامُ. ولَنا، أنَّها صلاةٌ شُرِعَ لها الاجْتِماعُ والخُطْبَةُ، فجَازَت فيما يُحْتاجُ إليه مِن المَواضِعِ كصلاةِ العِيدِ. وقد ثَبَت أنَّ عَلِيًّا رَضِىَ اللَّهُ عنه، كان يَخْرُجُ يَوْمَ العِيدِ إلى المُصَلَّى، ويَسْتَخْلِفُ على ضَعَفَةِ النَّاسِ أبا مسعودٍ البَدْرِىَّ، فيُصَلِّى بهم (1). فأمَّا تَرْكُ النبىِّ صلى الله عليه وسلم إقامَةَ جُمُعَتَيْن فلغناهُم عن إحْداهما، ولأنَّ الصحابةَ كانوا يُؤْثِرُونَ سَماعَ خُطْبَتِه، وشُهُودَ جُمُعَتِه، وإن بَعُدَتْ مَنازِلُهم؛ لأنَّه المُبَلِّغُ عن اللَّهِ تعالى، وشارِعُ الأحْكامِ، ولَمّا دَعَتِ الحَاجَةُ إلى ذلك في الأمْصارِ صُلِّيَتْ في أماكِنَ، ولم يُنْكَرْ، فصارَ إجْماعًا.
(1) أخرج البيهقى، أن عليا أمر رجلًا أن يصلى بضعفة الناس. كتاب صلاة العيدين. السنن الكبرى 3/ 310.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقولُ ابنِ عمرَ مَعْناه أنَّها لا تُتْرَكُ في المَساجِدِ الكِبارِ، وتُقامُ في الصِّغارِ. وأمَّا اعْتِبارُ ذلك بإقامَةِ الحُدُودِ، فلا وَجْهَ له. قال أبو داودَ: سَمِعْتُ أحمدَ يَقُولُ: أىُّ حَدٍّ كان يُقامُ بالمَدِينَةِ! قَدِمَها مُصْعَبُ ابنُ عُمَيْرٍ وهم يَخْتَبِئُونَ في دارٍ، فجَمَّعَ بهم وهم أرْبَعونَ.
فصل: فأمَّا مع عَدمِ الحاجَةِ فلا يَجُوزُ أكْثَرُ مِن واحِدَةٍ، وإن حَصَل الغِنَى باثْنَتَيْن لم تَجُزِ الثَّالِثَةُ، وكذلك ما زاد، لا نَعْلَمُ في هذا مُخالِفًا، إلَّا أنَّ عَطَاءً قِيلَ له: إنَّ أهْلَ البَصْرَةِ يَسَعُهم المَسْجِدُ الأكْبَرُ. قال: لكلِّ قومٍ مَسْجِدٌ يُجَمِّعُونَ فيه، ويُجْزِئُ ذلك مِن التَّجْمِيعِ في المسجدِ الأكْبَرِ. وما عليه الجُمْهُورُ أَوْلَى إذ لم يُنْقَلْ عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم وخُلَفائِه أنَّهم جَمَّعُوا أكْثرَ مِن جُمُعَةٍ، إذ لم تَدْعُ الحاجَةُ إلى ذلك، ولا يَجُوزُ إثْباتُ الأحكامِ بالتَّحَكُّمِ بغيرِ دَلِيلٍ.