الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَنْ أَمِنَ في الصَّلاةِ أَتَمَّ صَلَاةَ آمِنٍ، وَمَنِ ابْتدَأَها آمِنًا فَخَافَ، أتَمَّ صلاةَ خَائِفٍ.
ــ
فقال: مُخالِفٌ، خالَفَ اللَّه به. قال: فخَرَجَ الأشْتَرُ في الفِتْنَةِ. ولأنَّها إحْدَى حالتَى الحَرْبِ، أشْبَهَتْ حالَةَ الهَرَبِ، ولأنَّ فَواتَ الكُفّارِ ضَرَرٌ عَظِيمٌ (1)، فَأُبِيحَتْ صلاةُ الخَوْفِ عندَ فَوْتِه كالحالَةِ الأُخْرى. والثَّانيةُ، ليس له أن يُصَلِّىَ إلَّا صلاةَ آمِنٍ. وهذا قولُ أكثَرِ أهْلِ العِلْمٍ؛ لأنَّ اللَّهَ تعالى قال:{فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أوْ رُكْبَانًا} فشَرَط الخَوْفَ. وهذا غيرُ خائِفٍ، ولأنَّه آمِنٌ فلَزِمَتْه صلاةُ الآمِنِ، كما لو لم يَخْشَ فَوْتَهم. وهذا الخِلافُ في مَن يَأْمَنُ رُجُوعَهم عليه إن تَشاغَلَ بالصلاةِ، ويَأْمَنُ على أصحابِه. فأمَّا الخائِفُ مِن ذلك فحُكْمُه حُكْمُ المَطْلُوبِ على ما بَيَّنّا.
625 - مسألة: (ومَن أَمِنَ في الصَّلاةِ أَتَمَّ صلاةَ آمِنٍ، وإِنِ ابْتدَأَها آمِنًا فخافَ، أتَمَّ صلاةَ خائِفٍ)
متى صَلَّى بعْضَ الصَّلاةِ في حالِ شِدَّةِ الخَوْفِ، مع الإِخْلالِ بشئٍ مِن واجِباتِها، كالاسْتِقْبالِ وغيرِه، فأَمِنَ في أثْنائِها، أَتَمَّها آتِيًا بواجِباتِها، فإذا كان راكِبًا إلى غيرِ القِبْلَةِ، نَزَل مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ، وإن كان ماشِيًا، وَقَف واسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، وبَنَى على ما
(1) في الأصل: «عليهم» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مَضَى؛ لأنَّ ما مَضَى مِن صلاِتِه كان صَحِيحًا قبلَ الأَمْنِ، فجاز البِناءُ عليه، كما لو لم يُخِلَّ بشئٍ مِن الواجِباتِ، [وكالمريضِ](1) يَبْتَدِئُ الصلاةَ قاعِدًا، إذا قَدَر على القِيام في أثْنَائِها. فإن تَرَك الاسْتِقْبَالَ حَالَ نُزُولِه، أو أخَلَّ بشئٍ مِن واجِباتِهاَ بعدَ أمْنِه، فسَدَتْ صلاتُه. وإنِ ابْتَدأَ الصلاةَ آمِنًا بشُرُوطِها وواجِباتها، ثم حَدَثَ له شِدَّةُ خَوْفٍ، أتَمَّها على حَسَبِ ما يَحْتَاجُ إليه، مثلَ مَن يكونُ قائِمًا على الأرضِ مُسْتَقْبِلًا، فيَحْتاجُ أن يَرْكَبَ وَيَسْتَدْبِرَ القِبْلَةَ، ويَطْعَنَ (2) ويَضْرِب، ونحوَ ذلك، فإنَّه يَصِيرُ إليه، ويَبْنِى على الماضِى مِن صلاِتِه. وحُكِىَ عن الشافعىِّ، أنَّه إذا أمِنَ نَزَل فبَنَى، وإذا خاف فرَكِبَ ابْتَدَأَ. ولا يَصِحُّ؛ لأنَّ الرُّكُوبَ قد يكونُ يَسِيرًا، لا يُبْطِلُ مِثْلُه في حَقِّ الآمِنِ، ففى حَقِّ الخائِفِ أَوْلَى، كالنُّزُولِ، ولأنَّه عَمَل أُبِيحَ للحاجَةِ، فلم يَمْنَعْ صِحَّةَ الصَّلاةِ، كالهَرَبِ.
(1) في م: «وكان المريض» .
(2)
في الأصل: «يطرد» .