الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَنْ دَخَلَ وَالإمَامُ يَخْطُبُ لَمْ يَجْلِسْ حَتَّى يَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ، يُوجِزُ فِيهِمَا.
ــ
فصل: واخْتَلَفَتِ الرِّوايَةُ عن أحمدَ في الصَّفِّ الأوَّلِ فقالَ في مَوْضِعٍ: هو الذى يَلِى المَقْصُورَةَ، لأنَّها تُحْمَى. وقال: ما أدْرِى هلْ الصَّفُّ الأوَّلُ الذى يَقْطَعهُ المِنْبَرُ، أو الذى يَلِيه؟ قال شيخُنا (1): والصَّحِيحُ أنَّه الذى يَقْطَعة المِنْبَرُ؛ لأنَّه الصَّف الأوَّلُ حَقِيقَةً، ولو كان الأوَّلُ ما دونَه أفْضَى إلى خُلوِّ ما يَلِى الإِمامَ. ولأنَّ أصحابَ النبىِّ صلى الله عليه وسلم كان يلِيه فُضَلاؤُهم، ولو كان الصَّفُّ الأوَّلُ وراءَ المِنْبَرِ، لوَقَفُوا فيه.
670 - مسألة: (ومَن دَخَل والإِمامُ يَخْطب لَمْ يَجْلِسْ حَتَّى يَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ، يوُجِزُ فيهما)
وبه قال الحسنُ، وابن عُيَيْنَةَ، والشافعىُّ، وإسْحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المنْذِرِ. وقال شُرَيْحٌ وابنُ سِيرِينَ، والنَّخَعِىُّ، وقَتادَة، والثَّوْرِىُّ، ومالكٌ، واللَّيْثُ، وأبو حنيفةَ: يُكْرَهُ
(1) في: المغنى 3/ 235.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
له أن يَرْكَعَ؛ لأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم قال للذى جاء يَتَخَطَّى رِقابَ النَّاسَ: «اجْلِسْ، فَقَدْ آنيْتَ وَآذَيْتَ» . رَواه ابنُ ماجه (1). ولأنَّ الرُّكوعَ يَشْغَلُه عنِ اسْتِماعِ الخُطْبَةِ، فكُرِهَ، كغيرِ الدَّاخِلِ. ولَنا، ما روَى جابِرٌ، قال: جاء رجلٌ والنبىُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ، فقال:«صَلَّيْتَ يَا فُلَانُ؟» قال: لا. قال: «قمْ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ» . مُتَّفَقٌ عليه (2). وفى لَفْظٍ لمسلمٍ: «إذا جَاءَ أحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَالإِمَام يَخْطُبُ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، وَلْيَتَجَوَّزْ فِيهِمَا» . فإن جَلَس قبلَ أن يَرْكَعَ اسْتُحِبَّ له أن يقُومَ فيَرْكَعَ؛ لِما روَى جَابر أنَّ سُلَيْكًا الغَطَفانِىَّ جاء يَوْمَ الجُمُعَةِ والنبىُّ صلى الله عليه وسلم قاعِد على المِنْبَرِ، فقَعَدَ سُلَيْكٌ قبلَ أن يُصَلِّىَ، فقالَ. له النبىُّ صلى الله عليه وسلم:«أرَكَعْتَ رَكْعَتَيْنِ؟» قال: لا. قال: «قُمْ فَارْكَعْهُمَا» . رَواه
(1) تقدم تخريجه في صفحة 278.
(2)
تقدم تخريجه في 4/ 155.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مسلمٌ (1). وفى لَفْظٍ: جاء سُلَيْكٌ الغَطَفانِىُّ يَوْمَ الجُمُعَةِ والنبىُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ، فجَلَسَ، فقال:«يَا سُلَيْكُ قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، وَتَجَوَّزْ فِيهِمَا» . وحَدِيثُهم قَضِيَّةٌ في عَيْنٍ، يَحْتَمِلُ أنَّه أمَرَه بالجُلُوسِ لضِيقِ المَكانِ، أو لكَوْنِه في آخِرِ الخُطْبَةِ، بحيثُ لو تَشاغَلَ بالصلاةِ فَاتَتْه تَكْبيرَةُ الإِحْرامِ. والظَّاهِرُ أنَّه صلى الله عليه وسلم إنَّما أمَرَه بالجُلُوسِ، ليَكُفَّ أذاه عن النَّاسِ، فإن خَشِىَ أن يَفُوتَه أوَّلُ الصَّلاةِ إذا تَشاغَلَ بهما، لم يُسْتَحَبَّ له التَّشاغُلُ بهما لذلك.
فصل: ويَنْقَطِعُ التَّطَوُّعُ بجُلُوسِ الإِمامِ على المِنْبَرِ، فلا يُصَلِّى أحَدٌ غيرَ الدَّاخِلِ، يُصَلِّى تَحِيَّةَ المسجِدِ، رُوِىَ ذلك عن ابنِ عَبَّاس، وابنِ عمرَ؛ لِما روَى ثَعْلَبَةُ بنُ مالكٍ، أنَّهم كانُوا في زَمَنِ عمرَ بنِ الخَطَّابِ، رَضِىَ اللَّهُ عنه يَوْمَ الجُمُعَةِ يُصَلُّون حتى يَخْرُجَ عمرُ (2). ولأنَّه يَشْغَلُ عن سَماعِ الخُطْبَةِ المَنْدُوبِ إليه.
فصل: ويُكْرَهُ التَّحَلُّقُ يَوْمَ الجُمُعَةِ قبلَ الصَّلاةِ؛ لأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عن الحِلَقِ يَوْمَ الجُمُعَةِ قبلَ الصَّلاةِ. رَواه الإِمامُ أحمدُ، وأبو داودَ،
(1) تقدم تخريجه في 4/ 155.
(2)
أخرجه الإمام مالك، في: باب ما جاء في الإنصات يوم الجمعة والإمام يخطب، من كتاب الجمعة. الموطأ 1/ 103. وعبد الرزاق، في: باب جلوس الناس حين يخرج الإمام، من كتاب الجمعة. المصنف 3/ 208.