الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهَلْ يَجُوزُ لِلْمَرِيضِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
ــ
وأصحابُه على ظُهُورِ دَوابِّهم، يُومِئُون إيماءً، يَجْعَلُونَ السُّجُودَ أخْفَضَ مِن الرُّكُوعِ. رَواهَ الأثْرَمُ، والتِّرمِذِىُّ (1). وفَعَلَه أَنَسٌ. ذَكَرَه الإمامُ أحمدُ، ولم يُنْقَلْ عن غيرِه خِلافُه. ولأنَّ المَطَرَ عُذْرٌ يُبِيحُ الجَمْعَ، فأثَّرَ في أفْعالِ الصلاةِ، كالسَّفَرِ والمَرَضِ، وحديثُ أبي سعيدٍ بالمدِينَةِ والنبىُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّى (2) في مَسْجِدِه، والظاهِرُ أنَّ الطِّينَ كان يَسِيرًا لم يُؤثِّرْ في غيرِ الجَبْهَةِ والأنْفِ، وإنَّما يُبِيحُ ما كان كثيرًا يُلَوِّثُ الثِّيابَ والبَدَنَ، وتَلْحَقُ المَضَرَّةُ بالسُّجُودِ فيه.
فصل: ومتى أمْكَنَه النُّزُولُ والصلاةُ قائِمًا مِن غيرِ مَضَرَّةٍ لَزِمَه، ولم يُصَلِّ على دابَّتِه؛ لأنَّه قَدَر على القِيامِ مِن غيرِ ضَرَرٍ فلَزِمَه، كغيرِ حالَةِ المَطَرِ. ولا يَسْقُطُ عنه الرُّكُوعُ؛ لقُدْرَتِه عليه، ويُومِئُ بالسُّجُودِ، لِما فيه مِن الضَّرَرِ. وإن تَضَرَّرَ بالنُّزولِ عن دَابَّتهِ، وتَلَوَّثَ، صَلَّى عليها؛ للخَبَرِ المَذْكُورِ. ولا يَجُوزُ له تَرْكُ الاسْتِقْبالِ في المَطَرِ؛ لأنَّه قادِرٌ عليه.
599 - مسألة: (وهل يَجُوزُ)
ذلك (لأجْلِ المرَضِ؟ على رِوايَتَيْن) وجُمْلَةُ ذلك أنَّ الصلاةَ على الرَّاحِلَةِ لأجْلِ المَرَضِ لا تَخْلو مِن
(1) أخرجه الترمذى، في: باب ما جاء في الصلاة على الدابة في الطين والمطر، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى 3/ 202، 204. والإمام أحمد، في: المسند 4/ 173، 174.
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ثَلَاثةِ أحْوالٍ، أحَدُها، أن يَخافَ الانْقِطاعَ عن الرُّفْقَةِ، أو العَجْزَ عن الرُّكُوبِ، أو زِيادَةَ المَرَضِ، ونَحْوَه، فيَجُوزُ له ذلك، كما ذَكَرْنا في صلاةِ الخَوْفِ. الثَّانِى، أن لا يَتَضَرَّرَ بالنُّزُولِ، ولا يَشُقَّ عليه، فيَلْزَمُه النُّزُولُ، كالصَّحِيحِ. الثَّالِثُ، أن يَشُقَّ عليه النُّزولُ مَشَقَّةً يُمْكِنُ تَحَمُّلُها مِن غيرِ خَوْفِ تَلَفٍ (1)، ولا زِيادَةِ مَرَضٍ، ففيه الرِّوايَتان؛ إحْداهُما، لا يَجُوزُ له الصلاةُ على الرّاحِلةِ، لأنَّ ابنَ عمرَ كان يُنْزِلُ مَرْضاه. احْتَجَّ به أحمدُ. ولأنَّه قادِرٌ على أفْعالِ الصّلاةِ مِن غيرِ ضَرَرٍ كبيرٍ، فلَزِمَه، كغيرِ الرَّاكِبِ.
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والثّانِيَةُ، يَجوزُ. اخْتارَها أبو بكرٍ؛ لأنَّ المَشَقَّةَ عليه (1) في النُّزولِ أكثَرُ مِن المَشَقَّةِ عليه في المَطرِ، فكان إباحَتُها ههُنا أوْلَى. ومَن نَصَرَ الرِّوايَةَ الأُولَى،
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قال: إنَّ نُزُولَ المَرِيضِ يُؤثِّرُ في حُصُولِه على الأرْضِ، وهو أسْكَنُ له، وأمْكَنُ للصلاةِ، والمَمْطُورُ يَتَلَوَّثُ بنُزُولِه، ويَتَضَرَّرُ بحُصُولِه على الأرْضِ، فالمَرِيضُ يَتَضَرَّرُ بنَفْسِ النُّزُولِ لا في الحُصُولِ على الأرْضِ، والمَمْطورُ يَتَضَرَّرُ بحُصُولِه على الأرْضِ دُونَ نَفْسِ النُّزُولِ، فقد اخْتَلَفَتْ جِهَةُ الضَّرَرِ، فلا يَصِحُّ الإلْحَاقُ.