الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ سَجَدَ إِذَا زَالَ الزِّحَامُ، إِلَّا أَنْ يَخَافَ فَوَاتَ الثَّانِيَةِ، فَيُتَابِعَ الْإِمَامَ فِيهَا، وَتَصِيرُ أُولَاهُ، وَيُتِمُّهَا جُمُعَةً،
ــ
يَظْهَرْ له مُخالِفٌ، فكان إجْماعًا. ولأنَّه أَتَى بما يُمْكِنُه حالَ العَجْزِ، فصَحَّ، كالمَرِيضِ يَسْجُدُ على المِرْفَقَةِ، والخَبَرُ لم يَتَناوَلِ العاجِزَ، لأنَّ اللَّهَ تعالى قال:{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (1).
643 - مسألة: (فإن لم يُمْكِنْه سَجَد إذا زال الزِّحامُ، إِلَّا أن يَخافَ فَواتَ الثَّانِيَةِ، فَيُتَابِعَ الْإِمَامَ فِيهَا، وَتَصِيرُ أُولَاهُ، وَيُتِمُّهَا جُمُعَةً)
وجُمْلَةُ ذلك أنَّ مَن زُحِمَ في إحْدَى الرَّكْعَتَيْن، فإمّا أن يُزْحَمَ في الأُولَى، أو الثَّانِيَةِ، فإن كان في الأُولَى، ولم يَتَمَكَّنْ مِن السُّجُودِ على ظَهْرِ ولا قَدَمٍ، انْتَظَرَ
(1) سورة البقرة 286.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
حتَّى يَزُولَ الزِّحامُ، ثم يَسْجُدُ ويتْبَعُ إِمامَه؛ لأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم أمَرَ أصحابَه بذلك في صلاةِ الخوْفِ بعُسْفانَ للعُذْرِ، والعُذْرُ مَوْجُودٌ. فإذا قَضَى ما عليه، وأدْرَكَ إِمامَه قبلَ رَفْعِ رَأْسِه مِن الرُّكُوعِ، اتَّبَعَه، وصَحَّت له الرَّكْعَةُ، وهكذا لو تَعَذَّرَ عليه السُّجُودُ مع إمامِه، لمرَضٍ، أو نَوْمٍ، أو
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
نِسْيانٍ؛ لأنَّ ذلك عُذْرٌ، أشْبَهَ المَزْحُومَ. فإن خاف أنَّه إن تشاغَلَ بالسُّجُودِ فاتَه الرُّكُوعُ مع الإِمامِ في الثَّانِيَةِ ولَزِمَه مُتابَعَتُه، وتَصِيرُ الثَّانِيةُ أُولَاه. وهذا قولُ مالكٍ. وقال أبو حنيفةَ: يَشُّتَغِلُ بالسُّجُودِ؛ لأنَّه قد رَكَع مع الإِمامِ، فيَجِبُ عليه السُّجودُ بعدَه؛ لو زال الزِّحامُ والإِمامُ قائِمٌ. وللشافعىِّ كالمَذْهَبَيْن. ولَنا، قَولُ النبىِّ صلى الله عليه وسلم:«إنَّمَا جُعِلَ الإمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا» (1). فإن قِيلَ: فقد قال: «فَإذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا» . قُلْنا: قدْ سَقَط الأمْرُ بالمُتابَعَةِ في السُّجُود عن هذا للْعُذْرِ، وبَقِىَ الأمْرُ بالمُتابَعَةِ في الرُّكُوعِ لإِمْكانِه، ولأنَّه خائِفٌ فَواتَ الرُّكُوعِ، فلَزِمَتْه مُتابَعَةُ إمامِه فيه (2)، كالمَسْبُوقِ، أمَّا إذا كان الإِمامُ قائِمًا فليس هذا اخْتِلافًا كَثِيرًا. إذا ثَبَت أنَّه يُتابعُ الإِمامَ فِى الرُّكُوعِ، فإن أدْرَكَهُ رَاكِعًا صَحَّتْ له الثَّانِيَةُ، وتَصِيرُ الثَّانِيَةُ أُولَاهُ، وتَبْطُلُ الأُولَى في قِياسِ المَذْهَبِ؛
(1) تقدم تخريجه في 3/ 416.
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لكَوْنِه تَرَك منها رُكْنًا وشَرَع في الثَّانِيةِ، فبَطَلَتِ الأُولَى على ما ذَكَرْنا في سُجُودِ السَّهْوِ، ويُتِمُّها جُمُعَةً، لأنَّه أدْرَكَ منها رَكْعَةً مع الإِمامِ، فإن لم يَقُمْ، ولكن يَسْجُد السَّجْدَتَيْن مِن غيرِ قِيامٍ تَمَّتْ رَكْعَتُه. وإن فاتَه الرُّكُوعُ وسَجَد معه، فإن سَجَد السَّجْدَتَيْن معه، فقال القاضى: يُتِمُّ بها الرَّكْعَةَ الأُولَى. وهذا مَذْهَبُ الإِمامِ الشافعىِّ. رَحِمَه اللَّه تعالى. وقال أبو الخَطَّابِ: إذا سَجَد مُعْتَقِدًا جَوازَ ذلك اعْتُدَّ له به، وتَصِحُّ له الرَّكْعَةُ، كما لو سَجَد وإمامُه قائِمٌ، ثم إن أدْرَكَ الإِمامَ في رُكوعِ الثَّانِيَةِ صَحَّتْ له الرَّكْعَتان، وإن أدْرَكَه بعدَ رَفْعِ رَاسِه مِن رُكُوعِها، فَينْبَغى أن يَرْكَعَ ويَتْبَعَه، لأنَّ هذا سَبْقٌ يَسِيرٌ. ويَحْتَمِلُ أن تَفُوتَه الثَّانِيةُ بفَواتِ الرُّكُوعِ، كالمَسْبُوقِ.