الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يَتَنَفَّلُ قَبْلَ الصَّلَاةِ، وَلَا بَعْدَهَا فِى مَوْضِعِهَا.
ــ
يَخْطُبُ (1). وقال إبراهيمُ: يَخْطُبُ الإِمامُ يَوْمَ العِيدِ قَدْرَ ما يَرْجِعُ النِّساءُ إلى بُيُوتِهِنَّ. وهذا يَدُلّ على أنَّه لا يُسْتَحَبُّ لهنَّ الجُلُوسُ لاسْتِماعِ الخُطْبَةِ؛ لئلَّا يَخْتَلِطْنَ بالرِّجالِ. وحديثُ النبىِّ صلى الله عليه وسلم في مَوْعِظَتِه النِّساءَ بعدَ فَراغِه مِن خُطْبَتِه دَلِيلٌ على أنَّهُنَّ لم يَنْصَرِفْن. وسُنَّنُه صلى الله عليه وسلم أوْلَى بالاتِّباع.
فصل: ويُسْتَحَبُّ أن يَخْطُبَ قائِمًا؛ لِما روَى جابِرٌ، قال: خَرَج رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ فِطْرٍ أو أضْحَى، فخطَبَ قائِمًا، ثم قَعَد، ثم قامَ. رَواه ابنُ ماجه (2). وإن خَطَب قاعِدًا، فلا بَأْسَ؛ لأنَّها غيرُ واجِبَةٍ، أشْبَهَتْ صلاةَ النّافِلَةِ. وإن خَطَب على راحِلَتِه، فحَسَنٌ؛ لِما روَى سَلَمَةُ ابنُ نُبَيْطٍ عن أبيه، أنَّه حَجَّ، فقالَ: رأيْتُ النبىَّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ على بَعِيرِه. رَواه ابنُ ماجه (3). وعن أبى جَمِيلَةَ، قال: رأيْتُ عليًّا، عليه السلام، صَلَّى يَوْمَ العِيدِ، فبَدَأ بالصلاةِ قبلَ الخُطْبَةِ، ثم خَطَب على دابَّتِه، ورَأيْتُ عثمانَ بنَ عَفّانَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، يَخْطُبُ على راحِلَتِه (4). رَواه سعيدٌ.
689 - مسألة: (ولا يَتَنَفَّلُ قبلَ صلاةِ العِيدِ ولا بعدَها، في مَوْضِعِ الصَّلاةِ)
يُكْرَهُ التَّنفُّلُ قبلَ صَلاةِ العِيدِ وبعدَها، في مَوْضِعِ الصَّلاةِ،
(1) أخرجه ابن أبى شيبة، في: باب الكلام يوم العيد والإمام يخطب، من كتاب الصلوات. المصنف 2/ 171.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 351.
(3)
قى: باب ما جاء في الخطبة في العيدين، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 409.
(4)
أخرجه البيهقى، في: باب من أباح أن يخطب على منبر أو على راحلة، من كتاب العيدين. السنن الكبرى 3/ 298.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
للإِمامِ والمَأْمُومِ، سَواءٌ كان في المُصَلَّى أو المَسْجِدِ. وهو مَذْهَبُ ابنِ عباسٍ، وابنِ عُمَرَ، ورُوِى عن علىٍّ، وابنِ مسعودٍ، وحُذَيْفَةَ، وبُرَيْدَةَ (1)، وسَلَمَةَ بنِ الأكْوَعِ، وجابِرٍ، وابنِ أبى أوْفَى. وبه قال شرَيْحٌ، وعبدُ اللَّهِ بنُ مُغَفَّلٍ (2)، ومَسْرُوقٌ، والضَّحّاكُ، والقاسِمُ، والشَّعْبِىُّ. قال الزُّهْرِىُّ: لم أسْمَعْ أحَدًا مِن عُلَمائِنا يَذْكُرُ أنَّ أحَدًا مِن سَلَفِ هذه الأُمَّةِ كان يُصَلِّى قبلَ تلك ولا بعدَها. يَعْنِى صلاةَ العِيدِ. وقال: ما صَلَّى قبلَ العِيدِ بَدْرِىٌّ. ونَهَى عنه أبو مَسْعُودٍ البَدْرِىُّ. ورُوِىَ أنَّ عَلِيًّا، رَضِىَ اللَّه عنه، رَأى قَوْمًا يُصَلُّون قبلَ العِيدِ، فقال: ما كان هذا يُفْعَلُ على عَهْدِ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (3). قال أحمدُ: أهلُ المَدِينَةِ لا يَتَطَوَّعُون قبلَها، ويَتَطَوَّعُون بعدَها. وهذا قولُ عَلْقَمَةَ، والأسْوَدِ، ومُجاهِدٍ، والنَّخَعِىِّ، والثَّوْرِىِّ، وأصحابِ الرَّأْى. وقال مالكٌ كَقَوْلِنا في المُصَلَّى، وله في المَسْجِدِ رِوايَتان؛ إحْداهما، يَتَطَوَّعُ؛ لقولِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا
(1) بريدة بن الحُصَيْب بن عبد اللَّه الأسلمى، غزا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ست عشرة غزوة، وسكن البصرة لما فتحت، وغزا خراسان في زمن عثمان ثم تحول إلى مرو فسكنها إلى أن مات في خلافة يزيد بن معاوية. الإصابة 1/ 286.
(2)
كذا في النسخ، وعبد اللَّه بن المغفل في الصحابة، ولعل الصواب «بن مَعْقِل» ، وهو المزنى، ويناسب ذكره في التابعين أو تابعيهم.
(3)
أخرجه عبد الرزاق، في: باب الصلاة قبل خروج الإمام وبعد الخطبة، من كتاب العيدين. المصنف 3/ 276، 277.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
دَخَلَ أحَدُكُمُ المَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ» (1). وقال الشافعىُّ: يُكْرَهُ ذلك للإِمام، لأنَّه لا يُسْتَحَبُّ له التَّشاغُلُ عن الصَّلاةِ، ولا يُكْرَهُ للمَأْمُومِ؛ لأنَّه وَقْتٌ لم يُنْهَ عن الصَّلاةِ فيه، أشْبَهَ ما بعدَ الزَّوال. ولَنا، ما روَى ابنُ عباسٍ، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم خَرَج يَوْمَ الفِطْرِ، فصَلَّى رَكْعَتَيْن، لم يُصَلِّ قبلَهما ولا بعدَهما. مُتَّفَق عليه (2). ولأنَّه إجْماعٌ كما حَكاه الزهْرِىُّ وغيرُه، ولأنَّه وَقْتٌ نُهِىَ الإِمامُ عن التَّنَفُّلِ فيه، فكُرِهَ
(1) تقدم تخريجه في 3/ 397.
(2)
أخرجه البخارى، في: باب الخطبة بعد العيد، وباب الصلاة قبل العيد وبعدها، من كتاب العيدين، وفى: باب التحريض على الصدقة والشفاعة، من كتاب الزكاة. صحيح البخارى 2/ 23، 30، 140. ومسلم، في: باب ترك الصلاة قبل العيد وبعدها في المصلى، من كتاب العيدين. صحيح مسلم 2/ 606. كما أخرجه أبو داود، في: باب الصلاة بعد صلاة العيد، من كتاب الصلاة. سنن أبى داود 1/ 264. والترمذى، في: باب ما جاء لا صلاة قبل العيد ولا بعدها، من أبواب العيدين. عارضة الأحوذى 3/ 8. والنسائى، في: باب الصلاة قبل العيدين وبعدها، من كتاب العيدين. المجتبى 3/ 157. وابن ماجه، في: باب ما جاء في الصلاة قبل صلاة العيد وبعدها، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 410. والدارمى، في: باب لا صلاة قبل العيد ولا بعدها، من كتاب الصلاة. سنن الدارمى 1/ 376. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 340، 355.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
للمَأْمُومِ، كسائِرِ أوْقاتِ النَّهْى، وكما قبلَ الصَّلاةِ عندَ أبى حنيفةَ، وكما لو كان في المُصلَّى عندَ مالكٍ. والحديثُ الذى ذَكَرَه مالكٌ مَخْصُوصٌ بما ذَكَرْنا مِن المَعْنَى. وقال الأثْرَمُ: قلتُ لأحمدَ: قال سُليمانُ بنُ حَرْبٍ: إنَّما تَرَك النبىُّ صلى الله عليه وسلم التَّطَوُّعَ لأنَّه كان إمامًا. قال أحمدُ: فالذين رَوَوْا هذا عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم لم يَتَطَوَّعُوا. ثم قال: ابنُ عُمَرَ، وابنُ عباس، هما رَوَياه، وأخَذا به. يُشِيرُ، واللَّه أعلمُ، إلى أنَّ عَمَلَ راوِى الحَدِيثِ به تَفْسِيرٌ له، وتَفْسِيرُه يُقَدَّمُ على تَفْسِيرِ غيرِه. ولو كانتِ الكَراهَةُ للإِمامِ كَيْلا يَشْتَغِلَ عن الصَّلاةِ، لاخْتُصَّتْ بما قبلَ الصَّلاةِ، إذ لم يَبْقَ بعدَها ما يَشْتَغِلُ به. وقد روَى عَمْرُو بنُ شُعَيْبٍ، عن أبِيه، عن جَدِّه، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم كان يُكَبِّرُ في صلاةِ العِيدِ سَبْعًا وخَمْسًا، ويقولُ:«لَا صَلَاةَ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا» (1). رَواه ابنُ بَطَّةَ بإسْنادِه.
فصل: قِيلَ لأحمدَ: فإن كان لرجل صلاةٌ في ذلك الوَقْتِ؟ قال: أخافُ أن يُقْتَدَى به. قال ابنُ عَقِيلٍ: كَرِه أحمدُ أن يَتَعَمَّدَ لقَضاءِ صلاةٍ، وقال: أخافُ أن يَقْتَدُوا به.
فصل: وإنَّما يُكْرَهُ التَّنَفِّلُ في مَوْضِعِ الصَّلاةِ، فأمّا في غيرِه فلا بَأْسَ
(1) أخرجه بنحوه الإمام أحمد، في: المسند 2/ 180.