الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ:
وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْجُمُعَةِ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ؛ أَحَدُهَا،
ــ
فأمَّا إن خافَ المُسافِرُ فَواتَ رُفْقَتِه، جاز له تَرْكُ الجُمُعَةِ؛ لأنَّه مِن الأعْذارِ المُسْقِطَةِ للْجُمُعَةِ والجَماعَةِ، وسَواءٌ كان في بَلَدِه وأرادَ إنْشاءَ السَّفَرِ، أو في غيرِه.
(فصل: ويُشْتَرطُ لصِحَّةِ الجُمُعَةِ أرْبَعَةُ شُروطٍ؛ أحَدُها، الوَقْتُ،
الْوَقْتُ، وَأَوَّلُهُ أَوَّلُ وَقْتِ صَلَاةِ الْعِيدِ. وَقَالَ الْخِرَقِىُّ: يَجُوزُ فِعْلُهَا في السَّاعَةِ السَّادِسَةِ. وَآخِرُهُ آخِرُ وَقْتِ الظُّهْرِ.
ــ
وأوَّلُ وَقْتِها أوَّلُ وقْتِ صَلاةِ العِيدِ. وقال الخِرَقِىُّ: يَجُوزُ فِعْلُها في السَّاعَةِ السَّادِسَةِ) وفى بعضِ النُّسَخِ، في الخامِسَةِ. والصَّحِيحُ في السَّادسةِ (وآخِرُه آخرُ وَقْتِ صلاةِ الظُّهْرِ) لا تصِحُّ الجُمُعَةُ قبلَ وَقتِها ولا بعدَه إجْماعًا. ولا خِلافَ فيما عَلِمْنا أنَّ آخرَ وَقْتِها آخِرُ وَقْتِ صلاةِ الظُّهْرِ. فأمَّا أوَّلُه، فقد ذَكَرْنا قولَ الخِرَقِىِّ: إنَّه لا يَجُوزُ قبلَ الساعَةِ السَّادِسَةِ. أو الخَامِسَةِ. على ما نُقِلَ عنه. وقال القاضى وأصحابُه: أوَّلُه أوَّلُ وَقْتِ صلاةِ العِيدِ. ورَواه عبدُ اللَّهِ بنُ أحمدَ، عن أَبِيه، قال: نَذْهَبُ إلى أنَّها كصلاةِ العِيدِ. قال مُجاهِدٌ: ما كان للنَّاْسِ عِيدٌ إلَّا في أوَّلِ النَّهارِ. وقال عَطاءٌ: كلُّ عِيدٍ حينَ يَمْتَدُّ الضُّحَى؛ الجُمُعَةُ، والأضْحَى، والفِطْرُ؛ لِما رُوِىَ أنَّ ابنَ مسعودٍ، قال: ما كان عِيدٌ إلَّا في أوَّل النَّهارِ. ورُوِىَ عنه، وعن مُعاوِيَةَ، أنَّهما صَلَّيَا الجُمُعَةَ ضُحًى، وقالا: إنَّما عَجَّلْنَا خَشْيَةَ الحَرِّ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عليكم. وعن ابنِ مسعودٍ قال: لقد كان رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يُصَلِّى بنا الجُمُعَةَ في ظِلِّ الحَطِيمِ (1). رَواه ابنُ البَخْتَرِىِّ (2) في «أمالِيه» بإسْنادِه. والدَّلِيلُ على أنَّها عِيدٌ، قولُ النبىِّ صلى الله عليه وسلم حينَ اجْتَمَعَ العيدُ والجُمُعَةُ:«قَدِ اجْتَمَعَ لَكُمْ في يَوْمِكُمْ هَذَا عِيدَانِ» (3). وقال أكثرُ أهلِ العِلْمِ: وَقْتُها وَقْتُ الظُّهْرِ، إلَّا أنَّه يُسْتَحَبُّ تَعْجِيلُها في أوَّل وَقْتها؛ لقَوْلِ سَلَمَةَ بنِ الأكْوعِ: كُنَّا نُجَمِّعُ مع النبىِّ صلى الله عليه وسلم إذا زالَتِ الشَّمْسُ، ثم نَرْجِعُ نَتَّبعُ الفَىْءَ. مُتَّفَقٌ عليه (4). وقال أنَسٌ: كان رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّى الجُمُعَةَ حين تَمِيلُ الشَّمْسُ. رَواه البخارِىُّ (5). ولأنَّهما صَلاتا وَقْتٍ، فكان وَقْتُهما واحِدًا، كالمَقْصُورَةِ والتَّامَّةِ، ولأنَّ آخِرَ وَقْتِها واحِدٌ فكان أوَّلُه واحِدًا، كصلاةِ الحَضَرِ والسَّفَرِ. ولَنا، على جوازِها في السّادِسَةِ السُّنَّةُ
(1) في النسخ: «الخيم» . وانظر المغنى 3/ 239.
والحطيم بمكة: هو ما بين المقام إلى الباب، أو ما بين الركن والمقام وزمزم والحجر. معجم البلدان 2/ 290.
(2)
في م: «البحترى» . وهو محمد بن عمرو بن البخترى بن مدرك البغدادى الرزاز، أبو جعفر، مسند العراق، الثقة المحدث، كان ثقة ثبتا. توفى سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة. تاريخ بغداد 3/ 132.
(3)
أخرجه أبو داود، في: باب إذا وافق يوم الجمعة يوم عيد، من كتاب الصلاة. سنن أبى داود 1/ 247. وابن ماجه، في: باب ما جاء فيما إذا اجتمع العيدان في يوم، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 416.
(4)
تقدم تخريجه في 3/ 138.
(5)
في: باب وقت الجمعة إذا زالت الشمس، من كتاب الجمعة. صحيح البخارى 2/ 8. كما أخرجه أبو داود، في: باب في وقت الجمعة، من كتاب الصلاة. سنن أبى داود 1/ 249. والترمذى، في: باب ما جاء في وقت الجمعة، من أبواب الجمعة. عارضة الأحوذى 2/ 291. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 128، 150، 228.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والإِجْماعُ؛ أمَّا السُّنَّةُ فما روَى جابِرٌ، قال: كان رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يُصَلِّى، يَعْنِى الجُمُعَةَ، ثم نَذْهَبُ إلى جِمالِنا فنُرِيحُها حينَ تَزُولُ الشَّمْسُ. أخْرَجَه مسلمٌ (1). وعن سَهْلِ بنِ سَعْدٍ، قال: ما كُنَّا نَقِيلُ ولا نَتَغَدَّى إلَّا بعدَ الجُمُعَةِ في عَهْدِ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. مُتَّفَقٌ عليه (2). قال ابنُ قُتَيْبَةَ: لا يُسَمَّى غَداءً، ولا قَائِلَةً، بعدَ الزَّوَالِ. وعن سَلَمَةَ، قال: كُنَّا نُصَلِّى مع رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الجُمُعَةَ، ثم نَنْصَرِفُ وليس للحِيطانِ فىْءٌ. رَواه أبو داودَ (3). وأمّا الإِجْماعُ، فرَوَى الإِمامُ أحمدُ، عن وَكِيعٍ، عن جَعْفَرِ ابنِ بُرْقانَ، عن ثابِتِ بنِ الحَجَّاجِ، عن عبدِ اللَّهِ بنِ سِيدانَ، قال:
(1) في: باب صلاة الجمعة حين تزول الشمس، من كتاب الجمعة. صحيح مسلم 2/ 588. كما أخرجه النسائى، في: باب وقت الجمعة، من كتاب الجمعة. المجتبى 3/ 81. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 331.
(2)
تقدم تخريجه في 3/ 139.
(3)
في باب في وقت الجمعة، من كتاب الصلاة. سنن أبى داود 1/ 249.
وانظر تخريج حديث سلمة المتقدم.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
شَهِدْتُ الخُطْبَةَ مع أبى بكرٍ، فكانت صَلاتُه وخُطْبَتُه قبلَ نِصْفِ النَّهارِ، وشَهِدْتُها مع عمرَ بنِ الخَطَّابِ، فكانت صلاتُه وخُطْبَتُه إلى أن أقُولَ: قد انْتَصَفَ النَّهارُ، ثم صَلَّيْتُها مع عُثمانَ بنِ عَفَّانَ، فكانت صلاتُه وخُطْبَتُه إلى أن أقُولَ: زال النَّهارُ، فما رَأيْتُ أحَدًا عاب ذلك ولا أنْكَرَه (1). ورُوِىَ عن ابنِ مسعودٍ، وجابِرٍ، وسعيدٍ، ومُعاوِيةَ، أنَّهم صَلَّوْا قبلَ الزَّوالِ. وأحادِيثُهم تَدُلُّ على أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم فَعَلَها بعدَ الزَّوالِ في كثيرٍ مِن أوْقَاتِه، ولا خِلافَ في جَوازِه، وأنَّه الأوْلَى، وأحادِيثُنا تَدُلُّ على جَوازِ فِعْلِها قبلَ الزَّوالِ، فلا تَعارُضَ بينَهما. قال شيخُنا (2): وأمّا فِعْلُها في أوَّلِ النَّهارِ، فالصَّحِيحُ أنَّه لا يَجُوزُ؛ لِما ذَكَرَه أكثرُ العُلماءِ، ولأنَّ التَّوْقِيتَ لا يَثْبُتُ إلَّا بدَلِيلٍ؛ مِن نَصٍّ، أو ما يَقُومُ مَقامَه، وما ثَبَت عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم ولا خُلَفائه أنَّهم صَلَّوْها في أوَّلِ النَّهارِ، ولأنَّ مُقْتَضَى الدَّلِيل كَوْنُ وَقْتِها وَقْتَ الظُّهْرِ، وإنَّما جاز تَقدِيمُها عليه بما ذَكَرْنا مِن الدَّلِيلِ، وهو مخْتَصٌّ بالسّاعةِ السَّادِسَةِ، فلم يَجُزْ تَقدِيمُها عليها، ولأنَّها لو صُلِّيَتْ
(1) أخرجه ابن أبى شيبة، في: باب من كان يقيل بعد الجمعة ويقول هى أول النهار، من كتاب الجمعة. المصنف 2/ 107، وعبد الرزاق، في: باب وقت الجمعة، من كتاب الجمعة. المصنف 3/ 175.
(2)
في: المغنى 3/ 241.