الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يَجُوزُ الْكَلَامُ وَالإمَامُ يَخْطُبُ، إِلَّا لَهُ، أَوْ لِمَنْ كَلَّمَهُ.
ــ
والنَّسَائِىُّ (1).
671 - مسألة: (ولا يَجُوزُ الكَلامُ والإِمامُ يَخْطُبُ، إلّا له، أو لمَن كَلَّمَه)
يَجِبُ الإِنْصاتُ مِن حينِ يَأْخُذُ الإِمامُ في الخُطْبَةِ، فلا يَجُوزُ الكلامُ لمَن حَضَرَها، نَهَى عن ذلك عثمانُ، وابنُ عمرَ. وقال أبو مسعودٍ: إذا رَأيْتَه يَتَكَلَّمُ، والإِمامُ يخطُبُ، فاقْرَعْ رَأْسَه بالعَصا. وكَرِهَ ذلك عامَّةُ أهلِ العِلْمِ؛ منهم مالكٌ، وأبو حنيفةَ، والأوْزاعِىُّ. وعن أحمدَ؛ لا يَحْرُمُ الكَلامُ. وكان سَعِيدُ بنُ جُبَيْرٍ، والنَّخَعِىُّ، والشَّعْبِىُّ، وأبو بُرْدَةَ يَتَكَلَّمُون والحَجَّاجُ يَخْطُبُ. وقال بعضُهم: إنَّا لم نُؤْمَرْ أن نُنْصِتَ لهذا. وللشافعىِّ قَوْلان، كالرِّوايَتَيْن. واحْتَجَّ مَن أجازَه بما روَى أنَسٌ، قال: بينَما النبىُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ يَوْمَ الجُمُعَةِ، إذْ قامَ رجلٌ، فقالَ: يا رسولَ اللَّهِ، هَلَك
(1) أخرجه أبو داود، في: باب التحلق يوم الجمعة قبل الصلاة، من كتاب الصلاة. سنن أبى داود 1/ 248. والنسائى، في: باب النهى عن البيع والشراء في المسجد. . . إلخ، من كتاب المساجد. المجتبى 2/ 37. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 179. كما أخرجه ابن ماجه، في: باب ما جاء في الحلق يوم الجمعة قبل الصلاة. . . إلخ، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 359.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الكُراعُ (1)، هَلَك الشَّاءُ (2)، فَادْعُ اللَّهَ أن يَسْقِيَنا. وذَكَر الحديثَ. مُتَّفَقٌ عليه (3). ورُوِىَ أنَّ رجلًا قام والنبىُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فقالَ: يا رسولَ اللَّهِ، متى السَّاعَةُ؟ فأعْرَضَ النبىُّ صلى الله عليه وسلم، وأوْمَأَ النَّاسُ إليه بالسُّكُوتِ، فلم يَقْبَلْ وأعادَ الكَلامَ، فلمَّا كان الثَّالِثَةُ، قال له النبىُّ صلى الله عليه وسلم:«ويْحَكَ مَاذَا أعْدَدْتَ لَهَا؟» . قال: حُبَّ اللَّهِ ورسولِه. قال: «إنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ» (4). فلم يُنْكِرْ عليه النبىُّ صلى الله عليه وسلم كَلامَه، ولو حَرُم لأنْكَرَه. ولَنا، قولُ النبىِّ صلى الله عليه وسلم: «إذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ أنْصِتْ يَوْمَ
(1) الكراع: جماعة الخيل.
(2)
الشاء: جمع شاة.
(3)
أخرجه البخارى، في: باب رفع اليدين في الخطبة، وباب الاستسقاء في الخطبة يوم الجمعة، من كتاب الجمعة، وفى: باب الاستسقاء في المسجد الجامع، وباب الاستسقاء في خطبة الجمعة غير مستقبل القبلة، وباب من اكتفى بصلاة الجمعة في الاستسقاء، من كتاب الاستسقاء. صحيح البخارى 2/ 15، 34، 35، 36. ومسلم، في: باب الدعاء في الاستسقاء، من كتاب الاستسقاء. صحيح مسلم 2/ 612. كما أخرجه أبو داود، في: باب رفع اليدين في الاستسقاء، من كتاب الاستسقاء. سنن أبى داود 2/ 267، 268. والنسائى، في: باب متى يستسقى الإمام، وباب كيف يرفع، وباب ذكر الدعاء، من كتاب الاستسقاء. المجتبى 3/ 125، 129، 130، 131. والإمام مالك، في: باب ما جاء في الاستسقاء، من كتاب الاستسقاء. الموطأ 1/ 191.
(4)
أخرجه البخارى، في: باب مناقب عمر بن الخطاب، من كتاب فضائل الصحابة، وفى: باب ما جاء في قول الرجل ويلك، وباب علامة حب اللَّه عز وجل، من كتاب الأدب، وفى: باب القضاء والفتيا في الطربق، من كتاب الأحكام. صحيح البخارى 5/ 14، 8/ 48، 49، 9/ 81. ومسلم، في: باب المرء مع من أحب، من كتاب البر والصلة. صحيح مسلم 4/ 2032، 2033. والترمذى، في: باب ما جاء أن المرء مع من أحب، من أبواب الزهد. عارضة الأحوذى 9/ 232. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 104، 110، 165، 167، 168، 172، 173، 178، 192، 200، 202، 207، 208، 213، 226، 227، 228، 255، 276، 283، 288.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الْجُمُعَةِ، والإِمَامُ يَخْطُبُ، فَقَدْ لَغَوْتَ». مُتَّفَقٌ عليه (1). وعن ابنِ عباسٍ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، قال: قال رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَكَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَالإِمَامُ يَخْطُبُ، فَهُوَ كَمَثَلِ الحِمَارِ يَحْمِلُ أسْفَارًا، وَالَّذِى يَقُولُ لَهُ أنْصِتْ لَيْسَ لَهُ جُمُعَةٌ» . رَواه الإِمامُ أحمدُ (2). وعن أُبَىِّ بنِ كَعْبٍ، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم قَرَأ يومَ الجُمُعَةِ «تَبَارَكَ» وهو قائِمٌ فذَكَّرَنا بأيَّامِ اللَّهِ، وأبو الدَّرْداء أو أبو ذَرٍّ يَغْمِزُنِى، فقالَ: متى أُنْزِلَتْ هذه السُّورَةُ، إنِّى لم أسْمَعْها إلَّا الآنَ؟ فأشارَ إليه، أنِ اسْكُتْ، فلمَّا انْصَرَفُوا، قال: سَأَلْتُكَ متى أُنْزِلَتْ هذه السُّورَةُ فلم تُخْبِرْنِى. فقالَ أُبَىٌّ: ليس لك مِن صَلاتِك اليومَ إلَّا ما لَغَوْتَ. فذَهَبَ إلى رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم،
(1) أخرجه البخارى، في: باب الإنصات يوم الجمعة والإمام يخطب، من كتاب الجمعة. صحيح البخارى 2/ 16. ومسلم، في: باب في الإنصات يوم الجمعة في الخطبة، من كتاب الجمعة. صحيح مسلم 2/ 583. كما أخرجه أبو داود، في: باب الكلام والإمام يخطب، من كتاب الصلاة. سنن أبى داود 1/ 255. والترمذى، في: باب ما جاء في كراهية الكلام والإمام يخطب، من أبواب الجمعة. عارضة الأحوذى 2/ 300. والنسائى، في: باب الإنصات للخطبة يوم الجمعة، من كتاب الجمعة، وفى: باب الإنصات للخطبة، من كتاب العيدين. المجتبى 3/ 84، 85، 153. وابن ماجه، في: باب ما جاء في الاستماع للخطبة والإنصات لها، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 352. والدارمى، في: باب الاستماع يوم الجمعة عند الخطبة والإنصات، من كتاب الصلاة. سنن الدارمى 1/ 364. والإمام مالك، في: باب ما جاء في الإنصات يوم الجمعة والإمام يخطب، من كتاب الجمعة. الموطأ 1/ 103. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 244، 272، 280، 393، 396، 474، 485، 518، 532.
(2)
في: المسند 1/ 230.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فذَكَرَ له ذلك، وأخْبَرَه بالذى قال أُبَىٌّ، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«صَدَقَ أُبَىٌّ» . رَواه عبدُ اللَّهِ بنُ أحمدَ، وابنُ ماجَه (1). وما احْتَجُّوا به، فالظَّاهِرُ أنَّه مُخْتَصٌّ بمَن كَلَّمَ الإِمامَ، أو كَلَّمَه الإِمامُ؛ لأنَّه لا يَشْتَغِلُ بذلك عن سَماعِ خُطْبَتِهِ، وكذلك سَأَل النبىُّ صلى الله عليه وسلم الذى دَخَل:«هَلْ صَلَّيْتَ؟» . فأجابَه. وسَأل عمرُ عثمانَ، فأجابَه. فتَعَيَّنَ جَمْلُه على ذلك، جَمْعًا بينَ الأخْبارِ، ولا يَصِحُّ قِياسُ غيرِه عليه؛ لأنَّ كلامَ الإِمامِ لا يَكُونُ في حالِ خُطْبَتِه، بخِلافِ غيرِه، ولو قُدِّرَ التَّعارُضُ تَرَجَّحَتْ أحادِيثُنا؛ لأنَّها قولُ النبىِّ صلى الله عليه وسلم ونَصُّه، وذلك سُكُوتُه، والنَّصُّ أقْوَى.
فصل: ولا فَرْقَ بينَ القَرِيبِ والبَعِيدِ؛ لعُمُومِ ما ذَكَرْناه. وقد رُوِىَ عن عثمانَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أنَّه قال: مَن كان قَرِيبًا يَسْمَعُ ويُنْصِتُ، ومَن كان بَعِيدًا يُنْصِتُ؛ فإنَّ للمُنْصِتِ الذى لا يَسْمَعُ مِن الحَظِّ ما للسامِعِ.
(1) أخرجه ابن ماجه، في: باب ما جاء في الاستماع للخطبة والإنصات لها، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 353. وعبد اللَّه بن أحمد، في مسند أبيه 5/ 143، 198.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقد روَى عبدُ اللَّهِ بنُ عَمْروٍ، عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم، قال:«يَحْضُرُ الْجُمُعَةَ ثَلَاثَةُ نَفرٍ؛ رَجُلٌ حَضَرَهَا يَلْغُو، فَهُوَ حَظُّهُ مِنْهَا، وَرَجُلٌ حَضَرَهَا بِدُعَاءٍ، فَهُوَ رَجُلٌ دَعَا اللَّهَ عز وجل، إنْ شَاءَ أعْطَاهُ، وَإنْ شَاءَ مَنَعَهُ، وَرَجُلٌ حَضَرَهَا بإنْصَاتٍ وَسُكوُتٍ، وَلَمْ يَتَخَطَّ رَقَبَةَ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يُؤْذِ أحَدًا، فَهُوَ كَفَّارَةٌ إلَى الْجُمُعَةِ الَّتِى تَلِيهَا، وَزِيَادَةُ ثَلَاَثَةِ أيَّامٍ، وَذَلِكَ بِأنَّ اللَّهَ عز وجل يَقُولُ: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا}» (1). رَواه الإِمامُ أحمدُ، وأبو داودَ (2). وقال القاضى: يَجِبُ الإِنْصاتُ على السَّامِعِ، ويُسْتَحَبُّ لمَن لا يَسْمَعُ؛ لأنَّ الإِنْصاتَ إنَّما وَجَب لأجْلِ الاسْتِماعِ. والأوَّلُ أوْلَى؛ لعُمُومِ النُّصُوصِ. وللبَعِيدِ أن يَذْكُرَ اللَّهَ تَعالَى، ويَقْرَأَ القرآنَ، ويُصَلِّىَ على النبىِّ صلى الله عليه وسلم، ولا يَرْفَعُ صَوْتَه. قال أحمدُ: لا بَأْسَ أن يُصَلِّىَ على النبىِّ صلى الله عليه وسلم فيما بينَه وبينَ نفسِه. ورَخَّصَ له في القِراءَةِ والذِّكْرِ عَطاءٌ، وسَعِيدُ بنُ جُبَيْرٍ، والشافعىُّ، وليس له رَفعُ
(1) سورة الأنعام 160.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 287.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
صَوْتِه، ولا المُذاكَرَةُ في الفِقْهِ، ولا الصلاةُ، ولا أن يَجْلِسَ في حَلْقَةٍ. قال ابنُ عَقِيلٍ: له صلاةُ النَّافِلَةِ، والمُذاكَرَةُ في الفِقْهِ. ولَنا، عُمُومُ الأحاديثِ المَذْكُورَةِ، وأنَّه صلى الله عليه وسلم نَهَى عن الحِلَقِ يَوْمَ الجُمُعَةِ قبلَ الصَّلاةِ. ولأنَّه إذا رَفَع صَوْتَه مَنَع مَن هو أقْرَبُ منه مِن السَّماعِ وآذاه بذلك، فيَكُونُ عليه إثْمُ مَن يُؤْذِى المسلمين، وصَدَّ عن ذِكْرِ اللَّهِ تَعالَى. وهل ذِكْرُ اللَّه سِرًّا أفْضَلُ أو الإِنْصاتُ؟ فيه وَجْهان؛ أحَدُهما، الإِنْصاتُ أفْضَلُ؛ لحديثِ عبدِ اللَّهِ بنِ عَمْروٍ، وقولِ عُثمانَ. والثَّانِى، الذِّكْرُ أَفْضَلُ؛ لأنَّه يَحْصُلُ ثَوابُ الذِّكْرِ مِن غيرِ ضَرَرٍ، فكانَ أفْضَلَ، كقَبْلِ الخُطْبَةِ.
فصل: فأمَّا الكَلامُ على الخَطِيبِ، أو مَن كَلَّمَه فلا يَحْرُمُ؛ لأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم سَأَل سُلَيْكًا الدَّاخِلَ وهو يَخْطُبُ:«أصَلَّيْتَ؟» قال: لا (1). وسَأَل عمرُ عثمانَ حينَ دَخَل وهو يَخْطُبُ، فأجابَه عثمانُ. ولأنَّ تَحْرِيمَ الكَلامِ عليه، لاشْتِغالِه بالإنْصاتِ الواجِبِ، وسَماعِ الخُطْبَةِ، ولا يَحْصُلُ ههُنا، وسَواءٌ سَأَلَه الخَطِيبُ فأجابَه، أو كَلَّمَ بعضُ النَّاسِ الخَطِيبَ لحاجَةٍ ابْتِداءً؛ لِما ذَكَرْنا مِن الحَدِيثَيْن قبلُ.
(1) تقدم تخريجه في 4/ 155.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وإذا سَمِع مُتَكَلِّمًا لم يَنْهَه بالكَلامِ؛ لقولِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم: «إذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ أنْصِتْ، وَالإِمَامُ يَخْطُبُ، فَقَدْ لَغَوْتَ» (1). ولكن يُشِيرُ إليه، ويَضَعُ أُصْبُعَه على فِيهِ. كما رَوَيْنا عن أُبَىٍّ. وهذا قولُ زيدِ بنِ صُوحانَ (2)، وعبدِ الرحمنِ بنِ أبى لَيْلَى، والثَّوْرِىِّ، والأوْزاعِىِّ. وكَرِه الإِشارَةَ طَاوُسٌ. ولَنا، أنَّ الذى قال للنبىِّ صلى الله عليه وسلم: متى السَّاعَة؟ أَوْمَأَ إليه النَّاسُ بالسُّكُوتِ بحَضْرَةِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم، فلم يُنْكِرْ عليهم، ولأنَّ الإِشارَةَ تَجُوزُ في الصَّلاةِ للحاجَةِ التى يُبْطِلُها الكلامُ، فجَوازُها في الخُطْبَةِ أوْلَى.
فصل: فأمَّا الكلامُ الواجِبُ؛ كتَحْذِيرِ الضَّرِيرِ مِن البِئْرِ، أو مَن يَخافُ عليه نارًا، أو حَيَّةً، ونَحْوَ ذلك، فلا يَحْرُمُ؛ لأنَّ هذا يَجُوزُ في نَفْسِ الصَّلاةِ مع فَسادِها به، فهُنا أَوْلى. فأمَّا تَشْمِيتُ العاطِسِ، ورَدُّ السَّلامِ، ففيه رِوايَتان؛ إحْدَاهما، يَجُوزُ. قال الأثْرَمُ: سَمِعْتُ
(1) تقدم تخريجه في صفحة 303.
(2)
زيد بن صوحان، كان من سادة التابعين، صواما قواما، توفى سنة ست وثلاثين. العبر 1/ 36.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أبا عبدِ اللَّهِ يُسْأَلُ: يَرُدُّ الرجلُ السَّلامَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، ويُشَمِّتُ العاطِسَ؟ فقالَ: نعم، والإِمَامُ يَخْطُبُ. وقال أبو عبدِ اللَّهِ: قد فَعَلَه غيرُ واحِدٍ. [قال ذلك غيرَ مَرَّةٍ](1). ومِمَّن يُرَخِّصُ فيه الحسنُ، والشَّعْبِىُّ، والنَّخَعِىُّ، وقَتادَةُ، والثَّوْرِىُّ، وإسحاقُ؛ لأنَّ هذا واجِبٌ فوَجَبَ الإِتْيانُ به في الخُطْبَةِ لحَقِّ الآدَمِىِّ، فهو كتَحْذِيرِ الضَّرِيرِ. والرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ، إن كان لا يَسْمَعُ، رَدَّ السَّلامَ وشَمَّتَ العَاطِسَ، وإن كان يَسْمَعُ، فليس له ذلك. نَصَّ عليه أحمدُ، في رِوايَةِ أبى داودَ. قلتُ لأحمدَ: يَرُدُّ السَّلامَ والإِمامُ يَخْطُبُ، ويُشَمِّتُ العاطِسَ؟ قال: إذا كان لا يَسْمَعُ الخُطْبَةَ فيَرُدُّ، وإذا كان يَسْمَعُ فلا. قال اللَّهُ تعالى:{فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} (2). قِيلَ له: الرجلُ يَسْمَعُ نَغَمَةَ الإِمامِ بالخُطْبَةِ، ولا يَدْرِى ما يقولُ، أيَرُدُّ السَّلامَ؟ قال: لا. ورُوِىَ نَحْوُ ذلك عن عَطاءٍ؛ وذلك لأنَّ الإِنْصاتَ واجِبٌ، فلم يَجُزِ الكَلامُ المَانِعُ منه، مِن غيرِ ضَرُورَةٍ، كالأَمْرِ بالإِنْصَاتِ، بخِلافِ مَن لا يَسْمَعُ. وقال القاضى: لا يَرُدُّ ولا يُشَمِّتُ.
(1) سقط من: الأصل.
(2)
سورة الأعراف 204.