الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَجُوزُ إِقَامَتُهَا فِى الْأَبْنِيَةِ الْمُتَفَرِّقَةِ إِذَا شَمِلَهَا اسْمٌ وَاحِدٌ، وَفِيمَا قَارَبَ الْبُنْيَانَ مِنَ الصَّحْرَاءِ.
ــ
بأنْفُسِهم، وكانوا بحيث يَسْمَعُونَ النِّداءَ مِن المِصْرِ، أو من قَرْيَةٍ تُقامُ فيها الجُمُعَةُ، لَزِمَهم السَّعْىُ إليها؛ لعُمومِ الآيةِ، وكذلك إن كان بِناؤُها مُتَفَرِّقًا تَفرُّقًا لم تَجْرِ العادَةُ به.
637 - مسألة: (ويَجُوزُ إقامَتُها في الأَبْنِيَةِ المُتَفَرِّقَةِ إذا شَمِلَها اسْمٌ واحِدٌ، وفيما قارَبَ البُنْيانَ مِن الصَّحْراءِ)
تَجُوزُ إقامَةُ الجُمُعَةِ [في القَرْيَةِ الواحِدَةِ المُتَفَرِّقَةِ البُنْيَانِ إذا كان تَفَرُّقًا جَرَتِ العادَةُ به](1). فإن كانت مُتَفَرِّقَةً في قَرْيةٍ تَفَرُّقًا لم تَجْرِ به العادَةُ لم تَجِبْ عليهم الجُمُعَةُ، إلَّا أن يَجْتَمِعَ منها ما يَسْكُنُه أرْبَعُون، فتَجِبُ بهم الجُمُعَةُ، ويَتَّبِعُهم البَاقُون. ولا يُشْتَرَطُ اتِّصالُ البُنْيانِ بعْضِه ببعضٍ، وحُكِىَ عن الشافعىِّ اشْتِراطُه. ولَنا، أنَّ القَرْيَةَ المُتَقارِبَةَ البُنْيانِ قَرْيَةٌ مَبْنِيَّةٌ بما جَرَتْ به عادَةُ القُرَى، أشْبَهَتِ المُتَّصِلَةَ.
(1) في النسخ: «المتفرقة البنيان إذا كان تفرقا جرت العادة به في القرية الواحدة» . والمثبت هو الصواب.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ولا يُشْتَرطُ لصِحَّةِ الجُمُعَةِ البُنْيانُ، بل يَجُوزُ إقامَتُها فيما قارَبَه مِن الصَّحْراءِ. وبهذا قال الإِمامُ أبو حنيفةَ. وقال الإِمامُ الشافعىُّ: لا يَجُوزُ، لأنَّه مَوْضِعٌ يَجُوزُ لأهْلِ المِصْرِ قَصْرُ الصَّلاةِ فيه، أشْبَهَ البَعِيدَ. ولَنا، ما رَوَى كَعْبُ بنُ مَالكٍ، أنَّه قال: أسْعَدُ بنُ زُرارَةَ أَوَّلُ مَن جَمَّعَ بنا في هَزْمِ النَّبِيتِ (1) مِن حَرَّةِ بَنِى بَياضةَ (2)، في نقِيعٍ يقالُ له: نَقِيعُ الخَضَمَاتِ (3). رَواه أبو داودَ (4). وقال ابنُ جُرَيْجٍ: قُلْتُ لِعَطاءٍ: يَعْنِى أكان بأمْرِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. والنَّقِيعُ (5): بَطْنٌ مِن الأرْضِ يَسْتَنْقِعُ فيه الماءُ مُدَّةً، فإذا نَضَبَ الماءُ نَبَت الكَلأُ. قال الخَطَّابِىُّ (6): حَرَّةُ بَنِى بَيَاضَةَ قَرْيَةٌ على مِيلٍ مِن المدِينَةِ، ولأنَّه مَوْضِعٌ لصَلاةِ العِيدِ، فجازَتْ فيه الجُمُعَةُ، كالجامِعِ، ولأنَّ الأصْل عَدَمُ اشْتِراطِ ذلك، ولا نَصَّ في اشْتِراطِه، ولا مَعْنَى نصٍّ.
فصل: ولا يُشتَرَطُ لصِحَّةِ الجُمُعَةِ المِصْرُ. رُوِىَ نَحْوُ ذلك عن
(1) الهزم: المطمئن من الأرض، والنبيت: أبو حى باليمن، اسمه عمرو بن مالك.
(2)
الحرة: الأرض ذات الحجارة السود. وبنو بياضة: بطن من الأنصار.
(3)
النقيع: مرضع قريب من المدينة كان يستنقع فيه الماء، أى يجتمع. والخضمات: موضع بنواحى المدينة.
(4)
في: باب الجمعة في القرى، من كتاب الصلاة. سنن أبى داود 1/ 246. كما أخرجه ابن ماجه، في: باب فرض الجمعة، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 343.
(5)
في م: «البقيع» .
(6)
معالم السنن 2/ 245.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ابنِ عمرَ، وعمرَ بنِ عبدِ العزيزِ، والأوْزاعِىِّ، واللَّيْثِ، ومَكْحُولٍ، وعِكْرمةَ، والشافعىِّ. ورُوِىَ عن علىٍّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أنَّه لا جُمُعَةَ ولا تَشْريقَ إلَّا في مِصْرٍ جَامِعٍ (1). ورُوِىَ ذلك عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم. وبه قال الحسنُ، وابنُ سِيرِينَ، وإبراهيمُ، وأبو حنيفةَ. ولَنا، ما ذَكَرْنا مِن حديثِ أسْعَدَ بنِ زُرارَةَ، رواه البخارىُّ (2) بإسْنادِه، عن ابنِ عباسٍ: إنَّ أوَّلَ جُمُعَةٍ جُمِّعَتْ (3) بعدَ جُمُعَةٍ بالمَدِينَةِ لجُمُعَةٌ جُمِّعتْ بجُوَاثَى (4) مِن البَحْرَيْنِ مِن قُرَى عَبْدِ القَيْسِ. ورَوَى أبو هُرَيْرةَ، أنَّه كَتَب إلى عمرَ يَسْأَلُه عن الجُمُعَةِ بالبَحْرَيْنِ، وكان عامِلًا عليها، فكَتَبَ إليه عمرُ: جَمِّعُوا حيث كُنْتُم. رَواه الأثْرَمُ (5). قال الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ تعالى: إسْنادُه جَيِّدٌ. فأمّا خَبَرُهم فلم يَصِحَّ. قال الإِمامُ أحمدُ: ليس هذا بحديثٍ، إنَّما هو عن علىٍّ وقد خالَفَه عمرُ.
(1) أخرجه عبد الرزاق، في: باب القرى الصغار، من كتاب الجمعة، موقوفًا على على. مصنف عبد الرزاق: 3/ 167، 168. وابن أبى شيبة، في: باب من قال لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع، من كتاب الصلوات، موقوفا على على. مصنف ابن أبى شيبة 2/ 101. وانظر نصب الراية 2/ 195.
(2)
في: باب الجمعة في القرى والمدن، من كتاب الجمعة، وفى: باب وفد عبد القيس، من كتاب المغازى. صحيح البخارى 2/ 6، 5/ 213. كما أخرجه أبو داود، في: باب الجمعة في القرى، من كتاب الصلاة. سنن أبى داود 1/ 246.
(3)
زيادة من صحيح البخارى.
(4)
في الأصل: «بحوثى» ، وفى م:«بجوارنا» ، والمثبت من صحيح البخارى.
وجواثاء، يمد ويقصر: حصن لعبد القيس بالبحرين. معجم البلدان 2/ 136.
(5)
وأخرجه ابن أبى شيبة، في: باب من كان يرى الجمعة في القرى وغيرها، من كتاب الصلوات. مصنف ابن أبى شيبة 2/ 101.