الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُكَبِّرُ فِى الأُولَى بَعْدَ الِاسْتِفْتَاح. وَقَبْلَ التَّعَوُّذِ سِتًّا، وَفِى الثَّانِيَةِ بَعْدَ الْقِيَامِ مِنَ السُّجُودِ خَمْسًا،
ــ
الصَّلاةِ فهو كمَن لم يَخْطُبْ؛ لأنَّه خَطَب في غيرِ مَحَلِّ الخُطْبَةِ، أشْبَهَ ما لو خَطَب في الجُمُعَةِ بعدَ الصَّلاةِ.
فصل: ولا خِلافَ بينَ أهلِ العِلْمِ أنَّ صلاةَ العِيدِ رَكْعَتان، وذلك المُتَواتِرُ عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه فَعَل ذلك، وفَعَلَه الأئِمَّةُ بعدَه. وقد قال عُمَرُ، رَضِىَ اللَّهُ عنه: صلاةُ العِيدِ رَكْعتان، تَمامٌ غيرُ قَصْرٍ، على لِسانِ نَبِيِّكم صلى الله عليه وسلم، وقد خاب مَن افْتَرَى (1).
682 - مسألة: (يُكَبِّرُ في الأُولَى بعدَ الاسْتِفْتاحِ وقبلَ التَّعَوُّذِ سِتًّا، وفى الثّانِيَةِ بعدَ القِيام مِن السُّجُودِ خَمْسًا)
السُّنَّةُ أن يَسْتَفْتِحَ بعدَ تَكْبِيرَةِ الإِحْرامِ، ثم يُكَبِّرَ تَكبِيراتِ العِيدِ، ثم يَتَعَوَّذَ، ثم يَقْرَأ. هذا المَشْهُورُ في المَذْهَبِ، ومَذْهَبُ الشافعىِّ. وعن الإِمامِ أحمدَ، أنَّ الاسْتِفْتاحَ بعدَ التَّكْبِيراتِ. اخْتارَها الخَلّالُ وصاحِبُه. وهو قولُ الأوْزاعِىِّ؛ لأنَّ
(1) تقدم تخريجه في صفحة 50.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الاسْتِفْتاحَ يَلِيه الاستِعاذةُ [في سائِرِ الصَّلَواتِ، كذلك ههُنا، والقِراءَةُ تَلِى الاسْتِعاذَةَ](1). قال أبو يوسفَ: يَتَعَوَّذُ قبلَ التَّكْبِيرِ؛ لئَلّا يَفْصِلَ بينَ الاسْتِفْتاحِ والاسْتِعاذةِ. ولَنا، أنَّ الاسْتِفْتاحَ يُشْرَعُ لافْتِتاحِ الصَّلاةِ، فكان في أوَّلِها كسائِرِ الصَّلَواتِ، والاسْتِعاذَةُ شُرِعَتْ للقِراءَةِ، فهى تابِعَةٌ لها، فتكونُ عندَ الابْتِداءِ بها؛ لقَوْلِ اللَّه تعالى:{فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} (2). وإنَّما جَمَع بينَهما في سائِرِ الصَّلَواتِ؛ لأنَّ القِراءَةَ تَلِى الاسْتِفْتاحَ مِن غيرِ فاصِلٍ، فَلَزِمَ أن يَليَه ما يكونُ في أوُّلِها بخِلافِ مَسأَلَتِنا. وأيَّما فَعَل كان جائِزًا.
فصل: وعَدَدُ التَّكْبِيراتِ في الرَّكْعَةِ الأُولَى ستُّ تَكْبِيراتٍ غيرَ تَكْبِيرَةِ الإِحْرامِ، وفى الثّانيةِ خَمْسٌ سِوَى تَكْبِيرَةِ القِيامِ. نَصَّ عليه أحمدُ، فقال: يُكَبِّرُ في الأُولَى سَبْعًا مع تَكْبِيرَةِ الإِحْرامِ، وِلا يَعْتَدُّ بتَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ؛ لأنَّ بينَهما قِراءَةً، ويُكَبِّرُ في الرَّكْعَةِ الثّانِيَةِ خمْسَ تَكْبِيراتٍ، ولا يَعْتَدُّ بتَكْبِيرَةِ النُّهُوضِ، ثم يَقْرأُ في الثّانِيَةِ، ثم يُكَبِّرُ ويَرْكَعُ. ورُوِىَ ذلك عن فُقَهاءِ المَدِينَةِ السَّبْعَةِ (3)، وعُمَرَ بنِ عبدِ العزِيزِ، والزُّهْرِىِّ،
(1) سقط من: م.
(2)
سورة النحل 98.
(3)
فقهاء المدينة السبعة هم: سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد بن أبى بكر الصديق، وأبو بكر بن عبد الرحمن، وعبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة، وخارجة بن زيد بن ثابت، وسليمان بن يسار. طبقات الفقهاء للشيرازى 57 - 61.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ومالكٍ، والمُزَنِىِّ. ورُوِىَ عن أبى هُرَيْرَةَ، وأبى سَعِيدٍ، وابنِ عباسٍ، وابنِ عُمَرَ، ويَحْيى الأنْصارِىِّ، قالوا: يُكَبِّرُ في الأُولَى سَبْعًا وفى الثّانِيَةِ خَمْسًا. وبه قال الشافعىُّ، وإسْحاقُ، إلَّا أنَّهم قالوا: يُكَبِّرُ سَبْعًا في الأُولَى سِوَى تَكْبيرَةِ الافْتِتاحِ (1)؛ لقَوْلِ عائِشةَ، رَضِىَ اللَّه عنها وعن أبِيها: كان رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُكَبِّرُ في العِيدَيْنِ اثْنَتَىْ عَشْرَةَ تَكْبِيرَةً، سِوَى تَكْبِيرَةِ الافْتِتاحِ. رَواه الدّارَقُطْنِىُّ (2). ورُوِىَ عن ابنِ عباسٍ، وأنَسٍ، والمُغِيرَةِ بنِ شُعْبَةَ، وسعيدِ بنِ المُسَيَّبِ، والنَّخَعِىِّ: يُكَبِّرُ سَبْعًا. وقال أبو حنيفةَ، والثَّوْرِىُّ: في الأُولَى والثّانِيَةِ ثَلاثًا ثَلاثًا؛ لِما روَى أبو موسى، قال: كان رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُكَبِّرُ تَكْبِيرَه على الجِنازةِ ويُوالِى بينَ القِراءَتَيْنِ. رَواه أبو داودَ (3). ورُوِىَ أنَّ سَعِيدَ بنَ العاصِ سأل أبا موسى، وحُذَيْفَةَ: كيف كان رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُكَبِّرُ في الأضْحَى والفِطْرِ؟ فقال أبو موسى: كان يُكَبِّرُ أرْبَعًا، تَكْبِيرَه على الجِنازَةِ. فقالَ حُذَيْفَةُ: صَدَق (4). ولَنا، ما روَى كثِيرُ بنُ عبدِ اللَّهِ، عن أبِيه، عن جَدَّه، أنَّ
(1) في م: «الإحرام» .
(2)
في: أول كتاب العيدين. سنن الدارقطنى 2/ 46.
(3)
أخرجه أبو داود باللفظ الذى بعده، وليس فيه:«ويوالى بين القراءتين» .
(4)
أخرجه أبو داود، في: باب التكبير في العيدين، من كتاب الصلاة. سنن أبى داود 1/ 263. كما أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 4/ 416.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
النبىَّ صلى الله عليه وسلم كَبَّرَ في العِيدَيْن في الأُولَى سَبْعًا قبلَ القِراءَةِ، وفى الثّانِيَةِ خَمْسًا قبلَ القِراءةِ. رَواه الأثرَمُ، وابنُ ماجه، والتِّرْمِذِىُّ (1)، وقال: هو حديثٌ حسنٌ، وهو أحْسَنُ حَدِيثٍ في البابِ. وعن عائِشَةَ، أنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كان يُكَبِّرُ في الفِطْرِ والأضْحَى؛ في الأُولَى سَبْعَ تَكْبِيراتٍ، وفى الثّانيةِ خَمْسًا سِوَى تَكْبِيرتَى الرُّكُوعِ. رَواه أبو داودَ (2). قال ابنُ عبدِ البَرِّ: قد رُوِىَ عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم مِن طُرُقٍ كَثِيرَةٍ حِسانٍ، أنَّه كَبَّرَ في العِيدِ سَبْعًا في الأُولَى وخَمْسًا في الثّانِيَةِ مِن حَدِيثِ عبدِ اللَّه بنِ عَمْرو، وابنِ عُمَرَ، وجابِرٍ، وعائِشَةَ، وأبى واقِدٍ، وعَمْرِو ابنِ عَوْفٍ، ولم يُرْوَ عنه مِن وَجْهٍ قَوِىٍّ ولا ضَعِيفٍ خِلافُ هذا، وهو أوْلَى ما عُمِل به. وحديثُ عائشةَ المَعْرُوفُ عنها كما رَوَيْناه، وحَدِيثُهم إنَّما رَواه الدّارَقُطْنِىُّ مِن رِوايَةِ ابن لِهِيعَةَ (3)، وحَدِيثُ أبى موسى ضَعِيفٌ، يَرْوِيه أبو عائشةَ (4)، جَلِيسٌ لأبى هُرَيْرَةَ، وهو غيرُ مَعْرُوفٍ. واللَّهُ أعلمُ.
(1) أخرجه الترمذى، في: باب ما جاء في التكبير في العيدين، من أبواب الجمعة. عارضة الأحوذى 3/ 6، 7. واين ماجه، في: باب ما جاء في كم يكبر الإمام في صلاة العيدين، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 407. كما أخرجه الدارمى، في: باب التكبير في العيدين، من كتاب الصلاة. سنن الدارمى 1/ 376. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 73.
(2)
في: باب التكبير في العيدين، من كتاب الصلاة. سنن أبى داود 1/ 262. كما أخرجه ابن ماجه، في: باب ما جاء في كم يكبر الإمام في صلاة العيدين، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 407. والإمام أحمد، في: المسند 6/ 70.
(3)
هو عبد اللَّه بن لهيعة بن عقبة، أبو عبد الرحمن المصرى القاضى الفقيه، حدث عن جمع كبير من التابعين، مختلف في توثيقه وتضعيفه. توفى سنة أربع وسبعين ومائة. تهذيب الكمال 15/ 487 - 503.
(4)
أبو عائشة القرشى الأموى مولى سعيد بن العاص أو مروان الحكم. تهذيب الكمال 34/ 17، 18.