الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرَّابعُ، أنْ يَتَقَدَّمَهَا خُطْبَتَانِ، وَمِنْ شَرْطِ صِحَّتِهِمَا حَمْدُ اللَّهِ تَعَالَى، وَالصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، وَقِرَاءَةُ آيَةٍ، وَالْوَصِيَّةُ بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى، وَحُضُورُ الْعَدَدِ الْمُشْتَرَطِ.
ــ
فصلْ: ولو صَلَّى مع الإِمام رَكْعَةً، ثم زُحِمَ في الثَّانِيَةِ، فأُخْرِجَ مِن الصَّفِّ فصارَ فَذًّا، فَنَوى الانْفِرادَ عن الإِمامِ، قِياسُ المَذْهَبِ أنَّه يُتِمُّها جُمُعَةً؛ لأنَّه أدْرَكَ منها رَكْعَةً مع الإِمامِ، أشْبَهَ ما لو أدْرَكَ الثَّانِيَةَ. وإن لم يَنْوِ الانْفِرادَ، وأتَمَّها مع الإِمامِ، ففية رِوايَتان؛ إحْدَاهُما، لا يَصِحُّ، لأنَّه قد فَذَّ في رَكْعَةٍ كامِلَةٍ، أشْبَهَ ما لو فَعَل ذلك عَمْدًا. والثَّانيةُ، يَصِحُّ؛ لأنَّه قد يُعْفَى في البِناءِ عن تَكْمِيلِ الشُّرُوطِ كما لو خَرَج الوَقْتُ وقد صَلَّوْا رَكْعَةً، وكالمَسْبُوقِ.
645 - مسألة: (الرَّابعُ، أنْ يَتَقَدَّمَهَا خُطْبَتَانِ، وَمِنْ شَرْطِ صِحَّتِهِما حَمْدُ اللَّه تِعَالَى، وَالصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، وَقِرَاءَةُ آيَةٍ، وَالْوَصِيَّةُ بِتَقْوَى اللَّهِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تَعَالَى، وَحُضُورُ الْعَدَدِ الْمُشْتَرَطِ.) الخُطْبَةَ. وبه قال غطَاءٌ، والنَّخَعِىُّ، وقَتادَةُ، والثَّوْرِىُّ، والشافعىُّ، وأصحابُ الرَّأْى. وقال الحسنُ: تُجْزِئُهم الجُمُعَةُ مِن غيرِ خُطْبَةٍ؛ لأنَّها صلاةُ عِيدٍ، فلم تُشْتَرَطْ لها الخُطْبَةُ، كصلاةِ الأضْحَى. ولَنا، قولُ اللَّهِ سبحانه وتعالى:{فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} . والذِّكْرُ هو الخُطْبَةُ، ولأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم لم يَتْرُكِ (1) الخُطْبَةَ، وقَد قال:«صَلُّوا كَمَا رَأيْتُمُونِى أُصَلِّى» (2). وعن عمرَ، رَضِى اللَّهُ عنه، أنَّه قُصِرَ في الصَّلاةِ لأجْلِ الخُطْبَةِ (3). وعن عائشةَ، رَضِىَ اللَّهُ عنها، نَحْوُ هذا.
فصل: ويُشْتَرَطُ لها خُطْبَتَانِ. وهذا مَذْهَبُ الإِمامِ الشافعىِّ. وقال مالكٌ، والأوْزَاعِىُّ، وإسحاقُ، وابنُ المُنْذِرِ، وأصَحابُ الرَّأْى:
(1) في الأصل: «يدع» .
(2)
تقدم تخريجه في 3/ 441، 442.
(3)
أخرجه ابن أبى شيبة، في: باب الرجل تفوته الخطبة، من كتاب الصلاة. المصنف 2/ 128.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تُجْزِئُه خُطْبَةٌ واحِدَةٌ. وعن الإمام أحمدَ ما يَدُلُّ عليه، فإنَّه قال: لا تَكُونُ الخُطْبَةُ إِلَّا؛ خَطَب النبىُّ صلى الله عليه وسلم، أو خُطْبَةٌ تَامَّةٌ. ووَجْهُ الأوَّلِ ما روَى ابنُ عمرَ، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم كان يَخْطُبُ خُطْبَتَيْن وهو قائِمٌ، يَفْصِلُ بينَهما بجُلُوسٍ. مُتَّفَقٌ عليه (1). وقد قال:«صَلُّوا كَمَا رَأيْتُمُونِى أُصَلِّى» . ولأنَّ الخُطْبَتَيْن أُقِيمَتَا مَقامَ الرَّكْعَتَيْن، فكلُّ خُطْبَةٍ مَكانَ رَكْعَةٍ، فالإِخْلالُ بإحْدَاهُما إخْلَالٌ بإحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ.
فصل: ويُشْتَرَطُ لكلِّ واحِدَةٍ منهما حَمْدُ اللَّهِ تعالى، والصلاةُ على رسولِه صلى الله عليه وسلم لأنَّ النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم قال:«كُلُّ كَلَامٍ ذِى بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّهِ فَهُوَ أَبْتَرُ» (2). وقال جابِرٌ، رَضِىَ اللَّهُ عنه: كان رسولُ اللَّهِ
(1) أخرجه البخارى، في: باب الخطبة قائمًا، وباب القعدة بين الخطبتين بوم الجمعة، من كتاب الجمعة. صحيح البخارى 2/ 12، 14. ومسلم، في: باب ذكر الخطبتين قبل الصلاة وما فيهما من الجلسة، من كتاب الجمعة. صحيح مسلم 2/ 589 كما أخرجه الترمذى، في: باب ما جاء في الجلوس بين الخطبتين، من أبواب الجمعة. عارضة الأحوذى 2/ 294. والنسائى، في: باب الفصل بين الخطبتين بالجلوس، من كتاب الجمعة. المجتبى 3/ 90. وابن ماجة، في: باب ما جاء في الخطبة يوم الجمعة، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجة 1/ 351. والدارمى، في: باب القعود بين الخطبتين، من كتاب الصلاة. سنن الدارمى 1/ 366. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 98.
(2)
أخرجه أبو داود، في: باب الهَدْى في الكلام، من كتاب الأدب، سنن أبى داود 2/ 560 بلفظ «أجذم» . وابن ماجة، في: باب خطبة النكاح، من كتاب النكاح. سنن ابن ماجة 1/ 160 بلفظ «أقطع» . والإمام أحمد، في: المسند 2/ 359.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ النَّاسَ، يَحْمَدُ اللَّهَ ويُثْنِى عليه بما هو أهْلُه، ثم يَقُولُ:«مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِىَ لَهُ» (1). وإذا وَجَب ذِكْرُ اللَّهِ، وَجَب ذِكْرُ النبىِّ صلى الله عليه وسلم، كالأَذانِ، ولأنَّه قد رُوِىَ في تَفْسِير قولِه تعالى:{وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} (2). قال: لا أُذْكَرُ إِلَّا ذُكِرْتَ مَعِى (3). ويَحْتَمِلُ أن لا تَجِبَ الصلاةُ على النبىِّ صلى الله عليه وسلم؛ لأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم لم يَذْكُرْ ذلك في خُطْبَتِه.
(1) أخرجه مسلم، في: باب تخفيف الصلاة والخطبة، من كتاب الجمعة. صحيح مسلم 2/ 593. والنسائى، في: باب كيف الخطبة، من كتاب العيدين. المجتبى 3/ 153. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 371.
(2)
سورة الشرح 4.
(3)
أخرجه البيهقى، في: باب ما يستدل به على وجوب ذكر النبى صلى الله عليه وسلم في الخطبة، من كتاب الجمعة. السنن الكبرى 3/ 209. وانظر: الدر المنثور، للسيوطى 6/ 363.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: والقِراءَةُ في كلِّ واحِدَةٍ مِن الخُطتَيْنِ شَرْطٌ، وهو ظاهِرُ كَلامِ الخرَقِىِّ؛ لأنَّ الخُطْبَتَيْن أُقِيمَتا مَقامَ الرَّكْعَتَيْن، فكانتِ القِراءَةُ فيهما شَرْطًا، كالرَّكْعَتَيْن. ولأنَّ ما وَجَب في إحْداهما وَجَب في الأُخْرَى، كسائِرِ الفُرُوضِ. ويَحْتَمِلُ أن تُشْتَرَطَ القِراءَةُ في إحْداهما؛ لِما روَى الشَّعْبِىُّ، قال: كان رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذا صَعِدَ المِنْبَرَ يَوْمَ الجُمُعَةِ اسْتَقْبَلَ النَّاسَ، وقال:«السَّلَامُ عَلَيْكُمْ» . ويَحْمَدُ اللَّهَ، ويُثْنِى عليه، ويَقْرَأُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
سُورَةً، ثم يَجْلِسُ، ثم يَقُومُ فيَخْطُبُ، ثم يَنْزِلُ، وكان أبو بكرٍ وعمرُ يَفْعَلَانِه. رَواه الأثْرَمُ (1). والظَّاهِرُ أنَّه إنَّما قَرَأ في الخُطْبَةِ الأُولَى.
فصل: وتَجِبُ المَوْعِظَةُ؛ لأنَّها المَقْصُودَةُ مِن الخُطْبَةِ، فلم يَجُزِ الإِخْلالُ بها، ولأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم كان يَعِظُ. وفى حديثِ جابرِ بنِ سَمُرَةَ، أنَّه كان يُذَكِّرُ النَّاسَ (2). وتَجِبُ في الخُطْبَتَيْنِ جَمِيعًا؛ لأَنَّ ما وَجَب في إحْداهما وَجَب في الأخْرَى، كسائِرِ الشُّرُوطِ. وهذا قَوْلُ القاضى.
(1) وأخرجه عبد الرزاق، في: باب تسليم الإمام إذا صعد، من كتاب الجمعة. المصنف 3/ 193. وابن أبى شيبة، في: باب الإمام إذا جلس على المنبر سلم، من كتاب الصلاة. المصنف 2/ 114.
(2)
انظر حديثه الآتى بعد قليل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وظاهِرُ كَلامِ الخِرَقِىِّ أنَّ المَوْعِظةَ إنَّما تَكُونُ في الخُطْبَةِ الثَّانِيةِ؛ لِما ذَكَرْنا مِن حدِيثِ الشَّعْبِىِّ. وقال أبو حنيفةَ: لو أتَى بِتَسْبِيحَةٍ أجْزَأَ؛ لأنَّ اللَّهَ تعالى قال: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} . فأجْزَأَ ما يَقَعُ عليه الذِّكْرُ، ولأنَّ اسْمَ الخُطبَةِ يَقَعُ على دونِ ما ذَكَرْتُمْ، بدَلِيلِ أنَّ رجلًا جاء إلى النبىِّ صلى الله عليه وسلم وقال: عَلِّمْنِى عَمَلًا أدْخُلُ به الجَنَّةَ؟ فقال: «[لئِنْ كُنْتَ] (1) أَقْصَرْتَ مِنَ الخُطْبَةِ لَقَدْ أعْرَضْتَ فِى المَسْأَلةِ» (2). وعن مالِكٍ كالمَذْهَبَيْنِ. ولَنا، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم فَسَّرَ الذِّكْرَ بفِعْلِه. قال جابِرُ بنُ سَمُرَةَ: كانت صلاةُ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَصْدًا، وخُطْبَتُه قَصْدًا، يَقْرَأْ آيَاتٍ مِن القُرْآنِ، ويُذَكِّرُ
(1) سقط من النسخ. وأثبتناه من المسند.
(2)
أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 4/ 299، 6/ 384.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
النَّاسَ. رَواه أبو دَاود، والتِّرْمِذِىُّ (1). وقد ذَكَرْنا حديثَ جابِرِ بنِ سَمُرَة. وأمَّا التَّسْبِيحُ فلا يُسَمَّى خُطْبَةً. والمُرادُ بالذِّكْر الخُطْبَةُ، وما رَوَوْه مجازٌ؛ فإنَّ السُّؤالَ لا يُسَمَّى خُطْبَةً، بدَلِيلِ أنَّه لو ألْقَى مَسْألَةً على الحاضِرِين لم يَكْفِ ذلك اتِّفاقًا.
(1) أخرجه أبو داود، في: باب الرجل يخطب على قوس، من كتاب الصلاة. سنن أبى داود 1/ 252. والترمذى، في: باب ما جاء في قصر الخطبة، من أبواب الجمعة. عارضة الأحوذى 2/ 295. كما أخرجه مسلم، في: باب تخفيف الصلاة والخطبة، من كتاب الجمعة. صحيح مسلم 2/ 591. والنسائى، في: باب القراءة في الخطبة الثانية والذكر فها، من كتاب الجمعة، وفى: باب القصد في الخطبة، وباب القراءة في الخطبة الثانية والذكر فيها، من كتاب العيدين. المجتبى 3/ 90، 156. وابن ماجة، في: باب ما جاء في الخطبة يوم الجمعة، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجة 1/ 351. والدارمى، في: باب في قصر الخطبة، من كتاب الصلاة. سنن الدارمى 1/ 365. والإمام أحمد، في: المسند 5/ 91، 93، 95، 98، 100، 102، 106، 107.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ولا يَكْفِى في القِراءَةِ أقَلُّ مِن آيَةٍ. هكذا ذكَرَه الأصحابُ؛ لأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم لم يَقْتَصِرْ على أقَلَّ مِن ذلك، ولأنَّ الحُكْمَ لا [يَتَعَلَّقُ بما دُونَها](1)، بدلِيلِ مَنْعِ الجُنُبِ مِن قِراءَتِها. فظاهِرُ كَلامِ أحمدَ أنَّه لا يَشْتَرِطُ ذلك؛ فإنَّه قال، في القِراءَةِ في الخُطْبَةِ: ليس فيه شئٌ مُوَقَّتٌ، ما شاءَ قَرَأ. وهذا ظاهِرُ كَلامِ الخِرَقِىِّ. قال شَيْخُنا (2): ويَحْتمِلُ أن لا يَجِبَ سِوَى حَمْدِ اللَّهِ والمَوْعِظَةِ؛ لأنَّ ذلك يُسَمَّى خُطْبَةً، ويَحْصُلُ به المَقصُودُ، وما عَداهما ليس على اشْتِراطِه دَلِيل؛ لأنَّه لا يَجِبُ أن يَخْطُبَ على صِفَةِ خُطْبَةِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم بالاتِّفاقِ؛ لأنَّه رُوِىَ أنَّه كان يَقْرأ آيَاتٍ، ولا يَجبُ قِراءَةُ آيَاتٍ بالاتِّفاقِ، لكن يُسْتَحَبُّ ذلك؛ لِما ذَكَرْنا مِن حديثِ الشَّعْبِىِّ. وقالَتْ أُمُّ هِشامٍ بنتُ حارِثَةَ بنِ النُّعْمانِ: ما أخَذْتُ {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} . إلَّا مِن فِي رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، كان يَخْطُبُ بها كلَّ جُمُعَةٍ. رَواه مسلمٌ (3).
(1) في م: «يتعين بدونها» .
(2)
في: المغنى 3/ 176.
(3)
في باب: تخفيف الصلاة والخطبة، من كتاب الجمعة. صحيح مسلم 2/ 595. كما أخرجه أبو داود، في: باب الرجل يخطب على قوس، من كتاب الصلاة. سنن أبى داود 1/ 252، 253. والنسائى، في: باب القراءة في الخطبة، من كتاب الجمعة. المجتبى 3/ 88.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ويُشْتَرَطُ للْخُطْبَةِ حُضورُ العَدَدِ المُشْتَرَطِ في القَدْرِ الواجِبِ مِن الخُطْبَتَيْنِ. وقال أبو حنيفةَ، في رِوايَةٍ عنه: لا يُشْتَرَطُ؛ لأنَّه ذِكْرٌ يَتَقَدَّمُ الصَّلاةَ، فلم يُشْتَرَطْ له العَدَدُ، كالأذَانِ. ولَنا، أنَّه ذِكْرٌ مِن شَرائِطِ الجُمُعَةِ، فكان مِن شَرْطِه العَدَدُ، وكتَكْبِيرَةِ الإِحْرامِ، وتُفارِقُ الأذانَ، فإنَّه ليس بِشَرْطٍ، وإنَّما مَقْصُودُه الإِعْلامُ، والإِعْلامُ للغَائِبينَ، والخُطْبَةُ مَقْصُودُها المَوْعِظَةُ، فهى لِلحاضِرِينَ. فعلى هذا إنِ انْفَضُّوا في أثْناءِ الخُطْبَةِ، ثم عادُوا فحَضَرُوا القَدْرَ الواجِبَ، أجْزاهم، وإلَّا لم يُجْزِئْهم، إلَّا أن يَحْضُرُوا القَدْرَ الواجِبَ، ثم يَنْفَضُّوا ويَعُودُوا قبلَ شُرُوعِه في الصَّلاةِ، مِن غيرِ طُولِ الفَصْلِ، فإن طالَ الفَصْلُ لَزِمَه إعادَةُ الخُطْبَةِ، إن كان الوَقْتُ مُتَّسِعًا، وإن ضاقَ الوَقْتُ صَلَّوْا ظُهْرًا. والمَرْجِعُ في طُولِ الفَصْلِ وقِصَرِه إلى العادَةِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ويُشْتَرَطُ لهما (1) الوَقْتُ، فلو خَطَب قبلَ الوَقْتِ لم تَصِحَّ خُطْبَتُه، قِياسًا على الصَّلاةِ. ويُشْتَرَطُ لهما المُوَالاةُ، فإن فَرَّقَ بينَ الخُطْبَتَيْنِ، أو بينَ أجْزاءِ (2) الخُطْبَةِ الواحِدَةِ بكَلام طَويلٍ، أو سُكُوتٍ طَوِيلٍ مِمَّا يَقْطَعُ المُوَالاةَ، اسْتَأْنَفَها. وكذلك يُشْتَرَطُ المُوَالَاةُ بينَ الخُطْبَةِ والصَّلاةِ أيضًا. فإن فَرَّقَ بينَهما تَفْرِيقًا كَثِيرًا بَطَلَتْ، ولا تَبْطُلُ باليَسِيرِ؛ لأنَّ الخُطْبَتَيْنِ مع الصَّلاةِ كالمَجْمُوعَتَيْنِ. ويَحْتَمِلُ أنَّ المُوَالَاةَ لا تُشْتَرَطُ؛ لأنَّه ذِكْرٌ يَتَقَدَّمُ الصلاةَ، فلم تُشْتَرَطِ المُوَالَاةُ بينَهما،
(1) في م: «لها» .
(2)
في م: «آخر» .