الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ أَقَامَ لِقَضَاءِ حَاجَةٍ، أَوْ حُبِسَ، وَلَمْ يَنْوِ الإِقَامَةَ، قَصَرَ أَبَدًا.
ــ
يكونَ في البَلَدِ أهْلُه أو (1) مالُه؛ كما ذَكَرْنا. وقولُ أحمدَ في الرِّوايَةِ الأخْرَى: أَتَمَّ، إلَّا أن يكونَ مارًّا. يَقْتَضِى أنَّه إذا قَصَد أخْذَ حاجَتِه، والرُّجُوعَ مِن غيرِ إقامَةٍ، أنَّه يَقْصُرُ. وقال الشافعىُّ: يَقْصُرُ، ما لم يَنْوِ الإِقامَةَ أرْبَعًا. وقال الثَّوْرِىُّ، ومالكٌ: يُتمُّ حتى يَخْرُجَ فاصِلًا الثانيةَ. ولَنا، أنَّه ثَبَت له حُكْمُ السَّفَرِ بخُرُوجِه، ولم تُوجدْ إقامَة تَقْطَعُ حُكْمَه، فأشْبَهَ ما لو أَتَى قَرْيَةً غيرَ التى خَرَج منها.
606 - مسألة: (وإن أَقَامَ لقضَاءِ حاجَةٍ، أو حُبِسَ، ولم يَنْوِ الإِقَامَةَ، قَصَر أبَدًا)
وجُمْلَةُ ذلك أنَّ مَن لم يُجْمِعْ على إِقامَةٍ تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ على ما ذَكَرْنا مِن الخِلافِ، فله القَصْرُ ولو أقَامَ سِنِين، كمَن يُقِيمُ لقَضاءِ حَاجَةٍ يَرْجُو إنْجاحَها، أو جِهادِ عَدُوٍّ، أو حَبَسَه سُلْطانٌ، أو
(1) في م: «و» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مَرَضٌ، وسَواءٌ غَلَب على ظَنِّه انْقِضاءَ حاجَتِه في مُدَّةٍ يَسِيرَةٍ أو كَثِيرَةٍ، بعدَ أن يَحْتَمِلَ انْقِضاؤها في مُدَّةٍ لا يَنْقَطِعُ حُكْمُ السَّفَرِ بها. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ أهْلُ العِلْمِ أنَّ للمُسافِرِ أن يَقْصُرَ ما لم يُجْمِعْ إقَامَةً، ولو أتَى عليه سُنون. والأَصْلُ فيه ما روَى ابنُ عباسٍ، قال: أقامَ النبىُّ صلى الله عليه وسلم في بَعْضِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أسْفَارِه تِسْعَةَ عَشَرَ يُصَلِّى رَكْعَتَيْن. رَواه البُخارِىُّ (1). وقال جابِرٌ: أقامَ النبىُّ صلى الله عليه وسلم في غَزْوَةِ تَبْوكَ عِشْرِين يَوْمًا يَقْصُرُ الصلاةَ. [رَواه الإِمامُ أحمدُ في «المُسْنَدِ»](2). وروَى سعيدٌ بإسناده عن المِسْوَرِ بنِ مَخْرَمَةَ، قال: أقَمنا مع سعدٍ ببعض قُرَى الشَّامِ أرْبَعِين لَيْلَةً يَقْصُرُها سعدٌ ونُتِمُّها (3). وقال نافِعٌ: أقامَ ابنُ عمرَ بأذْرَبِيجَانَ (4) سِتَّةَ أشْهُرٍ، يُصَلِّى رَكْعَتَيْن، حَبَسَه الثَّلْجُ (5). وقال أنسٌ: أقامَ أصْحابُ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم برامَهُرْمُزَ (6) سَبْعَةَ أشْهُر يَقْصُرُون الصلاةَ (7). وعن الحسنِ، عن عبدِ الرحمنِ بنِ
(1) تقدم تخريجه في صفحة 70.
(2)
سقط من: الأول.
وأخرجه الإمام أحمد، في: المسند 3/ 295.كما أخرجه أبو داود، في: باب إذا أقام بأرض العدو يقصر، من كتاب صلاة المسافر. سنن أبى داود 1/ 281.
(3)
أخرجه عبد الرزاق، في: باب الرجل يخرج في وقت الصلاة، من كتاب الصلاة. المصنف 2/ 535.
(4)
أذربيجان: إقليم واسع، حده من برذعة مشرقا إلى أرزنجان مغربا، ويتصل حدها من جهة الشمال ببلاد الديلم والجيل والطرم. معجم البلدان 1/ 172.
(5)
أخرجه عبد الرزاق، في: باب الرجل يخرج في وقت الصلاة، من كتاب الصلاة. المصنف 2/ 533. والبيهقى، في: باب من قال يقصر أبدا ما لم يجمع مكثا، من كتاب الصلاة. السنن الكبرى 3/ 152.
(6)
في م: «برامهز» . رامهرمز: مدينة مشهورة بنواحى خوزستان. معجم البلدان 2/ 738.
(7)
أخرجه البيهقى، في: باب من قال يقصر أبدا ما لم يجمع مكثا، من كتاب الصلاة. السنن الكبرى 3/ 152. بلفظ «تسعة أشهر».
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
سَمُرَةَ، قال: أقَمْتُ معه بكابُلَ (1) سَنَتَيْن نَقْصُرُ الصلاةَ، ولا نُجَمِّعُ (2).
فصل: وإن عَزَم على إقامَةٍ طَوِيلَة في رُسْتَاقَ (3) يَنْتَقِلُ فيه مِن قَرْيةٍ إلى قَرْيةٍ، لا يُجْمِعُ على الإِقامَةِ بواحِدَةٍ منها مُدَّةً تُبْطُل حُكْمَ السَّفَرِ قَصَر؛ لأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم أقامَ بمَكَّةَ ومِنًى وعَرَفَةَ عَشْرًا، فكان يَقْصُرُ الأيامَ كلَّها (4). وروَى الأثْرَمُ، بإسْنادِه عن مُوَرِّقٍ، قال: سَأَلْتُ ابنَ عمرَ،
(1) كابل: ولاية ذات مروج كبيرة بين هند وغزنة. معجم البلدان 4/ 220.
(2)
أخرجه عبد الرزاق، في: باب الرجل يخرج في وقت الصلاة، من كتاب الصلاة. المصنف 2/ 536. «ولا نُجَمِّع». أي ولا يصلى جمعة.
(3)
الرستاق: السواد والقرى. معرب.
(4)
أخرج نحوه عبد الرزاق، في: باب الرجل يخرج في وقت الصلاة، من كتاب الصلاة. المصنف 2/ 533.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قُلْتُ: إنِّى رَجُلٌ آتِى الأهْوازَ (1)، فأنْتَقِلُ في قُراها قَرْيَةً قَرْيَةً، فأُقِيمُ الشَّهْرَ أو أكْثَرَ. قال: تَنْوِى الإِقامَةَ؛ قُلتُ: لا. قال: ما أراكَ إلَّا مُسافِرًا، صَلِّ صلاةَ المُسافِرِين. ولأنَّه لم يَنْوِ الإِقامَةَ في مَكانٍ بعَيْنه، أشْبَهَ المُتَنَقِّلَ [في سَفَرِه](2) مِن مَنْزلٍ إلى مَنْزلٍ. وإذا دَخَلِ بَلَدًا، فقالَ: إن لَقِيتُ فُلانًا أقَمْتُ، وإلَّا لم أقِمْ. لم يَبْطُلْ حُكْمُ سَفرِه؛ لأنَّه لم يَجْزِمْ بالإِقامَةِ، [ولأنَّ المُبْطِلَ للسَّفَرِ هو العَزْمُ على الإِقامَةِ، ولم يُوجَدْ](2)، وإنَّما عَلَّقَه على شَرْطٍ لم يُوجَدْ، وذلك ليس بجَزْمٍ. فصل: ولا بَأْسَ بالتَّطَوُّعِ في السَّفَر نازِلًا وسائِرًا على الرّاحِلَةِ؛ لِما روَى ابنُ عمرَ، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم كان يُسَبِّحُ على ظَهْرِ راحِلَتِه حيثُ كان وَجْهُه، يُومِئُ برَأْسِه. وروَى نَحْوَ ذلك جابِرٌ وأُنَسٌ. مُتَّفَقٌ عليه (3).
(1) الأهواز: سبع كور بين البصرة وفارس. معجم البلدان 1/ 411.
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
حديث ابن عمر تقدم تخريجه في 3/ 322. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وعن علىٍّ، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم كان يَتَطوُّعُ في السَّفَرِ. رَواه سعيدٌ (1). وفى حَدِيثِ أُمِّ هَانِئٍ [أنَّ النبىَّ صَلَّى في بَيْتها يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ ثَمانِىَ رَكَعاتٍ. مُتَّفَقٌ عليه (2). إذا ثَبَت ذلك، فإنَّه يُصَلِّى رَكْعَتَى الفَجْرِ والوِتْرَ؛ لِما روَى ابنُ عمرَ](3)، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم كان يُوتِرُ على بَعِيرِه. ولَمّا فاتَتِ النبىَّ صلى الله عليه وسلم صَلاةُ الصُّبْحِ صَلَّى رَكْعَتَى الفَجْرِ قَبْلَها. مُتَّفَق عليهما (4). فأمّا سائِرُ التَّطَوُّعَاتِ والسُّنَنِ قبلَ الفَرائِضِ وبعدَها. فقالَ أحمدُ: أرْجُو أن لا يكونَ بالتَّطَوُّعِ في السَّفَرِ بَأسٌ. رُوِىَ ذلك عن عمرَ (5) وعلىٍّ، وابنِ مسعودٍ، وجابِرٍ، وابنِ عباسٍ، وأبى ذَرٍّ، وجَماعَةٍ مِن التَّابِعِين. وهو قَوْلُ مالكٍ، والشافعىِّ، وإسحاقَ، وابنِ المُنْذِرِ. وكان ابنُ عمرَ لا يَتَطوَّعُ مع الفَرِيضَةِ قبلَها ولا بعدَها، إلَّا مِن جَوْفِ اللَّيْلِ.
= وحديث جابر لم يخرجه مسلم. انظر تحفة الأشراف 2/ 168.
وأخرجه البخارى، في: باب التوجه نحو القبلة، من كتاب الصلاة، وفى: باب ينزل للمكتوبة، من كتاب التقصر. صحيح البخارى 1/ 110، 2/ 56.كما أخرجه أبو داود، في: باب التطوع على الراحلة والوتر، من كتاب الصلاة. سنن أبى داود 1/ 279.
وأما حديث أنس فقد أخرجه البخارى، في: باب صلاة التطوع على الحمار، من كتاب التقصر. صحيح البخارى 2/ 56. ومسلم، في: باب جواز صلاة النافلة على الدابة في السفر حيث توجهت، من كتاب صلاة المسافرين. صحيح مسلم 1/ 488.كما أخرجه أبو داود، في: باب التطوع على الراحلة والوتر، من كتاب الصلاة. سنن أبى داود 1/ 279. والدارقطنى، في: باب صفة صلاة التطوع. . .، من كتاب الصلاة. سنن الدارقطنى 1/ 396.
(1)
أخرج نحوه، عن ابن عمر، ابن أبى شيبة. انظر المصنف 1/ 382.
(2)
تقدم تخريجه في 4/ 205.
(3)
سقط من: م.
(4)
في م: «عليه» . وتقدم تخرج الأول في 3/ 323 والثاني تقدم تخريجه في 4/ 244.
(5)
في الأصل: «ابن عمر» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
رُوِىَ ذلك عن سعيدِ بنِ المُسَيَّبِ، وسعيدِ بنِ جُبَيْرٍ، وعلىِّ بنِ الحسينِ؛ لِما رُوِىَ أنَّ ابنَ عمرَ رَأى قَوْمًا يُسَبِّحون بعدَ الصَّلاةِ، فقالَ لو كُنْتُ مُسَبِّحًا لأتمَمْتُ فَرْضِى، يا ابْنَ أخى، صَحِبتُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فلم يَزِدْ على رَكْعَتَيْن حتى قَبْضَه اللَّهُ، وصَحِبْتُ [أبا بكرٍ فلم يَزِدْ على رَكْعَتَيْن حتى قَبَضَه اللَّهُ، وذَكر](1) عمرَ، وعثمانَ، وقال:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (2). مُتَّفَقٌ عليه (3). ولَنا، ما رُوِىَ عن ابنِ عباسٍ، قال: فَرَض رسولُ اللَّهِ أنْ صلاةَ الحَضَرِ، فكُنَّا نُصَلِّى قبلَها وبعدَها، [وكُنَّا نُصَلِّى في السَّفَرِ قَبْلَها وبعدَها] (4). رَواه ابنُ ماجه (5). وقال الحسنُ: كان أصحابُ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُسافِرُون فيَتَطَوَّعون قبلَ المَكْتُوبَةِ وبعدَها. وعن البَراءِ بنِ عازِبٍ، قال: صَحِبْتُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَفَرًا، فما رَأيْتُه تَرَك رَكْعَتَيْن إذا زاغَتِ الشَّمس قبلَ الظُّهْرِ. رَواه أبو داودَ (6). فهذا يَدُلُّ على أنَّه لا بأسَ بفِعْلِها، وحديثُ ابنِ عمرَ يَدُلّ على أنه لا بَأْسَ بتَرْكِها فيُجْمَعُ بين الأحادِيثِ. واللَّهُ أعلمُ.
(1) سقط من: م.
(2)
سورة الأحزاب 21.
(3)
تقدم تخريجه في صفحة 27.
(4)
سقط من: الأصل.
(5)
في: باب التطوع في السفر، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 341. كما أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 1/ 232.
(6)
في: باب التطوع في السفر، من كتاب صلاة السفر. سنن أبى داود 1/ 278. كما أخرجه الترمذى، في: باب ما جاء في التطوع في السفر، من أبواب صلاة السفر. عارضة الأحوذى 3/ 24. والإمام أحمد، =