الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَشْتَغِلَ بِالصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ، وَيَقْرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ فِى يَوْمِهَا،
ــ
عبدَ اللَّهِ بنَ عمرَ، وغيرَه مِن أصحابِ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كانُوا يَشْهَدُونَها مع الحَجَّاجِ ونُظَرائِه، ولم يُسْمَعْ عن أحدٍ منهم التَّخَلُّفُ عنها. ولأنَّ الجُمُعَةَ مِن أعْلامِ الدِّينِ الظَّاهِرَةِ، ويَتَوَلَّاهَا الأئِمَّةُ أو مَن وَلَّوْة، فتَرْكُها خَلْفَ مَن هذه صِفَتُه يُفْضِى إلى سُقُوطِها. إذا ثَبَت هذا فإنَّها تُعادُ خلفَ مَن تُعاد خلفَه بَقِيَّةُ الصلواتِ. نَصَّ عليه الإِمامُ أحمدُ، في رِوايَةِ عباسِ ابنِ عبدِ العَظيمِ. وعنه رَوايَة أُخْرَى، أنَّها لا تُعَادُ؛ لأنَّ الظَّاهِرَ مِن حالِ الصحابةِ، رَضىَ اللَّهُ عنهم، أنَّهُم لم يَكُونُوا يُعِيدُونَها؛ لأنَّهُم لم يُنْقَلْ ذلك عنهم، وقد ذَكَرْنا ذلك في بابِ الإِمَامَةِ.
فصل: ويُسْتَحَبّ الدُّنُوُّ مِن الإِمامِ؛ لقولِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم: «وَدَنَا مِنَ الإِمَامِ فَاسْتَمَعَ وَلَمْ يَلْغُ» (1). وعن سَمُرَةَ، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم قال:«احْضَرُوا الذِّكْرَ، وادْنُوا مِنَ الإِمَامِ، فَإنَّ الرَّجُلَ لَا يَزَالُ يَتَبَاعَد حَتَّى يُؤَخَّرَ فِى الجَنَّةِ» . رَواه أبو داودَ (2)، ولأنَّه أمْكَن له مِن السَّماعِ.
665 - مسألة: (ويَشْتَغِلَ بالصلاةِ والذِّكْرِ، ويقْرأَ سُورَةَ الكَهْفِ
(1) تقدم تخريجه في صفحة 270.
(2)
في: باب الدنو من الإمام عند الموعظة، من كتاب الصلاة. سنن أبى داود 1/ 254. كما أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 5/ 11.
وَيُكْثِرَ الدُّعَاءَ، وَالصَّلَاةَ عَلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فِيهِ.
ــ
في يَوْمِها، ويُكْثِرَ الدُّعاءَ، والصلاةَ على النبىِّ صلى الله عليه وسلم) إذا حَضَر قبلَ الخُطْبَةِ اشْتَغَلَ بالصلاةِ، وذِكْرِ اللَّهِ تعالى، لقولِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم:«وَاعْلَمُوا أنَّ مِنْ خَيْرِ أعْمَالِكُمُ الصَّلَاةَ» (1). وَيقْرَأُ سُورَةَ الكَهْفِ في يَوْم الجُمُعَةِ؛ لِما رُوِىَ عن علىٍّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، قال: قال رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَهُوَ مَعْصُومٌ إلَى ثَمَانِيَةِ أيَّامٍ مِنْ كُلِّ فِتْنَةٍ، وَإنْ خَرَجَ الدَّجَّالُ عُصِمَ مِنْهُ» . رَواه زَيْدُ بنُ على في كِتابِه بإسْنادِه. وعن ابنِ عمرَ، قال: قال رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الكَهْفِ فِى يَوْمِ الْجُمُعَةِ سَطَعَ لَهُ نُورٌ مِنْ تَحْتِ قَدَمِه إلى عَنَانِ السَّمَاءِ، يُضِئُ بِهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَغُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْن» (2). ويُسْتَحَبُّ أن يُكْثِرَ مِن الصَّلاةِ على النبىِّ صلى الله عليه وسلم، لِما رُوِىَ عن أبى الدَّرْدَاءِ، قال: قال رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أكْثِرُوا الصَّلَاةَ عَلَىَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ؛ فَإنَّهُ مَشْهُود تَشْهَدُهُ المَلَائِكَةُ» . رَواه
(1) تقدم تخريجه في 4/ 99.
(2)
عزاه المنذرى إلى أبى بكر بن مردويه في تفسيره. الترغيب والترهيب 1/ 513.
وأخرج نحوه البيهقى من حديث أبى سعيد الخدرى، في: باب وقراءة سورة الكهف وغيرها، من كتاب الجمعة. السنن الكبرى 3/ 249.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ابنُ ماجه (1). وعن أوْسِ بنَ أوْسٍ، قال: قال رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أفْضَلُ أيَّامِكُمْ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ قبضَ، وَفِيهِ النَّفْخَةُ، وَفِيهِ الصَّعْقَةُ، فَأكْثِرُوا عَلَىَّ مِنَ الصَّلَاةِ فِيهِ، فَإنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَىَّ» . قالُوا: يا رسولَ اللَّهِ: كيفَ تُعْرَضُ صَلاتُنا عليك وقد أَرمْتَ؟ أى بَلِيتَ. قال: «إنَّ اللَّهَ عز وجل حَرَّمَ عَلَى الأرْضِ أجْسَادَ الأنْبِيَاءِ، عليهم السلام» . رَواه أبو داودَ (2).
فصل: ويُسْتَحَبُّ الإِكْثَارُ مِن الدُّعاءِ يَوْمَ الجُمُعَةِ، لَعَلَّه يُوافِقُ ساعَةَ الإِجابَةِ؛ لأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم ذكَر يومَ الجُمُعَةِ، فقالَ:«فِيهِ سَاعَة لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ يُصَلِّى، يَسْألُ اللَّهَ شَيْئًا، إلَّا أعْطَاهُ إِيَّاهُ» . وأشارَ بيَدِه
(1) في: باب ذكر وفاته ودفنه صلى الله عليه وسلم، من كتاب الجنائز. سنن ابن ماجه 1/ 524.
(2)
في: باب فضل يوم الجمعة وليلة الجمعة، من كتاب الصلاة. سنن أبى داود 1/ 241. كما أخرجه النسائى، في: باب إكثار الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة، من كتاب الجمعة. المجتبى 3/ 75. وابن ماجه، في: باب في فضل الجمعة، من كتاب إقامة الصلاة، وفى: باب ذكر وفاته ودفنه صلى الله عليه وسلم، من كتاب الجنائز. سنن ابن ماجه 1/ 345، 524. والدارمى، في: باب في فضل الجمعة، من كتاب الصلاة. سنن الدارمى 1/ 369. والإمام أحمد، في: المسند 4/ 8.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يقَلِّلُهَا، وفى لَفْظٍ:«وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّى» . مُتَّفَقٌ عليه (1). واخْتُلِفَ في تلك السَّاعَةِ، فقال عبدُ اللَّهِ بنُ سَلَامٍ، وطَاوسٌ، هى آخِرُ ساعَةٍ في يَوْمِ الجُمُعَةِ. وفَسَّرَ عبدُ اللَّهِ بنُ سَلَامٍ الصلاةَ بانْتِظارِها، بقَوْلِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم «إنَّ الْعَبْدَ المُؤْمِنَ إذَا صلَّى، ثُمَّ جَلَسَ لا يُجْلِسُهُ إلَّا الصَّلَاةُ، فَهُوَ فِى صَلَاةٍ» . رَواه ابنُ ماجه (2). ورُوِىَ هذا القولُ مَرْفُوعًا. فعلى هذا يَكُونُ القِيامُ بِمَعْنى المُلازَمَةِ والإِقامَةِ، كقَوْلِه تعالى:{إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا} (3). وعن أنَسٍ، عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال:«الْتَمِسُوا السَّاعَةَ الَّتِى تُرْجَى فِى يَوْمِ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ إلَى غَيْبُوبَةِ الشَّمْسِ» .
(1) أخرجه البخارى، في: باب الساعة التى في يوم الجمعة، من كتاب الجمعة، وفى: باب الإشارة في الطلاق، من كتاب الطلاق. صحيح البخارى 2/ 16، 7/ 66. ومسلم، في: باب في الساعة التى في يوم الجمعة، من كتاب الجمعة. صحيح مسلم 2/ 583، 584. كما أخرجه أبو داود، في: باب فضل يوم الجمعة وليلة الجمعة، من كتاب الصلاة. سنن أبى داود 1/ 240. والترمذى، في: باب ما جاء في الساعة التى ترجى في يوم الجمعة، من أبواب الجمعة، وفى: تفسير سورة البروج، من أبواب التفسير. عارضة الأحوذى 2/ 277، 12/ 237، 238. والنسائى، في: باب ذكر الساعة التى يستجاب فيها الدعاء يوم الجمعة، من كتاب الجمعة. المجتبى 3/ 95. وابن ماجه، في: باب ما جاء في الساعة التى ترجى في الجمعة، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 360. والدارمى، في: باب الساعة التى تذكر في الجمعة، من كتاب الصلاة. سنن الدارمى 1/ 368. والإمام مالك، في: باب ما جاء في الساعة التى في يوم الجمعة، من كتاب الجمعة. الموطأ 1/ 108. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 230، 255، 257، 272، 280، 284، 312، 403، 457، 469، 481، 489، 504، 519، 3/ 39، 65، 313، 331، 348، 5/ 451، 453.
(2)
في: باب ما جاء في الساعة التى ترجى في الجمعة، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 360.
(3)
سورة آل عمران 75.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أخْرَجَه التِّرْمِذىُّ (1). وقِيلَ: هى ما بينَ أن يَجْلِسَ الإِمامُ إلَى أنْ تَنْقَضِى الصلاةُ؛ لِما روَى أبو مُوسى، قال: سَمِعْتُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يقولُ:«هِىَ مَا بَيْنَ أنْ يَجْلِسَ الإِمَامُ إلَى أنْ يَقْضِىَ الإِمَامُ الصَّلَاةَ» . رَواه مسلمٌ (2). وعن عَمْرِوٍ بنِ عَوْفٍ المُزَنِىِّ، عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال:«إنَّ فِى الْجُمُعَةِ سَاعَة، لَا يَسْأَلُ اللَّهَ العَبْدُ فِيهَا شَيْئًا إلَّا آتَاهُ اللَّهُ إيَّاهُ» . قالُوا: يا رسولَ اللَّهِ أيَّةُ سَاعَةٍ هى؟ قال: «حِينَ تُقَامُ الصَّلَاةُ إِلَى الانْصِرَافِ مِنْهَا» . رَواه ابنُ ماجه، والتِّرْمِذىُّ (3)، وقال: حدِيثٌ
(1) في: باب ما جاء في الساعة التى ترجى في يوم الجمعة، من أبواب الجمعة. عارضة الأحوذى 2/ 275.
(2)
في: باب في الساعة التى في يوم الجمعة، من كتاب الجمعة. صحيح مسلم 2/ 584. كما أخرجه أبو داو، في: باب الإجابة أية ساعة هى في يوم الجمعة، من كتاب الصلاة. سنن أبى داود 1/ 241.
(3)
أخرجه الترمذى، في: باب ما جاء في الساعة التى ترجى في يوم الجمعة، من أبواب الجمعة. عارضة الأحوذى 2/ 276. وابن ماجه، في: باب ما جاء في الساعة التى ترجى في الجمعة، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 360.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
حسنٌ غَرِيبٌ. فعلى هذا تكونُ السَّاعَةُ (1) مُخْتَلِفَةً، فتكونُ في حَقِّ كلِّ قَوْمٍ في وَقْتِ صلاتِهم. وقِيلَ: هى ما بينَ الفَجْرِ إلى طُلُوعِ الشَّمْسِ، ومِن العَصْرِ إلى غُرُوبِها. وقِيلَ: هى السَّاعَةُ الثَّالِثَةُ؛ لِما روَى أبو هُرَيْرَةَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، قال: قِيلَ للنبىِّ صلى الله عليه وسلم: لأىِّ شئٍ سُمِّىَ يَوْمُ الجُمُعَةِ؛ قال: «لأنَّ فِيهَا طُبِعَتْ طِينَةُ أبِيكَ آدَمَ، وَفِيهَا الصَّعْقَةُ وَالْبَعْثَةُ، وَفِيهَا الْبَطْشَةُ، وَفِى آخِرِ ثَلَاثِ سَاعَاتٍ مِنْهَا مَنْ دَعَا اللَّهَ فِيهَا اسْتُجِيبَ لَهُ» . رَواه الإِمامُ أحمدُ (2). وقال كَعْبٌ: لو قَسَّمَ الإِنْسَانُ جُمُعَةً في جُمَعٍ أتَى على تلك السَّاعَةِ. وقِيلَ: هى مُتَنقِّلَةٌ في اليَوْمِ. وقال ابنُ عمرَ: إنَّ طَلَبَ حاجَةٍ في يَوْمٍ لَيَسِيرٌ. وقِيلَ: أخْفَى اللَّهُ تعالى هذه السَّاعَةَ ليَجْتَهدَ العِبادُ في طَلَبِها، وفى الدُّعاءِ في جَمِيعِ اليَوْمِ، كما أخْفَى لَيْلَةَ القَدْرِ في رمضانَ، وأَوْلِياءَه في النَّاسِ، ليَحْسُنَ الظَّنُّ بجَمِيعِ الصَّالِحينَ.
(1) في م: «الصلاة» .
(2)
في: المسند 2/ 311.