الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَدْعُو سِرًّا حَالَ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ، فَيَقُولُ:
ــ
ذلك فصِفَةُ التَّقْلِيبِ أن يَجْعَلَ ما على اليَمِينِ على اليَسارِ، وما على اليسارِ على اليَمِينِ. رُوِىَ ذلك عن أبانَ بنِ عُثمانَ، وعُمَرَ بنِ عبدِ العَزِيزِ، وهِشامِ بنِ إسماعِيلَ، وأبى بكرِ بنِ محمدِ بنِ عَمْرِو بنِ حَزْمٍ، ومالكٍ. وكان الشافعىُّ يقولُ به، ثم رَجع، فقال: يَجْعَلُ أعْلاه أسْفَلَه؛ لأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَسْقَى وعليه خَمِيصَةٌ سَوْداءُ، فأرادَ أن يَجْعَلَ أسْفَلَها أعْلاها، فلَمَّا ثَقُلَتْ جَعَل العِطافَ (1) الذى على الأيْسَرِ على الأيْمَنِ. رَواه أبو داودَ (2). ولَنا، ما روَى عبدُ اللَّهِ بنُ زَيْدٍ، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم حَوَّلَ عِطافَه، وجَعَل عِطافَه الأيْمَنَ على عاتِقِه الأيْسَرِ، وجَعَل عِطافَه الأيْسَرَ على عاتِقِه الأيْمَنِ. رَواه أبو داودَ (3). وفى حَدِيثِ أبى هُرَيْرَةَ، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم قَلَب رِداءَه، فجَعَلَ الأيْمَنَ على الأيْسَرِ، والأيْسَرَ على الأيْمَنِ. رَواه الإِمامُ أحمدُ، وابنُ ماجه (4). والزِّيادَةُ التى نَقَلُوها، إن ثَبَتَتْ، فهى ظَنُّ الرّاوِى، لا يُتْرَكُ لها فِعْلُ النبىِّ صلى الله عليه وسلم، وقد نَقَل التَّحْوِيلَ جَماعَةٌ، لم يَنقُلْ أحَدٌ منهم أنَّه جَعَل أعْلاه أسْفَلَه. ويَبْعُدُ أن يكونَ النبىُّ صلى الله عليه وسلم تَرَك ذلك في جَمِيعِ الأوْقاتِ لثِقَلِ الرِّداءِ.
715 - مسألة: (ويَدْعُو سِرًّا حالَ اسْتِقْبالِ القِبْلَةِ، فيَقُولُ: اللَّهُمَّ
(1) أصل العطاف الرداء، وإنما أضاف العطاف إلى الرداء، لأنه أراد أحد شقى العطاف.
(2)
في: أول أبواب الاستسقاء. سنن أبى داود 1/ 265. كما أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 4/ 41، 42.
(3)
في: أول أبواب الاستسقاء. سنن أبى داود 1/ 265.
(4)
تقدم تخريجه في صفحة 410.
اللَّهُمَّ إِنَّكَ أمَرْتَنَا بِدُعَائِكَ، وَوَعَدتَّنَا إِجَابَتَكَ، وَقَدْ دَعَوْنَاكَ كَمَا أَمَرْتَنَا، فَاسْتَجِبْ لَنَا كَمَا وَعَدتَّنَا.
ــ
إنَّكَ أمَرْتَنا بدُعائِك، ووَعَدتَّنا إِجابَتَك، وقد دَعَوْناك كما أمَرْتَنا، فاسْتَجِبْ لَنا كما وَعَدْتَنا) اللَّهُمَّ فَامْنُنْ علينا بمَغْفِرَةِ ذُنُوبِنا، وإجابَتِنا في سُقْيانا، وسَعَةِ أرْزاقِنا. ثم يَدْعُو بما شاء مِن أمْرِ دِينٍ أو دُنْيا. وإنَّما اسْتُحِبَّ الإِسْرارُ؛ ليَكُونَ أقْرَبَ إلى الإِخْلاصِ، وأبْلَغَ في الخُشُوعِ والخُضُوعِ والتَّضَرُّعِ، وأسْرَعٍ في الإِجابَةِ، قال اللَّهُ تعالى:{ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} (1). واسْتُحِبَّ الجَهْرُ ببَعْضِه؛ ليَسْمَعَ النّاسُ، فيُؤَمِّنُون على دُعائِه.
فصل: ويُسْتَحَبُّ أنْ يُسْتَسْقَى بمَن ظَهَر صَلاحُه، لأنَّه أقْرَبُ إلى إجابَةِ الدُّعاء، وقد اسْتَسْقَى عُمَرُ، رَضِىَ اللَّه عنه، بالعباسِ عَمِّ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فروَى ابنُ عُمَرَ، قال: اسْتَسْقَى عُمَرُ عامَ الرَّمادَةِ بالعباسِ، فقال: اللَّهُمَّ إنَّ هذا عَمُّ نَبِيِّك صلى الله عليه وسلم، نَتَوَجَّهُ إليك به فاسْقِنا، فما بَرِحُوا حتى سَقاهُم اللَّهُ عز وجل (2). ورُوِى أنَّ مُعاويَةَ خَرَج يَسْتَسْقِى، فلمّا جَلَس على المِنْبَرِ، قال: أَيْنَ يَزِيدُ بنُ الأسْوَدِ؟ فقامَ
(1) سورة الأعراف 55.
(2)
أخرجه البخارى، في: باب سؤل الناس الإمام الاستقاء إذا قحطوا، من كتاب الاستسقاء، وفى: باب ذكر العباس بن عبد المطلب رضى اللَّه عنه، عن كتاب فضائل الصحابة. صحيح البخارى 2/ 34، 5/ 25. والبيهقى، في: باب الاستقاء بمن ترجى بركة دعائه، من كتاب الاستسقاء. السنن الكبرى 3/ 352. والمراد بالاستسقاء بمن ظهر صلاحه أن يطلب منه أن يدعو اللَّه، لأنه أقرب إلى الإجابة، لا أن يتوسل به.