الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلِلْجَمْعِ في وَقْتِ الأُولَى ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ؛ نِيَّةُ الْجَمْعِ عِنْدَ إِحْرَامِهَا،
ــ
إذا كانت حاجةٌ أو شئٌ، ما لم يَتَّخذْه عادَةً؛ لحديثِ ابنِ عباسٍ، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم جَمَع بينَ الظُّهْرِ والعَصْرِ، والمَغْرِبِ والعِشاء مِن غيرِ خَوْفٍ ولا مَطرٍ. فقِيلَ لابنِ عباسٍ: لم فَعَل ذلك؟ قال: أَرادَ أَن لا يُحْرِجَ أُمَّتَه (1). ولَنا، عُمُومُ أخْبارِ المَواقِيتِ، وحَدِيثُ ابنِ عباسٍ مَحْمُولٌ على حالَةِ المَرَضِ، ويَجُوزُ أن يكونَ صَلَّى الأُولَى في آخِرِ وَقْتِها، والثَّانِيَةَ في أوَّلِ وَقْتِها، فإنَّ عمرَو بنَ دِينارٍ روَى هذا الحدِيثَ عن جابرِ بنِ زيدٍ، عن ابنِ عَباسٍ، قال عمرو: قلتُ لجابِرٍ (2): يَا أبَا الشَّعْثَاءِ، أَظُنُّه أخَّرَ الظُّهْرَ وعَجَّلَ العَصْرَ، وأخَّرَ المَغْرِبَ وعَجَّلَ العِشاءَ. قال: وأنا أظُنُّ ذلك (3).
613 - مسألة: (وللجَمْعِ في وَقْتِ الأُولَى ثَلاثَةُ شُرُوطٍ؛ نِيَّةُ
(1) تقدم في الرواية الأولى لحديث ابن عباس في صفحة 89.
(2)
سقط من: م.
(3)
أخرجه البخارى، في: باب تأخير الظهر إلى العصر، من كتاب مواقيت الصلاة. صحيح البخارى 1/ 143، 144. ومسلم، في: باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، من كتاب المسافرين. صحيح مسلم 1/ 491.
وَيَحْتَمِلُ أنْ تُجْزِئَهُ النِّيَّةُ قَبْلَ سَلَامِهَا، وَأنْ لَا يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا إِلَّا بِقَدْرِ. الإِقَامَةِ وَالْوُضُوءِ، فَإِنْ صَلَّى السُّنَّةَ بَيْنَهُمَا، بَطَلَ الْجَمْعُ، في إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَأنْ يَكُونَ الْعُذْرُ مَوْجُودًا عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاتيْنِ وَسَلَامَ الأُولَى
ــ
الجَمْعِ عندَ إحْرامِها، وَيحْتَمِلُ أن تُجْزِئَه النِّيَّةُ قبلَ سلامِها. وأن لا يُفَرِّقَ بَيْنَهما إلَّا بقَدْرِ الإِقامَةِ والوُضُوءِ، فَإِنْ صَلَّى السُّنَّةَ بَيْنَهما، بَطَل الجَمْعُ، في إحْدَى الرِّوايتَيْن. وأن يَكُونَ العُذْرُ مَوْجُودًا عِنْدَ افْتِتاحِ الصَّلاتَيْنِ وسَلامِ الأُولَى) نِيَّةُ الجَمْعِ شَرْطٌ لجَوازِه في المَشْهُورِ مِن المَذْهَبِ. وقال أبو بكرٍ: لا يُشْتَرَطُ نِيَّةُ الجَمْعِ. كقولِه في القَصْرِ، وقد ذَكَرْناه (1). والتَّفْرِيعُ على الأوَّلِ. ومَوْضِعُ النِّيَّةِ إذا جَمَع في وَقْتِ الأُولَى عندَ الإِحْرامِ بها؛ لأنَّها نِيَّةٌ تَفْتَقِرُ إليها الصلاةُ، فاعْتُبِرَتْ عندَ الإحْرامِ، كنِيَّةِ القَصْرِ. وفيه وَجْهٌ ثانٍ، أنَّ مَوْضِعَها [مِن أوَّلِ الصَّلاةِ الأُولَى](2) إلى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
سَلامِها، فمتى نَوَى قبلَ سَلامِ الأُولَى أجْزَأَه؛ لأنَّ مَوْضِعَ الجَمْعِ عندَ الفَراغِ مِن الأُولَى إلى الشُّرُوعِ في الثَّانِيَةِ، فإذا لم تَتَأَخَّرِ النِّيَّةُ عنه، أجْزَأَه ذلك. ويُعْتَبَرُ أن لا يُفَرِّقَ بينَهما إلَّا تَفْرِيقًا يَسِيرًا. والمَرْجِعُ في اليَسِيرِ إلى العُرْفِ والعادَةِ، وقَدَّرَه بعضُ أَصْحابِنا بقَدْرِ الوُضُوءِ والإِقامَةِ. والصَّحِيحُ، أنَّه لا حَدَّ له؛ لأنَّ التَّقْدِيرَ بابُه التَّوقِيفُ، فما لم يَرِدْ فيه تَوْقِيفٌ فيُرْجَعُ فيه إلى العادَةِ، كالقَبْضِ والإِحْرازِ. فإن فَرَّقَ بينَهما تَفْرِيقًا كَثِيرًا بَطَل الجَمْعُ، سَواءٌ فَعَلَه عَمْدًا أو لنَوْمٍ أو شُغْلٍ أو سَهْوٍ أو غيرِ ذلك؛ لأنَّ الشَّرْطَ لا يَثْبُتُ المَشْرُوطُ بدُونِه. والمَرْجِعُ في الكَثِيرِ إلى العُرْفِ والعادَةِ كما قُلْنا في اليَسِيرِ. ومتى احْتاجَ إلى الوُضُوءِ والتيَّمُّمِ فَعَلَه إذا لم
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يَطُلْ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وإن تَكَلَّمَ بكَلامٍ يَسِيرٍ لمِ يَبْطُلِ الجَمْعُ. وإن صَلَّى بينَهما السُّنَّةَ بَطِل الجَمْعُ في الظَّاهرِ؛ لأنَّه فرَّقَ بَيْنَهما بصلاةٍ، فبَطَلَ الجَمْعُ، كما لو صَلّى بينَهما غيرَها. وعنه، لا تَبْطُلُ؛ لأنَّه تَفْرِيقٌ يَسِيرٌ، أشْبَهَ الوُضُوءَ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ويُعْتَبَرُ للجَمْعِ في وَقْتِ الأُولَى وُجُودُ العُذْرِ حالَ افْتِتاحِ الصَّلَاتيْن والفَراغِ مِن الأُولَى؛ لأنَّ افْتِتاحَ الأُولَى مَوْضِعُ النِّيَّةِ، وبافْتِتاحِ الثَّانِيَةِ يَحْصُلُ الجَمْعُ، فاعْتُبِرَ العُذْرُ في هَذَيْن الوَقتَيْن، فمتى زال العُذْرُ في أحَدِ هذه الثَّلاثَةِ لم يُبَحِ الجَمْعُ. وإن زال المَطرُ في أثْناءِ الأُولَى، ثم عاد قبلَ تَمامِها، أو انْقَطَعَ بعدَ الإِحْرامِ بالثّانِيَةِ، جاز الجَمْعُ، ولم يُؤثِّرِ انْقِطاعُه؛ لأنَّ العُذْرَ وُجِدَ في وَقْتِ اشْتِراطِه، فلم يَضُرَّ عَدَمُه في غيرِه. فأمَّا المُسافِرُ إذا نَوَى الإِقامَةَ في أثْناءِ الصَّلاةِ الأُولَى انْقَطَعَ الجَمْعُ والقَصْرُ، ولَزِمَهُ الإِتْمامُ. فلو عاد فنَوَى السَّفَرَ، لم يُبَحْ له التَّرَخُّصُ حتَّى يُفارِقَ البَلَدَ الذى هو فيه. وإن نَوَى الإِقامَةَ بعدَ الإِحْرامِ بالثَّانِيَةِ، أو دَخَلَتْ به السَّفِينَةُ البَلَدَ في أثْنائِها، احْتَمَلَ أنَ يُتِمَّها، ويَصِحُّ قِياسًا على انْقِطاعِ المَطرَ. قال بعضُ أصحابِ الشَّافعىّ: هذا الذى يَقْتَضِيه مَذْهَبُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الشافعىِّ. واحْتَمَلَ أن تَنْقَلِبَ نَفْلًا، ويَبْطُل الجَمْعُ؛ لأنَّه أحَدُ رُخَصِ السَّفَرِ، فبَطَلَ بذلك، كالقَصْرِ والمَسْحِ، ولأنَّه زال شَرْطها في أثْنائِها، أشْبَهَ سائِرَ شُرُوطِها. ويُفارِقُ انْقِطاعَ المَطرَ مِن وَجْهَيْنِ؛ أحَدُهما، أنَّه لا يَتَحَقَّقُ انْقِطاعُه، لاحْتِمالِ عَوْدِه في أثْناءِ الصَّلاةِ. والثَّانِى، أنَّه يَخْلُفُه عُذْرٌ مُبِيحٌ، وهو الوَحْلُ، بخِلافِ مَسْأَلتِنا. وهكذا الحُكْمُ في المَرِيضِ يَزُولُ عُذْرُه في أثْناءِ الصَّلاةِ الثَّانِيَةِ. فأمَّا إن لم يَزُلَ العُذْرُ إلَّا بعدَ الفَراغِ مِن الثَّانِيَةِ قبلَ دُخُولِ وَقْتِها، صَحَّ الجَمْعُ، ولم يَلْزَمْه إعادَةُ الثَّانِيَةِ في وَقْتِها؛ لأنَّ الصلاةَ وَقَعَت صَحِيحَةً مُجْزِئَةً مُبْرِئَةً للذِّمَّةِ، فلم تَشْتَغِلِ الذِّمَّةُ بها بعدَ ذلك، كالمُتَيَمِّمِ إذا وَجَد الماءَ في الوَقْتِ بعدَ فَراغِه مِن الصَّلاةِ.
فصل: وإذا جَمَع في وَقْتِ الأُولَى، فله أن يُصَلِّى سُنَّةَ الثَّانِيَةِ منهما،