الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
موضع الحرف المحذوف أم في غير موضعه، فإن كان في موضعه فهو بدل وعوض، وإن كان في غير موضعه فهو عوض فقط. فكل بدل على ذلك يُسمّى عوضًا، وليس كل عوض يسمى بدلًا، فيجتمعان في نحو: اصطبر، وينفرد العوض في نحو: عدة، وزنة، واسم من السمو، قال ابن مالك في التصغير:
وجائز تعويض يا قبل الطرف
…
إن كان بعض الاسم فيهما انحذف
الضمير في قوله: "فيهما" للتكسير والتصغير، ومعنى البيت: أنه يجوز أن يعوض مما حذف منهما ياء قبل الآخر، فيجوز أن يقال: فرازيق وفريزيق في تكسير فرزدق وتصغيره بزيادة ياء فيهما قبل الطرف؛ عوضًا من حذف الدال مع أنها في موضع المحذوف.
أما نص ابن جني الذي نقله عنه السيوطي فقد أورده في (الخصائص) في باب عقده بعنوان: باب في الفرق بين البدل والعوض، بيَّن فيه أن جماع ما في هذا الباب أن البدل أشبه بالمبدل منه من العوض، وانتهى فيه إلى أن البدل أعمُّ تصرفًا من العوض؛ فكل عوض بدل، وليس كل بدل عوضًا.
هل بين العربي والعجمي واسطة
؟
وتدور فكرة هذا العنصر حول ما يُسمى بمسائل التمرين في الصرف العربي بأن يقال: كيف تبني من كذا مثل كذا، أي كيف تأتي بكلمة مطابقة لما يُوازن كلمة من كلام العرب، بمعنى: أنك إذا ركَّبت منها زنتها، وعاملت ما يقتضيه القياس التصريفي في هذه الكلمة من زيادة، أو حذف، أو قلب، أو إدغام، أو غير ذلك فهل تُعَدُّ هذه الكلمة المصنوعة ونظائرها من الكلمات المصنوعة، هل تُعَدُّ واسطة بين الكلام العربي والكلام العجمي؟
أجاب عن ذلك ابن عصفور في كتابه المسمى بـ (الممتع) بالإيجاب، أي: قال ما معناه: نعم. فإذا تكلمنا نحن بهذه الألفاظ المصنوعة كان تكلمنا بما لا يرجع إلى لغة من اللغات يعني: لا يكون عربيًّا ولا عجميًّا، وإنما يكون واسطة بين العربي والعجمي. وردَّه الخضراوي ذاكرًا بأن كل كلام ليس عربيًّا فهو عجمي، ولا واسطة بينهما، ونحن كغيرنا من الأمم. ووافق أبو حيان في شرحه على (التسهيل) ابن عصفور موضحًا أن الكلمات المصنوعة ليست عجمية؛ لأن العجمي عندنا هو كل ما نُقل إلى اللسان العربي من لسان غيره؛ سواء كانت من لغة الفرس، أو الروم، أو الحبش، أو الهند، أو البربر، أو الإفرنج، أو غير ذلك، انتهى.
فأبو حيان يوافق ابن عصفور في أن الكلمات المصنوعة لا تُعدُّ أعجمية كما ذهب إلى ذلك الخضراوي؛ لأنها مصنوعة، وليست منقولة عن العجم، يعني: أن اللغة الأعجمية على اختلاف أنواعها وتباين أجناسها موضوعة لأهلها بالرواية عنهم، لم يصنعها، ولم يختلقها أحدٌ. أما التكلم بالألفاظ المصنوعة فتكلم بما لم يضعه واضع، فلا يتم قول الخضراوي.
ولإلقاء مزيدٍ من الضوء على ما تُعرف به عُجمة الأسماء، أورد السيوطي بعض الوجوه التي ذكر النحاة أن بها تُعرف عجمة الاسم:
أحدها: النقل: بأن ينقل ذلك أحد أئمة العربية كإيراد سيبويه في (الكتاب) في باب الأسماء الأعجمية بعض هذه الأسماء: "كاللجام، والديباج، واليرنج، والنيروز، والزنجبيل، والياسمين، وبعض الأعلام كإبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب، وهرمز، وفيروز، وقارون، وفرعون".
والثاني: خروجه عن أوزان الأسماء العربية نحو: إبريسم، والإبريسم هو أحسن الحرير، فإن مثل هذا الوزن، وهو "إفعيلَلْ" مفقود في أبنية الأسماء في اللسان العربي.
والثالث: أن يكون أوله نون ثم راء نحو: نرجس، فإن ذلك لا يكون في كلمة عربية.
والرابع: أن يكون آخره زاي بعد دال نحو: مهندز، وصيَّروا زاياه سينًا فقالوا: مهندس، فإن ذلك لا يكون في كلمة عربية.
والخامس: أن يجتمع فيه الصاد والجيم نحو: الصولجان، وهو المحجن أي: العصا المعوجَّة، والجص الجص بفتح الجيم وكسرها، وهو ما يُبنى، أو يُطلى به البيت.
والسادس: أن يجتمع فيه الجيم والقاف نحو: المنجنيق: وهو آلة لرمي العدو بحجارة كبيرة، وقد اختلف العلماء في ميمه بين الأصالة والزيادة، وهي عند سيبويه من نفس الكلمة.
والسابع: أن يكون خماسيًّا أو رباعيًّا خاليًا من حروف الزلاقة، وهي ستة أحرف مجموعة في قولهم:"مر بنفل"، وهي الميم، والراء، والباء، والنون، والفاء، واللام. والزلاقة لغة: الحدة، ولسان زلق أي: بليغ حديد، قال الأخفش: "سميت بذلك لأن عملهنَّ في طرف اللسان، وطرف اللسان زلق، وقيل: الزلاقة الفصاحة والخفة في الكلام، وهذه الحروف أخفّ الحروف، ولا ينفكّ رباعي أو خماسي متى كان عربيًّا من حرف منها إلا شاذًّا كالعسجد، وهو الذهب، وهو أيضًا الجوهر كله كالدُّرّ والياقوت، ويقال كذلك: بعير عسجد إذا كان ضخمًا، والدهدقة، وهو تكسير اللحم وتقطيعه، والزهزقة وهو شدَّة الضحك.
وذلك لأن الرباعي والخماسي ثقيلان فلم يخليا من حرف سهل خفيف على اللسان، ومن أمثلة الأسماء المحكوم بأعجميتها لخلوّها من أحرف الزلقة: سفرجل، وهو نوع من الأشجار ثمره كثير الفوائد، وقزعمل وهو القصير الضخم من الإبل، وقرطعب وهو الشيء الحقير يقال: ما عنده قرطعبة ولا قزعملة أي: لا قليل ولا كثير، وجحمرش وهي الثقيلة السمجة من النساء.