الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن الضرب الثاني لتعارض العلل أيضًا: "هلم": فقد ألحقها الحجازيون باسم الفعل الأمر لدلالتها على الأمر من غير أن تقبل علامة فعل الأمر؛ فلا تتصل بها نون التوكيد، وتكون بلفظ واحد للمفرد والمثنى والجمع والمذكر والمؤنث، وبلغتهم جاء التنزيل، وقد وردت متعدية بمعنى: أحضر وهات، ومنه قوله تعالى:{هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ} (الأنعام: 150)، ولازمة بمعنى: ايتِ وأقبل، وتتعدى بإلى كقوله عز وجل:{هَلُمَّ إِلَيْنَا} (الأحزاب: 18).
والتميميون يلحقونها العلامات؛ فهي عندهم فعل أمر؛ فتتصل بها الضمائر على حد اتصالها بالأفعال؛ فيقولون: هلم، وهلمي، وهلما، وهلموا، وهلممن، على حسب نوع المخاطب وعدده استصحابًا ومراعاة لأصلها؛ فهي في الأصل مركبة من "ها" التي للتنبيه و"لم" التي هي فعل أمر من قولهم: لم الله شعثه، أي: جمعه؛ كأنه قيل: اجمع نفسك إلينا، وحذفت ألف "ها" لكثرة الاستعمال.
جوازُ التعليل بالأمور العدَمية
قال السيوطي: "يجوز التعليل بالأمور العدمية؛ كتعليل بعضهم بناء الضمير باستغنائه عن الإعراب باختلاف صيغه لحصول الامتياز بذلك". انتهى.
ومن النحاة الذين أشار إليهم السيوطي: ابن مالك الذي قال في (التسهيل): "ويبنى المضمر لشبهه بالحرف وضعًا وافتقارًا وجمودًا أو للاستغناء باختلاف صيغه لاختلاف المعاني".
وقال في (شرح التسهيل): بعد أن شرح المراد بشبه الحرف وضعًا وافتقارًا وجمودًا: "والمراد باختلاف صيغه لاختلاف المعاني: أن المتكلم إذا عبر عن نفسه خاصة؛ فله تاء مضمومة في الرفع وفي غيره ياء، يعني: وللمتكلم في غير الرفع ياء، وهي التي تسمى ياء المتكلم، وإذا عبر عن المخاطب فله تاء مفتوحة في الرفع، وفي غيره كاف مفتوحة في التذكير ومكسورة في التأنيث؛ فأغنى ذلك عن إعرابه؛ لأن الامتياز حاصل بدونه". انتهى.
والخلاصة: أن بيان الوظائف المختلفة التي يؤديها الضمير في الجملة العربية حاصلة من غير حاجته إلى الإعراب للتمييز بينها؛ وذلك بسبب اختلاف صيغه الدالة على هذه الوظائف، والتعليل باختلاف الصيغ لبناء الضمير لحصول الامتياز بها مع عدم الحاجة إلى الإعراب لذلك هو ما عبر عنه السيوطي بـ"الأمور العدمية".
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.