المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌كلام العرب، وأسماء القبائل التي أخذ عنها والتي لم يؤخذ عنها، وتوجيه ذلك - أصول النحو ١ - جامعة المدينة

[جامعة المدينة العالمية]

فهرس الكتاب

- ‌الدرس: 1 حد أصول النحو، وحد النحو، وحد اللغة

- ‌معنى أصول النحو

- ‌حدود النحو

- ‌حدُّ اللغة

- ‌الدرس: 2 اللغة: وضع أم اصطلاح؟ ومناسبة الألفاظ للمعاني

- ‌اختلاف العلماء في وضع اللغة

- ‌مناسبة الألفاظ للمعاني

- ‌الدلالات النحوية

- ‌الدرس: 3 تقسيم الحكم النحوي

- ‌تقسيم الحكم النحوي إلى واجب وغيره

- ‌تقسيم الحكم النحوي إلى رخصة وغيرها

- ‌الدرس: 4 تعلق الحكم بشيئين أو أكثر، وهل بين العربي والعجمي واسطة؟ وتقسيم الألفاظ، والمراد بالسماع

- ‌تعلق الحكم النحوي بشيئين أو أكثر

- ‌هل بين العربي والعجمي واسطة

- ‌تقسيم الألفاظ إلى واجب وممتنع وجائز

- ‌الأصل الأول من أصول النحو الغالبة: السماع

- ‌الدرس: 5 ما عيب من القراءات، وحكم الاحتجاج بالحديث الشريف

- ‌بيان ما عيب من القراءات

- ‌الاحتجاج بكلام الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌الدرس: 6 أسماء القبائل العربية، وانقسام الكلام المسموع، وأشعار الكفار من العرب، وأحوال الكلام الفرد

- ‌كلام العرب، وأسماء القبائل التي أخذ عنها والتي لم يؤخذ عنها، وتوجيه ذلك

- ‌انقسام الكلام المسموع إلى: مطرد، وشاذ

- ‌الاستشهاد بأشعار الكفار من العرب

- ‌أحوال الكلام الفرد في الاحتجاج به

- ‌الدرس: 7 الاحتجاج باللغات، وامتناع الأخذ عن أهل المدر، وكلام العربي المتنقل، وتداخل اللغات

- ‌اللغات والاحتجاج بها

- ‌علة امتناع الأخذ عن أهل المدر

- ‌العربي الفصيح ينتقل لسانه

- ‌تداخل اللغات

- ‌الدرس: 8 الاحتجاج بكلام المولدين، وأول الشعراء المحدثين، والاحتجاج بكلام مجهول قائله، وقولهم: "حدثني الثقة

- ‌حكم الاحتجاج بكلام المولدين

- ‌أول الشعراء الُمْحَدثين

- ‌حكم الاحتجاج بكلامٍ مجهولٍ قائلُه

- ‌هل يُقبل قولُ القائل: "حدثني الثقة

- ‌الدرس: 9 طرح الشاذ، متى يكون التأويل سائغا؟ والاحتمال يسقط الاستدلال، ورواية الأبيات بأوجه مختلفة

- ‌طرح الشاذ، وعدم الاهتمام به

- ‌متى يكون التأويل مستساغًا، ومتى لا يكون

- ‌الاحتمالُ يسقط الاستدلال

- ‌رواية الأبيات بأوجه مختلفة

- ‌الدرس: 10 حكم معرفة اللغة والنحو والتصريف، والتواتر والآحاد والرواة، والنقل عن النفي، وأدلة النحو عند الأنباري

- ‌(حكم معرفة اللغة والنحو والتصريف

- ‌التواترِ والآحاد والرُّواةِ

- ‌النقلِ عن النفي

- ‌أدلة النحو عند الأنباري

- ‌الدرس: 11 الإجماع

- ‌حجيةُ إجماع النحاة

- ‌حجيةُ إجماع العرب

- ‌تركيبُ المذاهب

- ‌الإجماع السكوتي وإحداث قول ثالث

- ‌الدرس: 12 القياس (1)

- ‌معنى القياس، وبيانُ مدى اعتماد النحو عليه، وعدمُ إمكانِ إنكارِه

- ‌الردُّ على من أنكرَ القياس

- ‌حلُّ شُبَهٍ تُوردُ على القياس

- ‌أركانُه القياس وشروطه

- ‌جوازُ القياس على القليل

- ‌الدرس: 13 القياس (2)

- ‌حملُ فرعٍ على أصلٍ

- ‌حملُ أصلٍ على فرعٍ

- ‌حملُ نظيرٍ على نظيرٍ

- ‌حملُ ضدٍّ على ضدٍّ

- ‌الدرس: 14 القياس (3)

- ‌المقيس، وهل يُوصف بأنه من كلام العرب أوْ لَا

- ‌الحكم

- ‌الدرس: 15 القياس (4)

- ‌العلة النحويةُ: وَثاقتُها، وأقسامُها

- ‌الفرق بين العلة والسبب، ومحصولُ مذهب البصريين في العلل

- ‌الخلافُ في إثبات الحكم في محلّ النَّصّ

- ‌تقسيم العلة إلى بسيطة ومركبة

- ‌من شرط العلة: أن تكون هي الموجِبة للحكم

- ‌الخلاف في التعليل بالعلة القاصرة

- ‌الدرس: 16 القياس (5)

- ‌جوازُ التعليل بعلتين

- ‌جوازُ تعليل حكمين بعلة واحدة

- ‌دَوْرُ العلة

- ‌تعارُضُ العلل

- ‌جوازُ التعليل بالأمور العدَمية

- ‌الدرس: 17 الدليل الرابع من أدلة الاحتجاج الغالبة عند النحاة: الاستصحاب

- ‌حجية الاستصحاب

- ‌مكانة الاستصحاب بين أدلة النحو

- ‌الاعتراض على الاستدلال بالاستصحاب

- ‌الدرس: 18 أدلة متفرقة من أدلة النحو غير الغالبة

- ‌الاستدلال بالعكس

- ‌الاستدلال ببيان العلة

- ‌الاستدلال بالاستقراء

- ‌الاستدلال بعدم الدليل في الشيء على نفيه

- ‌الدرس: 19 تابع: أدلة متفرقة من أدلة النحو غير الغالبة

- ‌الاستدلال بالأصول

- ‌الاستدلال بعدم النظير

- ‌الاستحسان

- ‌الدليلُ الْمُسَمَّى بالباقي

- ‌الدرس: 20 التعارض والترجيح

- ‌المراد من التعارض والترجيح

- ‌تعارض نقلين

- ‌ترجيحُ لغةٍ على أُخرى

- ‌ترجيح لغةٍ ضعيفةٍ على الشاذّ

- ‌الأخذ بأرجح القياسين عند تعارضهما

- ‌تعارض القياس والسماع

- ‌الدرس: 21 تابع: التعارض والترجيح

- ‌تقديم كثرة الاستعمال على قوة القياس

- ‌معارضة مجرد الاحتمال للأصل والظاهر، وتعارض الأصل والغالب

- ‌تعارض أصلين، وتفضيل السماع والقياس على استصحاب الحال

- ‌تعارض قبيحين، وتعارض الْمُجْمَعِ عليه والْمُختلَف فيه

- ‌تعارض المانع والمقتضِي، وتعارض القولين لعالمٍ واحدٍ

- ‌فيما رجحت به لغة قريش على غيرها، والترجيح بين مذهبي البصريين والكوفيين

الفصل: ‌كلام العرب، وأسماء القبائل التي أخذ عنها والتي لم يؤخذ عنها، وتوجيه ذلك

بسم الله الرحمن الرحيم

الدرس السادس

(أسماء القبائل العربية، وانقسام الكلام المسموع، وأشعار الكفار من العرب، وأحوال الكلام الفرد)

‌كلام العرب، وأسماء القبائل التي أخذ عنها والتي لم يؤخذ عنها، وتوجيه ذلك

الحمد لله والصلاة، والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فإن كلام العرب هو المصدر الثالث من مصادر السماع بعد القرآن الكريم والحديث الشريف عند من أجاز الاحتجاج به، وكلام العرب الذي يُحتج به هو كل نظم أو نثر ثبت عن الفصحاء الموثوق بعربيتهم قبل أن تفسد الألسنة؛ فليس كل كلام عربي يصحُّ الاحتجاج به، وإنما وضع العلماء ضوابط مكانيَّة وزمانية لما يجوز الاحتجاج به من كلام العربي، وما لا يجوز؛ فقد نقل السيوطي عن أبي نصر الفارابي المتوفى سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة من الهجرة أن قبائل العرب تنقسم من حيث الاحتجاج بكلامها، وعدم الاحتجاج قسمين:

الأول القبائل التي لم يُؤخذ عنها ولم يُحتجّ بكلامها، وهي: لخم وجذام؛ لمجاورتهم أهل مصر والقبط، وقضاعة وغسان وإياد؛ فإنهم كانوا مجاورين لأهل الشام، أي: حيث يسكن الروم، فاختلطت ألسنتهم، وأكثرهم نصارى يقرءون في صلاتهم بغير العربية، وتغلب والنمر؛ فإنهم كانوا مجاورين لليونانية، وبكر؛ لأنهم كانوا مجاورين للنبط والفرس، وعبد القيس؛ لأنهم كانوا سكّان البحرين مخالطين للهند والفرس، وأزد عمان؛ لأنهم كانوا أيضًا مجاورين للهند والفرس، واليمن لمخالطتهم للهند والحبشة، وبنو حنيفة، وسكان اليمامة، وثقيف والطائف؛ لمخالطتهم تجار الأمم المقيمين عندهم، وحاضرة الحجاز؛ لأن الذين نقلوا اللغة صادفوهم حين ابتدءوا ينقلون لغة العرب قد خالطوا غيرهم من الأمم، وفسدت ألسنتهم. فهذه القبائل لا يجوز الاحتجاج بكلامها لأنها قبائل لم تتوغَّل في البداوة، بل كانت تسكن أطراف البلاد المجاورة لغير العرب؛ فلم تسلم لغاتها من التأثر بغير العربية، إذ دخل هذه اللغات ما يُؤثّر في فصاحتها لفظًا بمخالفة القياس وتركيبًا بوقوع اللحن.

ص: 83

وكما لم يُؤخذ عن هذه القبائل لم يُؤخذ كذلك عن حضري قط؛ لأن الحاضرة محلّ اجتماع الناس من كل جانب واختلاط اللغات واختلال الألسنة، وقد أفرد ابن جني في (الخصائص) بابًا في ترك الأخذ عن أهل المضر -أي: أهل المدن والقرى- بيَّن فيه علة امتناع الأخذ عنهم، وهي ما عرض للغات الحاضرة وأهل المضر من الاختلال والفساد والخطل. وفي ضوء ما ذكره ابن جني والسيوطي نقلًا عن الفارابي يمكن أن نقول: إن المعيار الذي وضعه العلماء لقبول لغة قبيلة ما هو سلامة لغة هذه القبيلة من الاختلاط بغير العرب؛ لأن الاختلاط بغير العرب من الأعاجم يؤدِّي إلى فساد اللغة وانحراف الألسنة عن الصواب، والألسنة تتأثر بما حولها فيلحقها اللحن، ويتسرب إليها الخطأ.

الثاني: القبائل التي يُحتج بكلامها، وهي: قيس، وتميم، وأسد، ثم هذيل، وبعض كنانة، وبعض الطائيين؛ فهؤلاء هم الذين عنهم نُقلت اللغة العربية، وبهم اقتضي، وعنهم أخذ اللسان العربي من بين قبائل العرب، والذي يجمع من بين هذه القبائل هو توغُّلها في البداوة، وبُعدها عن الاختلاط بغيرها من الأمم، واتصالها بالأعاجم، كما يجمع بينها قُربها من قريش؛ لأن قريشًا -كما علمنا- أفصح العرب، وأجودهم انتقادًا للأفصح من الألفاظ.

وقد ذهب ابن خلدون إلى أن مقياس الفصاحة هو القرب أو البعد من قريش فقال في مقدمته: "كانت لغة قريش أفصح اللغات العربية وأصلحها؛ لبعدها عن بلاد العجم من جميع جهاتهم، ثم من اكتنفهم من ثقيف، وهذيل، وخزاعة، وبني كنانة، وغطفان، وبني سعد، وبني تميم. وأما من بَعُد عنهم من ربيعة، ولخم، وجذامة، وغسان، وإياد، وقضاعة، وعرب اليمن المجاورين لأمم الفرس والروم والحبشة؛ فلم تكن لغتهم تامة الملكة بمخالطة الأعاجم، أي: بسبب مخالطة الأعاجم، وعلى نسبة بُعدهم من قريش كان الاحتجاج بلغاتهم في الصحة والفساد عند أهل الصناعة العربية" انتهى.

ص: 84