الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى عزَّ الطَاعَةِ، وأغْنِني بِحَلالِكَ عَنْ حرامك، وبطاعتك عن مَعْصِيَتِكَ، وَبِفَضْلِكَ عَمَّن سِواكَ وَنَوِّر قَلْبي وقَبرِي، وأعِذْني مِنَ الشَّر كُلِّهِ، واجْمَعْ لي الخَيرَ كُلَّهُ".
فصل في الأذكار المستحبة في الإفاضة من عرفة إلى مزدلفة
قد تقدّم أنه يستحبُّ الإكثار من التلبية في كل موطن، وهذا من آكدها. ويكثر من قراءة القرآن، ومن الدعاء.
ــ
كتاب الدواء والداء قرن الله تعالى ذله بعصيانه وعفوه بطرق رضوانه فالعاصي لا يخلو من ذل أبدًا وإن كان في أعلى درجات العز في الصورة الظاهرة وكفى من ذلة حالها أنه لو حرك الهوى عليه الباب اعتراه الوجل والاضطراب. قوله: (ونور قلبي) أي بأنوار الإيمان والعرفان. قوله: (وقبري) أي بالأنوار التي جعلتها لعبادك الصالحين في قبورهم. قوله: (وأعذني من الشر كله الخ) تعميم بعد تخصيص لما ذكر جملًا من المستعاذ منه وجملًا من المطلوب عقبه بالاستعاذة من كل شر وضير وسؤال كل نفع وخير والله أعلم.
فصل
قوله: (في الإفاضة) الإفاضة في الأصل مصدر أفاض إناءه إذا أملأه حثى أسأله وسمي الدفع من عرفة إفاضة لكثرة الدافعين تشبيهًا بفيض الماء أشار إليه الراغب في مفرداته. قوله (إلى مزدلفة) وسميت بذلك لأن الحجاج يقربون منها إلى منى من الازدلاف وهو القرب وقيل لاجتماع الناس بها والاجتماع الازدلاف وقيل: لأن الناس يأتونها في زلف من الليل أي ساعات منه وتسمى: "جمعًا" قيل: لاجتماع الناس بها وقيل: لاجتماع آدم وحواء فيها وقيل: لجمع العشاءين بها.
قوله: (قد تقدم أنه يستحب الإكثار من التلبية الخ) وسبق حديث الفضل بن العباس رضي الله عنهما فلم يزل صلى الله عليه وسلم يلبي حتى رمى جمرة العقبة. قوله: (ويكثر من قراءة القرآن) أي لأنه أفضل الأذكار والاشتغال به أفضل من الاشتغال بغيره إلا ما ورد عن الشارع فيه ذكر مخصوص فالاشتغال به فيه أفضل للاتباع. قوله: (ومن الدعاء) قال المصنف في إيضاح المناسك وهذه الليلة وهي ليلة العيد ليلة عظيمة جامعة لأنواع من الفضل منها شرف
ويستحبُّ أن يقول: لا إله إلا الله، واللهُ أكْبَرُ. ويكرر ذلك.
ويقول: إلَيْكَ اللهُم أرْغَبُ، وإيَّاكَ أرْجُو، فَتَقَبَّلْ نُسُكِي، وَوَفِّقْني، وارْزُقني فيهِ منَ الخَيْرِ أكثَرَ ما أطْلُبُ، ولا تُخَيِّبْني، إنكَ أنتَ اللهُ الجَوَّادُ الكَريمُ، وهذه الليلة هي ليلة العيد، وقد تقدم في أذكار العيد بيان فضل إحيائها بالذكر والصلاة، وقد انضم إلى شرف الليلة
ــ
الزمان والمكان فإن المزدلفة من الحرم وانضم إلى ذلك جلالة أهل الجمع الحاضرين بها وهم وقد الله تعالى وخير عباده ومن لا يشقى بهم جليسهم فينبغي أن يعتني الحاضرون بها بإحيائها بالعبادة من الصلاة والتلاوة والذكر والدعاء والتضرع اهـ. قوله: (ويستحب أن يقول: لا إله إلا الله الخ) قال الحافظ: أخرج ابن خزيمة في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف حتى غربت الشمس فأقبل يكبر الله ويهلله ويعظمه ويمجده حثى انتهى إلى المزدلفة وتقدم في أذكار العيدين ما يتعلق بالتكبير ومنه حديث أبي هريرة زينوا الأعياد بالتكبير ومنه حديث جابر في صفة التكبير: الله أكبر ثلاثًا لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
قوله: (ويقول اللهم إليك أرغب الخ) قال الحافظ: وهو حسن ولم أره مأثورًا. قوله: (إليك) أي لا إلى غيرك كما يؤذن به تقديم المعمول (أرغب) أي في نيل مطلوبي لأنك القادر عليه. قوله: (فتقبل نسكي) أي ما أنا فيه من الحج أو الحج والعمرة إن كان قارنًا والنسك في الأصل العبادة ثم صار في لسان أهل الشرع مخصوصًا بالحج والعمرة. قوله: (الجواد) هو بتخفيف الواو أي كثير الجواد أي العطاء وقد ورد في حديث مرسل اعتضد بحديث مسند بل روى أحمد والترمذي وابن ماجه حديثًا طويلًا فيه ذلك فإني جواد ماجد وذلك دليل على جواز الإطلاق إذ لا فرق عند الورود في
الكتاب أو الخبر المقبول بين المعرف والمنكر إذ تعريف المنكر لا يغير معناه وقوله: "إنك أنت الله" الخ تعليل لما تضمنه ما قبله أي تقبل نسكي فإنك أنت الله الحائز لأوصاف الكمال ومنها قبول عمل العمال ووفقني فأنت جواد أي كثير الجود والعطاء فامنن علي بذلك وأعطني أكثر مما أسأل فأنت كريم والكريم يبدأ بالنول قبل السؤال والله أعلم بحقيقة الحال.