المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب دعاء الإنسان لمن سقاه ماء أو لبنا ونحوهما - الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية - جـ ٥

[ابن علان]

فهرس الكتاب

- ‌فصل في الأذكار والدعوات المستحبات بعرفات:

- ‌فصل في الأذكار المستحبة في الإفاضة من عرفة إلى مزدلفة

- ‌فصل في الأذكار المستحبة في المزدلفة والمشعر الحرام:

- ‌فصل في الأذكار المستحبة في الدفع من المشعر الحرام إلى منى

- ‌فصل في الأذكار المستحبة بمنى يوم النحر:

- ‌فصل في الأذكار المستحبة بمنى في أيام التشريق:

- ‌فصل:

- ‌فصل فيما يقوله إذا شرب من ماء زمرم:

- ‌فصل:

- ‌فصل في زيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأذكارها:

- ‌كتاب أذكار الجهاد

- ‌باب استحباب سؤال الشهادة

- ‌باب حث الإمام أمير السرية على تقوى الله تعالى وتعليمه إياهما يحتاج إليه من أمر قتال ومصالحتهم وغير ذلك

- ‌باب بيان أن السنَّة للإمام وأمير السرية إذا أراد غزوة أن يورى بغيرها

- ‌باب الدعاء لمن يقاتل أو يعمل على ما يعين على القتال في وجهه وذكر ما ينشطهم ويحرضهم على القتال

- ‌باب الدعاء والتضرع والتكبير عندالقتال واستنجاز الله تعالى ما وعد من نصر المؤمنين

- ‌باب النهي عن رفع الصوت عند القتال لغير حاجة

- ‌باب قول الرجل في حال القتال: أنا فلان لإرعاب عدوه

- ‌باب استحباب الرجز حال المبارزة

- ‌باب استحباب إظهار الصبر والقوة لمن جرح واستبشاره بما حصل له من الجرح في سبيل الله وبما يصير إليه من الشهادة وإظهار السرور بذلك وأنه لا ضير علينا في ذلك بل هذا مطلوبنا وهو نهاية أملنا وغاية سؤلنا

- ‌باب ما يقول إذا ظهر المسلمون وغلبوا عدوهم

- ‌باب ما يقول إذا رأى هزيمة في المسلمين والعياذ بالله الكريم

- ‌باب ثناء الإمام على من ظهرت منه براعة في القتال

- ‌باب ما يقوله إذا رجع من الغزو

- ‌كتاب أذكار المسافر

- ‌باب الاستخارة والاستشارة

- ‌باب أذكاره بعد استقرار عزمه على السفر

- ‌تنبيه

- ‌فائدة

- ‌باب أذكاره عند إرادته الخروج من بيته

- ‌باب أذكاره إذا خرج

- ‌باب استحباب طلبه الوصية من أهل الخير

- ‌باب استحباب وصية المقيم المسافر بالدعاء له في مواطن الخير ولو كان المقيم أفضل من المسافر

- ‌باب ما يقوله إذا ركب دابته

- ‌باب ما يقول إذا ركب سفينة

- ‌باب استحباب الدعاء في السفر

- ‌باب تكبير المسافر إذا صعد الثنايا وشبهها وتسبيحه إذا هبط الأدوية ونحوها

- ‌باب النهي عن المبالغة في رفع الصوت بالتكبير ونحوه

- ‌باب استحباب الحداء للسرعة في السير وتنشيط النفوس وترويجها وتسهيل السير عليها

- ‌باب ما يقول إذا انفلتت دابته

- ‌باب ما يقوله على الدابة الصعبة

- ‌باب ما يقوله إذا رأى قرية يريد دخولها أو لا يريد

- ‌باب ما يدعو به إذا خاف ناسًا أو غيرهم

- ‌باب ما يقول المسافر إذا تغوَّلت الغيلان

- ‌باب ما يقول إذا نزل منزلًا

- ‌باب ما يقول إذا رجع من سفره

- ‌باب ما يقوله المسافر بعد صلاة الصبح

- ‌باب ما يقول إذا رأى بلدته

- ‌باب ما يقول إذا قدم من سفره فدخل بيته

- ‌باب ما يقال لمن يقدم من سفر

- ‌باب ما يقال لمن يقدم من غزو

- ‌باب ما يقال لمن يقدم من حج وما يقوله

- ‌كتاب أذكار الأكل والشرب

- ‌باب ما يقول إذا قرب إليه طعامه

- ‌باب استحباب قول صاحب الطعام لضيفانه عند تقديم الطعام: كلوا أو في معناه

- ‌باب التسمية عند الأكل والشرب

- ‌فصل:

- ‌باب لا يعيب الطعام والشراب

- ‌باب جواز قوله: لا أشتهي هذا الطعام أو ما اعتدت أكله أو نحو ذلك إذا دعت إليه الحاجة

- ‌باب مدح الأكل الطعام الذي يأكل منه

- ‌باب ما يقوله من حضر الطعام وهو صائم إذا لم يفطر

- ‌باب ما يقوله من دعى لطعام إذا تبعه غيره

- ‌باب وعظه وتأديبه من يسئ في أكله

- ‌باب استحباب الكلام على الطعام

- ‌باب ما يقوله ويفعله من يأكل ولا يشبع

- ‌باب ما يقول إذا أكل مع صاحب عاهة

- ‌فائدة

- ‌باب استحباب قول صاحب الطعام لضيفه ومن في معناه إذا رفع يده من الطعام "كل" وتكريره ذلك عليه ما لم يتحقق أنه اكتفى منه وكذلك يفعل في الشراب والطيب ونحو ذلك

- ‌باب ما يقول إذا فرغ من الطعام

- ‌تنبيه

- ‌باب دعاء المدعو والضيف لأهل الطعام إذا فرغ من أكله

- ‌باب دعاء الإنسان لمن سقاه ماء أو لبنًا ونحوهما

- ‌باب دعاء الإنسان وتحريضه لمن يضيف ضيفًا

- ‌باب الثناء على من أكرم ضيفه

- ‌باب استحباب ترحيب الإنسان بضيفه وحمده الله تعالى على حصوله ضيفًا عنده وسروره بذلك وثنائه عليه لكونه جعله أهلا لذلك

- ‌باب ما يقوله بعد انصرافه عن الطعام

- ‌كتاب السلام والاستئذان وتشميت العاطس وما يتعلق بها

- ‌باب فضل السلام والأمر بإفشائه

- ‌باب كيفية السلام

- ‌فصل:

- ‌فصل:

- ‌فصل:

- ‌باب ما جاء في كراهة الإشارة بالسلام باليد ونحوها بلا لفظ

- ‌باب حكم السلام

- ‌باب الأحوال التي يستحب فيها السلام والتي يكره فيها، والتي يباح

- ‌باب من يسلَّم عليه ومن لا يسلَّم عليه ومن يُرد عليه ومن لا يُرد عليه

- ‌فصل: وأما الصِّبيان فالسُّنَّة أن يسلم عليهم

- ‌باب في آداب ومسائل من السلام

- ‌باب الاستئذان

- ‌باب في مسائل تتفرَّع على السلام

- ‌فصل في المصافحة:

- ‌فصل: في استحباب طلب الإنسان من صاحبه الصالح أن يزوره، وأن يكثر من زيارته

الفصل: ‌باب دعاء الإنسان لمن سقاه ماء أو لبنا ونحوهما

دُخِلَ بَيتُهُ فأُكِلَ طَعَامُهُ وشُرِبَ شَرَابُهُ فَدَعَوْا لهُ فَذَلِكَ إثابَتُهُ".

‌باب دعاء الإنسان لمن سقاه ماء أو لبنًا ونحوهما

روينا في "صحيح مسلم"

ــ

الحسن مجهول وقال ابن عدي الوليد بن عباد: ليس بمستقيم وهو وشيخه غير معروفين وقد ذكرهما ابن حبان في الثقات قال الحافظ: قلت: والراوي عن إسماعيل يعني به أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة شديد الضعف، وجاء في معنى حديث الباب عن جابر حديث يستفاد منه صفة الدعاء وهو ما رواه جابر بن عبد الله قال: أمر أبي بخزيرة فصنعت ثم أمرني فأتيت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما هذا يا جابر؟ ألحم هذا؟ وقد رواية اللحم هذا؟ قلت: لا، ولكن أمرني بخزيرة فصنعت وأمرني فأتيتك بها فأخذها ثم أتيت أبي فقال: هل قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا؟ فأخبرته فقال أبي: عسى أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتهى اللحم فقام إلى داجن له فأمر بها فذبحت ثم أمر بها فشويت له ثم أمرني فأتيته بها وهو في مجلسه وفي رواية في منزله فقال: ما هذا؟ فذكرت له القصة فقال: جزاكم الله يا معشر الأنصار خيرًا ولا سيما عبد الله بن عمرو بن حرام وسعد بن عبادة وفي رواية لا سيما آل عمرو الخ. قال الحافظ بعد تخريجه: هذا حديث صحيح أخرجه النسائي وابن حبان قال وجاء الحديث بدون القصة من وجه آخر عن جابر وفيه الثناء بدل الدعاء. قوله: (دخل) بالبناء للمفعول وكذا أكل وشرب. قوله: (فدعوا له) الضمير عائد على الآكلين المفهوم من السياق وتقدم أن من قال: جزاك الله خيرًا فقد أبلغ والله أعلم.

باب دعاء الإنسان لمن سقاه ماء أو لبنًا أو نحوهما

أي من نبيذ وسويق شيب بماء وغير ذلك. قوله: (روينا في صحيح مسلم الخ) قال الحافظ بعد تخريجه للحديث باللفظ الآتي بيانه عند قول المصنف في حديثه الطويل هذا حديث صحيح أخرجه مسلم بطوله لكن اختصره الشيخ واختصرت منه ما لا يخل بالمعنى ثم خرجه الحافظ من طريق أخرى

عن المقداد بن عمرو قال: قدمت أنا وصاحبان لي فعرضنا أنفسنا فلم نجد أحدًا يضيفنا فقلنا: يا رسول الله أصابنا جوع وجهد فلم يضيفنا أحد فدفع إلينا أربعة أعنز فقال:

ص: 251

عن المقداد رضي الله عنه

ــ

"خذها يا مقداد فاحلبها وجزئها أربعة أجزاء جزء لك وجزء لي" فذكر نحو ما في حديث مسلم وقال فيه: فلما كان ذات ليلة شربت جزئي وشرب صاحباي جزأيهما وبقي جزء النبي صلى الله عليه وسلم في القعب وقال فيه: فقالت لي نفسي -إلى أن قال- فلم تزل بي حتى شربته وقال فيه: يجيء وبه جوع وظمأ فلم يجد شيئًا فيدعو عليك فتهلك، وقال في آخره: ما هذه إلا بركة وكان ينبغي أن تعلمني حتى نوقظ صاحبينا فنسقيهما من هذه البركة الحديث قال الحافظ: أخرجه الإِمام أحمد، قال الحافظ: ورويناه من وجه آخر لكنه مرسل عن مجاهد، قال: لم يبق أحد من المهاجرين مقدمهم المدينة إلا حصل له صهر أو سبب ينزل عليه إلا المقداد وسعد بن مالك وآخر فنزلوا منزلًا واحدًا وكانت لهم ثلاثة أعنز لكل واحد منهم عنز فذكر الحديث نحو ما تقدم وفيه فألقى الشفرة وأخذ القدح فحلب فيه حتى فاض من جوانبه الخ أخرج أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف ويحيى بن سعيد الأموي في المغازي كلاهما من طريق عمر بن ذر عن مجاهد وكلاهما من رجال الصحيح وقد أخرج الأئمة الخمسة من طريق مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة حديث الفدية فلعل مجاهدًا حمل حديث المقداد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن المقداد فتتحد الروايات ولا تنافي بين قوله ثلاثة أعنز وأربعة لأنه محمول على إضافة شاة النبي صلى الله عليه وسلم وفي الأخرى لم يذكرها لاختصاصه بها واشتراك الثلاثة في الثلاثة وقد وقع في إحدى طرقه فوقعت يده على شاة النبي صلى الله عليه وسلم واستفدنا من هذه الرواية تسمية أحد صاحبي المقداد وهو سعد بن مالك ولم نقف على تسمية الآخر وسعد بن مالك هو ابن أبي وقاص أحد العشرة رضي الله تعالى عنهم اهـ. كلام الحافظ. قوله: (عن المقداد رضي الله عنه هو المقداد بن عمرو بن ثعلبة بن مالك الكندي يكنى أبا الأسود وقيل: أبا معبد وقيل أبا اليسر وليس الأسود الذي اشتهر بالنسبة إليه أباه وإنما حالف الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن هريرة الزهري وكان الأسود في تبناه فقيل له: المقداد بن الأسود الزهري وقولهيل غير ذلك وقال ابن حبان: كان أبوالمقداد حالف

ص: 252

في حديثه الطويل المشهور قال: "فرفع النبي صلى الله عليه وسلم رأسه إلى السماء، فقال: اللهُم

ــ

كندة فقيل له: كندي وقال ابن عبد البر: الصحيح أنه بهرأني بموحدة مفتوحه وهاء ساكنة ثم راء مفتوحة فنون قبل ياء النسب نسبة إلى بهران بن عمرو بن لحاف بن قضاعة ولا خلاف بينه وبين ما قبله لأنه من قضاعة نسبًاومن بهران حلفًا أشار إليه المصنف في شرح مسلم ويقال له: الزهري لأن الأسود بن عبد يغوث الذي حالفه هو زهري. أسلم المقداد قديمًا وشهد بدرًا ولم يثبت أنه شهدها فارس غيره وقيل: كان الزبير فيها فارسًا أيضًا وشهد أحدًا وما بعدها من المشاهد وهاجر الهجرتين وكان من أجلاء الصحابة وفضلائهم وخيارهم وهو أحد الستة الذين أظهروا إسلامهم وأحد الأربعة عشر النجباء الوزراء الذين أعطاهم النبي صلى الله عليه وسلم كالأنبياء قبله وعن بريدة مرفوعًا إن الله أمرني بحب أربعة وأخبرني أنه يحبهم علي وأبو ذر وسلمان والمقداد أخرجه أحمد والترمذي وقال المقداد للنبي صلى الله عليه وسلم يومًا وهو يدعو على المشركين لا نقول لك كما قال قوم موسى: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا} ولكن نقاتل عن يمينك وعن شمالك

وبين يديك ومن خلفك فأشرق وجه النبي صلى الله عليه وسلم لذلك وسر وقال ابن مسعود شهدت المقداد مشهدًا لأن أكون صاحبه أحب إلي مما طلعت عليه الشمس فذكره وهو معدود في أهل الحجاز روى عنه جماعة من الصحابة روي له عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما قيل اثنان وأربعون حديثًا اتفقا منها على واحد وانفرد مسلم بثلاثة أحاديث منها ومات رضي الله عنه بالجرف بضم الجيم والراء على ثلاثة أميال من المدينة وقيل عشرة أميال وحمل على أعناق الرجال إلى المدينة ودفن بالبقيع سنة ثلاث وثلاثين عن نحو من سبعين سنة وصلى عليه عثمان وأوصى الزبير بن العوام أن يعطي الحسن والحسين ستة وثلاثين ألفًا وكل واحدة من أمهات المؤمنين سبعة آلاف ذكره القلقشندي في شرح العمدة. قوله: (في حديثه الطويل) ولفظه كما أخرجه الحافظ من طرق كما تقدم عن المقداد قال: أقبلت أنا وصاحبان لي فذهبت أسماعنا وأبصارنا من الجوع فجعلنا نعرض أنفسنا على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس أحد يقبلنا فانطلقنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فانطلق بنا إلى منزله فإذا ثلاثة أعنز فقال: "احتلبوا هذا بيننا" فكنا نحلب ويشرب كل منا

ص: 253

اطْعِمْ مَنْ أطْعَمَني، وَاسْقِ مَنْ سَقَاني".

وروينا في كتاب ابن السني

ــ

نصيبه ونرفع لرسول الله صلى الله عليه وسلم نصيبه فيجيء من الليل فيسلم تسليمًا لا يوقظ نائمًا ويسمع اليقظان ثم يأتي المسجد فيصلي ثم يأتي شرابه فيشربه فأتاني الشيطان ذات ليلة فقال لي محمد: يأتي الأنصار فيتحفونه ما به حاجة إلى هذه الجرعة فاشربها فما زال يزين لي حتى شربتها فلما وغلت في بطني قال لي: ويحك ما صنعت يجيء محمد فلا يصيب شرابه فيدعو عليك فتذهب دنياك وآخرتك فجعلت لا يجيئني النوم وأما صاحباي فناما فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فصنع كما يصنع ثم أتى شرابه فكشف عنه فلم يجد شيئًا فرفع يديه إلى السماء فقلت: الساعة يدعو علي فأهلك فقال: اللهم أطعم من أطعمني واسق من سقاني فشددت علي شملة وأخذت شفرة وجعلت أحبس الأعنز أيتهن أسمن لأذبحها فإذا هن حفل فأخذت إناء ما كانوا يطمعون أن يحتلبوا فيه فاحتلبت فيه حتى علته الرغوة ثم جئت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أما شربتم شرابكم الليلة" قلنا: يا رسول الله اشرب، فشرب ثم ناولني فقلت: يا رسول الله اشرب فشرب ثم ناولني فشربت ما بقي فلما علصت أن الدعوة أصابتني ضحكت حتى ألقيت إلى الأرض فقال: "إحدى سوءاتك يا مقداد" فذكرت له فقال: "ألا أيقظت صاحبيك" فقلت: والله يا رسول الله ما أبالي إذا أصبتها وأصبتها معك من أصابها من النّاس قال الحافظ: أخرجه مسلم في صحيحه بطوله واختصرنا منه ما لا يخل بالمعنى والله أعلم. قوله: (أطعم) هو بهمزة قطع أي ارزق (من أطعمني) أي تسبب لإطعامي (واسق) بهمزة وصل ويجوز قطعها لكن الأول أنسب بقوله (من سقاني) وفيه الدعاء لمن صنع معروفًا مع الإنسان وسبق في الباب قبله. قوله: (وروينا في كتاب ابن السني) قال الحافظ بعد تخريجه: هذا حديث غريب أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة والحسن بن سفيان في مسنده

ص: 254

عن عمرو بن الحَمِق رضي الله عنه أنه سقى رسول الله

صلى الله عليه وسلم لبَنًا فقال: "اللهم أمْتِعْهُ بشَبابِه، فمرت عليه ثمانون سنة لم ير شعرة بيضاء".

قلت: الحمق، بفتح الحاء المهملة وكسر الميم.

وروينا فيه عن عمرو بن أخْطَب -بالخاء المعجمة

ــ

وابن السني وإسحاق بن عبد الله بن أبي فروة المذكور في سنده عندهم جميعًا ضعيف من جهة سوء حفظه ويوسف يعني ابن سليمان شيخه ذكره البخاري في التاريخ بما في هذا السند أي عن جدته ميمونة عن عمرو بن الحمق قال الحافظ ولم يذكر فيه قوة ولا ضعفًا وللحديث شاهد عن عمرو بن ثعلبة الجهني عند الطبراني وآخر عند ابن السني

عن أنس من وجهين والله أعلم اهـ. قوله: (عن عمرو بن الحمق) الحمق كما قال المصنف بفتح الحاء المهملة وكسر الميم آخره قاف قال ابن عبد البر في الاستيعاب عمرو بن الحمق بن كاهت بن حبيب الخزاعي من خزاعة عند أكثرهم ومنهم من ينسبه فيقول هو عمرو بن الحمق والحمق هو سعيد بن كعب هاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد الحديبية وقيل بل أسلم عام حجة الوداع والأول أصح صحب النبي صلى الله عليه وسلم وحفظ عنه أحاديث وسكن الشام ثم انتقل إلى الكوفة فسكنها توفي سنة خمسين ولوفاته قصة ذكرها في الاستيعاب حاصلها أنه دخل غارًا فنهشته حية فقتلته قال في الاستيعاب وأول رأس حمل في الإسلام من بلد إلى بلد رأسه قال في أسد الغابة وقبره مشهور بظاهر الموصل يزار وعليه مشهد ابتدأ بعمارته أبو عبد الله بن سعيد بن حمدان وهو ابن عم سيف الدولة وناصر الدولة ابني حمدان في شعبان من سنة ست وثلاثين وثلثمائة وجرى بين أهل السنة والشيعة فتنة بسبب عمارته اهـ. قوله: (أمتعه بشبابه) أي اجعله ممتعًا بذلك دوام حياته والظاهر أن المدعو به بقاء لون الشباب ودوام قواه والله أعلم. قونه: (وروينا فيه) أي في كتاب ابن السني قال الحافظ بعد تخريجه: حديث حسن أخرجه أحمد وأخرجه ابن حبان والحاكم ورجاله رجال الصحيح إلا أبا نهيك بنون وكاف وزن عظيم واسمه عثمان بن نهيك بصري صدوق قال الحافظ وجاء من وجه آخر بلفظ آخر عن أبي زيد بن أخطب الأنصاري قال: مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على وجهي ودعا لي بالجمال أخرجه الترمذي وأخرجه أحمد وقال في روايته: اللهم جمله وأدم جماله. قوله: (عن عمرو بن أخطب) هو بالخاء المعجمة الساكنة وفتح الطاء

ص: 255

وفتح الطاء رضي الله عنه قال: "استسقى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته بماءٍ في جمجمة وفيها شعرة فأخرجتها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهُم جَمِّلهُ، قال الراوي: فرأيته ابن ثلاث وتسعين أسود الرأس واللحية".

قلت: الجمجمة، بجيمين مضمومتين بينهما ميم ساكنة، وهي قدح من خشب وجمعها جماجم، وبه سمي دير الجماجم، وهو الذي كانت به وقعة ابن الأشعث مع الحجاج بالعراق، لأنه كان يُعمَل فيه أقداح من خشب، وقيل: سمي به لأنه في من جماجم القتلى لكثرة من قتل.

ــ

أي المهملة كنيته أبو زيد وهو الأنصاري مشهور بكنيته يقال إنه من بني الحارث بن الخزرج غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوات ومسح رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأسه ودعا له بالجمال فيقال إنه بلغ مائة عام ونيفًا وما في رأسه ولحيته إلا نبذ من شعر أبيض وهو جد عزرة بفتح المهملة وسكون الزاي بعده راء ابن ثابت روى عنه أنس بن سيرين وأبو الخليل وعلي بن أحمر وأبو نهيك كذا في الاستيعاب.

وقد ذكرت بعض أحواله في كتاب اتحاف الأفاضل برجال الشمائل. قوله: (استسقى رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي طلب السقيا وحذف المفعول لعدم تعلق القصد بمعين منه واستسقى تارة يجيء معدى إلى المطلوب منه كقوله تعالى: {إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ} وتارة إلى المطلوب كقول الشاعر:

وأبيض يستسقي الغمام بوجهه

أشار إليه أبو حيان في النهر. قوله: (جمِّله) بتشديد الميم أي أدم عليه الجمال الذي به من الشباب. قوله: (قال الراوي) هو نهيك الراوي عن أبي زيد عمرو بن أخطب وسبق بيان حاله. قوله: (ابن ثلاث وتسعين) أي بتقديم الفوقية على السين المهملة ولا مخالفة بينه وبين ما سبق عن

الاستيعاب لإمكان حمل ما في الاستيعاب على التقريب وما في خبر الراوي على التحديد والله أعلم. قوله: (أسود الرأس واللحية) يحتمل أن يكون ذلك له مع دوام قوى الشباب وهو الظاهر ويحتمل خلافه. قوله: (وهي قدح من خشب الخ) ذكره صاحب النهاية كذلك.

ص: 256