الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلَيْكَ تَوَجَّهْتُ، وبكَ اعْتَصَمْتُ، اللهم اكْفِني مَا هَمَّني وَما لا أهْتَمُّ لَهُ، اللَّهُمَّ زَوِّدني التَّقْوى، واغْفِرْ لي ذَنْبي، وَوَجِّهْني للْخَيرِ أيْنما تَوَجَّهْتُ".
باب أذكاره إذا خرج
قد تقدم في أول الكتاب ما يقوله الخارج من بيته، وهو مستحب للمسافر، ويستحب له الإكثار منه، ويستحب أن يودِّع أهله وأقاربه وأصحابه
ــ
آمنت بالله اعتصمت بالله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله إلا رزق خير ذلك المخرج وصرف عنه شره" حديث غريب رجاله موثقون إلا الراوي عن عثمان، فمبهم لم بسم قال: وأخرجه أحمد بهذا السند. قوله: (إليك توجهت) ينبغي أن يكون حال نطقه بذلك متوجهًا إلى الله تعالى بقلبه، وإلا كان كاذبًا في هذا المقام فيخشى عليه المقت. وقد ذكر العلماء ذلك في قول المصلى أول الصلاة وجهت وجهي الخ كما تقدم. قوله:(وبك) أي لا بغيرك (اعتصمت) أي تمسكت وامتنعت من الغير من عصم منع. قوله: (ما أهمني) أي من سائر أمور الدارين كما يؤذن به كلمة، ما، أي الذي وقع عندي الاهتمام به أي من شأن الدارين، (وما لا أهتم به) أي ما لم يقع عندي اهتمام به من ذلك، فاكفني بفضلك كل ذلك قوله:(زودني التقوى) أي اجعلها زادي فإن خير الزاد التقوى لأنها زاد المعاد. قوله: (للخير) أي الديني والدنيوي من الحج والجهاد وصلة الرحم ونحو ذلك أو يسر لي أنواع الفضل في سفري واجعله مبلغًا لي إلى مرادي والله سبحانه أعلم.
باب أذكاره إذا خرج
قوله: (ويستحب له الإكثار منه) أي من الذكر المشروع للخارج من بيته لأن هذا أحوج إليه لمفارقته الدار والبلد. قوله: (ويستحب أن يودع أهله) أي لما ورد أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد سفرًا أتى أصحابه فسلم عليهم وإذا قدم من سفر أتوا إليه فسلموا عليه، وروى أبو يعلى والطبراني عن أبي هريرة إذا أراد أحدكم سفرًا فليسلم على إخوانه فإنهم يزيدونه بدعائهم إلى دعائه خيرًا، فيسن له أن يذهب إلى من ذكره المصنف ليودعهم وليتحلل منهم ويطيب
وجيرانه، ويسألهم الدعاء له ويدعوَ لهم.
وروينا في "مسند الإِمام أحمد بن حنبل" وغيره عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه
ــ
قلوبهم ما أمكن، وإنما كان هو المودع لأنه المفارق والتوديع منه، والقادم يؤتى إليه ليهنأ بالسلامة. وقال الشيخ أبو الحسن البكري بعد نقل استحباب كون المسافر يودع المقيم عن ابن خليل المكي كأنه استند إلى حديث "إذا أراد أحدكم سفرًا فليسلم على إخوانه الخ" وهو ضعيف لضعف العلاء بن يحيى البلخي في سنده والضعيف وإن كان يعمل به في فضائل الأعمال إلا أن الكلام هنا في التخصيص والضعيف لا يعمل به إذا عارضه الصحيح، وفي المعارضة تأمل لعدم صراحة حديث ابن عمر في كونه صلى الله عليه وسلم كان يجيء لمن يريد سفرًا فيودعه كخبر الترمذي أي الآتي عن ابن عمر كان صلى الله عليه وسلم يودعنا الخ وغيره اهـ، وسبق في ذلك فعله صلى الله عليه وسلم. قوله:(ويسألهم الدعاء) أي لحديث الطبراني فإنهم يزيدونه بدعائهم إلى دعائه خيرًا.
قوله: (روينا في مسند الإِمام أحمد وغيره الخ) قال الحافظ بعد إخراج الحديث بجملته عن ابن عمر، وهو عن المطعم بن المقدام عن مجاهد قال: أتيت ابن عمر أنا ورجل معي أردنا الخروج إلى الغزو فشيعنا فلما أراد أن يفارقنا قال: "إنه ليس لي ما أعطيكما، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا استودع الله شيئًا حفظه، وإني أستودع الله دينكما وأمانتكما وخواتيم أعمالكما" قال هذا حديث صحيح أخرجه النسائي وابن حبان في النوع الثاني من القسم الأول من صحيحه، وأخرجه الإِمام أحمد من طريق قزعة بن يحيى عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إن لقمان الحكيم كان يقول إن الله إذا استودع شيئًا حفظه" وأخرجه النسائي في اليوم والليلة من هذا الوجه ومن طريق أخرى فيها اختلاف في تسمية التابعي. قال الحافظ وهذا ينبغي أن يدخل في رواية الأكابر عن الأصاغر سواء كان نبيًّا أم لا اهـ. وهذا الحديث الذي ذكره الحافظ في الكلام على حديث ما خلف أحد الخ أنه سيأتي
قال: "إن اللهَ تعالى إذا اسْتَودع شَيئًا حَفِظَهُ".
وروينا في كتاب ابن السني وغيره، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ أرَادَ أنْ
ــ
للمطعم بن المقدام حديث يرويه عن مجاهد والله أعلم. قوله: (إن الله إذا استودع شيئًا حفظه) أي فإنه لا يضيع ودائعه أخرج الحافظ بسنده إلى الطبراني في كتاب الدعاء بسنده إلى زيد بن أسلم عن أبيه، وهو مولى عمر. قال بينما عمر رضي الله عنه يعظ النّاس إذ هو برجل معه ابنه، فقال: ما رأيت غرابًا أشبه بغراب أشبه بهذا منك. قال: أما والله يا أمير المؤمنين ما ولدته أمه إلا ميتة
فاستوى له عمر فقال ويحك حدثني، فقال خرجت في غزاة وأمه حامل به. فقالت: تخرج وتدعني على هذا الحال حامل مثقل، فقلت: أستودع الله ما في بطنك فغبت ثم قدمت فإذا بأبي مغلق فقلت: فلانة، فقالوا: ماتت فذهبت إلى قبرها فبكيت عنده فلما كان الليل قعدت مع بني عمي أتحدث وليس يسترنا من البقيع شيء فارتفعت لي نار، فقلت لبني عمي: ما هذه النار فتفرقوا عني فقمت لأقربهم مني فسألته، فقالوا: هذه نار ترى كل ليلة على قبر فلانة، فقلت: إنا الله وإنا إليه راجعون أما والله إن كانت لصوامة قوامة عفيفة مسلمة انطلق بنا وأخذت الفأس، وإذا القبر مفتوح وهي جالسة وهذا يدب حولها، فنادى مناد: أيها المستودع ربه خذ وديعتك، أما والله لو استودعتها الله لوجدتها، فعاد القبر كما كان. قال الحافظ بعد تخريجه: هذا حديث غريب موقوف رواته موثقون إلا عبيد بن إسحاق يعني العطار شيخ شيخ الطبراني في الحديث فضعفه الجمهور ومشاه أبو حاتم. قوله: (وروينا في كتاب ابن السني الخ) أخرج الحافظ بسنده إلى موسى بن وردان قال: أردت الخروج إلى سفر، فأتيت أبا هريرة فقلت أودعك، فقال: يابن أخي إلا أعلمك شيئًا حفظته من رسول الله عند الوداع. قلت: بلى، قال: فاستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه هذا لفظ إحدى رواياته، وفي لفظ آخر عن موسى عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ودع رجلًا فذكره وقال في آخره: أولًا يخيب. قال الحافظ بعد تخريجه: هذا حديث حسن أخرجه النسائي وابن السني كلاهما في اليوم والليلة، وأخرجه أحمد وابن ماجه ولفظه نحو لفظ
يُسافِرَ فَلْيَقُلْ لِمَن يُخَلِّفُ: أسْتَودِعُكُمُ اللَّه الذي لا تَضِيعُ وَدَائِعُهُ".
وروينا عن أبي هريرة أيضًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أرَادَ أحَدُكُمْ سَفرًا فَلْيُوَدِّع إخوانَهُ،
ــ
الثاني وعند الطبراني من طريق رشدين بوزن مسكين بن سعد عن الحسن بن ثوبان عن موسى عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أراد أن يسافر فليقل لمن يخلفه أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه" تفرد به بصيغة الأمر رشدين وفيه ضعف اهـ. قوله: (أستودعكم الله) أي إن كان المخاطبون جماعة أو كان مفردًا وأريد تعظيمه، فإن كان المخاطب واحدًا ولم يرد ذلك قال: أستودعك بضمير الواحد المخاطب، وسيأتي أنه صلى الله عليه وسلم قال: "مرة أستودع الله دينك بالإفراد ومرة أستودع الله دينكم بالجمع، وعلى هذه الأحوال يحمل ذلك الاختلاف. قوله:(الذي لا تضيع) بفتح فكسر من الضياع يقال ضاع الشيء ضيعة وضياعًا هلك وفي نسخة من الحصن بتأنيث الفعل من المجرد وبالتحتية أوله من الإضاعة وفي أخرى منه من التضييع، وقوله ودائعه بالرفع على الفعل المجرد وبالنصب من الفعل المزيد، وأشار في الحرز إلى أن الاختلاف في الضبط لاختلاف الرواة فرمز في نسخة من الحصن فوق المجرد علامة ابن السني وطب فوق المزيد وعكسه في أصل الجلال في نسخة من الحصن اهـ.
قوله: (وروينا عن أبي هريرة أيضًا الخ) قال الحافظ بعد تخريجه هذا حديث غريب أخرجه الطبراني في الأوسط بلفظ فإنهم يزيدونه بدعائهم إلى دعائه خيرًا بدل قوله فإن الله جاعل الخ وقال: ولم يروه عن سهل يعني ابن صالح الراوي عن أبيه عن أبي هريرة إلا يحيى يعني ابن العلاء تفرد به
عنه عمرو يعني ابن الحصن. قال الحافظ وعمرو ويحيى ضعيفان جدًّا، وقد أخرجه ابن السني من رواية يحيى باللفظ الذي ذكره المصنف. قال الحافظ وهذا الحديث في النسخة المعتمدة غير معروف، ووجد في نسخة عزوه إلى الترمذي وهو غلط لأن الذي انفرد به وهو يحيى بن العلاء لم يخرج الترمذي له ولا للراوي عنه، قال وقد ذكرته من مسند أبي يعلى والطبراني في الأوسط لكن في آخر المتن بعض مغايرة لما ذكره المصنف قلت: وقد أشرت إليها. قال
فإن اللهَ تعالى جاعِلٌ في دُعائِهِمْ خَيرًا".
والسُّنَّة أن يقول له من يودِّعه ما رويناه في "سنن أبي داود" عن قزعة قال: قال لي ابن عمر رضي الله عنهما: تعال أودعك كما ودعني رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أسْتَوْدِعُ الله دِينَكَ وأمانَتَكَ وَخَوَاتِيمَ عَمَلِكَ".
قال الإِمام الخطابي: الأمانة هنا: أهله ومن يخلِّفه، وماله الذي
ــ
الحافظ، وقد جاء من حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أراد أحدكم سفرًا فليودع إخوانه، فإن الله عز وجل جاعل له في دعائهم خيرًا" أخرجه الحافظ من طريق الخرائطي، ثم قال: هذا حديث غريب وسنده ضعيف جدًّا فيه نفيع بن الحارث أي الراوي عن زيد بن أرقم، ونفيع هو أبو داود الأعمى متروك عندهم وكذبه يحيى بن معين والله أعلم. قوله:(فإن الله جاعل في دعائهم خيرًا) أي مضمومًا إلى خير دعائه لنفسه كما جاء كذلك في بعض طرقه. قوله: (والسنة أن يقول له من يودعه الخ) قزعة هو ابن يحيى، والحديث كما قال الحافظ بعد تخريجه حديث حسن أخرجه البخاري في التاريخ عن أبي نعيم والنسائي في اليوم واللية وأبو داود والحاكم وبين مخرجوه بعض اختلاف في سنده اهـ. زاد في الحصن في مخرجيه وابن حبان. قوله:(أودعك) هو بالجزم جواب الأمر. قوله: (استودع الله الخ) أي احتفظه يعني اسأله حفظ دينك وأمانتك قاله ابن الجوزي قال العلقمي قدم حفظ الدين على حفظ الأمانة وهي أهله ومن يخلفه منهم وماله الذي يودعه أمينه اهتمامًا به، ولأن السفر موضع خوف أو خطر وقد يصاب وتحصل له مشقة وتعب لإهماله بعض الأمور المتعلقة بالدين من إخراج صلاة عن وقتها ونحوه كما هو مشاهد اهـ. قال في الحرز ولعل ذلك -أي قوله وأمانتك- إشارة إلى قوله تعالى:{إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ} ، الآية. قوله:(وخواتيم عملك) قال ابن الجزري جمع خاتم يريد ما يختم به عملك أي آخره اهـ، وإنما ذكر بعد الدين اهتمامًا بشانه، إذ الأعمال بخواتيمها. وقال العلقمي أي عملك الصالح الذي جعلته آخر عملك في الإقامة، فإنه يستحب
عند أمينه. قال: وذكر الذين هنا لأن السفر مظنة المشقة، فربما كان سببًا لإهمال بعض أمور الدين.
قلت: قزعة، بفتح القاف وبفتح الزاي وإسكانها.
ورويناه في كتاب الترمذي أيضًا عن نافع عن ابن عمر قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ودع رجلًا أخذ بيده فلا يدَعها حتى يكونَ الرجل هو الذي يدع يد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول: أسْتَودعُ اللهَ دِينَكَ وأمانَتَكَ وآخِرَ عَمَلِكَ".
ورويناه أيضًا في كتاب الترمذي عن سالم "أن ابن عمر كان يقول للرجل إذا أراد
سفرا: ادن مني أودعك كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يودِّعنا، فيقول: أسْتَوْدِعُ
ــ
أن يختم إقامته بعمل صالح كصلاة ركعتين وصدقة وصلة رحم وغيره من وصية واستبراء ذمة ونحوه اهـ. قوله: (قزعة بفتح القاف والزاي الخ) وبالعين المهملة، وهو ابن يحيى البصري ثقة من أوساط التابعين. خرج له الستة وغيرهم كما في تقريب الحافظ.
قوله: (ورويناه في كتاب الترمذي الخ) قال الحافظ أخرجه في كتاب الدعوات من طريق إبراهيم بن عبد الرحمن عن نافع عن ابن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ودع أحدًا أخذ بيده الخ، قال المزي في الأطراف يقال إن إبراهيم بن عبد الرحمن هو ابن يزيد بن أمية، ويقال إنه عبد الرحمن بن الحارث بن حاطب اهـ، وترجم في التهذيب للأول، ولم يذكر الثاني في ترجمته. نعم أخرج الترمذي في الزهد حديث ابن عمر من طريق إبراهيم بن عبد الله بن الحارث الجمحي عن عبد الله بن دينار فلعل بعض الرواة سمى أباه عبد الرحمن وهو ابن عمه. وقد وقع في بعض نسخ الترمذي غير منسوب وفي أكثرها كالأول وكذا هو بخط أبي الفتح الكروخي الذي ذكرت عليه رواية الترمذي من طريق المحبوبي عنه وكذلك أخرجه الحافظ قال الضياء في المختارة وساقه من طريق الترمذي خاصة قال الحافظ: ولم أجده إلى الآن إلا من طريقه، ثم وجدت في تاريخ البخاري الكبير إبراهيم بن عبد الرحمن عن نافع ويزيد بن أمية روى عنه مسلم بن قتيبة، فجعل يزيد بن أمية شيخه لا جده
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بخلاف رواية الترمذي وهي التي نسبه فيها إلى يزيد بن أمية قال الحافظ ثم وجدته في مسند البزار من الطريق بعينها قال ثنا أبو قتيبة عن إبراهيم بن عبد الرحمن عن يزيد بن أمية عن نافع فذكر الحديث بلفظه فهذا اختلاف ثالث عن ابن قتيبة جعل يزيد بن أمية شيخه لا جده وكنت جوزت أنه تصحيف ابن يزيد فرواه بالعكس فوجدت البزار قال في الكلام عليه لم يرو يزيد بن أمية عن نافع إلا هذا الحديث وبالجملة لم أعرف لإبراهيم ولا ليزيد إن ثبت أن له رواية جرحًا ولا تعديلًا قال الترمذي حديث غريب وقد روى عن ابن عمر من غير وجه قال الحافظ يريد الشق الثاني في التوزيع. أما الشق الأول فوقع من وجه آخر عن ابن عمر قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل يصافحه فلم ينزع يده حتى نزع الرجل يده قال الحافظ بعد تخريجه عن الطبراني في الأوسط لم يروه عن الثوري يعني سفيان إلا روح يعني ابن صلاح قال الحافظ هو والراوي عنه وليث يعني ابن أبي سلم شيخ الثوري في هذا الحديث ضعفاء ووجدت له شواهد. من حديث علي أخرجه الترمذي وغيره من جملة حديث طويل في شمائله صلى الله عليه وسلم ووقع لبعضهم فيه من الزيادة وهي عند أبي خيثمة في تاريخه من الوجه أخرجه الطبراني والبزار ومن جالسه أو قاربه في حاجة صابره حتى يكون هو المنصرف ومن حديث أبي هريرة ولفظه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن أحد يأخذ بيده فينزع يده من يده حتى يكون الرجل هو الذي يرسلها ولم يكن أحد يكلمه إلا أقبل عليه بوجهه حتى يفرغ من كلامه قال الحافظ هذا حديث حسن غريب ومن حديث أنس أخرجه أبو داود وابن حبان قال: ما رأيت أحدًا قط أخذ بيد النبي صلى الله عليه وسلم فذكر مثل الذي قبله لكن قال: ولا رأيت رجلًا التقم أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فينحي رأسه حتى ينحي الرجل رأسه حديث حسن وتساهل ابن حبان في تصحيحه لأن مباركًا يعني ابن فضالة كثير التدليس وقد عنعنه وله طرق أخرى عن أنس أخرجها الترمذي في كتاب الزهد وابن ماجه بنحو ما قبله
اللهَ دِينَكَ وأمانَتَكَ وخَواتِيمَ عَمَلِكَ" قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وروينا في "سنن أبي داود" وغيره بالإسناد الصحيح عن عبد الله بن يزيد الخطمي الصحابي رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يودِّع
ــ
وزاد في
آخره ولم أره مقدمًا ركبتيه بين يدي جليس له والحديث كما قال الحافظ حديث غريب وله طريق أخرجها ابن سعد في الطبقات بسند فيه متروك وهذه الطرق يشد بعضها بعضًا. وأما الشق الثاني الذي تضمنه حديث ابن عمر فيما يدعى به للمسافر فقد تقدم في أول الكتاب من طريق مجاهد وبعد ذلك من طريق قزعة ولأتي من طريق سالم وهو قوله وروبناه أيضًا في كتاب الترمذي الخ. قوله: (قال الترمذي الخ) زاد بعد قوله صحيح قوله غريب من حديث سالم قال الحافظ خالف سعيدًا يعني ابن خثيم الراوي له عن حنظلة بن أبي سفيان عن سالم الوليد بن مسلم فقال: حدثنا حنظلة قال: سمعت القاسم بن محمد بن أبي بكر يقول كنت عند عبد الله بن عمر إذ جاءه رجل فذكر الحديث بتمامه أخرجه النسائي. وقد صرح فيه الوليد بالتحديث وسماع شيخه فأمن السند من التدليس والتسوية والوليد أثبت من سعيد ويحتمل أن يكون لحنطلة فيه شيخان وللحديث طرق أخرى عن أبي غالب وقزعة قالا شيعنا ابن عمر رضي الله عنهما فذكر مثل حديث قزعة الماضي وله طرف أخرى في الدعاء للمحاملي من طريق زيد بن أسلم عن ابن عمر قال مثل حديث قزعة فهذا مراد الترمذي بقوله روي عن ابن عمر من غير وجه.
قوله: (وروينا في سنن أبي داود الخ) قال الحافظ وأخرجه أحمد والنسائي والحاكم عن عفان.
قوله: (عن عبد الله بن يزيد الخطمي رضي الله عنه هو عبد الله بن يزيد بن حصين بن عمرو بن الحارث بن
الجيش قال: "أستوْدِعُ اللهَ دِينَكُمْ وأمانَتَكُمْ وَخَوَاتِيمَ أعمالِكُمْ".
وروينا في كتاب الترمذي عن أنس رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني أريد سفرًا فزوِّدني، فقال:"زوَّدَكَ الله التَّقْوَى"، قال: زدني، قال:
ــ
خطمة بن جثم بن مالك بن أوس الأنصاري الأوسي ثم الخطمي يكنى أبا موسى وهو كوفي وله بها دار شهد الحديبية وهو ابن سبع عشرة سنة وشهد ما بعدها واستعمله عبد الله بن الزبير على الكوفة وشهد مع علي بن أبي طالب الجمل وصفين والنهروان روى عنه ابنه موسى وعدي بن ثابت الأنصاري وهو ابن بنته وأبو بردة بن أبي موسى والشعبي وكان الشعبي كاتبه، وكان من أفاضل الصحابة وصحب أبوه النبي صلى الله عليه وسلم وشهد أحدًا وما بعدها وتوفي قبل فتح مكة أخرج ابن الأثير عن عبد الله بن يزيد الخطمي أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول في دعائه: "اللهم ارزقني حبك وحب من ينفعني حبه عندك اللهم ما رزقتني مما أحب فاجعله لي قوة فيما تحب وما زويت عني مما أحب فاجعله فراغًا لي فيما تحب. قال صاحب السلاح ليس لعبد الله بن يزيد عند الأربعة سوى ثلاثة أحاديث هذا أحدها. قوله: (الجيش) أي العسكر.
قوله: (وروينا في كتاب الترمذي الخ) قال الحافظ حديث حسن وجاء بأتم من هذا من وجه آخر عن أنس قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله إني أريد السفر فقال: متى فقال: غدًا إن شاء الله تعالى فأتاه فأخذ بيده فقال له في حفظ الله وفي كنفه: زودك الله التقوى وغفر ذنبك ووجهك
للخير حيثما توجهت أو أينما توجهت شك سعيد هو ابن أبي بن كعب أحد رواته أخرجه الحافظ من طريق الطبراني وقال وأخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق وأخرجه المحاملي أيضًا عن قتادة الرهاوي رضي الله عنه قال: لما عقد لي رسول الله صلى الله عليه وسلم على قومي أخذت بيده فقال: جعل الله التقوى زادك والباقي سواء لكن قال في آخره حيث تكون. قوله: (فزودني فقال الخ) معنى (زودك الله التقوى) أي جعلها زادك فإن خير الزاد