المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب استحباب الرجز حال المبارزة - الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية - جـ ٥

[ابن علان]

فهرس الكتاب

- ‌فصل في الأذكار والدعوات المستحبات بعرفات:

- ‌فصل في الأذكار المستحبة في الإفاضة من عرفة إلى مزدلفة

- ‌فصل في الأذكار المستحبة في المزدلفة والمشعر الحرام:

- ‌فصل في الأذكار المستحبة في الدفع من المشعر الحرام إلى منى

- ‌فصل في الأذكار المستحبة بمنى يوم النحر:

- ‌فصل في الأذكار المستحبة بمنى في أيام التشريق:

- ‌فصل:

- ‌فصل فيما يقوله إذا شرب من ماء زمرم:

- ‌فصل:

- ‌فصل في زيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأذكارها:

- ‌كتاب أذكار الجهاد

- ‌باب استحباب سؤال الشهادة

- ‌باب حث الإمام أمير السرية على تقوى الله تعالى وتعليمه إياهما يحتاج إليه من أمر قتال ومصالحتهم وغير ذلك

- ‌باب بيان أن السنَّة للإمام وأمير السرية إذا أراد غزوة أن يورى بغيرها

- ‌باب الدعاء لمن يقاتل أو يعمل على ما يعين على القتال في وجهه وذكر ما ينشطهم ويحرضهم على القتال

- ‌باب الدعاء والتضرع والتكبير عندالقتال واستنجاز الله تعالى ما وعد من نصر المؤمنين

- ‌باب النهي عن رفع الصوت عند القتال لغير حاجة

- ‌باب قول الرجل في حال القتال: أنا فلان لإرعاب عدوه

- ‌باب استحباب الرجز حال المبارزة

- ‌باب استحباب إظهار الصبر والقوة لمن جرح واستبشاره بما حصل له من الجرح في سبيل الله وبما يصير إليه من الشهادة وإظهار السرور بذلك وأنه لا ضير علينا في ذلك بل هذا مطلوبنا وهو نهاية أملنا وغاية سؤلنا

- ‌باب ما يقول إذا ظهر المسلمون وغلبوا عدوهم

- ‌باب ما يقول إذا رأى هزيمة في المسلمين والعياذ بالله الكريم

- ‌باب ثناء الإمام على من ظهرت منه براعة في القتال

- ‌باب ما يقوله إذا رجع من الغزو

- ‌كتاب أذكار المسافر

- ‌باب الاستخارة والاستشارة

- ‌باب أذكاره بعد استقرار عزمه على السفر

- ‌تنبيه

- ‌فائدة

- ‌باب أذكاره عند إرادته الخروج من بيته

- ‌باب أذكاره إذا خرج

- ‌باب استحباب طلبه الوصية من أهل الخير

- ‌باب استحباب وصية المقيم المسافر بالدعاء له في مواطن الخير ولو كان المقيم أفضل من المسافر

- ‌باب ما يقوله إذا ركب دابته

- ‌باب ما يقول إذا ركب سفينة

- ‌باب استحباب الدعاء في السفر

- ‌باب تكبير المسافر إذا صعد الثنايا وشبهها وتسبيحه إذا هبط الأدوية ونحوها

- ‌باب النهي عن المبالغة في رفع الصوت بالتكبير ونحوه

- ‌باب استحباب الحداء للسرعة في السير وتنشيط النفوس وترويجها وتسهيل السير عليها

- ‌باب ما يقول إذا انفلتت دابته

- ‌باب ما يقوله على الدابة الصعبة

- ‌باب ما يقوله إذا رأى قرية يريد دخولها أو لا يريد

- ‌باب ما يدعو به إذا خاف ناسًا أو غيرهم

- ‌باب ما يقول المسافر إذا تغوَّلت الغيلان

- ‌باب ما يقول إذا نزل منزلًا

- ‌باب ما يقول إذا رجع من سفره

- ‌باب ما يقوله المسافر بعد صلاة الصبح

- ‌باب ما يقول إذا رأى بلدته

- ‌باب ما يقول إذا قدم من سفره فدخل بيته

- ‌باب ما يقال لمن يقدم من سفر

- ‌باب ما يقال لمن يقدم من غزو

- ‌باب ما يقال لمن يقدم من حج وما يقوله

- ‌كتاب أذكار الأكل والشرب

- ‌باب ما يقول إذا قرب إليه طعامه

- ‌باب استحباب قول صاحب الطعام لضيفانه عند تقديم الطعام: كلوا أو في معناه

- ‌باب التسمية عند الأكل والشرب

- ‌فصل:

- ‌باب لا يعيب الطعام والشراب

- ‌باب جواز قوله: لا أشتهي هذا الطعام أو ما اعتدت أكله أو نحو ذلك إذا دعت إليه الحاجة

- ‌باب مدح الأكل الطعام الذي يأكل منه

- ‌باب ما يقوله من حضر الطعام وهو صائم إذا لم يفطر

- ‌باب ما يقوله من دعى لطعام إذا تبعه غيره

- ‌باب وعظه وتأديبه من يسئ في أكله

- ‌باب استحباب الكلام على الطعام

- ‌باب ما يقوله ويفعله من يأكل ولا يشبع

- ‌باب ما يقول إذا أكل مع صاحب عاهة

- ‌فائدة

- ‌باب استحباب قول صاحب الطعام لضيفه ومن في معناه إذا رفع يده من الطعام "كل" وتكريره ذلك عليه ما لم يتحقق أنه اكتفى منه وكذلك يفعل في الشراب والطيب ونحو ذلك

- ‌باب ما يقول إذا فرغ من الطعام

- ‌تنبيه

- ‌باب دعاء المدعو والضيف لأهل الطعام إذا فرغ من أكله

- ‌باب دعاء الإنسان لمن سقاه ماء أو لبنًا ونحوهما

- ‌باب دعاء الإنسان وتحريضه لمن يضيف ضيفًا

- ‌باب الثناء على من أكرم ضيفه

- ‌باب استحباب ترحيب الإنسان بضيفه وحمده الله تعالى على حصوله ضيفًا عنده وسروره بذلك وثنائه عليه لكونه جعله أهلا لذلك

- ‌باب ما يقوله بعد انصرافه عن الطعام

- ‌كتاب السلام والاستئذان وتشميت العاطس وما يتعلق بها

- ‌باب فضل السلام والأمر بإفشائه

- ‌باب كيفية السلام

- ‌فصل:

- ‌فصل:

- ‌فصل:

- ‌باب ما جاء في كراهة الإشارة بالسلام باليد ونحوها بلا لفظ

- ‌باب حكم السلام

- ‌باب الأحوال التي يستحب فيها السلام والتي يكره فيها، والتي يباح

- ‌باب من يسلَّم عليه ومن لا يسلَّم عليه ومن يُرد عليه ومن لا يُرد عليه

- ‌فصل: وأما الصِّبيان فالسُّنَّة أن يسلم عليهم

- ‌باب في آداب ومسائل من السلام

- ‌باب الاستئذان

- ‌باب في مسائل تتفرَّع على السلام

- ‌فصل في المصافحة:

- ‌فصل: في استحباب طلب الإنسان من صاحبه الصالح أن يزوره، وأن يكثر من زيارته

الفصل: ‌باب استحباب الرجز حال المبارزة

‌باب استحباب الرجز حال المبارزة

فيه الأحاديث المتقدمة في الباب الذي قبل هذا.

روينا في "صحيحي البخاري ومسلم" عن البراء بن عازب رضي الله عنهما أنه قال له رجل: أفررتم يوم حُنين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال البراء: لكن رسول الله ولم يفرّ، لقد

رأيتُه وهو

ــ

به أسنانه ويمص ما يتعلق به وقيل معناه اليوم الذي يعرف من أرضع كريمة فأنجبته أو لئيمة فأهجنته وقيل معناه اليوم يعرف من أرضعته الحرب من صغره وتدرب بها ويعرف غيره والله أعلم.

باب استحباب الرجز حال المبازرة

الرجز أحد بحور الشعر على الصحيح ووزنه مستفعلن ست مرات وقال بعضهم: ليس بشعر لأنه صلى الله عليه وسلم تكلم به وأجيب بأن شرط كونه شعرًا القصد وهو منتف فيما جاء من كلامه صلى الله عليه وسلم موزونًا. قوله: (وروينا في صحيحي البخاري ومسلم الخ) وأخرجه أحمد والنسائي والترمذي في شمائله وأبو عوانة. قوله: (رجل) قال ابن حجر الهيتمي في شرح الشمائل جاء أنه من قيس لكن لا يعرف اسمه. قوله: (أفررتم) أي أهربتم يقال فر عن عدوه يفر فرارًا أي هرب وقوله (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم) متعلق بمحذوف أي أفررتم كاشفين له غير حائلين بينه وبين عدوه لوضوح أن الفرار عن العدو لا عنه صلى الله عليه وسلم. قوله: (لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفر) سئل عن فرارهم فأجاب بقوله: لكن الخ إما لأنه يلزم من ثبوته قوله عدم فرار أكابر أصحابه لمثابرتهم على بذل نفوسهم دونه وعلمهم بأن الله سبحانه وتعالى عاصمه وناصره وإما لأن فرارهم يوهم تولي رسول الله صلى الله عليه وسلم جريًا على عادة البشر من بعد ثبات إنسان مفرد في مقابلة جيش عظيم فأجاب عما هو مرموز في السؤال ولذا نعت الجواب بالبلاغة والإجلال وفي رواية الترمذي في الشمائل لا والله ما ولي رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: نفى التولي دون الفرار نزاهة لذلك المقام الرفيع عن أن يستعمل فيه لفظ الفرار حتى في النفي لأنه أفظع من لفظ التولي إذ هو يكون لتحيز

ص: 71

على بغلته البيضاء، وإن أبا سفيان بن الحارث آخذٌ بلجامها، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم يقول: "أنا النَّبِيُّ

ــ

أو تحرف والفرار لخوف جبن غالبًا ولم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم أنه انهزم في موطن قط ومن ثمة أجمعوا على أنه

لا يجوز الانهزام عليه فمن زعم أنه انهزم وقصد التنقيص كفر وإن لم يقصده أدب تأديبًا عظيمًا عند الشافعي وقتل عند مالك. قوله: (على بغطته البيضاء) أي التي أهداها له المقوقس واسمها دلدل وله بغلة أخرى يقال لها فضة كذا في بعض شروح الشمائل ماتت في خلافة معاوية لكن في شرح مسلم للمصنف لا يعرف له صلى الله عليه وسلم سوى بغلة واحدة وهي التي يقال لها دلدل أهداها له فروة بن نفاثة كعمارة وقيل ابن نعامة بالعين في محل الفاء والميم في محل المثلثة والصحيح المعروف الأول وفي صحيح البخاري أن الذي أهداها له ملك إيلة واسمه فيما ذكر ابن إسحاق محنة بن روزنة والله أعلم وركوبه للبغلة مع عدم صلاحها للحرب ومن ثم لم يسهم لها مع كونها إنما هي من مراكب الأمن والطمأنينة ومع أن الملائكة لم يقاتلوا ذلك اليوم الأعلى الخيل ومع أنه كان له صلى الله عليه وسلم أفراس متعددة إيذان بأن سبب نصرته مدده السماوي وتأييده الرباني الخارق للعادة وأنه غير مكترث ولا ملتفت لعظم العدو وإن كان كالسيل والليل في العدد والعدد فهو غاية الثبات والشجاعة وأيضًا ليكون معتمدًا يرجع إليه المسلمون وتطمئن قلوبهم به وبمكانه. قوله: (وأن أبا سفيان بن الحارث) هو ابن عمه صلى الله عليه وسلم الحرث بن عبد المطلب واسمه كنيته ويكنى بأبي المغيرة وهو أخو النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاع وأبوه أكبر ولد عبد المطلب كان أبو سفيان يألف رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل البعثة فلما بعث عاداه وهجاه ثم أسلم عام الفتح وحسن إسلامه وقد ذكرت جملة من مناقبه وفضائله في بغية الشرفا فيمن حاز بشبه المصطفى صلى الله عليه وسلم شرفًا. قوله: (بلجامها) بكسر اللام فارسي معرب وتوافقت فيه اللغتان وجمعه لجم ككتاب وكتب ومنه قيل للخرقهَ تشد بها الحائض وسطها اللجام وألجمت الفرس إلجامًا جعلت اللجام في فيه وفي رواية إن العباس أخذ باللجام وأبا سفيان بالركاب وجمع بينهما بأن هذا وقع تارة وذلك وقع أخرى وفي رواية ابن جرير أن عمر كان ممسكًا باللجام والعباس ممسكًا بالركاب. قوله: (أنا النبي الخ) عرف النبي لحصر النبوة فيه. وقوله:

ص: 72

لا كَذِبْ، أنا ابْنُ عَبْدِ المُطلِبْ" وفي رواية "فنزل ودعا

ــ

(إلا كذب) ليفيد نفي الكذب عنه لا نفي حصر الكذب فيه أي أنا النبي حقًّا لا أفر ولا أزول وصفة النبوة يستحيل معها الكذب فكأنه قال: أنا النبي والنبي لا يكذب فلست بكاذب فيما أقول حتى أنهزم بل أنا متيقن أن ما وعدني الله تعالى به من النصر حق ومن الشاذ فتح باء كذب وكسر باء المطلب فرارًا من كونه شعرًا وقد فر قائله من إشكال هين يسير فوقع في إشكال عسير وهو نسبة اللحن إلى أفصح العرب وذلك أنهم لا يقفون على المتحرك ولا يبتدئون بساكن والوقوف على المتحرك بحركته لحن كما حكى عليه الإجماع وهو صلى الله عليه وسلم أفصحهم والفصيح لا يلحن بالأفصح وما وقع في بعض الأخبار فمن تحريف الرواة وفيه دليل على قوة شجاعته حيث فر صحبه وبقي وحده أو في شرذمة ومع ذلك يقول: هذا القول بين أعدائه. قوله: (أنا ابن عبد المطلب) نسب لجده دون أبيه لأن انتسابه إليه أشهر لأن أباه مات شابًّا فرباه عبد المطلب وكان سيد قريش ولأنه لما استفاض بينهم أنه سيكون من بني عبد المطلب من يسود ويغنب على الأعداء ورأى قوم منهم قبل ميلاده ما قد كان علمًا على نبوته ودليلًا على ظهور معجزته وأظهر ذلك الكهنة حتى شهد به غير واحد منهم ذكرهم بأنه ابن عبد المطلب الذي ذكر فيه ما ذكر، لا للمفاخرة والمباهاة كيف وقد نهى

أن يفتخر النّاس بآبائهم ويفتخر بمن ذكر كلا، ولا للعصبية كيف وقد ذمها في غير موضع، وزعم أنه نسب لجده لأنه مقتضى الرجز في حيز المنع إذ لا يليق بذلك الجناب الأفخم أن يتعانى الرجز ويقصده وفيه دليل على جواز قول الإنسان في مواقف الحرب أنا ابن فلان ولذا ساقه المصنف في الباب السابق ومحل النهي عنه إذا كان على وجه الاستكبار وطريق الافتخار وعلى جواز إنشاء الرجز وإنشاده للشعر لكنه بالنسبة إليه صلى الله عليه وسلم محمول على أنه لم يقصد وزنه فينتفي كونه شعرًا إذ يحرم عليه صلى الله عليه وسلم إنشاء الشعر وكذا إنشاده كما قاله الماوردي وبانتفاء القصد يخرج عن كونه شعرًا. قوله:(وفي رواية فنزل) أي عن بغلته ونزوله عن بغلته إلى الأرض في ذلك الموطن دليل كمال ثباته صلى الله عليه وسلم وفيه تنبيه على أن طريق الرفعة التواضع الله والانخفاض لعظمته وفي صحيح مسلم ومن تواضع الله رفعه الله

ص: 73

واستنصر".

وروينا في "صحيحيهما" عن البراء أيضًا قال: رأيتُ النبي صلى الله عليه وسلم ينقل معنا التراب يوم الأحزاب وقد وارى الترابُ بياضَ بطنه وهو يقول:

ــ

وهذه الرواية رواها مسلم من طريقين كما قال الحافظ لكن في إحداهما فنزل واستنصر فقط وقوله ودعا في الطريق الأخرى. قوله: (واستنصر) أي سأل من ربه تنجيز النصر وتعجيله. قوله: (وروينا في صحيحيهما الخ) وكذا رواه أحمد والنسائي. قوله: (بياض بطنه) هذا لفظ رواية البخاري كما أشار إليه الحافظ وأورده في السلاح عن الصحيحين والنسائي حتى وارى التراب شعر صدره وكان رجلًا كثير الشعر وأورده الحافظ وعزاه لتخريج من ذكر بلفظ وقد وارى التراب بياض إبطيه وسبق أن الصحيح نبات الشعر في إبطه صلى الله عليه وسلم ودعوى أنه لم ينبت به شعر ممنوع نعم لم يكن في ذلك المكان الشريف إلا الريح الطيب والعرف العطر. قوله: (وهو يقول) زاد في السلاح في رواية وهو يرتجز عبد الله وعزاه لتخريج الشيخين والنسائي قال الحافظ وقع عند بعضهم أن هذا الرجز لعبد الله بن رواحة ثم ذكر حديثه وعزاه لتخريج الشيخين وأحمد وفيه حتى وارى التراب بشعر صدره وفيه إن الأعداء قد بغوا علينا ووقع عند مسلم من وجه آخر إن الملأ قد أبوا بدل قوله إن الأولاء قد بغوا وفي آخر والمشركون قد بغوا علينا من جهة الوزن قال الحافظ قد وقع عند بعضهم أن هذا الرجز قد وقع لعبد الله بن رواحة رضي الله عنه وقد نسب لغيره فجاء في رواية عن سلمة أنه حدا بهذه الأبيات ونسبه لعمه عامر بن الأكوع وزاد: فاغفر فداء لك ما اقتفينا. وفيه إنا إذا صيح بنا أبينا.

وبالصياح عولوا علينا وفيه: ونحن عن فضلك ما استغنينا: روى مسلم عن سلمة قال لما كان يوم خيبر قاتل أخي قتالًا شديدًا فارتد عليه سيفه فقتله فشكوا فيه فقفل رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر فقلت: يا رسول الله أتأذن لي أن أرجز لك فأذن لي فقلت له: والله لولا الله ما اهتدينا. الأبيات فقال لي صدقت فلما قضيت رجزي قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قالها؟ قلت: قالها أخي فقال

ص: 74

"اللهم لَوْلا أنْتَ ما اهْتَدَيْنا، وَلَا تَصَدَّقْنا وَلا صَلَّينا، فأنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَينَا، وَثَبِّتِ الأقْدَامَ إنْ لاقَينا، إنَّ الألُى قَدْ بَغَوْا عَلَينَا، إذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أبَينَا".

وروينا في "صحيح البخاري" عن أنس رضي الله عنه قال: جعل المهاجرون والأنصار يحفرون الخندق وينقلون التراب

ــ

رسول الله صلى الله عليه وسلم: يرحمه الله وأخرجه أبو داود والنسائي وفي رواية لمسلم وغيره عن سلمة كان عامر رجلًا شاعرًا فنزل يحدو ويقول: اللهم لولا أنت ما اهتدينا. فذكر نحو ما تقدم فزاد فاغفر الخ وأخرج الشيخان والنسائي عن سلمة قال خرجنا إلى خيبر فقال رجل من القوم أي عامر اسمعنا من هنياتك فقال تالله

لولا الله ما اهتدينا قال يحيى فذكر شعرًا لم أحفظه وقد صرح بعزو الشعر لعامر في الرواية المذكورة قبل هذين وسلمة بن الأكوع يقول تارة في عامر أخي ويقول تارة فيه عمي والجمع بينها أن سلمة بن عمرو بن الأكوع اشتهر بالنسبة لجده فعامر عمه من النسب وأما الأخوة فلعلها من الرضاعة أو شدة الصداقة مع المقاربة في السنن. قوله: (لولا أنت) قبله في رواية لهما اللهم لولا أنت قال في السلاح وفي رواية للبخاري والله لولا الله ما اهتدينا. قوله: (ولا تصدقنا) قال في السلاح في رواية للبخاري ولا صمنا بدل تصدقنا. قوله: (سكينة) أي سكونا وثباتًا وطمأنينة. قوله: (إن الألى) قال القرطبي كذا صحت الرواية بالقصر فيحتمل أن يراد به مؤنث الأول ويكون معناه إن الجماعة السابقة بالشر بغوا علينا ويحتمل أن تكون الألى موصولة بمعنى الذين ويكون خبر إن محذوفًا أي إن الذين بغوا علينا ظالمون وقيل إن هذا تصحيف من بعض الرواة وإن صوابه أولاء ممدودة التي للإشارة إلى الجماعة وهذا صحيح من جهة المعنى والوزن والله أعلم. قوله: (أبينا) بالموحدة فالتحتية أي أبينا الفرار والامتناع وروي بالفوقية والتحتية أي أتينا للقتال ونحوه من المكاره قال القاضي عياض.

قوله: (وروينا في صحيح البخاري) قال الحافظ ورواه مسلم أيضًا. قوله: (يحفرون الخندق) كان ذلك في العام

ص: 75

على متُونهم أي: ظهورهم: ويقولون: نَحْنُ الَّذينَ بايَعُوا مُحَمدًا، على الإسْلام

ــ

الرابع وقيل الخامس من الهجرة أقاموا في حفره نحو عشرين ليلة وسببه أن نفرًا من اليهود انطلقوا إلى مكة مؤلبين عليه صلى الله عليه وسلم ومستجمعين عليه فجمعوا المجموع وحزبوا الأحزاب فاجتمعت قريش وقادتها وغطفان وقادتها وفزارة وقادتها وغيرهم من أخلاط النّاس وخرجوا بحدهم وجدهم في عشرة آلاف ولما سمع النبي صلى الله عليه وسلم بهم شاور أصحابه فأشار سلمان بالخندق فحفروا الخندق وتحصنوا به ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من المدينة بمن معه من المسلمين في ثلاثة آلاف فبرز وأقام على الخندق وجاءت الأحزاب ونزلت من الجانب الآخر لم يكن بينهم حرب إلا الرمي بالنبل غير أن فوارس من قريش اقتحموا الخندق فخرج علي بن أبي طالب في فرسان من المسلمين وأخذوا عليهم الثغرة التي اقتحموها فقتل علي عمرو بن عبد ود مبارزة واقتحم الآخرون بخيلهم الخندق منهزمين إلى قومهم ونقضت قريظة ما كان بينها وبين رسول الله وعاونوا الأحزاب عليه واشتد البلاء على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء عدوهم من فوقهم ومن أسفل منهم فأقام المسلمون على تلك الحال قريبًا من شهر وفي التهذيب للمصنف وكانت مدة حصارهم خمسة عشر يومًا إلى أن خذل الله بين قريش وقريظة على يد نعيم بن مسعود الأشجعي فاختلفوا وأرسل الله عليهم ريحًا عاصفة في ليال شديدة البرد فجعلت تقلب آنيتهم وتطفئ نيرانهم وتكفئ قدورهم حتى أشرفوا على الهلاك فارتحلوا متفرقين في كل وجه لا يلوي أحدهم على أحد وكفى الله المؤمنين القتال ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرًا بحال قال القرطبي في المفهم وغير خاف ما في الحديث من جواز التحصن والاحتراز من المكروهات والأخذ بالحزم والعمل في العادات بمقتضاها وأن ذلك كله غير قادح في التوكل ولا ينقص منه فقد كان فِئة على أكمل المعرفة بالله تعالى والتوكل عليه والتسليم لأمره ومع ذلك فلم يطرح الأسباب ولا مقتضى

العادات اهـ. قوله: (على الإسلام) أي على الدوام عليه والقيام بتكاليفه ومنها جهاد أعداء الدين

الكفار أي والوفاء بالعهود أعظم ما يثابر عليه من كل وصف محمود قال القرطبي: هذا تذكير منهم

لأنفسهم بعهد البيعة وتجديد منهم

ص: 76

-وفي رواية: على الجهاد- ما بقِينا أبَدًا، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم يجيبهم:"اللهُم إنَّهُ لا خَيْرَ إلَّا خَيْرُ الآخِرَةِ، فَبارِكْ في الأنْصَارِ والمُهاجِرَة".

ــ

لها وإخبار منهم له بالوفاء بمقتضاها ولما سمع منهم ذلك

أجابهم ببشارة لا عيش إلا عيش الآخرة أي المعد لأمثالكم وبدعاء فاغفر للأنصار والمهاجره.

قوله: (وفي رواية) قال الحافظ هي عند أبي ذر عن السرخسي عن الفربري وفي رواية سائرهم على الإسلام ووقع في رواية ثابت عن أنس عند مسلم على القتال ووقع لنا من وجه آخر عن أنس على الجهاد اهـ ثم هذه الرواية عند من ذكر أنه صلى الله عليه وسلم أتى بقوله: اللهم إن الخ جوابًا لما ذكروه من القيام بأمر الجهاد الذي التزموه بالبيعة السابقة وعند أحمد من حديث أنس خرج صلى الله عليه وسلم على أصحابه في غداة باردة والمهاجرون والأنصار يحفرون الخندق بأيديهم فقال: اللهم إن الخير خير الآخرة. فاغفر للأنصار والمهاجرة. فأجابوه: نحن الذين بايعوا محمدًا على الجهاد ما بقينا أبدًا. أورده الحافظ في تخريجه. قوله: (فبارك) ووقع في رواية فاغفر وكذا هو في مختصر مسلم للقرطبي وفي أخرى فأصلح الأنصار الخ وكذا هو عند أحمد ومسلم وفي رواية لمسلم وأحمد أيضًا فأكرم في محل قوله: فاغفر أشار إليه الحافظ. قوله: (للأنصار) قال الحافظ في كتاب الإيمان من الفتح الأنصار جمع ناصر كأصحاب وصاحب أو جمع نصير كأشراف وشريف والأنصار علم بالغلبة على أنصاره صلى الله عليه وسلم وهم الأوس والخزرج وكانوا قبل ذلك يعرفون بابني قيلة بفتح القاف وإسكان التحتية وهي الأم التي تجمع بين القبيلتين فسماهم الله أنصارًا فصار ذلك علمًا عليهم وأطلقه رسول الله صلى الله عليه وسلم على أولادهم وخلفائهم ومواليهم وخصوا بهذه المنقبة العظمى لما فازوا به دون غيرهم من سائر القبائل من إيواء رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه والقيام بأمرهم ومواساتهم بأموالهم وأنفسهم وإيثارهم إياه في كثير من الأمور على أنفسهم والله أعلم. قوله: (والمهاجرة) أجراها صفة مؤنثة على موصوف محذوف فكأنه قال للجماعة المهاجرة وعلى رواية أكرم مع نقل همزة الأنصار للأم قبلها موزون وعلى

ص: 77