الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلو سمى واحدًا منهم أجزأ عن الباقين، نصَّ عليه الشافعي رضي الله عنه، وقد ذكرتُه عن جماعة في كتاب "الطبقات" في ترجمة الشافعي، وهو شبيه برد السلام وتشميت العاطس، فإنه يجزئ فيه قول أحد الجماعة.
باب لا يعيب الطعام والشراب
ــ
وتستعمل بمعنى السنة، وعند المالكية التسمية على الطعام والشراب واجبة وجوب السنن لا أنه يأثم بتركه. قال الشيخ يوسف بن عمر الفاسي في شرح الرسالة، قال أبو عمر بن عبد البر: الإجماع في التسمية عند الأكل والشرب أنها غير واجبة، فإذا ثبت أن التسمية غير واجبة حمل قوله فواجب عليك أن تقول إذا أكلت أو شربت بسم الله على وجوب السنن اهـ وهي بسم الله. قال الفاكهاني: قال بعض شارحي الرسالة: ليس له أن يقول
الرحمن الرحيم فإن فعل فلا شيء عليه اهـ. قوله: (ولو سمى واحد منهم أجزأ عن الباقين) وكذا يجزئ عمن لحقهم أو لحق من لحقهم تبعًا لهم كما علم من كلام شرح الشمائل السابق فإن جاء واحد أو جمع بعد فراغ الجميع فلا تكفي التسمية السابقة بالنسبة إليه أو إليهم قال: ووقع التردد فيما لو كثر الآكلون كثرة مفرطة واتسع خطتهم بحيث لا ينسب عرفًا أولهم لآخرهم وسمى واحد حال اجتماع الجمع هل يكفي عنهم حينئذٍ والذي يتجه أنه لا يكفي لأن انتفاء النسبة العرفية يقتضي انتفاءها حقيقة والمدار هنا ليس إلا عليها اهـ. وفارق كون التسمية في الطهارة من نحو الوضوء والغسل سنة عين ما هنا بأن الطهارة عمل ينفرد به الإنسان فكانت التسمية مطلوبة من كل عامل بانفراده أما نحو الأكل ففعل يقع من جماعة في آن واحد فكفت تسمية البعض منهم والله أعلم.
باب لا يعيب الطعام والشراب
أي إن إعابتهما ترجع إلى إعابة فعل الله سبحانه إن لم يكن للإنسان دخل فيه كالثمار ونحوها أو يترتب عليه كسر خاطر الصانع إن كان للإنسان فيه كسب من نحو المطبوخ والله أعلم، وأيضًا فإن عيب الطعام من شأن المترفين المتكلفين وهو
روينا في "صحيحي البخاري ومسلم" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "ما عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طعامًا قط، إن اشتهاه أكله، وإن كرهه تركه" وفي رواية لمسلم "وإن لم يشتهه سكت".
وروينا في "سنن أبي داود والترمذي وابن ماجه"
ــ
خلاف شعار الصالحين. قوله: (روينا في صحيحي البخاري ومسلم الخ) وأخرجه أبو داود وفي رواية لجرير أحد رواته عن الأعمش عن أبي حازم عن أبي هريرة شيئًا بدل طعامًا وفيها وإن كرهه تركه قال المصنف في شرح مسلم بعد كلام نقله عن الدارقطني في بعض طرق مسلم في الحديث: وعلى كل حال فالمتن صحيح لا مطعن فيه بوجه اهـ. وعند الترمذي في شمائل من حديث هند بن أبي هالة لم يكن أي النبي صلى الله عليه وسلم يذم ذواقًا ولا يمدحه، قال شارحها أما نفي الذم فلكونه نعمة وذم النعمة كفران وشعار للمتكبرة والمتجبرة. وأما نفي مدحه فلكون المدح يشعر بالحرص والشره. قوله:(ما عاب رسوله الله طعامًا لخ) قال المصنف في شرح مسلم هذا من آداب الطعام كقوله: مالح قليل الملح حامض رقيق غليظ غير ناضج أو نحو ذلك. وأما حديث ترك أكل الضب فليس هو من عيب الطعام إنما هو إخبار بأن هذا الطعام الخاص لا أشتهيه اهـ. قوله: (وفي روايه لمسلم) هكذا في نسخ من الأذكار قال الحافظ وفي الأصل وفي رواية مسلم بحذف اللام وما في النسخ أولى لأن ما في الأصل يوهم الاقتصار وليس كذلك بل اقتصر عليه باللفظ الأول كما علم مما تقدم وانفرد مسلم بالثاني والاختلاف في هذه اللفظة من الأعمش عن شيخه يعني بهما أبا حازم سلمان الأشجعي وأبا يحيى مولى جعدة والرواية التي انفرد بها مسلم عن
الأعمش من طريق الأعمش عن أبي يحيى، والأولى التي اتفقا عليها من طريقه عن أبي حازم والله أعلم. قوله:(وروينا في سنن أبي داود والترمذي وابن ماجه الخ) خرجه الحافظ من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل ومن طريق وكيع وغيره تنتهي تلك الطرق إلى سفيان الثوري وخرجها عن عبد الله بن أحمد أيضًا من طريق شريك القاضي كلاهما عن سماك بن حرب
عن هلب الصحابي رضي الله عنه قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وسأله رجل: إن من الطعام طعامًا أتحرَّج منه، فقال: لا يَتَحَلَجَنَّ في صَدْرِكَ شَيء ضَارَعْتَ بِهِ النَّصرانِيةَ".
قلت: هُلب بضم الهاء وسكان اللام وبالياء الموحدة. وقوله: يتحلَّجن، هو بالحاء المهملة قبل اللام والجيم بعدها، هكذا ضبطه الهروي والخطابي والجماهير من الأئمة، وكذا ضبطناه في أصول سماعنا "سنن أبي داود" وغيره بالحاء المهملة، وذكره أبو السعادات ابن الأثير بالمهملة أيضًا، ثم قال: ويروى بالخاء المعجمة، وهما بمعنى واحد. قال الخطابي:
معناه:
ــ
عن قبيصة بن هلب الطائي عن أبيه رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أرأيت طعامًا لا أتركه إلا تحرجًا، فقال: لا يختلجن في صدرك شيء ضارعت فيه النصرانية. وفي رواية وكيع سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن طعام النصاري هذا حديث حسن أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه وأفاد رواية وكيع أن المبهم في رواية غيره هو الراوي أبهم نفسه اهـ. وسبق في باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع أسباب إخفاء الراوي اسمه. قوله: (عن هلب الصحابي رضي الله عنه ضبطه المصنف كما سيأتي وغيره بضم الهاء وسكون اللام وبالباء الموحدة، وهو هلب الطائي والد قبيصة مختلف في اسمه، فقيل زيد بن قيافة قاله البخاري، وقيل زيد بن عدي بن قيافة بن عدي بن عبد شمس بن عدي بن أحزم يجتمع هو وعدي بن أحزم الطائي في عدي بن أحزم، وإنما قيل له المهلب لأنه كان أقرع فمسح النبي صلى الله عليه وسلم رأسه فنبت شعره وهو كوفي روى عنه ابنه قبيصة أحاديث. منها حديث الباب، ومنها قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ فيأخذ شماله بيمينه أخرجه ابن عبد البر وابن مسنده وغيره والله أعلم. قوله: (وذكر أبو السعادات بن الأثير) عبارته هو بالحاء المهملة ثم الجيم أي لا يدخل قلبك شيء منه فإنه نظيف فلا ترتابن فيه. قوله: (وهما بمعنى واحد) أي الحلج بالحاء المهملة أو المعجمة ثم اللام بمعنى واحد