المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ما يقول إذا نزل منزلا - الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية - جـ ٥

[ابن علان]

فهرس الكتاب

- ‌فصل في الأذكار والدعوات المستحبات بعرفات:

- ‌فصل في الأذكار المستحبة في الإفاضة من عرفة إلى مزدلفة

- ‌فصل في الأذكار المستحبة في المزدلفة والمشعر الحرام:

- ‌فصل في الأذكار المستحبة في الدفع من المشعر الحرام إلى منى

- ‌فصل في الأذكار المستحبة بمنى يوم النحر:

- ‌فصل في الأذكار المستحبة بمنى في أيام التشريق:

- ‌فصل:

- ‌فصل فيما يقوله إذا شرب من ماء زمرم:

- ‌فصل:

- ‌فصل في زيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأذكارها:

- ‌كتاب أذكار الجهاد

- ‌باب استحباب سؤال الشهادة

- ‌باب حث الإمام أمير السرية على تقوى الله تعالى وتعليمه إياهما يحتاج إليه من أمر قتال ومصالحتهم وغير ذلك

- ‌باب بيان أن السنَّة للإمام وأمير السرية إذا أراد غزوة أن يورى بغيرها

- ‌باب الدعاء لمن يقاتل أو يعمل على ما يعين على القتال في وجهه وذكر ما ينشطهم ويحرضهم على القتال

- ‌باب الدعاء والتضرع والتكبير عندالقتال واستنجاز الله تعالى ما وعد من نصر المؤمنين

- ‌باب النهي عن رفع الصوت عند القتال لغير حاجة

- ‌باب قول الرجل في حال القتال: أنا فلان لإرعاب عدوه

- ‌باب استحباب الرجز حال المبارزة

- ‌باب استحباب إظهار الصبر والقوة لمن جرح واستبشاره بما حصل له من الجرح في سبيل الله وبما يصير إليه من الشهادة وإظهار السرور بذلك وأنه لا ضير علينا في ذلك بل هذا مطلوبنا وهو نهاية أملنا وغاية سؤلنا

- ‌باب ما يقول إذا ظهر المسلمون وغلبوا عدوهم

- ‌باب ما يقول إذا رأى هزيمة في المسلمين والعياذ بالله الكريم

- ‌باب ثناء الإمام على من ظهرت منه براعة في القتال

- ‌باب ما يقوله إذا رجع من الغزو

- ‌كتاب أذكار المسافر

- ‌باب الاستخارة والاستشارة

- ‌باب أذكاره بعد استقرار عزمه على السفر

- ‌تنبيه

- ‌فائدة

- ‌باب أذكاره عند إرادته الخروج من بيته

- ‌باب أذكاره إذا خرج

- ‌باب استحباب طلبه الوصية من أهل الخير

- ‌باب استحباب وصية المقيم المسافر بالدعاء له في مواطن الخير ولو كان المقيم أفضل من المسافر

- ‌باب ما يقوله إذا ركب دابته

- ‌باب ما يقول إذا ركب سفينة

- ‌باب استحباب الدعاء في السفر

- ‌باب تكبير المسافر إذا صعد الثنايا وشبهها وتسبيحه إذا هبط الأدوية ونحوها

- ‌باب النهي عن المبالغة في رفع الصوت بالتكبير ونحوه

- ‌باب استحباب الحداء للسرعة في السير وتنشيط النفوس وترويجها وتسهيل السير عليها

- ‌باب ما يقول إذا انفلتت دابته

- ‌باب ما يقوله على الدابة الصعبة

- ‌باب ما يقوله إذا رأى قرية يريد دخولها أو لا يريد

- ‌باب ما يدعو به إذا خاف ناسًا أو غيرهم

- ‌باب ما يقول المسافر إذا تغوَّلت الغيلان

- ‌باب ما يقول إذا نزل منزلًا

- ‌باب ما يقول إذا رجع من سفره

- ‌باب ما يقوله المسافر بعد صلاة الصبح

- ‌باب ما يقول إذا رأى بلدته

- ‌باب ما يقول إذا قدم من سفره فدخل بيته

- ‌باب ما يقال لمن يقدم من سفر

- ‌باب ما يقال لمن يقدم من غزو

- ‌باب ما يقال لمن يقدم من حج وما يقوله

- ‌كتاب أذكار الأكل والشرب

- ‌باب ما يقول إذا قرب إليه طعامه

- ‌باب استحباب قول صاحب الطعام لضيفانه عند تقديم الطعام: كلوا أو في معناه

- ‌باب التسمية عند الأكل والشرب

- ‌فصل:

- ‌باب لا يعيب الطعام والشراب

- ‌باب جواز قوله: لا أشتهي هذا الطعام أو ما اعتدت أكله أو نحو ذلك إذا دعت إليه الحاجة

- ‌باب مدح الأكل الطعام الذي يأكل منه

- ‌باب ما يقوله من حضر الطعام وهو صائم إذا لم يفطر

- ‌باب ما يقوله من دعى لطعام إذا تبعه غيره

- ‌باب وعظه وتأديبه من يسئ في أكله

- ‌باب استحباب الكلام على الطعام

- ‌باب ما يقوله ويفعله من يأكل ولا يشبع

- ‌باب ما يقول إذا أكل مع صاحب عاهة

- ‌فائدة

- ‌باب استحباب قول صاحب الطعام لضيفه ومن في معناه إذا رفع يده من الطعام "كل" وتكريره ذلك عليه ما لم يتحقق أنه اكتفى منه وكذلك يفعل في الشراب والطيب ونحو ذلك

- ‌باب ما يقول إذا فرغ من الطعام

- ‌تنبيه

- ‌باب دعاء المدعو والضيف لأهل الطعام إذا فرغ من أكله

- ‌باب دعاء الإنسان لمن سقاه ماء أو لبنًا ونحوهما

- ‌باب دعاء الإنسان وتحريضه لمن يضيف ضيفًا

- ‌باب الثناء على من أكرم ضيفه

- ‌باب استحباب ترحيب الإنسان بضيفه وحمده الله تعالى على حصوله ضيفًا عنده وسروره بذلك وثنائه عليه لكونه جعله أهلا لذلك

- ‌باب ما يقوله بعد انصرافه عن الطعام

- ‌كتاب السلام والاستئذان وتشميت العاطس وما يتعلق بها

- ‌باب فضل السلام والأمر بإفشائه

- ‌باب كيفية السلام

- ‌فصل:

- ‌فصل:

- ‌فصل:

- ‌باب ما جاء في كراهة الإشارة بالسلام باليد ونحوها بلا لفظ

- ‌باب حكم السلام

- ‌باب الأحوال التي يستحب فيها السلام والتي يكره فيها، والتي يباح

- ‌باب من يسلَّم عليه ومن لا يسلَّم عليه ومن يُرد عليه ومن لا يُرد عليه

- ‌فصل: وأما الصِّبيان فالسُّنَّة أن يسلم عليهم

- ‌باب في آداب ومسائل من السلام

- ‌باب الاستئذان

- ‌باب في مسائل تتفرَّع على السلام

- ‌فصل في المصافحة:

- ‌فصل: في استحباب طلب الإنسان من صاحبه الصالح أن يزوره، وأن يكثر من زيارته

الفصل: ‌باب ما يقول إذا نزل منزلا

‌باب ما يقول إذا نزل منزلًا

روينا في "صحيح مسلم" و"موطأ مالك" و"كتاب الترمذي" وغيرهم عن خولة بنت حكيم رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَنْ نَزَلَ مَنْزِلا ثُمَّ قال: أعُوذُ

ــ

أي يشتغل بقراءة الآيات المذكورة في ذلك كآية الكرسي ونحوها. قوله: (وقد ذكرت كلام العلماء الخ) قال المصنف في التهذيب قال الإِمام أبو السعادات بن الأثير في النهاية في حديث لا غول ولا صفر الغول أحد الغيلان، وهي جنس من الجن والشياطين كانت العرب تزعم أن الغول في الفلاة تتراءى للناس فتتغول تغولا أي تتلون تلونا في صور شتى وتغولهم أي تضلهم عن الطريق وتهلكهم فنفاه النبي صلى الله عليه وسلم وأبطله وقيل ليس معنى لا غول نفيًا لوجود الغول بل هو إبطال زعم العرب في تلونه بالصور المختلفة واغتياله، فقوله لا غول أي لا تستطيع أن تضل أحدًا ويشهد له الحديث الآخر ولا غول ولكن السعالى، والسعالى سحرة الجن أي ولكن في الجن سحرة لهم تلبيس وتخييل ومنه الحديث الآخر إذا تغولت الغيلان فنادوا بالأذان أي ادفعوا شرها بذكر الله تعالى وهذا يدل على أنه لم يرد بنفيها عدمها ومنه حديث أبي أيوب كان لي تمر في سهوة فكانت الغول تجيء فتأخذ. هذا آخر كلام ابن الأثير اهـ. ما في التهذيب.

باب ما يقول إذا نزل منزلًا

المنزل اسم مكان النزول وهو المراد هنا ويكون مصدرًا ميميًّا لأنزل ومنه قوله تعالى: {رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ} . قوله: (روينا في صحيح مسلم الخ) قال الحافظ أخرجه مالك بلاغًا عن يعقوب الأشج عن بسر بن سعيد عن سعد بن أبي وقاص عن خولة بنت حكيم وأخرجه أحمد ومسلم والترمذي

ص: 162

بِكَلِماتِ الله التَّاماتِ مِنْ شرِّ ما خَلَقَ،

ــ

والنسائي، قلت: وزاد في السلاح وابن ماجه قال: وفيه وليس لخولة في الصحيحين سوى هذا الحديث وسبق عن المرقاة ليس لها في الستة سوى هذا الحديث وتقدمت ترجمتها والكلام على ما يتعلق بمعنى الحديث في أذكار المساء والصباح وأخرجه والحافظ من طريق المحاملي والطبراني في كتاب الدعاء ومن طريق أخرى من حديث خولة بنت حكيم السلمية أيضًا قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا نزل أحدكم منزلا فليقل فذكره وفيه فإنه لا يضره شيء حتى يرتحل منه وقال الحافظ بعد تخريجه أخرجه مسلم وأخرجه ابن خزيمة وأبو عوانة وأشار الحافظ أنه عند مالك والليث وتابعهما ابن لهيعة عن شيوخهم عن يعقوب عن بسر وخالفهم محمد بن عجلان فقال عن يعقوب عن سعيد بن المسيب عن سعد بن مالك عن خولة فذكره أخرجه هكذا أحمد وابن ماجه فإن كان ابن عجلان حفظه حمل على أن ليعقوب فيه شيخين ثم رواية سعد فيه عن خولة من

رواية الأقران ويدخل في رواية الفاضل عن المفضول وخرجه الحافظ من حديثها بعلو وزاد فيه بعض رواته امرأة عثمان بن مظعون ولفظه من نزل منزلًا فقال: أعوذ بكلمات الله التامات كلها من شر ما خلق زاد يزيد أي أحد رواته ثلاثًا إلا وقى شر منزله حتى يظعن منه قال الحافظ بعد تخريجه أخرجه العقيلي في الضعفاء وكذا ذكره ابن حبان في الضعفاء كلاهما في ترجمة الربيع بن مالك الراوي له عن خولة بنت حكيم يعني في هذه الطريق وقال ابن حبان: لا أدري جاء الضعف منه أو من حجاج يعني ابن أرطاة وقال العقيلي جاء هذا الحديث عن خولة بإسناد أجود من هذا يعني الذي تقدم عن سعد عنها قال: وهذا الإسناد أعلى من ذلك بثلاث درجات أو أربع اهـ. قوله: (بكلمات الله) أي بالقرآن، ومعنى تمامها أن لا يدخلها نقوله ولا عيب كما يدخل كلام النّاس وقيل نفعها وشفاؤها من كل ما يتعوذ منه أي بشرط قابلية المحل وصحة النية وحسن الاعتقاد، وقال البيهقي سماها تامة لأنه لا يجوز أن يكون في كلامه عيب أو نقص كما يكون في كلام الآدميين قال: وبلغني أن أحمد كان يستدل به على أن القرآن ليس بمخلوق. قوله:

ص: 163

لَم يَضرَّهُ شَيء حتى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذلكَ".

وروينا في "سنن أبي داود" وغيره عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر فأقبل الليل قال: "يا أرضُ رَبي وَرَبُّكِ اللهُ، أعُوذ بالله مِنْ شَرِّكِ

ــ

(لم يضره شيء) عمومه يتناول النفس والهوى وقد تقدم نقل ذلك عن بعض المحققين.

فائدة

نقل القرطبي في تفسيره في سورة والصافات في قوله تعالى: {سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالمِينَ} قال سعيد بن المسيب بلغني أنه من قال حين يمسي {سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالمِينَ} لم تلدغه عقرب ذكره أبو عمر بن عبد البر في التمهيد اهـ. قوله: (وروينا في سنن أبي داود الخ) قال الحافظ بعد تخريجه حسن أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وأخرجه الحاكم وقال صحيح الإسناد أهـ. قال في السلاح وفي لفظ النسائي وأعوذ بالله من أسد. قوله: (وأقبل الليل) أي بأن غربت الشمس وظاهر الحديث أنه صلى الله عليه وسلم كان يأتي بالذكر إذا كان مسافرًا عند إقبال الليل سواء كان سائرًا أم ماكثا. قوله: (يا أرض ربي وربك الله) الخطاب فيه للأرض. قال في الحرز وفيه إشعار بأن للأرض شعورًا بكلام الداعي وقال غيره خاطب الأرض اتساعًا ورده ابن حجر في شرح المشكاة بأن ذلك بالنسبة لغيره صلى الله عليه وسلم، أما هو فقد كلمه وخاطبه الجماد فهي صالحة لخطابه حقيقة بخلاف غيره، ثم إذا ذاق العبد مشرب قوله: ربي وربك الله كان سببًا لانتفاء خشيته منها أو مما اشتملت عليه إذ الأمور كلها مربوبة الله تعالى تحت إرادته قيل وحكمة ذكره قبل الاستعاذة من شرها كونه كالوسيلة في حفظه من ذلك، ويحتمل أن يكون في الافتتاح بذلك الإشارة إلى أن الإتيان بالاستعاذة إنما هو امتثالًا للشارع مع اعتقاد أن لا أثر لغيره سبحانه وأن ربه ورب الأرض وما فيها ومن فيها هو الإله المنفرد بالإيجاد سبحانه وتعالى والله أعلم. قوله:(أعوذ بالله من شرك) أي من شر ذاتك أي بأن لا أتعثر بك من وهدة أو ربوة فيك أنا ولا دابتي

قيل ومنه الخسف والتحير في الفيافي والمهامه والإضلال عن الطريق وقيل شرها أن يخذل فيهما بالوقوع بالعصيان أو يقع في

ص: 164

وشر ما فِيكِ، وشرِّ ما خلق فيكِ، وشَر ما يدُبُّ عَلَيكِ، أعُوذُ بكَ مِنْ أسَدٍ وأسْوَدَ، ومِنَ الحَيَّةِ والعَقرَبِ،

ــ

شيء من البلايا والمتاعب والأفكار والمصائب. قوله: (وشر ما فيك) أي شر ما اندرج فيك من الأوصاف الخاصة بطباعك كالبرودة واليبوسة وضديهما وقيل المراد من شر ما خلق فيها من عنصرها من شجر أو نحوه فاستعاذ من أن يتعثر بذلك والثاني أقرب. قوله: (وشر ما خلق فيك) أي خلق واستقر فيها سواء غلب عليه عنصرها كالحشرات والبهائم أو لم يغلب عليه عنصرها كالجن. قال الشيخ محمد الحطاب المالكي في حاشية منسك خليل يصح أن يقرأ خلق بالبناء للفاعل ورأيته مضبوطًا في بعض نسخ الإيضاح وابن جماعة بالبناء للمفعول اهـ. قوله: (وشر ما يدب) بكسر الدال وتشديد الموحدة أي يتحرك (عليك) وفي ديوان الأدب للفارابي فيما جاء على فعل بفتح العين يفعل بكسرها دب الشيخ يدب دبيبًا أي مشى رويدًا اهـ. فالمعنى على هذا ما يمشي عليك من المؤذيات كحشرات ونحوها وبه يعلم أن هذا القسم بعض مما قبله، وصرح به ثانيًا اعتبارًا بالاستعاذة منه لعظم شره وقال ابن الجزري يدب بكسر الدال يمشي إذ كل ما يمشي على الأرض دابة ودبيب. قوله:(أعوذ بالله من أسد وأسود) وهو بهذا اللفظ عند النسائي كما نقله في السلاح، أما لفظ أبي داود فهو أعوذ بك من أسد الخ كما في السلاح أيضًا وشرح المصابيح لابن الجزري زاد في الحرز ووقع كذلك في نسخة من الأذكار اهـ. ولم ينبه الحافظ على هذا الاختلاف وهو من وظيفته وخص الأسد بالاستعاذة منه لفرط قوته وفصاحته وشدة الخوف منه وهذا حكمة ذكره أسود أيضًا إذ هو الحية العظيمة التي فيها سواد وهي أخبث الحيات. قيل ومن شأنها أنها تعارض الركب وتتبع الصوت إلى أن تظفر بصاحبه، فعلم أن أسود اسم جنس لا صفة ولذا يجمع على أساود وحينئذٍ هو منصرف وقيل إنه غير منصرف نظرًا إلى أن وصفيته أصلية وإن غلب عليه الاسم قال بعضهم: إنه كذلك مسموع من أفواه المشايخ ومضبوط في أكثر النسخ من الحصن بمنع الصرف وقال ابن حجر

ص: 165

ومِنْ ساكِنِ البَلَد، ومِنْ وَالِدٍ وما وَلَدَ".

قال الخطابي: قوله

ــ

في شرح المشكاة القياس جواز كل منهما نظير ما قالوه في الرحمن لتعارض الأصل وهو الصرف والغالب وهو عدمه وقال ابن الأعرابي الأسود الجماعات جمع سواد ثم أسودة ثم أساود، وقيل المراد بالأسود اللص لأنهم يقولون له أسود لملابسته الليل أو لملابسته السواد من اللباس قال في الحرز أو لأن أكثرهم السودان على ما في مكة المشرفة.

قلت: وفي هذا الحديث التحذير من الأسود وأنه إذا جاع سرق وإذا شبع بطر والله أعلم، قال وعلى تفسير الأول أي تفسير الأسود بالحية الخ فخصت لعظم خبثها ومزيد ضررها بالذكر وصارت كالجنس المستقل بالنسبة لما قبلها فعطفت عليه ولما بعدها فعطف عليها في قوله ومن الحية والعقرب أي من هذين الخبيثين الفظيعين في الإيذاء والإهلاك الأفظع. قوله:(ومن ساكن البلد) وقع في المشكاة والحصن من شر ساكن البلد وسقط لفظ شر من الأذكار والسلاح وليس هو عند أبي داود ووقع في بعض أصول الحصن ساكني البلد بالجمع المضاف وغنى عنه الأول بالعموم المستفاد من

المفرد المضاف وقد صرح في الكشاف بأن عموم المفرد المضاف أشمل من عموم الجمع المضاف قال في قوله تعالى: {وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ} قرأ ابن عباس وكتابه يريد القرآن أو الجنس وعنه الكتاب أكثر من الكتب فإن قلت: كيف يكون الواحد أكثر من الجمع قلت: لأنه أريد بالواحد الجنس والجنسية قائمة في وحداني الجنس كلها لم يخرج منه شيء وأما الجمع فلا يدخل تحته إلا ما فيه الجنسية من المجموع وتبعه عليه القاضي البيضاوي وتعقبه في النهر بأن الجمع إذا أضيف أو دخلته أل الجنسية صار عامًّا ودلالة الجمع أظهر في العموم من الواحد سواء كانت فيه أل أم الإضافة بل لا يذهب إلى العموم في الواحد إلا بقرينة لفظية كأن استثنى منه أو وصف بالجمع أو معنوية نحو نية المؤمن أبلغ من عمله وأقصى حاله أن يكون مثل الجمع العام إذا أريد به العموم اهـ. والظاهر أن الخلاف مبني على أن الجمع العام هل إفراده جموع أو آحاد فعلى الأول فالمفرد أعم وهو الذي في الكشاف وعلى الثاني يساويه وهو ما في النهر والله أعلم.

ص: 166

"ساكن البلد" هم الجن الذين هم سكان الأرض، والبلد من الأرض: ما كان مأوى الحيوان وإن لم يكن فيه بناء ومنازل. قال: ويحتمل أن يكون المراد بالوالد: إبليس، وما ولد: الشياطين، هذا كلام الخطابي، والأسود: الشخص، فكل شخص يسمى أسود.

ــ

قوله: (ساكن البلد الجن) أي بناء على أن المراد بالبلد الأرض ومنه قوله تعالى: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ} وهو الظاهر لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قاله في البراري لا في الأبنية أما إذا أريد بالبلد ما هو المتبادر منه من الأبنية فسر البلد بمأوى الحيوان من الأرض الشامل للأبنية وغيرها وفسر الساكن بالجن ومثل كلام الخطابي في النهاية والله أعلم وفي الحرز قال القاضي قيل هم الإنس والجن لأنهم يسكنون البلد غالبًا أو لأنهم بنوا البلد واستوطنوه والمراد بالبلد الأرض اهـ. قوله: (قال ويحتمل الخ) وعليه ففيه التصريح بأن إبليس ليس من الملائكة لاستحالة الولادة عليهم لا يقال بخروجه عنهم في هذا الوصف لأنه يستحيل من الملائكة البتة لأنهم لا يوصفون بذكررة ولا أنوثة ويؤيد ذلك التصريح بخروج هاروت وماروت عنهم من وصف العصمة دون استحالة وصف الولادة ومما يصرح بأنه ليس من الملائكة قوله تعالى: {إلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ} وادعاء أن قومًا من الملائكة يقال لهم: الجن وأنه كان منهم يحتاج لسند صحيح إذ لا يعلم هذا إلا من المعصوم واستثناؤه من الملائكة يحتمل انقطاعه وإن كان الأصل في الاستثناء الاتصال وقال غير الخطابي المراد من الوالد وما ولد آدم وذريته ويحتمل -كما قال بعض شراح المشكاة، وهو أمثله- حمل الوالد والولد على العموم فيشمل أصناف ما ولد وولد فلجأ بمن لم يلد ولم يولد وله الخلق والأمر في النجاة من شر ما يلد ويولد إذ لا يقدر على ذلك غيره سبحانه وتعالى. قوله:(والأسود الشخص) قال أول اللغة كل شخص يقال له أسود قال الشيخ محمد الحطاب المالكي كذا قال وقال ابن جماعة قيل الأسود العظيم من الحيات وفيه سواد ويكون أخبثها اهـ. وفي الصحاح الأسود العظيم من الحيات وفيه سواد ولم

ص: 167