الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل: وأما الصِّبيان فالسُّنَّة أن يسلم عليهم
روينا في "صحيحي البخاري ومسلم" عن أنس رضي الله عنه "أنه مرَّ على صبيان فسلم عليهم وقال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله" وفي رواية لمسلم عنه: "أن رسول الله
ــ
وهو السلام الذي يطلب منه السلامة فتضمن لفظ السلام معنيين أحدهما ذكر الله كما تضمنه حديث ابن عمر الثاني طلب السلامة وهو مقصود المسلم فقد تضمن سلام عليكم اسماً مر أسمائه تعالى وطلب السلامة منه فتأمل ذلك فإنه بديع اهـ، وحكى المصنف القولين في سلام التحية في شرح مسلم وظاهر كلامه الميل إلى أن المراد الأول أي اسم السلام عليك قال: ومعناه اسم الله عليكم أي أنتم في حفظه كما يقال: الله معك والله يصحبك اهـ وإنما طلب هذا اللفظ عند الملاقاة لأن عادة النّاس جارية بالتحية عند الملاقاة ولكل تحية مخصوصة وشرع الله تعالى لأهل الجنة هذه التحية أي سلام عليكم التي هي أشرف أنواع التحيات لتضمنها السلامة التي لا حياة ولا فلاح إلا بها فهي الأصل المقدم على كل شيء ومقصود العبد من الحياة إنما يحصل بالسلامة من الشر وحصول الخير كله والأول مقدم على الثاني ولذا إنما
يهتم الإنسان بل كل حيوان بسلامته ثم بغنيمته على أن السلامة المطلقة تتضمن حصول الخير إذ لو فاتت حصل الهلاك والعطب فتضمنت السلامة نجاته من كل ضير وفوزه بكل خير فانتظم الأصلان المقصودان بالحياة بهذه التحية مع كونها مشتقة من اسمه السلام ومتضمنة له وقد تقدم لهذا المعنى مزيد والله أعلم.
فصل
قوله: (وأما الصبيان) بكسر الصاد على المشهور وبضمها وإسكان الموحدة جمع صبي ذكره المصنف في شرح مسلم ويجمع على صبية. قوله: (فالسنة أن يسلم عليهم) أي إذا كانوا مميزين وإذا بدؤوا بالسلام وجب الرد عليهم هذا هو الصواب الذي أطبق عليه الجمهور وقال بعض أصحابنا: لا يجب وهو ضعيف أو غلط كذا في شرح مسلم للمصنف. قوله: (روينا في صحيحي البخاري ومسلم الخ) قال الحافظ وأخرجه أحمد والترمذي والنسائي ثم قوله (أنه) أي أنساً (مر على صبيان) هكذا عند مسلم في طريق وعنده في طريق أخرى ما أشار إليه الشيخ رحمه الله بقوله وفي رواية لمسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على غلمان الخ وأخرج الحافظ الحديث بهذا اللفظ من طريق
-صلى الله عليه وسلم مرَّ على غلمان فسلَّم عليهم".
وروينا في سنن أبي داود وغيره بإسناد الصحيحين عن أنس "أن النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ على غلمان يلعبون فسلَّم عليهم" ورويناه في كتاب ابن السني وغيره، قال فيه "فقال: السلامُ عَلَيكُمْ يا صِبْيانُ".
ــ
الشافعي بإسناده عن أنس أنه قال: مر صلى الله عليه وسلم بغلمان وأنا فيهم فسلم علينا اهـ. قوله: (غلمان) بكسر أوله جمع غلام بمعنى صبي أو مملوك. قوله: (فسلم عليهم) أي تواضعاً ولأنه كان ماراً ولكثرتهم على احتمال.
قوله: (ورويناه في سنن أبي داود) قال الحافظ: هو بعينه حديث الصحيحين إلا أن فيه زيادة يلعبون قال: وقد وقع لنا بهذه الزيادة بأتم من سياقه ثم أخرج عن ثابت عن أنس قال: خدمت النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم حتى إذا رأيت أني قد فرغت قلت: يقيل رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرجت موجهاً إلى أهلي فإذا غلمة يلعبون فقمت أنظر إلى لعبهم فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم عليهم ثم دعاني فبعثني في حاجة له وذكر بقية الحديث أخرجه أحمد بطوله وأبو داود قلت: كذا أخرجه البخاري في الأدب المفرد كما قاله السخاوي في فصل النهي عن إفشاء السر مر تكملته وسيأتي إن شاء الله تعالى قال الحافظ ورجاله رجال الصحيح إلا أن سليمان بن المغيرة أي الراوي له عن ثابت أخرجه مسلم احتجاجاً والبخاري استشهاداً وقد توبع في هذا الحديث فتابعه حبيب بن حجر عن ثابت عن أنس وحديثه حسن وحبيب بمهملة وموحدتين مصغر مع التثقيل وأبوه حجر بضم المهملة وسكون الجيم ذكره البخاري ولم يذكر فيه جرحاً وذكره ابن حبان في الثقات ورواه عن ثابت بن عبيد لكنه خالف في شيء منه فقال عن ثابت عن أنس قال: بعثني النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة فمررت بصبيان يلعبون فقعدت عندهم فأبطأت عليه فخرج فمر بالصبيان فسلم عليهم والحارث بن عبيد أخرج له البخاري استشهاداً وتكلم فيه بعضهم اهـ.
قوله: (ورويناه في كتاب ابن السني وغيره) عن أنس قال: مر علينا النبي صلى الله عليه وسلم ونحن نلعب فقال: السلام عليكم يا صبيان قال الحافظ بعد تخريجه أخرجه ابن السني من رواية أبي نعيم في الحلية وغيرها ومن رواية محمد بن إسماعيل بن أبي سمينة كلاهما عن وكيع عن حبيب القيسي عن ثابت وأخرج الحديث من طريق عثمان بن مطر عن ثابت أبو أحمد بن عدي في ترجمة أبي إبراهيم الترجماني في الكامل