الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَوَّابًا رَحِيمًا} [النساء: 64] وقد جئتُكَ مستغفرا من ذنبي، مستشفعًا بك إلى ربي، ثم أنشأ يقول:
يا خَيْرَ مَنْ دُفِنت بالقاع أعظمُهُ
…
فطاب من طيبهن القاعُ والأكمُ
فنفسي الفداءُ لقبرٍ أنت ساكنُه
…
فيه العفافُ وفيه الجودُ والكرَم
قال: ثم انصرف، فحملتني عيناي فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فقال لي: يا عتبيُّ، الحق الأعرابي فبشره بأن الله تعالى قد غفر له".
كتاب أذكار الجهاد
أما أذكارُ سفره ورجوعه فسيأتي في كتاب أذكار السفر إن شاء الله تعالى. وأما ما يختص به فنذكر منه ما حضر الآن مختصرًا.
باب استحباب سؤال الشهادة
روينا في "صحيحي البخاري ومسلم"، عن أنس رضي الله عنه، أن رسول الله
ــ
كتاب أذكار الجهاد
هو مصدر جاهد جهادًا ومجاهدة وجاهد فاعل من جهد إذا بالغ في قتال عدوه وغيره ويقال: جهده المرض وأجهده إذا بلغ به المشقة وجهدت الفرس وأجهدته استخرجت جهده نقله أبو عثمان والجهد بالفتح المشقة وبالضم الطاقة قيل ويقال بالضم والفتح في كل منهما، جهادة ج هـ د وحيث وجدت ففيها معنى المبالغة وهو في الشرع عبارة عن قتال الكفار.
باب استحباب سؤال الشهادة
قوله: (روينا في صحيحي البخاري ومسلم الخ) قال في السلاح وأخرجه الجماعة يعني
- صلى الله عليه وسلم دخل على أم حَرام، فنام ثم استيقظ وهو يضحك، فقالت: وما يضحكك يا رسول الله؟ قال: "ناسٌ مِنْ أُمَّتي عُرِضُوا عَليَّ غُزَاةً في سَبِيلِ الله يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا البَحْرِ مُلوكا على الأسِرَّةِ أوْ مِثْلَ المُلوكِ"، فقالت: يا رسول الله، ادعُ الله أن يجعلني منهم فدعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قلت: ثبج البحر، بفتح
ــ
الستة وزاد الحافظ وأخرجه أحمد. قوله: (على أم حرام) زاد في رواية بنت ملحان وكانت تحت عبادة بن الصامت وهي الغميصا بالغين بالمعجمة والصاد المهملة، والغمص والرمص نقص يكون في العين قال في الصحاح الرمص بالتحريك وسخ يجمع في الموق فإن سأل فهو غمص وإن جمد فهو رمص اهـ. قال في المفهم ولعل الغمص هو الذي كان غالبًا على نساء الأنصار وهو الذي عني صلى الله عليه وسلم حيث قال فإن في عيون الأنصار شيئًا اهـ. وفي الحديث عند من ذكر أنه صلى الله عليه وسلم كان يدخل عليها وينام عندها وكذا ورد عنه مع أختها فقيل إن ذلك لمحرمية من رضاع أو غيره وجرى عليه المصنف في شرح مسلم ونقل فيه اتفاق العلماء ثم قال: قال ابن عبد البر وغيره كانت إحدى خالاته صلى الله عليه وسلم من الرضاعة وقال آخرون بل كانت خالته لأبيه أو لجده لأن أم عبد المطلب كانت من في النجار وقال آخرون الصواب عدم المحرمية وإنما من خصائصه صلى الله عليه وسلم جواز الخلوة بالأجنبية لثبوت عصمته وكمال أفضليته روى لأم حرام عنه صلى الله عليه وسلم سبعة أحاديث اتفقا على هذا الحديث الواحد ولم يرويا عنها غيره وخرج عنها ما عدا الترمذي من أصحاب السنن الأربعة ماتت بقبرس مع زوجها عبادة بن الصامت وذلك عام سبع وعشرين فكان موتها هنالك كذلك من معجزاته صلى الله عليه وسلم وإجابة دعوته. قوله: (فنام) بعد أن قدمت له بعض الطعام فأكل منه ثم جلست تفلي رأسه صلى الله عليه وسلم فنام وسكت المصنف عن ذكر ذلك لكونه خارجًا عن مقصود الترجمة. قوله: (وهو يضحك) هذا الضحك فرح وسرور لكون أمته تبقى بعده متظاهرة على الإسلام قائمة بالجهاد حتى في البحر. قوله: (ملوكًا على الأسرة) قيل: هذه صفة لهم في
الآخرة إذا دخلوا الجنة والأصح إنها صفة لهم في الدنيا أي يركبون مراكب الملوك لسعة حالهم وكثرة عددهم. قوله: (فدعا لها رسول صلى الله عليه وسلم) وسكت
الثاء المثلثة وبعدها باء موحدة مفتوحة أيضًا ثم جيم: أي ظهره، وأتم حَرَام بالراء.
وروينا في سنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن معاذ رضي الله عنه
ــ
المصنف عن تتمة الخبر وهي: ثم وضع رأسه صلى الله عليه وسلم فنام فذكر مثل الأول فقالت: ادع الله أن يجعلني منهم فقال: أنت من الأولين فركبت البحر في زمن معاوية فلما خرجت منه فصرعت عن دابتها فهلكت. قال المصنف: هذا أي قوله أنت من الأولين دليل على أن رؤياه الثانية غير الأولى وأنها عرض عليه فيها غير الأولى وفيه معجزات لرسول الله صلى الله عليه وسلم منها: إخباره ببقاء أمته بعده وأن يكون لهم شوكة وقوة وعدد وأنهم يكثرون ويركبون البحر وإن أم حرام تعيش إلى ذلك الزمان وإنها تكون معهم وقد وجد ذلك كله بحمد الله تعالى واختلف العلماء متى جرت الغزوة التي توفيت فيها أم حرام في البحر وقد ذكر في هذه الرواية مسلم وغيره أنها ركبت البحر في زمن معاوية فصرعت عن دابتها وقال القاضي: قال أكثر أهل السير والأخبار إن ذلك في خلافة عثمان بن عفان وإنه فيه ركبت أم حرام وزوجها إلى قبرس فصرعت عن دابتها فتوفيت ودفنت هناك وعلى هذا فيكون قوله في زمن معاوية معناه في زمن غزوة البحر لا في أيام خلافته قلت ورجح هذا الحافظ في فتح الباري أيضًا قال وقيل ذلك في أيام خلافته قال وهو أظهر في دلالة قوله في زمانه وفي الحديث جواز ركوب البحر للرجال والنساء وكذا قال الجمهور وكره مالك ركوبه للنساء لأنه لا يمكنهن غالبًا الستر فيه ولا غض البصر عن المتصرفين فيه ولا يؤمن انكشاف عوراتهن في تصرفهن سيما فيما صغر من السفن مع ضرورتهن إلى قضاء الحاجة بحضرة الرجال اهـ. قوله: (أي ظهره) وورد في رواية يركبون ظهر البحر والروايات يفسر بعضها بعضًا. قوله: (وأم حرام بالراء المهملة) أي وبالحاء المهملة قال المصنف في مقدمة شرح مسلم ما كان على هذه الصورة في نسب الأنصار فهو بفتح الراء والحاء المهملتين وما كان منه في نسب قريش فبكسر الحاء المهملة وبالزاي المعجمة كحكيم بن حزام.
قوله: (وروينا في سنن أبي داود الخ) أوله من قاتل فواق ناقة وجبت له الجنة ومن سأل الله الشهادة صادقًا من نفسه فله أجر شهيد قال
أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَنْ سألَ الله القَتْلَ مِنْ نَفْسِهِ صَادِقًا، ثُم ماتَ أوْ قُتِلَ فإن لَهُ أجْرَ شَهِيدٍ" قال الترمذي: حديث صحيح.
وروينا في "صحيح مسلم" عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ طَلَبَ الشَّهادَةَ صَادِقًا أُعْطِيها ولَوْ لَمْ تُصِبْهُ".
وروينا في "صحيح مسلم" أيضًا عن سهل بن حُنيف رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
ــ
الحافظ حديث صحيح أخرجه أحمد. قوله: (من سأل الله تعالى القتل) في سبيله كما جاء مقيدًا بذلك في رواية الترمذي وقوله (صادقًا) أي من قلبه كما في رواية الترمذي أيضًا وجاء في الرواية الثانية من سأل الله الشهادة الحديث ففي الحديث استحباب سؤال الشهادة واستحباب نية الخير قال ابن رسلان في شرح سنن أبي داود من سأل الله الشهادة ومات على فراشه فله أجر شهيد بسؤاله الشهادة وإن لم تحصل له وأما من قتل شهيدًا فقد حصلت له الشهادة لكن يعطى أجر شهيد زيادة على من قتل شهيدًا ولم يسأل الله الشهادة قبل القتل اهـ.
قوله: (وروينا في صحيح مسلم الخ) قال الحافظ ورواه أحمد وقول السلاح انفرد به مسلم يعني عن باقي الستة. قوله: (وروينا في صحيح مسلم أيضًا) قال الحافظ وأخرجه أبو عوانة وأبو داود والنسائي وابن ماجه وفي الجامع الصغير أخرجه مسلم والأربعة. قوله: (عن سهل بن حنيف) هو سهل بن حنيف بن واهب الأوسي الأنصاري المدني البدري شهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ممن بايع على الموت وثبت يوم أحد ولم يفر وكان حسن الخلق ناعم الجسم روي أنه تجرد يومًا للاغتسال فقال رجل من الأنصار: ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة فلبط به وصرع من حينه فحمل إلى النبي صلى الله عليه وسلم محمومًا فأخبر بخبره فقال صلى الله عليه وسلم: "علام يقتل أحدكم أخاه؟ ما يمنع أحدكم إذا رأى من أخيه ما يعجبه من نفسه أو ماله فليبرك عليه إن العين حق". ثم إن سهل بن حنيف صحب عليًّا واستخلفه على المدينة حين سار إلى البصرة وشهد معه صفين وحديث قيامه يوم صفين ووعظه مشهور مذكور في الصحاح وولاه بلاد فارس فأخرجه أهلها فاستعمل عليهم زياد ابن أبيه فصالحوه وأدوا الخراج روي لسهل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قيل: أربعون حديثًا اتفقا منها على أربعة وانفرد باثنين منها مسلم وخرج