الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب ما يقول إذا ظهر المسلمون وغلبوا عدوهم
ينبغي أن يكثر عند ذلك من شكر الله تعالى، والثناءِ عليه، والاعترافِ بأن ذلك من فضله لا بحولنا وقوَّتنا، وأن النصر من عند الله،
ــ
الصحابي ذكره الترمذي واستدركه ابن الدباغ علي ابن عبد البر وقال ابن حجر في شرح المشكاة الذي قاتل أصحاب بئر معونة عدو الله عامر بن الطفيل العامري وهو غير عامر بن الطفيل الأسلمي الصحابي اهـ. ولم أر لعامر بن الطفيل الأسلمي ذكرًا في أسد الغابة لابن الأثير ولا في مختصره للذهبي ولا في الاستيعاب لابن عبد البر والظاهر أنه من قلم الشيخ انتقل من ذكر عامر بن واثلة أبي الطفيل إلى من ذكره والله أعلم فلما أتى حرام عامرًا بالكتاب النبوي لم ينظر في كتابه حتى عدا عليه فقتله ثم استصرخ عليهم في عامر فلم يجيبوه وقالوا لا نخفر أبا براء وعقد لهم عقدًا وجوارًا فاستصرخ عليهم قبائل من سليم عصية ورعل فأجابوه إلى ذلك ثم خرجوا حتى غشوا القوم فأحاطوا بهم في رحالهم فلما رأوهم أخذوا سيوفهم وقاتلوهم حتى قتلوا إلى آخرهم إلا كعب بن زيد فإنهم تركوه وبه رمق فعاش حتى قتل يوم الخندق شهيدًا وإلا عمرو بن أمية الضمري فإنه لما أخبرهم أنه من ضمر أخذه عامر بن الطفيل وأعتقه عن رقبة يزعم أنها كانت على أمه فلما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم خبرهم قال: هذا عمل أبي براء قد كنت لهذا كارهًا متخوفًا فبلغ ذلك أبا براء فشق عليه ومات آسفًا من صنيع عامر بن الطفيل قال أنس أنزل الله في الذين قتلوا يوم بئر معونة قرآنا ثم نسخ بعد أي نسخت تلاوته بلغوا قومنا أنا لقينا ربنا فرضي عنا ورضينا عنه وسبق للقصة ذكر في باب القنوت.
باب ما يقول إذا ظهر المسلمون وغلبوا عدوهم وفي نسخة على عدوهم
قوله: (ينبغي أن يكثر) أي من رأي ظهور المسلمينِ وغلبتهم. قوله: (بأن ذلك) أي الظهور والغلبة من فضله تعالى وبإعانته قال تعالى: {وَمَا النَّصْرُ إلا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} . قوله: (لا بحولنا وقوتنا) وفي نسخة (ولا بقوتنا) أي وإن كانت لهم في الظاهر كثرة عدد وعدد قال الله تعالى: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ} . قوله: (وأن النصر من عند الله) أي لا بالأخشاب ولا بكثرة الأسباب {إنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ
وليحذروا من الإعجاب بالكثرة، فإنه يخاف منها التعجيزُ كما قال تعالى:{وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} [التوبة: 25].
ــ
وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ} قوله: (وليحذروا) أي وليخش المجاهدون. قوله: (من الإعجاب بالكثرة) أي وغيرها مما يقع عنده النصر بفضل الله تعالى عادة من وجود الشجعان وزيادة العدة ورفعة المكان. قوله: (فإنه يخاف منها) أي من الكثرة (التعجيز) أي يخاف من الإعجاب بها أو من نفسها لكونها سبب التعجيز فنسب إليها ذلك. قوله: (ويوم حنين) أي ونصركم الله يوم حنين وحنين بضم الحاء المهملة ونونين بينهما تحتية مصغر اسم لواد بين مكة والطائف قريب من ذي المجاز قال في النهر وصرف مذهوبًا به المكان ولو ذهب به مذهب البقعة لم يصرف وإذ بدل من يوم وأضاف الإعجاب إلى جميعهم وإن كان صادرًا عن واحد منهم لما رأى الجمع الكثير أعجبه وقال: لن نغلب اليوم من قلة وهذه الكثرة قال ابن عباس كانوا ستة عشر ألفًا والباء في قوله بما رحبت للحال وما مصدرية أي ضاقت بكم الأرض مع كونها رحبة واسعة لشدة الحال عليهم والرحب أي بضم الراء السعة وبفتحها الواسع. قوله: (ثم وليتم مدبرين) أي فارين على أدباركم منهزمين تاركين رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسند التولي إلى جميعهم وهو واقع من أكثرهم إذ قد ثبت معه صلى الله عليه وسلم من الأبطال اهـ. وانظر إلى جزاء ما صدر من إعجاب ذلك الإنسان بكثرة ذلك الجيش وقوله لن نغلب اليوم عن قلة لما كان فيها ظاهرًا الاعتزاز بالقوة والكثرة من انهزام معظمهم إلا من ثبت معه صلى الله عليه وسلم نحو عشرة من ابطال الصحابة كالصديق وعمر والعباس وحيدرة في آخرين قال في شأنهم العباس رضي الله عنه وأرضاه:
نصرنا رسول الله في الحرب تسعة
…
وقد فر من قد فر منهم واقشعوا
وعاشرنا لاقى الحمام بنفسه
…
بما مسه في الله لا يتوجع