الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اللهُم إني أسْتَشْفِعُ إلَيْكَ بِخَواصِّ عبَادِكَ، وأتَوَسَّلُ بِكَ إلَيْكَ، أسألُكَ أن تَرْزُقَني جَوامِعَ الخَيْرِ كُلَّه، وأن تَمُنَّ عَليَّ بِمَا مَنَنْتَ بِه على أوْلِيائِكَ، وأنْ تُصْلِحَ حالي في الآخِرَةِ والدُّنْيا يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
فصل في الأذكار المستحبة في الدفع من المشعر الحرام إلى منى
إذا أسفر الفجر انصرف من المشعر الحرام متوجهًا إلى منى، وشعاره التلبية والأذكار والدعاء والإكثار من ذلك كلِّه، وليحرص على التلبية فهذا آخر زمنها، وربما لا يقدَّر له في عمره تلبيةٌ بعدَها.
ــ
الوهاب وذكره دون ما قبله لأنه أفخر قال تعالى: (وَرِضوَان من اللَّهِ أَكبَرُ) فهو من باب التحلية بالحاء المهملة. قوله: (اللهم إني أتشفع إليك الخ) قال الحافظ: لم أره مأثورًا وتقدم التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في أذكار الحاجة من حديث عثمان بن حنيف وتقدم في باب أذكار المشي إلى المسجد أسألك بحق السائلين عليك من حديث أبي سعيد وتقدم الدعاء بجوامع الكلم ويأتي الدعاء بصلاح الحال قريبًا إن شاء الله تعالى اهـ. وكأنه يشير إلى منتزع هذه الأذكار. قوله: (بما مننت به على أوليائك) أي من العرفان والمحبة وغيرهما المومأ إليه بقوله تعالى: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ. قوله: (وأن تصلح حالي في الآخرة والدنيا) أي بصلاح الأعمال والاستقامة في الأقوال والأفعال فبذلك صلاح الآخرة وصلاح الدنيا بوجود الكفاف من الوجه الحلال والقناعة به وصون الوجه عن الغير وفي الحديث: اللهم اجعل رزق آل محمد قوتًا وفي رواية كفافًا.
فصل
قوله: (إذا أسفر الفجر انصرف من المشعر الحرام) أي إذا أسفر الفجر جدًّا بحيث ترى الإبل موضع أخفافها ويكره تأخير السير منه إلى طلوع الشمس كما في المجموع نقلًا عن الأم. قوله: (وشعاره التلبية والأذكار) أي لما سبق من حديث الفضل بن العباس رضي الله عنهم فلم يزل صلى الله عليه وسلم يلبي حتى رمى جمرة العقبة وهو في الصحيحين ورويا أيضًا عن ابن مسعود نحوه وسبق لذلك طرق أخرى قال الحافظ: وأما الإكثار من الدعاء والذكر فمستنده الآية المتقدمة أي فاذكروا الله كذكركم آباكم.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فائدة
إذا وصل وادي محسر -وهو بضم الميم وفتح الحاء وكسر السين المهملتين مسيل واد فاصل بين منى ومزدلفة سمي بذلك قيل: لأن قيل أصحاب الفيل حسر فيه كذا قال المصنف في الإيضاح وجزم به المحب الطبري وشيخه ابن خليل المكي لكن نظر فيه الفاسي بقول ابن الأثير إن الفيل لم يدخل الحرم بل وقف بالمغمس وقيل لأنه يحسر سالكيه ويتعبهم وتسميه أهل مكة وادي النار قيل: لأن رجل اصطاد فيه فنزلت نار فأحرقته وقيل لأن بعض الأنبياء رأى اثنين على فاحشة فيه فدعا عليهما فنزلت نار فأحرقتها -أسرع أي حرك دابته حتى يقطع عرض الوادي وكان عمر يوضع في وادي محسر ويقول:
إليك تغدو قلقًا وضينها
…
مخالفًا دين النصارى دينها
أخرجه الحافظ وقال بعد تخريجه هذا أثر غريب من هذا الوجه وأخرج ابن أبي شيبة بسند فيه انقطاع عن عمر أيضًا أنه كان يقول كذلك وزاد فيه:
معترضًا في بطنها جنينها
وزاد عنه في طريق أخرى من طريق ابن عمر:
قد ذهب الشحم الذي يزينها
قال الحافظ: يوضع أي يسرع وزنًا ومعنى وجاء بلفظ يحرك ثم أخرج الحافظ عن هشام بن عروة من أبيه أن عمر كان يحرك في وادي محسر الحديث قال الحافظ وقد عقد ابن أبي شيبة للإيضاع هنا بابًا ذكر فيه أحاديث مرفوعة وموقوفة وبعضها في الصحيح ونقل عن ابن عباس وبعض أنه لا يستحب وعن ابن عباس أنه أثبته هنا وكرهه عن الإفاضة من عرفة وفي المجموع نقلًا عن القاضي حسين يستحب أن يقال هذا المنقول عن عمر في المكان المذكور ونقل الرافعي وغيره أن السبب في الإسراع هنا أن نصارى العرب من أهل نجران كانوا يقفون هنا لا في المشعر الحرام فخولفوا ثم ذكر له مؤيدًا من حديث المسور بن مخرمة ولا يظهر عنه ذلك قال الحافظ ومما جاء من القول عند الدفع من مزدلفة ما أخرجه عبد الرزاق عن ابن عمر أنه كان يقول إذا هبط من محسر:
اللهم غافر الذنوب جما
…
أي عبد لك لا ألما
قلت: وهذا الرجز أنشده الزبير بن بكار لأمية بن أبي الصلت قاله لما حضره الموت ولفظه:
إن تغفر اللهم تغفر جما
وأنشده ابن الكلبي للديان الحارثي