الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"أذِيبُوا طَعَامَكُمْ بِذِكرِ اللهِ عز وجل والصَّلاةِ، ولا تَنَامُوا عَلَيهِ فَتَقْسُوَ لَهُ قُلُوبُكُمْ".
كتاب السلام والاستئذان وتشميت العاطس وما يتعلق بها
ــ
الثقات بالموضوعات كأنه المتعمد لها ولذا نسبه إلى الوضع أبو أحمد بن عدي والحاكم والعقيلي وزاد أنه أحد من وضع حديث أبي بن كعب الطويل في فضائل السور وقد ذكر البيهقي أن الحديث من أفراد بزيع اهـ كلام الحافظ. وفي اللآلئ الموضوعة للحافظ السيوطي أن الحديث جاء من طريق بزيع أبي الخليل قال
…
حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة فذكره وجاء من طريق أصرم بن حوشب قال: حدثنا عبد الله بن إبراهيم الشيباني عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة فذكر الحديث ثم قال السيوطي: الحديث موضوع، بزيع متروك، وأصرم كذاب، قال ابن عدي هو لبزيع فلعل أصرم سرقه منه قال السيوطي: قلت: أخرجه من الطريق الأولى الطبراني في الأوسط وابن السني في عمل اليوم والليلة وأبو نعيم في الطب والبيهقي في الشعب وقال تفرد به بزيع وكان ضعيفًا وأخرجه من طريق الثاني ابن السني في الطب واقتصر العراقي في تخريج الإحياء على تضعيفه وقال الديلمي: أخبرنا محمد بن الحسين إذنًا، أخبرنا أبي: حدثنا الديباج بن عثمان، حدثنا أحمد بن عقدة، حدثنا ابن الأشعث، حدثنا أصرم، حدثنا عبد الله بن إبراهيم عن حبيب بن أبي ثابت عن عاصم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكل العشاء والنوم عليه قسوة في القلب" اهـ. قوله: (أذيبوا طعامكم) أمر من الإذابة أي صيروا ذوبانه ووصوله إلى أجزاء البدن وانتفاعها به ناشئًا ومتسببًا عن ذكر الله تعالى. قال الصديق الأهدل: قال في الإحياء: أقل ذلك أن يصلي أربع ركعات ويسبح مائة تسبيحة ويقرأ جزءًا من القرآن عقب كل أكلة اهـ
كتاب السلام والاستئذان وتشميت العاطس وما يتعلق بها
قال في السلاح: السلام بمعنى السلامة فإذا سلم المسلم على المسلم عليه فكأنه يعلمه
قال الله تعالى: {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً} [النور: 61] وقال تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: 86] وقال
تعالى:
ــ
بالسلامة من ناحيته ويؤمنه من شره وغائلته كأنه يقول له: أنا سلم لك غير حرب وولي غير عدو وقيل: إنما هو اسم من أسماء الله تعالى فإذا قال المسلم لأخيه: سلام عليكم فإنما يعوذه بالله ويبرك عليه باسمه قاله الخطابي اهـ. وسيأتي له تتمة وقال ابن القيم في بدائع الفوائد: السلام بمعنى التحية مصدر سلم ومصدره البخاري عليه تسليم كعلم تعليمًا والسلام من سلم كالكلام من كلم اهـ. ثم عقبه بما يفيد أن مراده أنه اسم مصدر لأن المصدر هو البخاري على فعله وهذا ليس كذلك ثم قال: فإن قيل: ما الحكمة في مجيئه اسم مصدر ولم يجيء على اسم المصدر؟ قيل: هذا سر بديع وهو أن المقصود مسمى السلامة للمسلم عليه على الإطلاق من غير تقييد بفاعل أي وذلك مدلول اسم المصدر بخلاف المصدر فإنه يدل على الحدث ومن ثم قام به، فلما كان المراد مطلق السلام من غير تعرض لفاعل أتوا بالمصدر الدال على مجرد الفاعل ولم يأتوا بالمصدر الدال على الفعل والفاعل معًا. أما السلام بمعنى السلامة فمصدر كالجلال والجلالة فإذا حذفت التاء كان المراد نفس المصدر فإذا أتى بها كان فيه إيذان بالتحديد بالمرة من المصدر اهـ. والاستئذان بسكون الهمزة وتبدل ياء طلب الإذن في الدخول وتشميت العاطس أي قول: رحمك الله وهو بالشين المعجمة وبالمهملة وما يتعلق بها أي بهذه الثلاثة من الأحكام والفضائل. قوله: (قال الله سبحانه وتعالى: {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ} سبق الكلام على شيء مما يتعلق بها في باب ما يقول: إذا دخل بيته في أوائل الكتاب. قوله: (وقال عز وجل أي عز شأنه وجل قدره عن أن يضاف إليه ما لا يليق به وقد التعبير به بعد التعبير بقوله أولًا سبحانه وتعالى تفنن. قوله: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ منها} قال البيضاوي: الجمهور على أنه في السلام ويدل على وجوب الجواب إما
{لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا} [النور: 27] وقال تعالى:
ــ
بأحسن منه وهو أن يزيد عليه ورحمة الله فإن قاله له المسلم زاد وبركاته وهي النهاية وإما يرد مثله لما روي أن رجلًا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: السلام عليك فقال: "وعليك السلام ورحمة الله" وقال آخر: السلام عليك ورحمة الله فقال: "وعليك السلام ورحمة الله وبركاته" وقال آخر: السلام عليك ورحمة الله وبركاته فقال: "وعليك" فقال: نقصتني وأين ما قال الله وتلا الآية، قال: إنك لم تترك لي فضلًا فرددت عليه مثله وذلك لاستجماعه أقسام المطالب السلامة عن المضار وحصول المنافع وثباتها ومنه قيل أو للترديد بين أن يحيي المسلم ببعض التحية وبين أن يحيي بتمامها، وهذا الوجوب على الكفاية وحيث السلام مشروع فلا يرد في الخطبة وقراءة القرآن وفي الحمام وعند قضاء الحاجة ونحوها، والتحية في الأصل مصدر حياك الله
على الإخبار من الحياة أي فوزنه تفعلة نقلت حركة الياء الأولى إلى الحاء ثم أدغمت في الياء الثانية وأصله الأخبار من الحياة ثم استعمل للحكم والدعاء بذلك ثم قيل لكل دعاء فغلب في السلام، وقيل: المراد بالتحية العطية وأوجب الله تعالى الثواب أو الرد على المتهب وهو قول قديم اهـ. وعلى هذا الوجه فليس ثمة مضاف في التقدير أما على كون المراد بالتحية السلام ففي النهر أن قوله أوردوها على حذف مضاف أي ردوا مثلها اهـ. وهذه الآية وما قبلها فيما يتعلق بالسلام. قوله: {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا} قال جماعة المفسرين حتى تستأذنوا قال ابن عباس: أخطأ الكاتب حتى تستأنسوا إنما هي حتى تستأذنوا وقال أهل المعاني: الاستئناس الاستعلام يقال: أنست منه كذا أي علمت والمعنى حتى تستعلموا وتنظروا وتتعرفوا {وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا} هو أن يقول: السلام عليكم أدخل؟ ولا يجوز دخول بيت الغير إلا بعد الاستئذان لهذه الآية كذا في الوسيط للإمام الواحدي، وفي النهر لأبي حيان الظاهر أنه يجوز للإنسان أن يدخل بيت
{وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [النور: 59] وقال تعالى:
{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (24) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَال سَلَامٌ} [الذاريات: 24، 25].
واعلم أن
ــ
نفسه بغير استئذان ولا سلام لقوله: غير بيوتكم ويروى أن رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أستأذن على أمي؟ قال: "نعم"، قال: فإنه ليس لها خادم غيري أستأذن عليها كلما دخلت؟ قا هـ: "تحب أن تراها عريانة" قال الرجل: لا، قال:"فاستأذن" اهـ. والآية فيها ما يتعلق بالاستئذان والسلام. تموله: {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا} يعني إذا بلغ الأطفال منكم أي من الأحرار الحلم فليستأذنوا أي في جميع الأوقات في الدخول عليكم فالبالغ يستأذن في كل الأوقات والمملوك والطفل يستأذنان في الثلاث العورات: قبل صلاة الفجر لأن الإنسان ربما يبيت عريانًا أو على حال لا يحب أن يرى عليها وحين المقيل ومن بعد صلاة العشاء يأوي الرجل إلى أهله ويخلو بها ففي هذه الأوقات الثلاث التي يتخلى النّاس فيه ويتكشفون أمر العبيد وغير البالغ من الأحرار بالاستئذان فيها والحر البالغ يستأذن في الدخول سائر الأوقات وقوله تعالى: {كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} أي الأحرار الكبار الذين أمروا بالاستئذان على كل حال وهذه الآية متعلقة بالاستئذان وفيه بدء السلام كما يأتي في صفة الاستئذان وكذا ما بعدها فيه ما يتعلق بالسلام. قوله: " {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ} أي الملائكة الذين أرسلوا إليه بالبشائر الثلاث بالخلة والولد وبإنجاء لوماومن آمن معه قيل: كانوا اثني عشر ملكًا قاله ابن عباس ووصفهم بالمكرمين لكرامتهم عند رب العالمين وقوله تعالى إذ معمول لقوله حديث والضيف يقع على الواحد والجمع بلفظ واحد أي هل تقرر عندك حديث ضيف إبراهيم المكرمين وقت دخولهم عليه من غير استئذان منهم له. وقوله: (فقالوا سلامًا) هو بالنصب على إضمار فعل أي سلمت سلامًا وفيه دليل على أن الوارد على قوم هو الذي يبدؤهم بالسلام في قوله (قال: سلام) دليل على أنهم يردون عليه وسلام بالرفع مبتدأ خبره محذوف أي عليكم قال ابن القيم في كتاب بدائع الفوائد قيل: السر في نصب سلام ضيف إبراهيم ورفع سلامه أن النصب لكونه متضمنًا
أصل السلام ثابت بالكتاب والسنة والإجماع. وأما أفراد مسائله وفروعه فأكثر من أن تحصر، وأنا أختصر مقاصده في أبواب يسيرة إن شاء الله تعالى، وبه التوفيق والهداية والإصابة والرعاية.
ــ
جملة فعلية إذ
التقدير سلمت سلامًا يدل على الحدوث والتجدد، والرفع لكونه متضمنًا جملة اسمية إذ التقدير سلام عليكم يدل على الثبوت والتقرر فكان سلامه عليهم أكمل من سلامهم عليه وكان له من مقام الرد ما يتعلق بمنصبه وهو مقام الفضل إذ حياهم بأحسن من تحيتهم، قال: وعندي جواب هو أحسن من هذا هو أنه لم يقصد حكاية لفظ سلام الملائكة فقوله: سلامًا منصوب على أنه صفة قولًا والتقدير قالوا قولًا: سلامًا كما يقال قالوا: سدادًا وصوابًا ونظيره قوله تعالى: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} ليس المراد منه قالوا: هذا اللفظ المفرد بل المراد قالوا قولًا: سلامًا وسمي القول سلامًا لأنه يؤدي معنى السلام ويتضمنه من دفع الوحشة وحصول الاستئناس وقصد حكاية لفظ سلام إبراهيم فأتى به على لفظه مرفوعًا بالابتداء محكيا بالقول، وفي حكايته قول إبراهيم ورفعه وترك ذلك في جانب ضيفه إشارة إلى معنى لطيف جدًّا هو أن قول: سلام عليكم من دين الإسلام المتلقى عن أبي الأنبياء وإمام الحنفاء وأنه من ملة إبراهيم التي أمرنا باتباعها فحكي لنا قوله: ليحصل لنا الاقتداء والاتباع به ولم يحك قول ضيفه إنما أخبر به على سبيل الجملة دون التفصيل والكيفية والله أعلم اهـ. وقد أشار في النهر إلى هذا الوجه أعني كون سلامًا نعتًا لمصدر محذوف. قوله: (أصل السلام الخ) أي دليل السلام بدءًا وردًّا (ثابت بالكتاب) أي كما ذكر من الآي (والسنة) أي كالأحاديث الآتية (والإجماع) أي إجماع الأمة. قوله: (أفراد مسائله وفروعه) هو بفتح الهمزة واحد فرد أي مفردات مسائله والمراد أن ما ذكره من الكتاب والسنة في أصل مشروعية السلام وأما ما فيه من الفروع والمسائل فكثيرة جدًّا. قوله: (مقاصده) أي ما يقصد من تلك المسائل والفروع بعموم الحاجة إليه. قوله: (أبواب يسيرة) الإتيان بالوصف لتأكيد مبالغة القلة المفهومة من صيغة أبواب إذ هو من جموع القلة وذلك سبعة أبواب.