الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في الأذكار المستحبة بمنى يوم النحر:
إذا انصرف من المشعر الحرام ووصل منى يستحبُّ أن يقول: الحَمْدُ للهِ الَّذِي بَلَّغَنِيها سالما مُعافىً، اللهُم هذِهِ مِنىً قدْ أتَيْتُها، وأنا عَبْدُكَ، وفي قَبْضَتِكَ، أسألُكَ أن تَمُنَّ عَليَّ بِمَا مَنَنْتَ بِهِ عَلى أوْليائِكَ، اللهُم إني أعُوذُ بِكَ مِنَ الحِرمَانِ والمُصِيبَةِ في دِينِي يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
فإذا شرع في رمي جمرة العَقَبة قطع التلبية مع أوَّل حصاة واشتغل بالتكبير، فيكبِّر مع كل حصاة،
ــ
جد بني عبد المدان رؤساء نجران ولفظه مثل أمية لكن قال:
وكل عبد لك قد ألما
وقد وجدته مرفوعًا عن ابن عباس في قوله تعالى: (إلا اللمم) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"اللهم إن تغفر تغفر جما
…
وأي عبد لك لا ألما"
قال الحافظ بعد تخريجه: هذا حديث صحيح أخرجه الحاكم وقال صحيح الإسناد قلت وهو محمول على أنه صلى الله عليه وسلم تمثل به ومن ثم تغير وزن البيت اهـ.
فصل
قوله: (إذا انصرف الخ) ظرف لقوله المستحبة. قوله: (يستحب أن يقول الخ) قال الحافظ: لم أره مأثورًا. قوله: (سالمًا) أي من القواطع المانعة عن الوصول. قوله: (معافى) من الأسقام أو من الآثام إن كان أهل ذلك المقام. قوله: (اللهم إني أعوذ بك من الحرمان الخ) أخرجه الحافظ عن الأصمعي قال: رأيت أعرابيًّا بمكة يقول: اللهم إليك خرجت وما عندك طلبت فلا تحرمني خير ما عندك لشر ما عندي وإن أنت لم ترحم تعبي ونصبي فلا تحرمني أجر المصاب على مصيبتي. قوله: (فإذا شرع في رمي الجمرة الخ) هذا إن فعل بالأفضل من تقديم الرمي فإن قدم غيره من أسباب التحلل قطع التلبية به كما سبق. قوله: (فيكبر مع كل حصاة) أي للأتباع ففي حديث مسلم عن جابر في حجة الوداع: ثم سلك صلى الله عليه وسلم الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة وورد أصل ذلك في الصحيحين عن ابن مسعود وعند البخاري عن ابن عمر وعند أبي داود من رواية سليمان بن عمرو بن الأحوص عن أمه وهي التي يقال لها: أم جندب وقضية الأحاديث وكلامهم أنه يقتصر
ولا يُسنُّ الوقوفُ عندها للدعاء، وإذا كان معه
ــ
على تكبيرة واحدة قاله المصنف رادًّا به نقل الماوردي عن الشافعي تكريره له ثنتين أو ثلاثًا مع توالي كلمات بينهما كذا في التحفة لابن حجر الهيتمي لكن في حاشية الإيضاح له أن الذي رده المصنف ما حكاه في الإيضاح عن بعض العلماء من أنه يقول: الله أكبر ثلاثًا وفي الثالثة كبيرًا والحمد الله كثيرًا وسبحان الله بكرة وأصيلًا، لا إله إلا الله وحده لا شريك له مخلصين له الدين ولو كره الكافرون لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده لا إله إلا الله والله أكبر فقال تعقبه في المجموع بأنه غريب وأن الذي في كتب الفقهاء والأحاديث الصحيحة أنه يكبر مع كل حصاة ومقتضاه مطلق التكبير قال وما ذكره هذا القائل طويل لا يحسن التفريق به بين الحصيات ثم قال وقال الماوردي قال الشافعي يكبر مع كل حصاة فيقول: الله أكبر ثلاثًا الخ اهـ. وظاهر كلام المجموع تقرير الماوردي على ما نقله عن الشافعي وهو ظاهر وإن اعترضه الأذرعي بأنه لم يره في الأم ولا البويطي والمختصر وكأن الغزي تبعه حيث قال: يكبر مع كل حصاة تكبيرة واحدة قال بعض تلاميذه ولا يخفى أن رد النووي له مقدم على تقريره إياه اهـ، وقول المصنف يكبر مع كل حصاة عبر به في المجموع والروضة وأصلها والإيضاح في رمي النحر وبه عبر الشافعي صريح في مقارنة التكبير
لكل حصاة وما وقع في الفصل الثامن من الإيضاح في رمي أيام التشريق من أن التكبير عقب كل حصاة فمحول على اختصاص التعقيب برمي التشريق والمعية برمي جمرة العقبة وبه يشعر صنيع الإيضاح والمجموع حيث عبر فيهما في رمي يوم النحر بمع وفي رمي أيام التشريق بعقب وبذلك يشعر صنيع غيرهما قيل وهو وجيه إذ هو الوارد فيهما أو ضعيف خلافًا لمن قال إن ما هنا محمول على ذاك وأورد ما هنا بتأويل بعيد لا دليل عليه ثم رأيت وقوف بعض المتأخرين قال والمعروف من كلامهم المعية في الموضعين اهـ. قوله: (ولا يسن إلى قوف عندها للدعاء) عللوه بضيق المكان إذ ليس لجمرة العقبة سوى وجه واحد وبالوقوف عنده يشغل عن وقوف غيره فيه للرمي أما في باقي أيام التشريق فعللوه بأن التفاؤل بالقبول مع
هَدْي فنحره أو ذبحه، استحب أن يقول عند الذبح أو النحر: بِسْمِ اللهِ واللهُ أكْبَرُ،
ــ
الفراغ من رميها قال بعض المتأخرين والتعليل به غير بعيد غير أن التفاؤل بذلك يعارضه طلب أن يقف للشكر على قبوله اهـ.
فائدة
أخرج الحافظ عن جابر رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو واقف على القرن يوم النحر وهو يقول: يا حي يا قيوم لا إله إلا أنت برحمتك أستغيث فاكفني شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين وقال حديث حسن غريب ويعقوب بن محمد الزهري وثقوه وفيه مقال ويقال إن البخاري أخرج عنه وعمارة بن صياد وثقه مالك ومحمد بن معين الغفاري شيخ يعقوب بن محمد بن عباد بضم المهملة وتخفيف الموحدة الواسطي تلميذ يعقوب من رجال الصحيح وله شاهد من حديث أنس وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه فاطمة بنته لكن ليس فيه التقييد بيوم النحر وتقدم في أذكار المساء والصباح وعن أنس في باب دعاء الكرب لكن اقتصر على صدره ومن حديث ابن مسعود نحوه ومن حديث أبي بكرة طرفه الثاني ومن حديث علي وأبي هريرة مطلق قوله: يا حي يا قيوم اهـ. قوله: (هدي) بإسكان الدال ويجوز كسرها مع تشديد الياء وتخفيفها. قوله: (فنحره) أي إن كان من الإبل (وذبحه) إن كان من البقر أو الغنم هذا هو الأفضل فيها ولو عكس لجاز. قوله: (أن يقول عند الذبح بسم الله) أي اذبح (والله أكبر) ودليل ذلك الاتباع عن أنس قال: ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين فرأيته واضعًا قدمه على صفا جهما يسمي ويكبر زاد بعض رواته فذبحهما بيده قال الحافظ بعد تخريجه: أخرجه أحمد عن غندر وغيره عن شعبة عن قتادة عن أنس وهو في الصحيحين من طرق عن شعبة ومن طرق أخرى عن قتادة وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بكبشين أقرنين أملحين عظيمين موجوأين فأضجع أحدهما وقال: بسم الله والله أكبر وذبحه اللهم عن محمد وآل محمد ثم اضطجع الآخر فقال باسم الله والله أكبر اللهم عن محمد وعن أمته من شهد لك بالتوحيد وشهد لي بالبلاغ قال الحافظ بعد تخريجه: حديث حسن أخرجه الطحاوي بسند رجاله رجال الصحيح إلا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عبد الله بن محمد بن عقيل فإنه صدوق تكلموا في حفظه وقد اختلفوا عليه في سنده فقال سفيان الثوري عنه عن أبي سلمة عن أبي هريرة أو عائشة أخرجه عبد الرزاق عن الثوري وأخرجه ابن ماجه من طريقه وأخرجه أحمد عن وكيع عن الثوري وأخرجه الحاكم من وجه آخر عن وكيع كلهم بالشك في صحابيه وقال زهير بن محمد بن شريك وعبد الله وعبيد الله بن محمد الرقي
ثلاثتهم عن ابن عقيل عن علي بن الحسين بن علي عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرجه أحمد من رواية شريك وأخرجه أيضًا من رواية زهير وأخرجه الطحاوي من رواية الرقي وأطلق بعض المحدثين على هذا الحديث الاضطراب لهذا الاختلاف وفيه نظر لأن الثوري أحفظهم إلا إن كان الاختلاف من ابن عقيل لا عليه وللحديث طريق أخرى عن جابر ولفظه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذبح يوم العيد وقال: {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} و {إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ} إلى آخر الآية لكن قال: وأنا من المسلمين بسم الله والله أكبر اللهم منك وإليك من محمد وأمته قال الحافظ بعد تخريجه من طريق عبد الله ابن الإِمام أحمد ما لفظه حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد قال: حدثنا أبي عن محمد بن إسحاق حدثني يزيد بن أبي حبيب المصري عن خالد ابن أبي عمران عن أبي عياش عن جابر وأخرجه ابن خزيمة والحاكم وغيرهما ورجاله موثقون وقد صرح محمد بن إسحاق بالتحديث فأمن تدليسه وأبو عياش بمثناة من تحت مصري معافى ذكره ابن يونس وسمي أباه النعمان ثم أخرج الحافظ الحديث عن أبي عياش عن جابر من طريق أخرى فذكر الحديث مثله لكن قال وأنا أول المسلمين وقال في آخره ثم سم الله وكبره قال الحافظ بعد ذكر أنه أسقط في هذه الطريق خالد بن أبي عمران بين يزيد بن أبي حبيب المصري وبين أبي عياش وهكذا أخرجه أبو داود وابن ماجه كلاهما عن محمد بن إسحاق بإسقاط خالد ورواية إبراهيم بن
اللهُم صَل على مُحَمدٍ وعلى آلِه وَسَلَّم، اللَّهُمَّ مِنْكَ واليْكَ، تَقَبَّلْ مِني، أوْ تَقَبَّلْ مِنْ فُلانٍ إن كان يذبحه عن غيره.
وإذا حلق رأسه بعد الذبح
ــ
سعد هي المتصلة المعتمدة وهو أحفظ الجميع اهـ. ثم التسمية حال الذبح سنة عندنا لو تركها حل أكل المذبوح سواء تركها عمدًا أو سهوًا وهي واجبة عند أبي حنيفة وغيره ثم ظاهر كلامه أنه لا يسن زيادة الرحمن الرحيم في التسمية وهو ما مشى عليه الزركشي في خادمه وعلله بأنه لا يناسب المقام لكن قال في تكملته ليس المراد بتسميته خصوص هذا اللفظ بل لو قال: الرحمن الرحيم كان حسنًا قال الشافعي وما زاد من ذكر الله فخير والأوجه الثاني ويكره تعمد ترك التسمية قال بعض المتأخرين والصلاة، والسنة أن يكبر قبل التسمية وبعدها وبعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثًا ثم يقول ولله الحمد. قوله:(وصلى الله على محمد الخ) وفي نسخة: "اللهم صل على محمد وعلى آله وسلم" قال الحافظ: نص عليها الشافعي فقال: والتسمية في الذبيحة بسم الله وما زاد بعد ذلك من ذكر الله فهو خير ولا أكره أن يقول فيها: صلى الله على محمد بل أحب ذلك وأحب أن يكثر الصلاة عليه لأن ذكر الله والصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم عبادة يؤجر عليها قال الحافظ وكأنه أشار إلى الرد على من كره ذلك عند الذبح واستند إلى حديث منقطع السند تفرد به كذاب أورده البيهقي وقد تقلده بعض الحنابلة وخطئ وقد أسند الشافعي عن مجاهد في قوله تعالى: (وَرَفَعَنَا لَكَ ذِكرك) وقال: لا أذكر إلا ذكرت معي قال الحافظ: أثر صحيح أخرجه البيهقي وعن الحسن البصري مثله. قوله: (اللهم منك وأليك) قال المصنف في شرح مسلم استحب أصحابنا معه أي مع التسمية والتكبير واللهم تقبل مني قوله اللهم منك وإليك تقبل مني فهذا مستحب عندنا وعند الحسن وجماعة وكرهه أبو حنيفة وكره مالك اللهم منك وإليك قال وهي بدعة اهـ. وفي الحصن أن الحاكم أخرج هذا اللفظ عن ابن عباس موقوفًا عليه ومنك أي وصل إلينا من فضلك وإحسانك وبهديك إليك رجاء امتنانك فتفضل بالقبول. قوله: فتقبل
مني الخ) قال الحافظ: دليل الدعاء بالقبول حديث عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بكبش أقرن ينظر في سواد ويطأ في
فقد استحبَّ بعض علمائنا أن يمسك ناصيته بيده حالة الحلق ويكبر ثلاثًا ثم يقول: الحَمْدُ للهِ على ما هَدَانا، والحَمْدُ لِلهِ على ما أنْعَمَ بِهِ عَلَيْنا، اللهُم هذ ناصِيَتي فَتَقَبَّلْ مِني وَاغْفِرْ لِي ذُنُوبي، اللهُم اغْفِرْ لِي ولِلْمُحَلقِينَ وَالمُقَصِّرِينَ، يا وَاسِعَ المَغْفِرَةِ آمِينَ.
وإذا فرغ من الحلق كبر وقال: "الحَمْدُ لِلهِ الذي قَضَى عَنَّا نُسُكَنا، اللهم زِدنا إيمَانًا ويَقِينًا وَعَوْنًا، وَاغْفِرْ لَنَا ولآبائِنا وأمَّهاتِنا والمُسْلِمينَ أجمَعِينَ.
ــ
سواد ويبركُ في سواد فأتى به ليضحي به فقال: يا عائشة هلمي المدينة ثم قال: اشحذيها بحجر ففعلت فأخذها فاضجعه فذبحه وقال: بسم الله اللهم تقبل من محمد ومن أمة محمد فضحى به قال الحافظ: هذا حديث صحيح أخرجه مسلم وأبو داود وابن حبان وجاء طلب القبول أيضًا في حديث علي أخرجه الحافظ موقوفًا عليه وفيه اللهم تقبل قال الحافظ والسياق لعبد الرزاق وأخرجه ابن أبي شيبة بتمامه واختصره الحربي اهـ.
قوله: (فقد استحب بعض علمائنا أن يمسك ناصيته) أي مقدم رأسه (بيده حالة الحلق الخ) قال الحافظ: لم أقف عليه مأثورًا وآخره أي اغفر للمحلقين والمقصرين متفق عليه. قوله: (فإذا فرغ من الحلق كبر الخ) قال الحافظ: لم أقف عليه أيضًا وذكر الشيخ في شرح المهذب عن الماوردي أن في الحلق أربع سنن منها أن يكبر عند الفراغ قال الشيخ هذا غريب قال الحافظ وهذه العبارة يستعملها الشيخ فيما لا يجده ثم قال: وقد نقل استحباب التكبير البندنيجي والروياني اهـ. قلت: التكبير حال الحلق وقفت عليه مأثورا أخرج ابن الجوزي في مثير العزم الساكن عن وكيع قال: قال لي أبو حنيفة أخطأت في خمسة أبواب من المناسك فعلمنيها حجام وذلك إني حين أردت أن أحلق رأسي وقفت على حجام فقلت: بكم تحلق رأسي؟ فقال أعرابي: أنت! قلت: نعم. قال: النسك لا يشارط عليه اجلس فجلست منحرفًا عن القبلة فقال لي: