المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب تكبير المسافر إذا صعد الثنايا وشبهها وتسبيحه إذا هبط الأدوية ونحوها - الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية - جـ ٥

[ابن علان]

فهرس الكتاب

- ‌فصل في الأذكار والدعوات المستحبات بعرفات:

- ‌فصل في الأذكار المستحبة في الإفاضة من عرفة إلى مزدلفة

- ‌فصل في الأذكار المستحبة في المزدلفة والمشعر الحرام:

- ‌فصل في الأذكار المستحبة في الدفع من المشعر الحرام إلى منى

- ‌فصل في الأذكار المستحبة بمنى يوم النحر:

- ‌فصل في الأذكار المستحبة بمنى في أيام التشريق:

- ‌فصل:

- ‌فصل فيما يقوله إذا شرب من ماء زمرم:

- ‌فصل:

- ‌فصل في زيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأذكارها:

- ‌كتاب أذكار الجهاد

- ‌باب استحباب سؤال الشهادة

- ‌باب حث الإمام أمير السرية على تقوى الله تعالى وتعليمه إياهما يحتاج إليه من أمر قتال ومصالحتهم وغير ذلك

- ‌باب بيان أن السنَّة للإمام وأمير السرية إذا أراد غزوة أن يورى بغيرها

- ‌باب الدعاء لمن يقاتل أو يعمل على ما يعين على القتال في وجهه وذكر ما ينشطهم ويحرضهم على القتال

- ‌باب الدعاء والتضرع والتكبير عندالقتال واستنجاز الله تعالى ما وعد من نصر المؤمنين

- ‌باب النهي عن رفع الصوت عند القتال لغير حاجة

- ‌باب قول الرجل في حال القتال: أنا فلان لإرعاب عدوه

- ‌باب استحباب الرجز حال المبارزة

- ‌باب استحباب إظهار الصبر والقوة لمن جرح واستبشاره بما حصل له من الجرح في سبيل الله وبما يصير إليه من الشهادة وإظهار السرور بذلك وأنه لا ضير علينا في ذلك بل هذا مطلوبنا وهو نهاية أملنا وغاية سؤلنا

- ‌باب ما يقول إذا ظهر المسلمون وغلبوا عدوهم

- ‌باب ما يقول إذا رأى هزيمة في المسلمين والعياذ بالله الكريم

- ‌باب ثناء الإمام على من ظهرت منه براعة في القتال

- ‌باب ما يقوله إذا رجع من الغزو

- ‌كتاب أذكار المسافر

- ‌باب الاستخارة والاستشارة

- ‌باب أذكاره بعد استقرار عزمه على السفر

- ‌تنبيه

- ‌فائدة

- ‌باب أذكاره عند إرادته الخروج من بيته

- ‌باب أذكاره إذا خرج

- ‌باب استحباب طلبه الوصية من أهل الخير

- ‌باب استحباب وصية المقيم المسافر بالدعاء له في مواطن الخير ولو كان المقيم أفضل من المسافر

- ‌باب ما يقوله إذا ركب دابته

- ‌باب ما يقول إذا ركب سفينة

- ‌باب استحباب الدعاء في السفر

- ‌باب تكبير المسافر إذا صعد الثنايا وشبهها وتسبيحه إذا هبط الأدوية ونحوها

- ‌باب النهي عن المبالغة في رفع الصوت بالتكبير ونحوه

- ‌باب استحباب الحداء للسرعة في السير وتنشيط النفوس وترويجها وتسهيل السير عليها

- ‌باب ما يقول إذا انفلتت دابته

- ‌باب ما يقوله على الدابة الصعبة

- ‌باب ما يقوله إذا رأى قرية يريد دخولها أو لا يريد

- ‌باب ما يدعو به إذا خاف ناسًا أو غيرهم

- ‌باب ما يقول المسافر إذا تغوَّلت الغيلان

- ‌باب ما يقول إذا نزل منزلًا

- ‌باب ما يقول إذا رجع من سفره

- ‌باب ما يقوله المسافر بعد صلاة الصبح

- ‌باب ما يقول إذا رأى بلدته

- ‌باب ما يقول إذا قدم من سفره فدخل بيته

- ‌باب ما يقال لمن يقدم من سفر

- ‌باب ما يقال لمن يقدم من غزو

- ‌باب ما يقال لمن يقدم من حج وما يقوله

- ‌كتاب أذكار الأكل والشرب

- ‌باب ما يقول إذا قرب إليه طعامه

- ‌باب استحباب قول صاحب الطعام لضيفانه عند تقديم الطعام: كلوا أو في معناه

- ‌باب التسمية عند الأكل والشرب

- ‌فصل:

- ‌باب لا يعيب الطعام والشراب

- ‌باب جواز قوله: لا أشتهي هذا الطعام أو ما اعتدت أكله أو نحو ذلك إذا دعت إليه الحاجة

- ‌باب مدح الأكل الطعام الذي يأكل منه

- ‌باب ما يقوله من حضر الطعام وهو صائم إذا لم يفطر

- ‌باب ما يقوله من دعى لطعام إذا تبعه غيره

- ‌باب وعظه وتأديبه من يسئ في أكله

- ‌باب استحباب الكلام على الطعام

- ‌باب ما يقوله ويفعله من يأكل ولا يشبع

- ‌باب ما يقول إذا أكل مع صاحب عاهة

- ‌فائدة

- ‌باب استحباب قول صاحب الطعام لضيفه ومن في معناه إذا رفع يده من الطعام "كل" وتكريره ذلك عليه ما لم يتحقق أنه اكتفى منه وكذلك يفعل في الشراب والطيب ونحو ذلك

- ‌باب ما يقول إذا فرغ من الطعام

- ‌تنبيه

- ‌باب دعاء المدعو والضيف لأهل الطعام إذا فرغ من أكله

- ‌باب دعاء الإنسان لمن سقاه ماء أو لبنًا ونحوهما

- ‌باب دعاء الإنسان وتحريضه لمن يضيف ضيفًا

- ‌باب الثناء على من أكرم ضيفه

- ‌باب استحباب ترحيب الإنسان بضيفه وحمده الله تعالى على حصوله ضيفًا عنده وسروره بذلك وثنائه عليه لكونه جعله أهلا لذلك

- ‌باب ما يقوله بعد انصرافه عن الطعام

- ‌كتاب السلام والاستئذان وتشميت العاطس وما يتعلق بها

- ‌باب فضل السلام والأمر بإفشائه

- ‌باب كيفية السلام

- ‌فصل:

- ‌فصل:

- ‌فصل:

- ‌باب ما جاء في كراهة الإشارة بالسلام باليد ونحوها بلا لفظ

- ‌باب حكم السلام

- ‌باب الأحوال التي يستحب فيها السلام والتي يكره فيها، والتي يباح

- ‌باب من يسلَّم عليه ومن لا يسلَّم عليه ومن يُرد عليه ومن لا يُرد عليه

- ‌فصل: وأما الصِّبيان فالسُّنَّة أن يسلم عليهم

- ‌باب في آداب ومسائل من السلام

- ‌باب الاستئذان

- ‌باب في مسائل تتفرَّع على السلام

- ‌فصل في المصافحة:

- ‌فصل: في استحباب طلب الإنسان من صاحبه الصالح أن يزوره، وأن يكثر من زيارته

الفصل: ‌باب تكبير المسافر إذا صعد الثنايا وشبهها وتسبيحه إذا هبط الأدوية ونحوها

دَعْوَة المَظْلُوم، وَدَعْوَةُ المُسافر، وَدَعْوَةُ الوَالِدِ على وَلَدِهِ" قال الترمذي: حديث حسن، وليس في رواية أبي داود "على ولده".

‌باب تكبير المسافر إذا صعد الثنايا وشبهها وتسبيحه إذا هبط الأدوية ونحوها

ــ

عند الهزيمة والداعي في ملأ يؤمن عليه باقيهم وقد أورد الحافظ السيوطي في سهام الإصابة مسندًا ذلك من الأخبار المرفوعة. قوله: (دعوة المظلوم) أي بالنوع الذي ظلم به فقط إذ لا يجوز الدعاء على ظالمه بغير ذلك واستشكل بما في مسلم عن سعيد بن زيدان أن

امرأة خاصمته فقال: اللهم إن كانت كاذبة فاعم بصرها واقتلها في أرضها فكان كذلك وسيأتي الحديث في أواخر الكتاب وأجيب بأنه مذهب صحابي والاستجابة كرامة له لاعتقاده جوازه وبحث الزركشي جواز الدعاء على الظالم بسوء الخاتمة والفتنة في الدين كقول موسى عليه السلام: "فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم" وكقول سعد في الدعاء على من ظلمه "وعرضه للفتن" فأستجيب له وورد أنه صلى الله عليه وسلم دعا على عتبة بن أبي وقاص يوم أحد لما كسرت رباعيته وشج وجهه بقوله اللهم لا تحل عليه الحول حتى يموت كافرًا سنده صحيح لكنه مرسل وورد نظير ذلك عن الصحابة وأعلام الأمة سلفًا وخلفًا وقيل يمتنع وحمل الدعاء بذلك على المتمرد لعموم ظلمه أو كثرته أو تكرره أو فحشه أو إماتته لحق أو سنة أو إعانته على باطل أو ظلم أر بدعة والمنع على من يظلم أو ظلم في عمره مرة وورد في الحديث أن الدعاء على الظالم يذهب أجر المظلوم وأخرج الترمذي وغيره من دعا على ظالمه فقد انتصر قال بعضهم والدعاء على من ظلم المسلمين لا يذهب أجر الداعي لأنه لم يدع لحظ نفسه. قوله: (وليس في رواية أبي داود على ولده) قال الحافظ في رواية ابن ماجه والطبراني دعاء الوالد لولده وعليه وعلى هذا يحمل إطلاق أبي داود والله أعلم قلت وعليه يحمل أيضًا ما عند ابن ماجه أيضًا عن أم حكيم قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاء الوالد يفض إلى الحجاب والله أعلم.

باب تكبير المسافر إذا صعد الثنايا وشبهها وتسبيحه إذا هبط الأودية

ص: 138

روينا في "صحيح البخاري" عن جابر رضي الله عنه قال: كنا

ــ

الثنايا جمع ثنية بفتح المثلثة وكسر النون وتشديد التحيتة فهاء وهي الطريق الضيقة في الجبل وفي النهاية الثنية في الجبل كالعقبة فيه وقيل هو الطريق العالي فيه وقيل أعلى المسيل اهـ. وشبه الثنية كل مرتفع يصعد عليه من أكمة ونحوها فيكبر إذا صعد إلى ذلك والأودية جمع واحده واد وفي التوشيح للسيوطي لا يعرف جمع فاعل على أفعلة إلا في واد وأودية ومناسبة التكبير للصعود والتسبيح للهبوط ظاهرة إذ في الأول يذكر كبرياء الله تعالى بالمحال المرتفعة وفي الثاني تنزيهه عن كل نقص كانخفاض مرتبته تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا قال ابن جعمان في شرح العدة تكبيره صلى الله عليه وسلم عند إشرافه على الجبال استشعار لكبرياء الله سبحانه عند ما تقع العين من عظيم خلقه لأن الكبرياء الله تعالى والكبر هو العلو وليس للعبد منه شيء فإذا علا على مكان شابه حالة الكبير فأمر بالتكبير الله سبحانه وأما تسبيحه في الأودية فمستنبط من قصة يونس وتسبيحه في بطن الحوت فنجاه الله بذلك التسبيح من الظلمات وقيل إن تسبيح يونس كان صلاة قبل أن يلتقمه الحوت فروعي فيه فضلها والأول أولى بدليل التسبيح من الشارع صلى الله عليه وسلم في بطون الأودية وفي كل منخفض وقيل معنى تسبيحه هنا أنه لما كان التكبير الله عند رؤية عظيم مخلوقاته وجب أن يكون فيما انخفض من الأرض بتسبيح الله تعالى لأن التسبيح في اللغة تنزيه الله تعالى من النقائص كالولد والشريك فسبحان الله براءته سبحانه من ذلك قال القونوي ومعنى التسبيح عند

الهبوط أنه سبحانه قال {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} وكما هو فوق الفوق فهو فوق التحت ولا يوصف بالتحت وعلمه محيط بالفوق والتحت فإذا هبط في مكان نزه البارئ عنه بقوله سبحان الله أي عما لا يوصف به من التحت وهو سبحانه معه بإحاطته به وبجميع الموجودات اهـ.

قوله: (روينا في صحيح البخاري الخ) قال الحافظ كذا أورده البخاري من طريقين عن جابر ولم يصرح فيه بالرفع وأخرجه كذلك النسائي ووقع عند النسائي في الكبرى التصريح برفعه ولفظ روايته عن جابر كنا نسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا صعدنا كبرنا وإذا هبطنا

ص: 139

إذا صَعِدنا كبَّرنا، وإذا نزلنا سَبَّحنا.

وروينا في سنن أبي داود في الحديث الصحيح الذي قدمناه في باب ما يقول إذا ركب دابته، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:"كان النبي صلى الله عليه وسلم وجيوشه إذا علوا الثنايا كبروا، وإذا هبطوا سبَّحوا".

ــ

سبحنا وفي بعض طرق البخاري وإذا هوينا بدل هبطنا وهي بمعناها وأخرجه النسائي كذلك أيضًا. قوله: (صعدنا) بكسر العين مضارعه يصعد بفتحها. قوله: (كبرنا) أي قلنا الله أكبر إظهارًا لكبريائه تعالى وعلو مكانته وارتفاع شأنه. قوله: (هبطنا) بفتح الموحدة أي نزلنا من العلو إلى الأسفل. قوله: (سبحنا) أي قلنا سبحان الله تنزيهًا له عن الزوال والنزول وحديث ينزل ربنا معناه ينزل أمره أو حكمه أو ملائكته أو النزول محمول على التجلي مطلقًا بناء على طريق الخلف من تأويل الأحاديث المتشابهة.

قوله: (وروينا في سنن أبي داود الخ) قال الحافظ وقع في هذا الحديث خلل من بعض رواته وبيان ذلك أن مسلمًا وأبا داود وغيرهما أخرجوا هذا الحديث من رواية ابن جريج عن أبي الزبير عن علي الأزدي عن ابن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استوى على بعيره خارجًا إلى سفر كبر ثلاثًا الحديث إلى قوله "لربنا حامدون" فاتفق من أخرجه على سياقه إلى هنا ووقع عند أبي داود بعد حامدون وكان النبي صلى الله عليه وسلم وجيوشه الخ وظاهره أن هذه الزيادة بسند التي قبلها فاعتمد الشيخ على ذلك وصرح بأنها عن ابن عمر وفيه نظر فإن أبا داود أخرج الحديث عن الحسن بن علي عن عبد الرزاق عن ابن جريج بالسند المذكور إلى ابن عمر فوجدنا الحديث في مصنف عبد الرزاق قال فيه باب القول في السفر أخبرنا ابن جريج فذكر الحديث إلى قوله لربنا حامدون ثم أورد ثلاثة عشر حديثًا بين مرفوع وموقوف ثم قال بعدها أخبرنا ابن جريج قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم وجيوشه إذا صعدوا الثنايا كبروا وإذا هبطوا سبحوا فوضعت الصلاة على ذلك هكذا أخرجه معضلًا ولم يذكر فيه لابن جريج سندًا فظهر أن من عطفه على الأول أو مزجه أدرجه وهذا من أدق ما وجد في المدرج وحذف الشيخ الزيادة الأخيرة وهي عند أبي داود وكان المراد أن ابتداء أركان الصلاة شرع فيه التكبير

ص: 140

وروينا في "صحيحي البخاري ومسلم" عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قفل من الحج والعمرة، قال الراوي: ولا أعلمه إلا قال: الغزو،

ــ

والانخفاض شرع فيه التسبيح اهـ. والله أعلم.

قوله: (وروينا في صحيحي البخاري ومسلم الخ) قال في السلاح ورواه أصحاب السنن الأربعة

ما عدا ابن ماجه وعند الترمذي سائحون بدل ساجدون. قوله: (إذا قفل) هو بقاف ثم فاء أي رجع وزنًا ومعنى. قوله: (من حج أو عمرة) وكذا الغزو كما سيأتي قال الحافظ في الفتح ظاهره اختصاص الذكر الآتي بهذه الأمور الثلاثة وليس الحكم كذلك عند الجمهور بل يشرع قول ذلك في كل سفر إذا كان سفر طاعة كصلة رحم وطلب علم لما يشمل الجميع من اسم الطاعة وقيل يتعدى أيضًا إلى السفر المباح وإن كان المسافر فيه لا ثواب له فلا يمتنع عليه فعل ما يحصل له الثواب من غيره وهذا التعليل متعقب لأن الذي يخصه بسفر الطاعة لا يمنع من سافر في مباح أو معصية من الإكثار من ذكر الله تعالى وإنما النزاع في خصوص استحباب هذا الذكر بسفر الطاعة فذهب قوم إلى الاختصاص لكونه عبادة مخصوصة شرع لها ذكر مخصوص فيختص به كالذكر المأثور عقب الأذان والصلاة وإنما اقتصر الصحابي على الثلاث لانحصار سفره صلى الله عليه وسلم فيها اهـ. قوله: (قال الراوي الخ) قال الحافظ بين الشيخ أن اللفظ المذكور للبخاري لكن ليس في البخاري قال الراوي بل هي من كلام الشيخ فاحتمل أن يراد بالراوي التابعي فمن دونه ولفظ البخاري في معظم الروايات حدثنا عبد الله قال: حدثني عبد العزيز ابن أبي سلمة عن صالح بن كيسان عن سالم بن عبد الله عن ابن عمر فذكره لم ينسب شيخه فذكر أبو مسعود في الأطراف أنه عبد الله بن صالح كاتب الليث وجواز أنه عبد الله بن رجاء واقتصر المزي على حكاية ذلك عنه وقد رد أبو علي الجياني عن أبي مسعود لما وقع في رواية أبي علي بن السكن عن الفربري عن البخاري قال حدثنا عبد الله بن صالح ليس فيها هذه الزيادة بل اقتصر على الحج والعمرة وكذا أخرجه الإسماعيلي في المستخرج من ثلاثة طرق في بعضها عن سالم عن أبيه وفيها {لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ} بعد قوله

ص: 141

كلما أوفى على ثَنِيةٍ أو فَدْفَدٍ كبر ثلاثًا ثم قال: لا إلهَ إلَّا الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ، ولَهُ الحَمْدُ وَهُوَ على كل شَيء قَدِيرٌ، آيِبُونَ تائِبُونَ عابِدُونَ، ساجِدُونَ، لِرَبِّنا حامِدُونَ، صَدَقَ اللهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأحْزَابَ وَحْدَهُ" هذا لفظ

ــ

وأخرج الجوزقي في المتفق وقال في روايته إذا قفل من الحج أو العمرة أو الغزو وجزم بالثلاثة اهـ. قوله: (أوفى) أي أشرف واطلع كما في النهاية. قوله: (على ثنية) سبق ضبطها ومعناها أول الباب. قوله: (ثم قال لا إله إلا الله الخ) قال العلقمي يحتمل أنه كان يأتي بهذا الذكر عقب التكبير ولأتي بالتسبيح عند الهبوط قال القرطبي وفي تعقيب التكبير بالتهليل إشارة إلى أنه المنفرد بإيجاد جميع الموجودات وأنه المعبود في جميع الأماكن وتقدم الكلام على قوله آئبون إلى قوله حامدون في باب ما يقوله إذا ركب دابته. قوله: (صدق الله وعده) أي فيما وعد به في نحو قوله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ} قال العلقمي: وهذا في سفر الغزو ومناسبته لسفر الحج والعمرة قوله تعالى: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} . قوله: (ونصر عبده) يعني به نفسه صلى الله عليه وسلم إذ المطلق ينصرف للفرد الكامل. قوله: (وهزم الأحزاب وحده) أي من غير فعل أحد من الآدميين واختلف في المراد بالأحزاب هنا فقيل هم كفار قريش ومن وافقهم من العرب واليهود الذين تحزبوا أي تجمعوا في غزوة الخندق ونزل في شأنهم آيات من سورة الأحزاب وقيل المراد أعم من ذلك قال المصنف المشهور الأول ونظر فيه بأنه يتوقف على أن هذا الذكر إنما شرع بعد الخندق

وأجيب بأن غزواته صلى الله عليه وسلم التي خرج فيها بنفسه محصورة والمطابق منها لذلك غزوة الخندق بظاهر قوله تعالى في سورة الأحزاب {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَال} قبل ذلك {صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا (8) {إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} الآية وأما التنظير بتوقف كون هذا الذكر إنما شرع بعد الأحزاب ففي مقام المنع والأصل في الأحزاب أنه جمع حزب وهو القطعة المجتمعة من النّاس فأل فيها إما جنسية أي كل من تحزب من الكفار أو عهدية والمراد

ص: 142

رواية البخاري، ورواية مسلم مثله، إلا أنه ليس فيها

"ولا أعلمه إلا قال الغزو" وفيها "إذا قفل من الجيوش أو السرايا أو الحج أو العمرة".

قلت: وقوله: أوفى: أي ارتفع، وقوله: فدفد، هو بفتح الفاءين بينهما قال مهملة ساكنة وآخره دال

ــ

من تقدم وهو الأقرب قال القرطبي ويحتمل أن يكون هذا الخبر بمعنى الدعاء أي اللهم اهزم الأحزاب والأول أظهر كذا يؤخذ من الفتح للحافظ. قوله: (ورواية مسلم مثله الخ) قال الحافظ هذا يوهم أنهما أخرجاه من طريق واحدة عن ابن عمر وليس كذلك بل أخرجه البخاري من طريق سالم عن أبيه وأخرجه مسلم من طريق نافع عن مولاه وقد اتفقا عليه من رواية مالك عن نافع ولم يختلف على مالك في لفظه فكأن ذكره عنه أولى قلت وفي ذكره في السلاح عنه وكأنه لما ذكره الحافظ والله أعلم فأما رواية مسلم فأسندها الحافظ إلى عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قفل من الجيوش أو السرايا أو الحج أو العمرة إذا أوفى على نشز وفدفد كبر ثلاثًا فذكر مثله لكن زاد بعد عابدون ساجدون ولم يذكر يحيي ويميت ثم قال الحافظ أخرجه مسلم والنسائي في الكبرى جميعًا عن عبيد الله بالتصغير ابن سعيد السرخسي عن يحيى بن سعيد القطان عن عبيد الله بن عمر الخ ثم ساقه من طريق أعلى مما قبلها وذلك من طريق الطبراني في الدعاء وطريق أخرى ينتهيان إلى عبيد الله بن عمر أنه كان يحدث فذكر الحديث نحوه لكن قال فيه من سفر أخرجه أبو عوانة في صحيحه أما حديث مالك فرواه عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قفل من غزو أو حج أو عمرة يكبر على كل شرف من الأرض ثلاث تكبيرات ويقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير آئبون تائبون عابدون ساجدون لربنا حامدون صدق الله وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده أخرجه البخاري ومسلم وقد وافق مالكًا على زيادة ساجدون موسى بن عقبة رويناه من طريقه في الدعاء للمحاملي وقوله آئبون الخ أخرجه مسلم من حديث البراء بن عازب وهو في الصحيحين من رواية يحيى بن إسحاق عن أنس في أثناء قصة طويلة وأخرجه البخاري خارج الصحيح من حديث جابر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد راح قافلا إلى المدينة وهو يقول:

ص: 143

أخرى وهو الغليظ المرتفع من الأرض، وقيل: الفلاة التي لا شيء فيها، وقيل: غليظ الأرض ذات الحصى، وقيل: الجَلْد من الأرض في ارتفاع.

وروينا في "صحيحيهما" عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، فكنا إذا أشرفنا على وادٍ هلَّلنا وكبَّرنا وارتفعت أصواتنا، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"يا أيها الناسُ ارْبَعُوا على أنْفُسِكُمْ، فإنَّكُمْ لا تَدْعُونَ أصَمَّ وَلا غائِبًا، إنَّهُ مَعَكُمْ، إنَّه سَمِيعٌ قَرِيبٌ".

قلت: اربعوا بفتح الباء الموحدة، معناه: ارفقوا بأنفسكم.

وروينا في كتاب الترمذي الحديث المتقدِّم في باب استحباب طلبه الوصية، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "عَلَيكَ بِتَقْوَى الله تَعالى، والتَّكْبِيرِ على كُل

ــ

آئبون تائبون إن شاء الله عابدون لربنا حامدون اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر الحديث وأخرجه عن البخاري المحاملي في كتاب الدعاء وابن أبي عاصم في كتاب الدعاء أيضًا وفي الباب عن ابن عباس أخرجه أحمد بسند قوي اهـ. قوله: (وهو الغليظ المرتفع من الأرض الخ) هذا ما في النهاية واقتصر عليه وقال العلقمي نقلًا عن الفتح للحافظ الأشهر تفسيره بالمكان المرتفع وقيل هو الأرض المستوية. قوله: (لا شيء فيها) أي من شجر وغيره. قوله: (وقيل الجلد من الأرض في ارتفاع) وزاد المصنف

في شرح مسلم حكاية قول آخر بأنه الجلد من الأرض من غير اعتبار ارتفاع قال وجمع فدفد فدافد اهـ. قوله: (وروينا في صحيحيهما) قال في السلاح رواه الجماعة أي الستة وفي رواية للبخاري أيضًا قال: أخذ النبي صلى الله عليه وسلم في عقبة أو قال في ثنية قال فلما علا عليها نادى رجل فرفع صوته لا إله إلا الله والله أكبر وذكر الحديث زاد الحافظ أخرج الحديث ابن خزيمة وأخرجه الحافظ أيضًا من طريق عبد الله ابن الإِمام أحمد بن حنبل بنحوه وزاد بعد ولا غائبًا ندعوه سميعًا قريبًا. قوله: (اربعوا) هو بهمزة وصل وفتح موحدة معناه ارفقوا بأنفسكم واخفضوا أصواتكم فإن رفع الصوت إنما يحتاج إليه الإنسان لبعد من يخاطبه ليسمعه وأنتم تدعون الله وليس هو بأصم ولا غائب بل هو سميع قريب وهو معكم أينما كنتم بالعلم

ص: 144