الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا يقع في ريبة منه. قال: وأصله من الحلج: هو الحركة والاضطراب، ومنه حلج القطن.
قال: ومعنى ضارعت النصرانية، أي: قاربتها في الشبه، فالمضارعة: المقاربة في الشبه.
باب جواز قوله: لا أشتهي هذا الطعام أو ما اعتدت أكله أو نحو ذلك إذا دعت إليه الحاجة
ــ
أي لا يتحرك في قلبك شيء من الريبة والشك وأصل الحلج بالمهملة والاختلاج بالمعجمة الحركة والاضطراب وقال في النهاية في حديث عدي قال: لا يختلجن في صدرك شيء ضارعت فيه النصرانية، المضارعة المشابهة والمقاربة وذلك أنه سأله عن طعام النصارى فكأنه أراد لا يتحركن في قلبك شك أن ما شابهت فيه النصارى حرام أو خبيث أو مكروه وذكره الهروي في باب الحاء المهملة مع اللام ثم قال: يعني إنه نظيف فلا ترتابن فيه وسياق الحديث لا يناسب هذا التفسير اهـ. وفي الحديث الإشارة إلى أن ما يقع في الخاطر من التردد في حل شيء من غير مستند شرعي لا يعول عليه ولا يلتفت إليه وفيه جواز تناول طعام أهل الكتاب وما ينقل من أنهم يضعون في نحو الجبن لبن الخنزير لا يحرم تناول
جبنهم حتى يتحقق أن ما يريد أكله مما وضع فيه ذلك فإن ذلك وإن كان هو الغالب من فعلهم لكن عارضه أصل الطهارة فقدم الأصلي لأصالته وبقي على الجواز والله أعلم.
باب جواز قوله: لا أشتهي هذا الطعام أو ما اعتدت أكله أو نحو ذلك إذا دعت إليه الحاجة
الضمير في قوله: قوله يعود إلى الإنسان المدعو إلى الطعام المدلول عليه بسياق الكلام وقوله أو نحو ذلك أي ما ذكر مما يدل على عدم اشتهائه أو اعتياده أكله
روينا في "صحيحي البخاري ومسلم" عن خالد بن الوليد رضي الله عنه في حديث الضب لما قدَّموه مشويًّا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده إليه، فقالوا: هو الضب يا رسول الله، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده،
ــ
من غير أن يكون فيه ذم للطعام وقوله إذا دعت الحاجة بأن خشي على خاطر نحو مضيفه من عدم أكله من ذلك الطعام فيقول حينئذٍ ذلك لجبر خاطره. قوله: (روينا في صحيحي البخاري ومسلم الخ) هو من حديث ابن عباس عن خالد أنه دخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت ميمونة بنت الحارث فأتى بضب محنوذ فأهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه بيده فقال بعض النسوة اللاتي في بيت ميمونة أخبروا رسول الله بما يريد يأكل منه فقالوا هو ضب فرفع صلى الله عليه وسلم يده فقلت أحرام هو يا رسول الله؟ قال: لا ولكن لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه فاجتررته فأكلته والنبيُّ صلى الله عليه وسلم ينظر أخرجه البخاري ومسلم، قال الحافظ للحديث طرق كثيرة في الكتب الستة وغيرها عن الزهري والله أعلم قال المصنف في شرح مسلم: أجمع المسلمون على أن الضب حلال ليس بمكروه إلا ما حكي عن أبي حنيفة من كراهته وإلا ما حكاه القاضي عياض عن قوم قالوا حرام وما أظنه يصح عن أحد فإن يصح عن أحد فمحجوج بالنصوص وإجماع من قبله قلت: قال الدميري في حياة الحيوان وما روى عن عبد الرحمن ابن حسنة قال: نزلتا أرضًا كثيرة الضباب فأصابتنا مجاعة فطبخنا منها أي من الضباب وإن القدور لتغلي إذ جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما هذا؟ فقلنا: ضباب أصبناها فقال: إن أمة من في إسرائيل مسخت دوابًا في الأرض وإني أخشى أن يكون هذا منها فلم آكلها ولم أنه عنها فيحتمل أن ذلك قبل أن يعلم أن الممسوخ لا يعقب اهـ. قال العراقي في شرح التقريب بعد نقل قول المصنف السابق في كراهته وأظنه لم يصح الخ الكراهة قول الحنفية بلا شك كما هو في كتبهم واختلفوا في المكروه والمروي عن محمد بن الحسن أن كل مكروه حرام إلا أنه لما لم يجد فيه نصًّا قاطعا لم يطلق عليه لفظ الحرام وعن أبي حنيفة وأبي يوسف إلى الحرام أقرب فظهر بذلك وجود الخلاف في تحريمه أيضًا عند أبي حنيفة ولذا نقل العمراني عن الحنفية تحريمه وهو ظاهر
فقال خالد: أحرام الضب يا رسول الله؟ قال: "لا، وَلكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ بأرْضِ قَوْمي فأجدني أعافُهُ".
ــ
قول ابن حزم ولم ير أبو حنيفة أكله والخلاف عند المالكية أيضًا فحكى ابن شاس وابن الحاجب فيه وفي كل ما قيل إنه ممسوخ ثلاثة أوجه: التحريم والكراهة والإباحة اهـ، وقوله محنوذ بالمهملة والنون وبعد الواو معجمة أي مشوي وقيل مشوي على الرضف وأكل خالد الضب قال القرطبي وقد جاء في غير كتاب مسلم من غير استئذان من باب الإدلال والأكل من بيت القريب والصديق الذي لا يكره ذلك وخالد أكل منه في بيت ميمونة خالته وبنت صديقه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يحتاج إلى استئذان سيما والمهدية خالته أم حفيد ولعله أراد بأكله جبر خاطرها والله أعلم، ثم ورد من طريق سفيان بن عيينة وسيأتي ذكرها في باب ما يقول إذا فرغ من الطعام أن التي أهدت الضباب أم غفيق بالغين المعجمة والفاء التحتية والقاف قال الحافظ: وأصل الحديث في الصحيح بلفظ أم حفيد أوله حاء مهملة وآخره قال وهو المشهور وسميت في رواية أخرى في الصحيح هزيلة بزاي منقوطة ولام مصغر وهي أخت ميمونة وأخت لبابة الكبرى أم ابن عباس وأخت لبابة الصغرى أم خالد الأربع بنات الحارث وكانت أم حفيد تزوجت في الأعراب فسكنت البادية وكانت تزور أختها بالمدينة وذكر ابن سعد أنها سلمت وبايعت وكلهن معدودات في الصحابة رضي الله عنهن اهـ، ذكره الحافظ في باب ما يقوله إذا فرغ من الطعام. قوله:(ولكنه لم يكن بأرض قومي) استشكل هذا بعضهم بأن الضب موجود بأرض مكة وقد أنكر ذلك ابن العربي وقال إن فيه تكذيب الخبر وأن الناقل لوجودها بمكة كاذب أو سميت له بغير اسمها أو حدثت بعد ذلك هذا كلامه قال العراقي في شرح التقريب والحق إن قوله لم يكن بأرض قومي لم يرد به الحيوان إنما أراد به أكله أي لم يشع أكله بأرض قومي، وفي معجم الطبراني الكبير من حديث ميمونة مرفوعًا إنا أهل تهامة نعافها قال القرطبي وقد جاء في غير كتاب مسلم أنه صلى الله عليه وسلم كره ريحه ولا بعد في تعليله كراهية الضب بمجموع ما ذكر اهـ، ثم الضب دويبة معروفة والأنثى ضبة وفي المحكم هو شبه الورل وفي المفهم هو جرذون كبجر يكون في الصحراء. قوله:(أعافه) أي أكرهه تقذرًا.