المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب أذكاره عند إرادته الخروج من بيته - الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية - جـ ٥

[ابن علان]

فهرس الكتاب

- ‌فصل في الأذكار والدعوات المستحبات بعرفات:

- ‌فصل في الأذكار المستحبة في الإفاضة من عرفة إلى مزدلفة

- ‌فصل في الأذكار المستحبة في المزدلفة والمشعر الحرام:

- ‌فصل في الأذكار المستحبة في الدفع من المشعر الحرام إلى منى

- ‌فصل في الأذكار المستحبة بمنى يوم النحر:

- ‌فصل في الأذكار المستحبة بمنى في أيام التشريق:

- ‌فصل:

- ‌فصل فيما يقوله إذا شرب من ماء زمرم:

- ‌فصل:

- ‌فصل في زيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأذكارها:

- ‌كتاب أذكار الجهاد

- ‌باب استحباب سؤال الشهادة

- ‌باب حث الإمام أمير السرية على تقوى الله تعالى وتعليمه إياهما يحتاج إليه من أمر قتال ومصالحتهم وغير ذلك

- ‌باب بيان أن السنَّة للإمام وأمير السرية إذا أراد غزوة أن يورى بغيرها

- ‌باب الدعاء لمن يقاتل أو يعمل على ما يعين على القتال في وجهه وذكر ما ينشطهم ويحرضهم على القتال

- ‌باب الدعاء والتضرع والتكبير عندالقتال واستنجاز الله تعالى ما وعد من نصر المؤمنين

- ‌باب النهي عن رفع الصوت عند القتال لغير حاجة

- ‌باب قول الرجل في حال القتال: أنا فلان لإرعاب عدوه

- ‌باب استحباب الرجز حال المبارزة

- ‌باب استحباب إظهار الصبر والقوة لمن جرح واستبشاره بما حصل له من الجرح في سبيل الله وبما يصير إليه من الشهادة وإظهار السرور بذلك وأنه لا ضير علينا في ذلك بل هذا مطلوبنا وهو نهاية أملنا وغاية سؤلنا

- ‌باب ما يقول إذا ظهر المسلمون وغلبوا عدوهم

- ‌باب ما يقول إذا رأى هزيمة في المسلمين والعياذ بالله الكريم

- ‌باب ثناء الإمام على من ظهرت منه براعة في القتال

- ‌باب ما يقوله إذا رجع من الغزو

- ‌كتاب أذكار المسافر

- ‌باب الاستخارة والاستشارة

- ‌باب أذكاره بعد استقرار عزمه على السفر

- ‌تنبيه

- ‌فائدة

- ‌باب أذكاره عند إرادته الخروج من بيته

- ‌باب أذكاره إذا خرج

- ‌باب استحباب طلبه الوصية من أهل الخير

- ‌باب استحباب وصية المقيم المسافر بالدعاء له في مواطن الخير ولو كان المقيم أفضل من المسافر

- ‌باب ما يقوله إذا ركب دابته

- ‌باب ما يقول إذا ركب سفينة

- ‌باب استحباب الدعاء في السفر

- ‌باب تكبير المسافر إذا صعد الثنايا وشبهها وتسبيحه إذا هبط الأدوية ونحوها

- ‌باب النهي عن المبالغة في رفع الصوت بالتكبير ونحوه

- ‌باب استحباب الحداء للسرعة في السير وتنشيط النفوس وترويجها وتسهيل السير عليها

- ‌باب ما يقول إذا انفلتت دابته

- ‌باب ما يقوله على الدابة الصعبة

- ‌باب ما يقوله إذا رأى قرية يريد دخولها أو لا يريد

- ‌باب ما يدعو به إذا خاف ناسًا أو غيرهم

- ‌باب ما يقول المسافر إذا تغوَّلت الغيلان

- ‌باب ما يقول إذا نزل منزلًا

- ‌باب ما يقول إذا رجع من سفره

- ‌باب ما يقوله المسافر بعد صلاة الصبح

- ‌باب ما يقول إذا رأى بلدته

- ‌باب ما يقول إذا قدم من سفره فدخل بيته

- ‌باب ما يقال لمن يقدم من سفر

- ‌باب ما يقال لمن يقدم من غزو

- ‌باب ما يقال لمن يقدم من حج وما يقوله

- ‌كتاب أذكار الأكل والشرب

- ‌باب ما يقول إذا قرب إليه طعامه

- ‌باب استحباب قول صاحب الطعام لضيفانه عند تقديم الطعام: كلوا أو في معناه

- ‌باب التسمية عند الأكل والشرب

- ‌فصل:

- ‌باب لا يعيب الطعام والشراب

- ‌باب جواز قوله: لا أشتهي هذا الطعام أو ما اعتدت أكله أو نحو ذلك إذا دعت إليه الحاجة

- ‌باب مدح الأكل الطعام الذي يأكل منه

- ‌باب ما يقوله من حضر الطعام وهو صائم إذا لم يفطر

- ‌باب ما يقوله من دعى لطعام إذا تبعه غيره

- ‌باب وعظه وتأديبه من يسئ في أكله

- ‌باب استحباب الكلام على الطعام

- ‌باب ما يقوله ويفعله من يأكل ولا يشبع

- ‌باب ما يقول إذا أكل مع صاحب عاهة

- ‌فائدة

- ‌باب استحباب قول صاحب الطعام لضيفه ومن في معناه إذا رفع يده من الطعام "كل" وتكريره ذلك عليه ما لم يتحقق أنه اكتفى منه وكذلك يفعل في الشراب والطيب ونحو ذلك

- ‌باب ما يقول إذا فرغ من الطعام

- ‌تنبيه

- ‌باب دعاء المدعو والضيف لأهل الطعام إذا فرغ من أكله

- ‌باب دعاء الإنسان لمن سقاه ماء أو لبنًا ونحوهما

- ‌باب دعاء الإنسان وتحريضه لمن يضيف ضيفًا

- ‌باب الثناء على من أكرم ضيفه

- ‌باب استحباب ترحيب الإنسان بضيفه وحمده الله تعالى على حصوله ضيفًا عنده وسروره بذلك وثنائه عليه لكونه جعله أهلا لذلك

- ‌باب ما يقوله بعد انصرافه عن الطعام

- ‌كتاب السلام والاستئذان وتشميت العاطس وما يتعلق بها

- ‌باب فضل السلام والأمر بإفشائه

- ‌باب كيفية السلام

- ‌فصل:

- ‌فصل:

- ‌فصل:

- ‌باب ما جاء في كراهة الإشارة بالسلام باليد ونحوها بلا لفظ

- ‌باب حكم السلام

- ‌باب الأحوال التي يستحب فيها السلام والتي يكره فيها، والتي يباح

- ‌باب من يسلَّم عليه ومن لا يسلَّم عليه ومن يُرد عليه ومن لا يُرد عليه

- ‌فصل: وأما الصِّبيان فالسُّنَّة أن يسلم عليهم

- ‌باب في آداب ومسائل من السلام

- ‌باب الاستئذان

- ‌باب في مسائل تتفرَّع على السلام

- ‌فصل في المصافحة:

- ‌فصل: في استحباب طلب الإنسان من صاحبه الصالح أن يزوره، وأن يكثر من زيارته

الفصل: ‌باب أذكاره عند إرادته الخروج من بيته

والحال التي لا يجوز، وهذا كله مذكور في كتب الفقه لا يليق بهذا الكتاب استقصاؤه، وإنما غرضي هنا بيان الأذكار خاصة، وهذا التعلُّم المذكور من جملة الأذكار كما قدمتُه في أول هذا الكتاب، وأسأل الله التوفيق وخاتمة الخير لي ولأحبائي والمسلمين أجمعين.

‌باب أذكاره عند إرادته الخروج من بيته

يستحب له عند إرادته الخروج أن يصلي ركعتين

ــ

وهي حال غلبة السلامة. قوله: (والحال التي لا يجوز) وهي حال غلبة الهلاك بخصوص ذلك البحر أو بهيجان الأمواج في بعض الأحوال وكذا يحرم ركوبه حال استواء السلامة والهلاك نعم في وجوبه للغزو حينئذٍ وجهان إن عظم الخطر فيه بحيث تندر النجاة منه حرم حتى للغزو والمراد من البحر فيما ذكر الملح وهو المراد من البحر إذا أطلق وخرج الأنهار العظيمة كجيحون وسيحون والدجلة فليس فيها هذا التفصيل لأن المقام فيها لا يطول وخطرها لا يعظم وجانبها قريب يمكن الخروج إليه سريعًا. قوله: (كما قدمته في أول هذا الكتاب) أي من قوله قال عطاء مجالس الذكر هي مجالس الحلال والحرام كيف تبيع وكيف تشتري الخ انتهى أي ذلك من أهمها على ما تقدم.

باب أذكاره عند إرادته الخروج من بيته

عبر في المناسك بقوله إذا أراد الخروج من منزله صلى الخ قال ابن حجر الهيتمي وهي تشمل كل منزل نزل فيه في سفره فيسن توديعه عند مفارقته بركعتين كما صرحوا به للحديث الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم كان لا ينزل منزلًا إلا ودعه بركعتين ولا يعارض ذلك استدلال المصنف للمنزل الذي هو البيت بالحديث الذي ذكره لأن ذلك لكونه آكد لما فيه من عود البركة عليهم وعلى محلهم اهـ. وكأنه تبع في تصحيح الخبر المذكور الحاكم وستعلم ما فيه. قوله: (يستحب عند إرادة الخروج أن يصلي ركعتين) إن كان سببها إرادة الخروج فتجوز سائر الأوقات لتقدم سببها وإن كان السفر فيمتنع في أوقات الكراهة ولم أر من تعرض لذلك قال ابن حجر الذي يظهر حصولها بأي صلاة كانت كركعتي الاستخارة وأن كيفية نيتها أن ينوي

ص: 104

لحديث المُقَطَّم بن المقدام الصحابي، رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ما خلَّفَ أحدٌ عِنْدَ أهْلِهِ أفْضَلَ مِنْ رَكعَتَينِ يَرْكَعُهُما عِنْدَهُمْ حينَ يُرِيدُ سفَرًا" رواه الطبراني.

ــ

سنة الخروج من البيت للسفر اهـ. وما ذكره في نيتها يؤيد الاحتمال الثاني لتأخر سببها. قوله: (لحديث المقطم بن المقدام الصحابي الخ) قال الحافظ في هذا الموضع عدة مؤاخذات أحدها قوله المقطم إذ هو بخطه بميم ثم قاف ثم طاء مهملة مشددة ثم ميم وهو سهو نشأ عن تصحيف إنما هو المطعم بسكون الطاء وكسر العين، ثانيها قوله الصحابي إنما هو الصنعاني بصاد ثم نون ساكنة ثم عين مهملة وبعد الألف نون نسبة إلى صنعاء دمشق وقيل بل إلى صنعاء اليمن كان بها ثم تحول إلى الشام وكان في عصر صغار الصحابة ولم يثبت له سماع من صحابي بل أرسله عن بعضهم وجل روايته عن التابعين كمجاهد والحسن وقد جمع الطبراني أحاديثه الموصولة في ترجمته من مسند الشاميين وقال في أكثرها المطعم بن مقدام الصنعاني كما ضبطته وسيأتي في الباب الذي بعد هذا للمطعم بن المقدام المذكور حديث من روايته عن مجاهد، ثالثها قوله رواه الطبراني يتبادر منه مع قوله الصحابي إن المراد المعجم الكبير للطبراني الذي هو مسند الصحابة وليس هذا الحديث فيه بل هو في كتاب المناسك للطبراني وأخرجه ابن عساكر في ترجمة المطعم بن المقدام الصنعاني من تاريخه الكبير فذكر حاله ومثايخه والرواة عنه وتاريخ وفاته ومن وثقه وأثنى عليه وأسند جملة من أحاديثه منها هذا الحديث بعينه وسنده معضل أو مرسل إن ثبت له سماع من صحابي وقد نبه على ما ذكرناه من التصحيح وعيره الشيخ المحدث زين الدين القرشي الدمشقي فيما قرأته بخطه في هامش تخريج أحاديث الأحياء لشيخنا العراقي وأقره على ذلك وبلغني عن الحافظ زين الدين بن رجب البغدادي نزيل دمشق أنه نبه على ذلك أيضًا رحمه الله تعالى اهـ. قوله:(أفضل) صفة لمصدر محذوف أي خليفة أفضل أي ما يخلف في أهله لكلاءتهم وحفظهم خليفة أفضل من الركعتين وإنما كان كذلك لما فيه من تفويض الأمر وتسليمه الله تعالى ورد الأمر إليه. قوله: (رواه الطبراني) أي في كتاب المناسك له

ص: 105

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كما تقدم عن الحافظ وفي بعض نسخ الإيضاح

تصحيح هذا الحديث كما نقله ابن حجر الهيتمي قال الحافظ وجاء عن أنس حديث يدخل في هذا الباب هو قوله كان صلى الله عليه وسلم إذا سافر لم يرتحل إذا نزل منزلًا حتى يودع ذلك المنزل بركعتين وفي رواية الدارمي كان صلى الله عليه وسلم لا ينزل منزلا إلا ودعه بركعتين قال الحافظ بعد تخريجه هذا حديث حسن غريب أخرجه البزار وابن خزيمة وأخرجه الحاكم في موضعين من طريق ابن خزيمة وقال في بعضها إن عثمان بن سعد الكاتب يعني الراوي عن أنس على شرط الصحيح قال الحافظ وغلطوه في ذلك فإن البخاري إنما أخرج لعثمان بن غياث وهو من طبقة عثمان بن سعد ومع ذلك إنما أخرج استشهادا ووقع في مستخرج أبي نعيم على البخاري عثمان بن سعد عن عثمان بن غياث فكان النسخة وقعت للحاكم وقد نقل الترمذي أن يحيى القطان ضعف عثمان بن سعد من قبل حفظه وقال فيه النسائي ليس بالقوي قال الحافظ ووجدت شاهدًا لعثمان بن سعد ثم أسند إلى إبراهيم النخعي قال: بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا نزل منزلا لم يرتحل عنه حتى يصلي ركعتين وقال الحافظ بعد تخريجه: هذا حديث مرسل في سنده مبهم وإن كان المبلغ لإبراهيم غير عثمان بن سعد اعتضدت به رواية عثمان قال الحافظ: وقد وجدت له متابعًا في غرائب شعبة ثم أسند إلى شعبة عن حمزة وهو ابن عمرو العائذي أي بالهمزة فالمعجمة قال: سمعت أنس بن مالك يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا نزل منزلًا لم يرتحل حتى يصلي ركعتين قال الحافظ: وهذا صحيح السند معلول المتن أخرجه أبو داود والنسائي وابن خزيمة لكن في روايتهم الظهر بدل ركعتين فظهر من روايتهم أن في رواية الأول أي التي أسندها الحافظ إلى شعبة وهمًا أو سقوطًا والتقدير حتى يصلي الظهر ركعتين وقد جاء صريحًا كذلك من رواية ابن شهاب عن أنس وهي في الصحيحين ولفظه كان صلى الله عليه وسلم إذا كان على ظهر سير أخر الظهر حتى يجمعها مع العصر فإذا زاغت الشمس قبل أن يرتحل صلى الظهر ثم ركب هكذا عندهما قال الحافظ ووقع لنا من وجه آخر بزيادة العصر ولفظه آخره فإن زاغت الشمس قبل أن يرتحل صلى الظهر والعصر ثم ارتحل والحديث عند الشيخين لكن ليس فيه والعصر والذي زادها إمام حافظ من شيوخ مسلم فصحت على شرط الصحيح

ص: 106

قال بعض أصحابنا: يستحبُّ أن يقرأ في الأولى منهما بعد الفاتحة {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وفي الثانية {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} وقال بعضهم: يقرأ في الأولى بعد الفاتحة (قُلْ أعُوذُ برَبِّ الفَلَقِ) وفي الثانية {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} فإذا سلم قرأ آية الكرسي،

ــ

وهذا أصح شيء ورد في جمع التقديم اهـ ويدخل في هذا الباب ما أسنده الحافظ إلى إسماعيل بن محمد عن أنس بن مالك أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني نذرت سفرًا وقد كتبت وصيتي فإلى من أدفعها إلى أبي أم إلى أخي أم إلى ابني. فقال صلى الله عليه وسلم: "ما استخلف عبد في أهله من خليفة أحب إلى الله تعالى من أربع ركعات يصليهن في بيته إذا شد عليه ثياب سفره يقرأ فيهن بفاتحة الكتاب وقل هو الله أحد ثم يقول: اللهم إني افتقرت إليك بهن فاخلفني بهن في أهلي ومالي فهن خليفته في أهله وماله وداره ودور حول داره حتى يرجع إلى أهله" هذا حديث غريب أخرجه الحاكم في تاريخ نيسابور في ترجمة نصر بن باب بموحدتين بينهما ألف لينة من طريقه قال حدثنا سعيد بن مرتاش عن إسماعيل بن محمد فذكره وقال في روايته أتقرب بهن وقال: فيها يقرأ في كل واحدة قال الحافظ وسعيد: هذا لم أقف على ترجمته ولست على يقين من ضبط اسم أبيه ونصر بن باب ضعفوه وقد تابعه المعاني ولا أعرف حاله وقد ذكر الغزالي هذا الحديث في أدب السفر من الأحياء اهـ.

قوله: (قال بعض أصحابنا الخ) قال الحافظ كأنه ما وقف على هذا الحديث يعني الحاكم أي ففيه أن يقرأ في كل من الركعات بقل هو الله أحد فقاسه على ركعتي الفجر اهـ. ثم اقتصر على هذا القول في الإيضاح قال ابن حجر في حاشيته وحكى بعضهم أنه يقرأ فيهما المعوذتين وآخرون أنه يقرأ فيهما لإيلاف قريش والإخلاص فينبغي الجمع بين ذلك فيقرأ في الأولى لإيلاف قريش ثم الكافرون ثم قل أعوذ برب الفلق وفي الثانية قل هو الله أحد ثم قل أعوذ برب النّاس وفي الحاشية أيضًا بعد إيراد حديث الحاكم المذكور قريبًا فيسن صلاة الأربع على الكيفية المذكورة وذكر الدعاء المذكور فيه بعدها وقال: ويعلم من مجموع الحديثين أن أصل السنة يحصل بصلاة ركعتين يقرأ فيهما

ص: 107

فقد جاء أن من قرَأ آية الكرسي قبل خروجه من منزله لم يصبه شيء

ــ

ما قدمته وكمالها يتقيد بصلاة الركعتين ثم الأربع كما ذكر بعد شد ثياب السفر عليه اهـ، وقال شيخ الشيخ أبو الحسن البكري. الظاهر أن من اقتصر على الركعتين يقرأ فيهما بسورتي الإخلاص، ومن صلى أربعًا يقرأ فيها بما رواه الحاكم اهـ، وظاهر كلام المصنف كالحديث أنه يسن فعل الركعتين في البيت وإن كان بإزائه مسجد وهو ظاهر، لكن ذكر في آخر مناسكه أنه يسن لمن قدم من سفره أن يصلي ركعتين في المسجد ثم في منزله، فيحتمل -أن يقال بنظير ذلك هنا، ويحتمل الفرق بأن القصد ثم الشكر كما يرشد إليه قوله ثمة ودعا وشكر الله تعالى، فطلب منه تكراره في المسجد وبيته، وهنا عود بركة الصلاة على منزله وأهله، فطلبت منه في بيته فقط. ومنه يؤخذ أنه لو تعددت بيوت زوجاته سن له تكريرها فيهن. قوله:(فقد جاء من قرأ آية الكرسي الخ) قال الحافظ: لم أجده بهذا اللفظ بل معناه وأتم منه، فمن ذلك حديث أبي هريرة قال صلى الله عليه وسلم:"من قرأ آية الكرسي، وفاتحة حم المؤمن إلى إليه المصير حين يصبح لم ير شيئًا يكرهه حتى يمسي ومن قرأها حين يمسي لم ير شيئًا يكرهه حتى يصبح" حديث غريب، وسنده ضعيف. أخرجه ابن السني والبيهقي في الشعب وأبو الشيخ في ثواب الأعمال. وأخرج أبو منصور الديلمي في مسنده من حديث أبي قتادة مرفوعًا ة من قرأ آية الكرسي عند الكرب أغاثه الله وسنده ضعيف أيضًا اهـ، وفي الابتهاج للسخاوي لم أقف عليه بهذا اللفظ وكذا شيخي من قبل، ولكن قد أورد الديلمي في الفردوس مما لم يسنده ولده عن عائشة رضي الله عنها مرفوعًا: من قرأ أول البقرة أربع آيات وآية الكرسي والايتين بعدها والثلاث من آخرها كلأه الله في أهله وماله ودنياه وآخرته، ثم أورد الحديثين اللذين أوردهما الحافظ. قال ابن حجر الهيتمي ووجه المناسبة إنها مفتتحة بالحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم، وذلك هو المتكفل بحفظ من يخلفه وعدم ضياعه، إذ لا يستحفظ في الحقيقة إلا من

ص: 108

يكرهه حتى يرجع، ويستحبُّ أن يقرأ سورة {لإِيلَافِ قُرَيْشٍ} فقد قال الإِمام السيد الجليل أبو الحسن القزويني، الفقيه الشافعي،

صاحب الكرامات الظاهرة، والأحوال الباهرة، والمعارف المتظاهرة: إنه أمانٌ من كل سوء. قال أبو طاهر بن جَحْشَويه: أردت سفرًا وكنتُ خائفًا منه، فدخلت إلى القزويني أسأله

ــ

اتصف بما ذكر، وهو الله سبحانه وتعالى دون غيره اهـ. قوله:(ويستحب أن يقرأ سورة لإيلاف قريش الخ) عبر الشيخ أبو الحسن البكري في مختصر إيضاح المناسك بقوله، ولا بأس أن يقرأ الخ، وكذا قال السخاوي في الابتهاج قال البكري في شرحه

عبر الأصل في ذلك بقوله ويستحب، فآثرت قولي لا بأس لأن في ثبوت السنة بذلك نظرًا، ويتلخص من كلام النووي أن الوارثين من الأولياء إذا خصوا ذكرًا بوقت أو حال كان سنة فيه، وفي مسامحة الفقهاء بذلك نظر، غير أن موافقة المصنف عندي أحسن، ولم لا وهم القوم الذين ما منهم إلا من أحسن، لا سيما وللذكر من الأصول العامة ما يقتضي عدم التحجير في ذلك عند من زكى الله إفهامه اهـ، وقال الأشخر اليمني في فتاويه بعد كلام طويل قدمه فيما يتعلق بهذا المقام: فكل ذلك توشيح أن زيادات العلماء أي في القنوت ونحوه من الأذكار يكون الإتيان بها أولى، وأنها من البدع الداخلة في حيز المسنون، وهذا هو الذي نعتمده قولًا وفعلًا. ثم قال بعد كلام وقول ابن الفركاح ما اعتيد من زيادة الصلاة على الآل والأزواج والأصحاب لا أصل له يرد بأن هذا مبني على تعيين الوارد وعدم التوسع وهو خلاف الأظهر كما مر، وفارق التشهد غيره بأن العلماء فهموا أن المدار فيه على لفظه، فلذا لم يزيدوا فيه، ورأوا أن الزيادة فيه خلاف الأولى بخلاف القنوت، فإنهم فهموا أن للدعاء أثرًا عظيما في الاستجابة فتوسعوا في الدعاء فيه والله أعلم. قوله:(فقد قال الإِمام الخ) قال ابن

ص: 109

الدعاء، فقال لي ابتداء من قِبَل نفسه: من أراد سفرا ففزع من عدوٍّ أو وحش فليقرأ {لإِيلَافِ قُرَيْشٍ} فإنها أمان من كل سوء، فقرأتها فلم يعرض لي عارض حتى الآن.

ويستحب إذا فرغ من هذه القراءة أن يدعوَ بإخلاص ورقَّة. ومن أحسن ما يقول: اللهُم بكَ أسْتَعِينُ، وَعَلَيْكَ أتَوَكَّلُ، اللهُم ذَلِّلْ لي صُعُوبَةَ أمري، وَسَهِّلْ عَليَّ مَشَقَّةَ سَفَرِي، وَارزُقْني مِنَ الخَيْرِ أكْثَرَ مِمَا أطْلُبُ، وَاصْرِفْ عَني كُلَّ شَرٍّ، ربِّ اشْرَح لي صَدْري، وَيسِّرْ لي أمري،

ــ

حجر في حاشية الإيضاح وجه المناسبة في هذه السورة ما فيها من نعمتي الإطعام من الجوع والأمن من الخوف المناسبين لحفظ من يخلفه أي مناسبة اهـ. قال ابن الجزري في الحصن وقراءة السورة المذكورة أمان من كل سوء مجرب اهـ. قال شارحه أي لقوله تعالى: {وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} ، ويؤخذ منه أنه إذا قرأ حال القحط ووقت الاضطراب للأكل تكون قراءته أمانًا من الجوع أو القلق وأطعمهم من جوع اهـ. وفي القصة كرامة ظاهرة للقزويني حيث أطلعه الله على ما في ضمير ذلك الإنسان قبل سؤاله له والله أعلم. قوله:(بل أستعين) أي بك لا بغيرك أسألك الإعانة، إذ لا وصول إلى شيء بغير إعانته سبحانه، وما أحسن قوله من قال:

إذا لم يعنك الله فيما تريده

فليس لمخلوق إليه سبيل

وإن هو لم يرشدك في كل مسلك

ضللت ولو أن السماك دليل

قوله: (ذلل لي صعوبة أمري) فيه استعارة مكنية شبه السفر لعظم ما فيه بالناقة الصعبة، فالتشبيه المضمر في النفس استعارة مكنية، وإثبات الصعوبة استعارة تخييلية وذكر التذليل ترشيح، وفيه الإيماء إلى حديث "اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلًا وأنت إذا شئت جعلت الحزن سهلًا". قوله:(واصرف عني كل شر) وفي نسخة كل ذي شر أي صاحبه، وإذا صرف عنه صرف شره. قوله: (رب اشرح لي

صدري) أي اجعله منشرحًا واسعًا لقبول الإيمان، متوسعًا لقبوله

ص: 110

اللهم إني أسْتَحْفِظُكَ وَأسْتَوْدِعُكَ نَفْسي وَدِيني وأهْلي وأقاربي وكل ما أنْعَمْتَ عَلي وَعَلَيْهِمْ بِه مِنْ آخِرَةٍ وَدُنْيا، فاحْفَظْنا أجمَعينَ مِنْ كل سُوءٍ يا كَرِيمُ.

ويفتتح دعاءه ويختمه بالتحميد الله تعالى، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا نهض من جلوسه فليقل:

ما رويناه عن أنس رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يرد سفرًا إلا قال حين ينهض من جلوسه: "اللهُم

ــ

وتكاليفه ولا تجعله ضيقًا حرجًا. قال تعالى: {فمن يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا} . قوله: (ونور قلبي) أي بنور الإيمان وأنواع العرفان. قوله: (اللهم إني أستحفظك الخ) أي فإن من حفظته واستودعته لا يضيع، وذكر الدين اهتمامًا بشأنه لتساهل المسافر غالبًا فيه بنحو تأخير الصلاة عن أوقاتها، فإذا استودعه الله رجي أن يوفقه للقيام به على أتم وجه وأسد حال. قوله:(من آخرة) أي من الأعمال الصالحة التي هي أثر التجارات الرابحة. قوله: (ويفتتح دعاءه الخ) أي لأن ذلك سبب القبول وبلوغ المأمول كما سيأتي إن شاء الله تعالى آخر الكتاب. قوله: (فليقل ما رويناه عن أنس رضي الله عنه الخ) قال الحافظ بعد أن أخرجه وزاد في أوله "اللهم بك انتشرت" وبعد قوله وما لا أهتم به قوله وما أنت أعلم به مني، وأبدل قوله أينما توجهت بقوله حيثما الخ: هذا حديث غريب أخرجه ابن السني وابن عدي في ترجمة عمر بن مساور في الضعفاء. قال الحافظ وهو ضعيف عندهم، وعد ابن عدي هذا الحديث من إفراده واختلف في اسم عمر وأبيه، فقيل هو بفتح أوله، وقيل في أبيه مسافر بالفاء بدل الواو، والمشهور أنه عمر بضم العين ابن مساور بالواو، وزاد الشيخ أبو الحسن البكري وأخرجه أبو يعلى. وأخرجه الحافظ من طريق أخرى زاد فيها: أنت ثقتي ورجائي. وأخرج الحافظ عن عثمان بن عفان قال: قال صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلم يخرج من بيته يريد سفرًا أو غيره فيقول بسم الله

ص: 111