الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل:
وإذا أراد الخروج من مكة إلى وطنه طاف للوَداع، ثم أتى الملتزَم فالتزمه، ثم قال: اللهُم، البَيْتُ بَيْتُكَ، وَالعَبْدُ عَبْدُكَ، وابنُ عبدك، وابْنُ أمَتِكَ، حَمَلْتَنِي على ما سخرْتَ لي
مِنْ خَلْقِكَ، حتى سَيرْتَني في بِلادِكَ، وبَلَّغْتَنِي بِنِعْمَتِكَ حَتى أعَنْتَني على قَضَاءِ مَناسِكِكَ، فإنْ كُنْتَ رَضِيتَ عَني
ــ
اللهم إنه قد صح عن نبيك صلى الله عليه وسلم الخ وأهم ما يشرب له الموت على الإسلام والنظر إلى وجه الله تعالى من غير سابقة عذاب وقد جاء عن عدة أنهم شربوه لمطالب فنالوها. وقد ذكرت جملة كثيرة من ذلك في كتاب فضل زمزم فمن أراد الوقوف على ذلك فليقف عليه ثمة.
فصل
قوله: (طاف للوادع) أي وجوبًا سواء كان وطنه على مرحلتين من الحرم أو أقل فإن لم يكن السفر إلى وطنه فإن كان إلى مرحلتين وجب وإلا حين. قوله: (ثم قال اللهم البيت بيتك الخ) أخرجه البيهقي بسنده إلى الشافعي وقال: هذا من كلام الشافعي وهو حسن قال الحافظ: وقد وجدته بمعناه من كلام بعض من روى عنه الشافعي أخرجه الطبراني في كتاب الدعاءِ عن إسحاق بن إبراهيم عن عبد الرزاق قال: إذا أردت أن تخرج إلى أهلك من مكة أتيت البيت فطفت به سبعًا ثم تصلي ركعتين ثم تأتي الملتزم فتقوم بين الحجر والباب فتقول: اللهم عبدك وابن عبدك وابن أمتك حملتني على دابتك وسيرتني في بلادك حتى أدخلتني حرمك وأمنك وهذا بيتك وقد رجوتك فيه رب بحسن ظني بك أن تكون قد غفرت لي فإن تكن رب قد غفرت لي فازدد عني رضا وقربني إليك زلفى وإن كنت رب لم تغفر لي فمن الآن رب اغفر لي قبل أن ينأى عني بيتك هذا أوان انصرافي غير راغب عنك ولا عن بيتك اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي حتى تقدمني إلى أهلي فإذا أقدمتني فلا تتخل عني واكفني رب مؤنة أهلي ومؤنة خلقك إنك وليي ووليهم ثم تنصرف إلى أهلك وأنت تأمل الوصول سالما إن شاء الله قال الحافظ ووجدته أيضًا في بعض مشايخ شيخ الشافعي منقولًا عمن قبله ثم أخرج الحافظ عن سليمان بن أبي داود قال: كنت عند جعفر يعني الصادق فقال له:
فازْدَدْ عني رِضًى، وإلَّا فَمِنَ الآن وقَبْلَ أنْ يَنأى عَنْ بَيْتِكَ دَارِي، هَذا أوَانُ انْصِرَافِي، إنْ أذِنْتَ لي غَيْرَ مُسْتَبْدِلٍ بِكَ وَلا بِبَيْتِكَ، وَلا رَاغِب عَنْكَ وَلَا عَنْ بَيْتِكَ، اللهُم فاصْحِبْني العافِيَةَ في بَدَني والعِصْمَةَ في دِيني، وأحْسِنْ مُنْقَلَبي، وارْزُقْني طاعَتَكَ ما أبْقَيْتَني واجْمَعْ لي خَيْرَي الآخِرَةِ والدُّنْيا، إنَّكَ على كُل شَيْء قَدِير. ويفتتح هذا الدعاء ويختِمه بالثناء على الله سبحانه وتعالى، والصلاة على رسول الله
ــ
رجل ما كان يدعى به عند وداع البيت؟ فقال جعفر: لا أدري، فقال عبد الله: يعني الرجل المذكور كان يعني أحدهم إذا ودع البيت قام بين الباب والحجر وقال اللهم أنا عبدك فذكر مثل سياق عبد الرزاق لكن قال: فمن الآن فاغفر لي وقال بعد قوله: انصرافي إن أذنت لي وقال: ولا مستبدل بك ولا ببيتك وقال: فإذا أقدمتني إلى أهلي وقال في آخره ومؤنة عيالي ومؤنة خلقك أجمعين فإنك أولى بذلك ولم يذكر ما بعده قال الحافظ: وقد وردت آثار عديدة فيما يدعى به عند الملتزم ليس فيها شيء من المرفوعات ولا الموقوفات فلم أستوعبها واقتصرت على أثر واحد ثم أخرجه عن الأصمعي
قال: رأيت أعرابيًّا عند الملتزم فقال: اللهم إن علي حقوقًا فتصدق بها علي وإن علي تبعات فتحمل بها عني وأنا ضيفك وقد أوجبت لكل ضيف قرى فاجعل قراي الليلة الجنة. قوله: (فازدد عني رضا) أي إذ الكامل يقبل الكمال وفضل الله ليس له غاية يوصل إليها. قوله: (فمن الآن) قيل: هو بضم الميم وتشديد النون دعاء من المنة أي فمن الرضى والعفو عما قد مضى وقيل هو بكسر الميم وفتح النون خفيفة حرف جر أي وإلا فمن الآن يكون الرضى والعفو عما قد مضى فتبدل السيئات بالحسنات وما ذلك على الله بعزيز. قوله: (تنأى) هو بفتح الفوقية وسكون النون بعدها همزة مفتوحة أي تبعد. قوله: (أوان انصرافي) أي زمانه. قوله: (إن أذنت لي) أي وعلامة ذلك تيسير الأسباب ورفع الموانع. قوله: (غير مستبدل بك) أي بعبادتك وطاعتك غيرها. قوله: (والعصمة) أي الحفظ من المخالفات مع جواز الوقوع فيها. قوله: (واجمع لي الخ) تعميم بعد تخصيص. قوله: (إنك على كل شيء قدير) كالتعليل لما تضمنه ما قبله. قوله: (ويفتتح هذا الدعاء الخ) أي وكذا يأتي في