الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل:
وأقل السلام الذي يصير به مسلِّمًا مؤدِّيا سُنَّة السلام أن يرفع صوته بحيث يُسمع المسلَّم عليه، فإن لم يُسْمِعه لم يكن آتيًا بالسلام، فلا يجب الردُّ عليه. وأقلُّ ما يسقط به فرض ردّ السلام أن يرفع صوته بحيث يسمَعه المسلم، فإن لم يسمَعه لم يسقط عنه فرض الردّ، ذكرهما المتولي وغيره.
قلت: والمستحبُّ أن يرفع صوته رفعًا يسمَعه به المسلَّم عليه أو عليهم سماعًا محققا،
ــ
كما وصفه الله تعالى رؤوفًا رحيمًا اهـ. وقضيته طلب تكرار السلام كذلك وإن علم المسلم عليهم بالمرة الأولى وهو خلاف المنقول فالأولى ما حمله عليه الشيخ المصنف من أن ذلك إذا كثر المسلم عليهم ولم يعمهم بالمرة والمرتين فيأتي بالثالثة للتعميم والظاهر أن الجمع إذا لم يعمهم الثلاث يزاد عليها بمقدار التعميم والله أعلم قال في كتاب العلم من التوشيح قال الإسماعيلي يشبه أن يكون ذلك إذا سلم للاستئذان على ما رواه أبو موسى وغيره وأما سلام المرور فالمعروف فيه عدم التكرار اهـ. ومحل كون المعروف فيه عدم التكرار إذا عم سلامه الجميع أو أراد على من بلغه منهم فقط إلا فيكرر حتى يعمهم والله أعلم.
فصل
قوله: (بحيث يسمعه المسلم) أي المبتدئ بالسلام قال ابن حجر في التحفة لا بد من رفع الصوت بالسلام في البدء والجواب حتى يحصل السماع بالفعل ولو في ثقيل السمع لجميع الكلمتين أي قوله: السلام عليكم ابتداء وعكسه جوابًا نعم إن مر عليه سريعًا بحيث لم يبلغه صوته فالذي يظهر أنه يلزمه الرفع وسعه دون العدو خلفه وفارق اعتبار جميع الصيغة ابتداء وردًا هنا عدم اعتبار ذلك في إجابة المؤذن حيث أجيب عند سماع البعض بأن القصد الإذعان لما سمع والإجابة له وذلك يحصل بالبعض والقصد هنا التحية والائتناس وذلك لا يحصل إلا بسماع جميع الصيغة والله أعلم اهـ بالمعنى. قوله: (فإن لم يسمعه لم يسقط عنه) الضمير المستتر في يسمعه عائد على المسلم والضمير في عنه عائد إلى المجيب. قوله: (والمستحب أن يرفع صوته) أي يستحب للمسلم أصل الرفع ليسمعه المسلم عليهم ولو بعضهم فيحصل أصل السنة وتستحب الزيادة على ذلك بابتداء أداء السلام، وإن كثروا
وإذا تشكك في أنه يسمعهم، زاد في رفعه، واحتاط واستظهر، أما إذا سلَّم على أيقاظ عندهم نيام، فالسُّنَّة أن يخفض صوته بحيث يحصل سماع الأيقاظ ولا يستيقظ النيام.
روينا في "صحيح مسلم" في حديث المقداد رضي الله عنه الطويل قال: "كنا نرفع للنبي صلى الله عليه وسلم نَصيبه من اللبن، فيجيء من الليل فيسلم تسليمًا لا يوقظ نائمًا ويسمع اليقظان، وجعل لا يجيئني النوم، وأما صاحباي فناما، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فسلَّم كما كان يسلم" والله أعلم.
ــ
كرر السلام حتى يعمهم به كما سبق في الحديث أما الرفع في الجواب بحيث يسمعه المسلم أي المبتدئ بالسلام المجاب ولو واحدًا من الجماعة المبتدئين فيجب ويستحب أن يزيد في الرفع على القدر الواجب من سماع من ذكر إلى ما يعمهم أجمعين بسماع الصوت ويتحقق به أنه أسمعهم لذلك أي إن لم يكن رفعه كذلك خارمًا لمروءته بأن كثر الجمع وكان رفعه الصوت بقدر
ما يسمعهم أجمعين لا يليق بأمثاله فيكرر الرد حتى يستوعبهم نظير ما سبق في الحديث في الفصل قبله والله أعلم. قوله: (وإذا تشكك في أنه يسمعهم الخ) إن شك في أصل سماع المسلم ولو واحدًا وجب الرفع ليتيقن ذلك وإن شك فيما فوق ذلك استحبَّ الرفع للتعميم.
قوله: (وروينا في صحيح مسلم الخ) سبق تخريج الحديث وشيء مما يتعلق به في باب دعاء الإنسان لمن سقاه لبنًا أو ماء أو غيرهما من كتاب أذكار الطعام. قوله: (وجعل لا يجيئني النوم) أي لشربه ما يخص النبي صلى الله عليه وسلم من اللبن فخشي أن يكون ذلك مثيرًا للغضب يترتب عليه عطب وهو صلى الله عليه وسلم الرؤوف الرحيم عليه الصلاة والسلام لما لم يجد ما يعد له من اللبن علي عادته أتى بالدعاء المسطور في الباب السابق المذكور ليكون له الفضل بالحال والمقال وأتى بهذه الجملة توطئة لقوله (فسلم كما كان يسلم) أي فسمعت سلامه لكوني مستيقظًا مترقبًا أثر فعلي ولم يسمعه صاحباي لكونهما نائمين ونومهما لخلو البال منهما على ذلك الحال والله أعلم.