الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
من طريق ابن عيينة عن
زيد بن علي بن جدعان عن عمر بن أبي حرملة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: دخلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على خالتي ميمونة رضي الله عنها ومعنا خالد بن الوليد رضي الله عنه، فقالت له ميمونة: يا رسول الله ألا تقدم لك شيئًا أهدته لنا أم عفيف؟ قال: بلى فأتته بضباب مشوية، فلما رآها تغل ثلاث مرات، فقال له خالد لعلك تقذره، قال: نعم، ثم أتى بإناء فيه لبن فشرب وأنا عن يمينه وخالد عن يساره، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:"الشربة لك وإن شئت اثرت بها خالدا"، فقلت: لا أوثر بسؤرك أحدًا فناولني رسول الله صلى الله عليه وسلم الإناء، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أطعمه الله طعامًا فليقل: اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرًا منه، ومن سقاه الله لبنًا فليقل: اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه: فإني لا أعلم شيئًا يجزي عن الطعام والشراب إلا اللبن. قال الحافظ بعد تخريجه: هذا حديث حسن أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي في الكبرى وابن السني واقتصر النسائي وابن السني منه على الدعاء الأخير ولم يذكر أبو داود قصة الإيثار في الشرب ولا الترمذي قصة الضباب وأخرجه النسائي أيضًا من طريق شعبة عن علي بن زيد مختصرًا قال ووقع لنا من طريقه بتمامه فأخرجه عن ابن عباس شعبة بهذا السند عن ابن عباس قال: أهدت خالتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سمنًا وأضبًا ولبنًا فذكر الحديث، وفيه فقال له خالد: كأنك قذرته، قال: أجل وشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم من اللبن وفيه ما كنت لأوثر بسؤرك خالدًا وفيه من أكل طعامًا يعني الضب قال الحافظ: أخرجه النسائي عن بندار عن غندر عن شعبة عن علي بن زيد يعني ابن جدعان وعليه مدار الحديث عند جميع من ذكر وهو يرويه عن عمرو عن ابن عباس والله أعلم.
تنبيه
قال الحافظ: ووقع في رواية ابن عيينة في هذه الطريق أم عفيق بالعين المهملة والفاء ثم القاف مصغرًا وأصل الحديث في الصحيح بلفظ أم حفيد أوله حاء مهملة وآخره قال وهو المشهور، وسميت في رواية أخرى في الصحيح هزيلة بالزاي والسلام مصغرًا وهي أخت ميمونة وأخت لبابة الكبرى أم ابن عباس ولبابة الصغرى أم خالد الأربع بنات الحارث وكانت أم حفيد تزوجت في الأعراب فسكنت البادية، وكانت تزور
رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أكَلَ أحَدُكُم طعامًا" وفي رواية ابن السني "مَنْ أطْعَمَهُ اللهُ طعامًا فَلْيَقُلْ: اللهم بارِكْ لنا فيهِ وَأطْعِمْنا خَيرًا منهُ، ومَنْ سَقاهُ اللهُ تعالى لَبَنًا فَلْيَقُلْ: اللَّهُم بارِكْ لنا فيهِ وزِدْنا مِنْهُ، فإنهُ ليسَ شيء يجْزِئُ مِنَ الطعامِ والشراب غَيْرَ اللَّبَنِ" قال الترمذي: حديث حسن.
ــ
أختها بالمدينة. وذكر ابن سعد أنها أسلمت وبايعت وكلهن معدودات في الصحابة.
تنبيه آخر
وقع في رواية الترمذي عمر بن أبي حرملة كما في روايتنا الأولى وقال بعده رواه بعضهم عمرو بن أبي حرملة وقال بعضهم عمرو بن حرملة يعني بفتح العين بدون لفظ أبي وهي روايتنا الثانية من طريق شعبة اهـ. كلام الحافظ. قوله: (وفي رواية ابن السني من أطعمه الله طعامًا) قلت هوبهذا اللفظ عند الترمذي وغيره. قوله: (فليقل) ظاهر الحديث أنه يأتي بالذكر عقب الشروع في الأكل لكن قضية صنيع المصنف أنه يقول عقب الفراغ أي والأولى أن يكون بعد الحمد وتعقب الأول بأن حال الأكل
لا يقال فيه: أطعمنا خيرًا منه ولا زدنا منه كما هو ظاهر أي فالمراد أنه يقول بعد الفراغ كما أفادته الترجمة. قوله: (بارك لنا فيه) البركة زيادة الخير ودوامه على صاحبه وهمزة أطعمنا للقطع من أطعم. قوله: (خيرًا منه) يحتمل أن يريد طعام الجنة ويحتمل أن يريد العموم فيشمل خيري الدارين. قال العلقمي: والظاهر أن النكرة إذا كانت في معرض الزيادة تكون للعموم وإن كانت للإثبات في معرض الامتنان. قوله: (ومن سقاه الله لبنًا) بجميع أنواعه من إبل أو بقر أو غنم حليب وغيره خالص وممزوج بماء أو غيره وعبر بالشرب لأنه الغالب على استعماله. قوله: (وزدنا منه) دل على أنه لا خير من اللبن وأنه خير من العسل الذي هو شفاء للناس قال ابن رسلان لكن قد يقال إن اللبن باعتبار التغذي والري خير من العسل ومرجح عليه والعسل باعتبار التداوي من كل داء وباعتبار الحلاوة يرجح على اللبن ففي كل منهما خصوصية يترجح بها، ويحتمل أن المراد وزدنا لبنًا من جنسه وهو لبن الجنة كما في قوله تعالى:{إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ} أي من جنسه وشبهه
وروينا في كتاب ابن السني بإسناد ضعيف عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه
قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا شرب في الإناء
ــ
وللإمام السبكي الكبير مؤلف في المسألة حاصله ترجيح اللبن علي العسل قلت وهو الذي اختاره الجمهور قال الجلال السيوطي في "تعريف الفئة بأجوبة الأسئلة المائة" مقتضى الدلالة تفضيل اللبن علي العسل لأمور منها أنه يربى به الطفل ولا يقوم العسل ولا غيره مقامه في ذلك، ومنها أنه يجزئ عن الطعام والشراب أي كما في حديث الباب وليس العسل ولا غيره بهذه المثابة، ومنها أنه لا يشرق به أحد وليس العسل ولا غيره كذلك رواه ابن مردويه في تفسيره عن أبي لبيبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما شرب أحد لبنًا فشرق، إن الله تعالى يقول:{لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ} ومنها أنه صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء أتى بإناء من خمر وإناء من لبن وإناء من عسل فاختاره فقيل له: هذه الفطرة أنت عليها وأمتك رواه الشيخان وغيرهما فاختياره اللبن علي العسل ظاهر في تفصيله عليه ومن الصريح في ذلك ما رواه ابن أبي عاصم عن ابن عباس من أطعمه الله طعامًا فليقل الخ وأصله في السنن الأربعة فقوله في الأول: وأطعمنا خيرًا منه وفي اللبن وزدنا منه يعطى أنه لا شيء خير من اللبن اهـ.
قوله: (وروينا في كتاب ابن السني الخ) قال الحافظ بعد تخريجه عن ابن مسعود بلفظ كان صلى الله عليه وسلم إذا شرب في الإناء تنفس ثلاثة أنفاس يحمد الله في كل نفس ويشكره في آخرهن هذا حديث غريب أخرجه ابن السني والدارقطني في الأفراد عن البغوي يعني عبد الله بن محمد قال البغوي والدارقطني لم يروه عن شقيق يعني ابن سلمة الراوي للحديث عن ابن مسعود إلا المعلى يعني ابن عرفان أي بضم المهملة وسكون الراء بعدها فاء تفرد به عيسى بن يونس عنه وكذا قال الطبراني في الأوسط أخرجه من طريق المعافى بن سليمان والعقيلي لما أخرجه من طريق مصعب بن سعيد كلاهما عن عيسى بن يونس ورجاله رجال الصحيح إلا المعلى فاتفقوا على ضعفه وقال البخاري وغيره منكر الحديث وقال النسائي وغيره
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
متروك قال الحافظ: والمستغرب من هذا الحديث تكرار الحمد، وقد أخرج ابن السني بعده شاهدًا من حديث نوفل بن معاوية ولفظه كان صلى الله عليه وسلم يسمي الله أول كل نفس إذا
شرب ويحمده في آخره لكن سنده أضعف من الذي قبله وأصل تثليث النفس في الشرب أخرجه مسلم من حديث أنس دون التسمية والتحميد، ثم أخرج الحافظ الحديث عن نوفل بن معاوية من طريق الطبراني من طريق رجالها غير رجال الأول ولفظه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب بثلاثة أنفاس يسمي الله في أولهن ويحمده في آخرهن قال الطبراني لا يروي عن نوفل بن معاوية إلا بهذا الإسناد تفرد به يعني الحسن بن داود المنكدري وتعقبه الحافظ بأن ابن السني أخرجه من طريق النضر بن سلمة عن ابن أبي فديك بسنده الذي رواه ابن المنكدري فهو وارد على حصر الطبراني لكن النضر كذبوه وقالوا: كان يسرق الحديث فلعله سرقه من المنكدري قال الحافظ: وللمتن شاهد عن أبي هريرة يفسر الكيفية المذكورة هنا وهو مطابق لحديث ابن مسعود ولفظ حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يشرب في ثلاثة أنفاس إذا أدلى الإناء إلى فِيهِ سمى الله وإذا آخره حمد الله يفعل ذلك ثلاث مرات قال الحافظ بعد إخراجه من طريق الطبراني أيضًا: هذا حديث حسن خرجه الخرائطي في فضيلة الشكر قال الحافظ وبالسند إلى الطبراني قال الطبراذي: لم يروه عن أبي عجلان إلا الدراوردي تفرد به عتيق بن يعقوب الزبيري قال الحافظ وهو مدني صدوق من أصحاب مالك قال أبو زرعة: بلغني أنه حفظ الموطأ في حياة مالك اهـ. ووثقه الطبراني وله غرائب هذا منها اهـ. وأخرج الحافظ عن تميم بن سلمة قال: حدثت أن الرجل إذا سمى الله تعالى على طعامه وحمد الله في آخره لم يسأل عن شكر ذلك الطعام، قال الحافظ بعد تخريجه: هذا موقوف صحيح الإسناد وتميم بن سلمة ثقة كوفي من كبار التابعين فكان الذي حدثه بعض من لقيه من الصحابة فلا يضر إبهامه وكأنه أخذه من قوله صلى الله عليه وسلم: "هذا كفاف" هذا كما تقدم من حديث ابن عباس في قصة أبي أيوب حيث أرشدهم صلى الله عليه وسلم إلى الحمد لما شق عليهم قوله: "هذا من النعم الذي تسألون عنه" وقد تقدم في حديث علي في شكر الطعام شيء من هذا اهـ. كلام الحافظ، وأورد ابن
تنفس ثلاثة أنفاس
ــ
القيم في الهدي النبوي من حديث الترمذي في جامعه عنه صلى الله عليه وسلم: "لا تشربوا نفسًا واحدًا كشرب البعير ولكن اشربوا مثنى وثلاث وسموا إذا أنتم شربتم واحمدوا إذا أنتم فرغتم" اهـ وهو مؤيد مقو لحديث الباب. قوله: (تنفس ثلاثة أنفاس) أي خارج الإناء بأن يفصل فمه عنه فيتنفس ويحمد الله ثم يسمي ويعود إلى الإناء وهكذا ثانيًا وثالثًا كما جاء مصرحًا به في حديث إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في القدح لكن ليس الإناء عن فِيهِ، والتنفس المنهي عنه للشارب هو ما كان في نفس الإناء وعلى هذين يحمل ما جاء في التنفس من فعله صلى الله عليه وسلم ونهيه عنه قال ابن القيم في الهدي وفي هذا الشراب والتنفس حكم جمة وفؤائد مهمة وقد نبه صلى الله عليه وسلم على مجامعها بقوله أي عند مسلم في صحيحه وغيره أنه أروى وأمرأ وأبرأ فأروى أشد ريًّا وأبلغه وأنفعه وأبرأ أفعل من البرء وهو الشفاء أي يبرئ من شدة العطش ودائه لتردده على المعدة الملتهبة دفعات فتسكن الدفعة الثانية ما عجزت الأولى عن تسكينه والثالثة ما عجزت الثانية عنه وأيضًا فإنه أسلم لحرارة المعدة وأبقى عليها من أن يهجم عليها البارد وهلة واحدة ونهلة واحدة وأيضًا فإنه لا يروي لمصادفته لحرارة العطش لحظة ثم يقلع عنها ولما يكسر سورتها وحدتها وإن انكسرت لم تبطل بالكلية بخلاف كسرها
على التمهيل والتدريج وأيضًا فإنه أسلم عاقبة وأمن غائلة من تناول جميع ما يروي دفعة واحدة فإنه يخاف منه أن يطفئ الحرارة الغريزية بشدة برده وكثرة كميته أو يضعفها فيؤدي ذلك إلى فساد مزاج المعدة والكبد وإلى أمراض رديئة خصوصًا في سكان البلاد الحارة كالحجاز واليمن ونحوهما أو في الأزمنة الحارة كشدة الصيف فإن الشرب دفعة واحدة مخوف عليهم جدًّا فإن الحار الغريزي ضعيف في بواطن أهلها وفي تلك الأزمنة الحارة ومن آفات الشرب نهلة واحدة أنه يخاف منه الشرق بأن ينسد مجرى الشراب لكثرة الوارد عليه فيغص به فإذا تنفس رويدًا ثم شرب أمن ذلك وقوله: أمرأ من مرئ الطعام والشراب في بدنه دخله وخالطه بسهولة ولذة ونفع ومنه فكلوه هنيئًا مريئًا هنيئًا في عاقبته مريئًا في مذاقه، ثم من فوائد التنفس في الشرب أن الشارب إذا شرب