الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب دعاء الإنسان وتحريضه لمن يضيف ضيفًا
روينا في "صحيحي البخاري ومسلم" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليضيفه فلم يكن عنده ما يضيفه، فقال: ألا رَجُلٌ يُضِيفُ هذا رحمه الله، فقام رجل من الأنصار فانطلق به
…
" وذكر الحديث.
باب الثناء على من أكرم ضيفه
روينا في "صحيحي البخاري ومسلم" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
ــ
باب دعاء الإنسان وتحريضه لمن يضيف ضيفًا
قوله: (روينا في صحيحي البخاري ومسلم) أخرجه أبو عوانة بنحوه كما أشار إليه الحافظ. قوله: (جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليضيفه) فيه استحباب إنزال الحاجة عند حلولها بكرام القوم وخيارهم. قوله: (فلم يكن عنده ما يضيفه) أي لخلو بيوت أمهات المؤمنين عما يكون به الضيافة كما سيأتي في الحديث في الباب بعده. قوله: (إلا رجل) هذا عرض على الحاضرين وهو طلب برفق ولين أن يفعلوا ما يحصل به مراد هذا المسكين. قوله: (فقام رجل من الأنصار) جاء في بعض طرق الحديث فقام رجل من الأنصار يقال له: أبو طلحة الخ وأشار الحافظ إلى أنه كذلك عند مسلم وفي المبهمات أنه أبو طلحة زيد بن سهل وقيل: ثابت بن قيس، وقيل: عبد الله بن رواحة، وقيل: ليس بأبي طلحة المسمى يزيد بن سهل بل أبو طلحة رجل آخر اهـ. قوله: (وذكر الحديث) أي الآتي في الباب بعده وفي هذا المقال الإيماء إلى التحريض على الضيافة المذكور في الترجمة فإن ذلك مستفاد من قوله في الحديث في عجيب الله من صنيعكما لضيفكما الليلة الخ.
باب الثناء على من أكرم ضيفه
أي وكان الثناء عليه ومدحه به لا يخشى عليه منه العجب ونحوه وإلا فيترك دفعًا للمفسدة المقدم دفعها على جلب المصلحة وسيأتي من المصنف مثل ذلك في باب مدح الإنسان في وجهه بجميل فعله. قوله: (روينا في صحيحي البخاري ومسلم)
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني مجهود، فأرسل إلى بعض نسائه فقالت: والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء، ثم أرسل إلى أخرى فقالت مثل ذلك، حتى قلن كلهن مثل ذلك، فقال: مَنْ يُضيفُ هذا الليْلةَ رحمه الله، فقام رجل من الأنصار فقال: أنا يا رسول الله، فانطلق به إلى رحله فقال لامرأته: هل عندك شيء؟ قالت: لا، إلا قوتَ صبياني، قال: فعلِّلِيهم بشيء، فإذا دخل ضيفنا فأطفئي السراج وأريه أنا نأكل، فإذا أهوى ليأكل فقدمي إلى السراج حتى تطفئيه، فقعدوا وأكل الضيف، فلما أصبح غدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: قد
ــ
قال الحافظ وجاء بنحوه عند أبي عوانة. قوله: (إني مجهود) أي أصابني الجهد وهو المشقة والحاجة وسوء العطش والجوع. قوله: (فأرسل
إلى بعض نسائه الخ) فيه ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته من الزهد في الدنيا والصبر على الجوع وضيق الحال ولا يشكل على هذا ما ورد أنه صلى الله عليه وسلم كان يدخر قوت عام لأهله وعياله لأنه كان يدخره ثم ينفقه قبل تمام العام في سبيل الله وإذا قصده المحتاجون ونحوهم فيأتي أثناء العام وليس عنده ولا عند أهله شيء، وفيه أنه ينبغي لكبير القوم أن يبدأ في مواساة الضيف ومن يطرقهم بنفسه فيواسيه من ماله أولًا بما تيسر إن أمكنه وإلا فيطلب من أصحابه على سبيل التعاون على البر والتقوى. قوله:(فقال من يضيف الخ) فيه المواساة في حال الشدائد. قوله: (فقام رجل الخ) فيه المواساة وفيه إكرام الضيف وإيثاره وفيه المنقبة لهذا الأنصاري وامرأته وفيه الاحتيال في إكرام الضيف إذا كان يمتنع منه رفقًا بأهل المنزل لقوله: أطفئي السراج وأريه أنا نأكل إذ لو رأى قلة الطعام وأنهما لا يأكلان معه امتنع عن الأكل. قوله: (إلى رحله) أي منزله ورحل الإنسان منزله من حجر أو مدر أو شعر أو وبر. قوله: (قالت: لا إلا قوت صبياني) هو بكسر الصاد المهملة جمع والصبوة والصبية جمع صبي قال في النهاية الصبوة بالواو
عَجبَ اللهُ مِنْ صَنِيعِكُما بِضَيْفِكُما اللَّيلة، فأنزل الله تعالى هذه الآية
ــ
وهو الأصل وإن كان في الاستعمال الأشهر بالياء وسيأتي ما يتعلق بهذا المقام. قوله: (عجب الله من صنيعكما بضيفكما) قال القاضي عياض: المراد بالعجب من الله تعالى رضاه ذلك الشيء وقيل: مجازاته عليه بالثواب وقيل تعظيمه وقد يكون المراد عجبت ملائكة الله وأضافه إليه تعالى تشريفًا وعند البخاري ضحك الله أو عجيب من فعالكما بفتح الفاء وسيأتني بيانه في باب المدح. قوله: (فأنزل الله تعالى هذه الآية أوخ) في أسباب النزول للسيوطي بعد ذكر حديث ما لفظه وأخرج مسدد في مسنده وابن المنذر عن أبي المتوكل الناجي أن رجلًا من المسلمين قال: يا رسول الله أصابني الجهد فذكر نحو ما في حديث الصحيحين وفيه أن الرجل الذي أضافه ثابت بن قيس بن شماس فنزلت {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} الآية وأخرج الواحدي من طريق محارب بن دثار عن ابن عمر قال: أهدي لرجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رأس شاة فقال: إن أخي وعياله أحوج إلي هذا منا فبعث به إليه فلم يزل يبعث به واحد إلى آخر حتى تداولها سبعة أبيات حتى رجعت إلى أولهم فنزلت {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} الآية اهـ. وعزا في التوشيح تخريج هذا الحديث إلى ابن مردويه في تفسيره وذكر صاحب عوارف المعارف أن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النضير للأنصار إن شئتم قسمتم للمهاجرين دياركم وأموالكم ولم يقسم لكم شيء من الغنيمة في غزوة في النضير قالت الأنصار: بل نقسم لهم من أموالنا وديارنا ونؤثرهم بالغنيمة ولا نشاركهم فيها فأنزل الله تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} اهـ. وذكر مثله في الكشاف لكن لم يعزه إلى ابن عباس ولا غيره قال الحافظ في تخريج أحاديثه: هكذا ذكره
الثعلبي بغير سند وروى الواقدي عن عمر عن الزهري عن خارجة بن زيد عن أم العلي قالت: لما غنم النبي صلى الله عليه وسلم بني النضير فساق الحديث نحوه قال الحافظ وعند أبي داود من رواية عبد الرزاق عن معمر طرق منه ولا مانع من تعدد سبب النزول وأن يكون نزلت عند فعل الجميع اهـ. ثم رأيت السيوطي في التوشيح جمع بذلك والله أعلم.