الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأكل بمجرد ذلك من غير اشتراط لفظ، وقال بعض أصحابنا: لا بد من لفظ، والصواب الأول.
وما ورد في الأحاديث الصحيحة من لفظ الإذن في ذلك: محمول على الاستحباب.
باب التسمية عند الأكل والشرب
روينا في "صحيحي البخاري ومسلم"
ــ
كما في الشرب بالسقايات في الطرق ولخبر إذا دعى أحدكم فجاء مع الرسول فذلك إذن له رواه أبو داود وقد تقتضي القرينة عدم الأكل كأن انتظر المالك آخر فلا يأكل حتى يحضر ذلك الغائب أو يأذن له المالك لفظًا. قال جمع يحرم على الضيف أن يأكل فوق الشبع وعلله ابن عبد السلام بانتفاء الإذن اللفظي والعرفي وفي الأمداد يظهر ضبط الشبع بأن يصير بحيث لا يشتهى ذلك المأكول والكلام فيمن لم يعلم رضا المالك بأكله فوق شبعه وإلا كان كالأكل من ماله والزيادة فيه على الثغ لا تحرم إلا إن علم أو ظن أنها تضره.
باب التسمية عند الأكل والشرب
قال ابن حجر في شرح العباب في باب أركان الصلاة التسمية قول بسم الله والبسملة قول بسم الله الرحمن الرحيم اهـ والظاهر أن المراد من التسمية هنا ذكر اسم الله تعالى الذي اقله بسم الله وأكمله بسم الله الرحمن الرحيم كما سيأتي في كلامه بما فيه. قوله: (روينا في صحيحي البخاري ومسلم الخ) قال في السلاح ورواه الترمذي والنسائي وآخر الحديث عندهم وكل مما يليك فما زالت تلك طعمتي، قال في السلاح طعمتي بكسر الطاء وقال بعض شراح الشمائل إن الحديث اتفقت الستة على إخراجه، وقال الحافظ بعد تخريجه المرفوع منه حديث صحيح أخرجه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه وخرجه الحافظ من طريق الدارمي وقال: أخبرنا خالد بن مخلد عن وهب بن كيسان عن عمر بن أبي سلمة فذكره مختصرًا هكذا رواه خالد
عن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنهما قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سَمِّ اللهَ وكُلْ بِيَمِينِكَ".
ــ
قال ابن عبد البر انفرد خالد بوصله عن مالك وهو في الموطأ مرسل قال فيه مالك عن وهب بن كيسان قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم بطعام فذكره مرسلًا، واتفق على ذلك جميع رواة الموطأ اهـ. ووافق خالدا على وصله أبو عوانة في مستخرجه أخرجه الدارقطني في غرائب مالك وقال تفرد بوصله خالد ويحيى قال الحافظ: هو من شيوخ البخاري لكنه أخرجه عن عبد الله بن يوسف وهو من رواة الموطأ مرسلًا فكأنه رمز إلى أن رواية من وصله صحيحة ثم أخرجه الحافظ من حديث عمر بن أبي سلمة من طرق أخرى وقال في بعضها أخرجه أبو داود وابن حبان والله أعلم. قوله: (عن عمر بن أبي سلمة) أبو سلمة كنية أبيه المسمى عبد الله رضي الله عنهما ابن عبد الأسد القرشي المخزومي وأمه أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين، ولذا قال عمر: كنت في حجر النبي صلى الله عليه وسلم وكانت يدي تطيش في الصحفة، فقال: يا غلام سم الله الخ رواه مسلم (ولد عمر رضي الله عنه بأرض الحبشة، وكان أبوه في هاجر إليها في السنة الثالثة من هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتزوج صلى الله عليه وسلم أمه بعد موت أبيه عنها كما تقدم فنشأ في حجره كان يوم الخندق هو وابن الزبير في اطم حسان بن ثابت، وكان عمره يوم قبض النبي صلى الله عليه وسلم تسع سنين شهد وقعة الجمل مع علي رضي الله عنه واستعمله على البحرين روى له فيما قيل عن رسول الله ففي اثنا عشر حديثًا. قال المصنف في التهذيب روى له البخاري منها حديثين قال في الرياض المستطابة أنهما اتفقا على اثنين وخرج عنه الأربعة، وروى عنه عطاء وثابت مات سنة ثلاث وثلاثين في خلافة عبد الملك. قوله: (سم الله) الأمر فيه للندب وهي سنة كفاية كما سيأتي، ولا خلاف في أن التسمية في بدء كل أمر محبوب سنة مؤكدة وفي الحديث حصول السنة بلفظ بسم الله لكن الأكمل إكمالها كما سيأتي بما فيه. قوله:(وكل بيمينك) هذا مزيد على ما قصد في الترجمة ذكر استطرادًا وهذا الأمر على سبيل قيد الندب المؤكد،
وروينا في "سنن أبي داود والترمذي" عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أكَلَ أحَدُكمْ فَلْيَذْكُرِ اسمَ الله تَعالى في أوَّلِه،
ــ
وقيل وجوبًا لما في غيره من الشره ولحوق الضرر بالغير وانتصر له السبكي وعليه نص الشافعي في الرسالة ومواضع من الأم قال الحافظ ويدل على الوجوب ورود الوعيد في الأكل بالشمال في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يأكل بشماله، فقال: كل بيمينك، فقال: لا أستطيع
فقال: لا استطعت، فما رفعها إلي فيه بعد لما لم يكن في ترك الأكل باليمين عذر بل قصد المخالفة دعا عليه فشلت يده والأكل باليمين لأنها أقوى غالبًا وأسبق للأعمال وأمكن في الاشتغال ثم هي مشتقة من اليمن وهو البركة وقد شرف الله تعالى أهل الجنة بنسبتهم إليها كما ذم أهل النار بنسبتهم إلى الشمال فاليمين وما نسب إليها وما اشتق منها محمود ممدوح لسانًا وشرعًا ودنيا وآخرة والشمال على النقيض حتى قال:
ابن لي، في يمنى يديك جعلتني
…
فأفرح أم صيرتني في شمالكا
وإذا كان كذلك فمن الآداب المناسبة بمكارم الأخلاق والسيرة المرضية عند الفضلاء اختصاص اليمين بالأعمال الشريفة والأحوال النظيفة وإن احتيج في شيء منها إلى الاستعانة بالشمال تكون بحكم التبعية وأما إزالة الأقدار ومباشرة الأمور الخسيسة فبالشمال وسبق لهذا المقام بسط في باب كيفية لباس الثوب والنعل وخلعهما أوائل الكتاب والله أعلم بالصواب.
قوله: (وروينا في سنن أبي داود والترمذي الخ) هو من جملة حديث خرجه الحافظ من طريق الدارمي ولفظه عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأكل طعامًا في ستة نفر من أصحابه فجاء أعرابي فأكله بلقمتين فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أما إنه لو ذكر الله لكفاكم فإذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله تعالى فإن نسي أن يذكر اسم الله تعالى فليقل باسم الله أوله وآخره حديث حسن أخرجه أحمد وابن ماجه ورجاله ثقات لكن عبد الله بن عبيد أي الراوي عن عائشة لم يسمع منها كما بينه في تذهيب التهذيب، قال: وقد جاء من طريق آخر بزيادة راو بينهما فأسنده إلى عبد الله قال عن امرأة منهم يقال لها: أم كلثوم عن عائشة رضي الله عنها فذكر
فإنْ نَسِيَ أنْ يَذْكُرَ اسمَ اللَّهِ تعالى في أوَّلِهِ
ــ
الحديث بتمامه أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي والحاكم قال الترمذي حديث حسن صحيح أو أم كلثوم هي بنت محمد بن أبي بكر الصديق، قال الحافظ وهذا يخالف قول عبد الله بن عبيد الله عن امرأة منهم إذ هو ليثي مكي بخلاف أم كلثوم بنت محمد فإنها تيمية مدنية ولذا قال المزي أم كلثوم الليثية المكية فاعتمد على قول الراوي عنها والعلم عند الله تعالى اهـ. وقد أورد الحديث في السلاح في مكانين في الأول منهما إلى قوله لكفاكم وفي رواه الترمذي والنسائي وابن حبان في صحيحه قال الترمذي واللفظ له حديث حسن صحيح ولم يذكر ابن ماجه فيمن خرجه ولعل مراد الحافظ أن أصل الحديث عنده وإن لم يكن بهذه الزيادات المعقود لها الترجمة والله أعلم وفي الثاني باللفظ الذي أورده المصنف هنا الخ وقال: رواه أبو داود واللفظ له والترمذي والنسائي والحاكم وابن حبان في صحيحيهما وقال الحاكم صحيح الإسناد اهـ. واقتصر في الحصن على اللفظ المرفوع الذي أورده المصنف وعزاه لمن عزاه له في السلاح والله أعلم.
قال الحافظ لحديث عائشة شاهد من حديث ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من نسي أن يذكر الله في أول طعامه فليقل حين يذكر باسم الله أوله وآخره فإنه يستقبل طعامًا جديدًا ويمنع من كان يصيب منه أخرجه الحافظ من طريق الطبراني في الأوسط قال: وأخرجه ابن حبان قال الحافظ ورجاله ثقات إلا أنه اختلف في سماع عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود من أبيه ولولا ذلك لكان على
شرط الصحيح اهـ. قوله: (فإن نسي أن يذكر اسم الله تعالى في أوله) أي أول الأكل المدلول عليه بقوله أكل وألحق أصحابنا الشافعية بالنسيان ما إذا تعمد أو جهل وليس للخصم أن يقول الناسي معذور فليمكن من التدارك بخلاف المتعمد لأن القصد من التدارك إضرار الشيطان بمنعه من طعامنا ولو نظر للعذر لمنع الشيطان عن مؤاكلة النّاس ولم يحتج إلى أن يجعل له طريقًا فالملحظ ليس العذر فحسب ومثل الأكل فيما ذكر في ندب الذكر المذكور كل ما يشتمل على أفعال متعددة من نحو اكتحال وتأليف
فَلْيَقُلْ: بِسمِ اللهِ أوَّلَهُ وآخِرَهُ" قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
ــ
وشرب ما لم يكره الكلام أثناءه كجماع. قوله: (فليقل) أي عند الذكر والأمر للندب المؤكد وهل يأتي بالذكر الآتي بعد انقضاء الأكل أو لا؟ بالأول قال بعض الشافعية وعللوه بأن التسمية إنما شرعت لدفع الشيطان من توصله إلى الطعام وقد فات، وبالثاني قال آخرون وقالوا: إنها وإن شرعت لدفع الشيطان وقد فات فقد شرعت أيضًا ليقيء ما أكله، وفي صل آخرون بين ما إذا تذكر حال الاشتغال بمصالح الطعام ولو بعد الأكل والعهد قريب وبين ما إذا بعد وانقطعت النسبة والأوجه من هذه الأوجه أوسطها كما تقدم نقله بتعليله وبيان دليله بما فيه من اعتراض ورد في باب ما يقول على وضوئه والله أعلم. قوله:(باسم الله أوله وآخره) الباء في باسم الله للاستعانة أو المصاحبة ويقدر المتعلق آكل والجار والمجرور في محل الحال من فاعل الفعل المقدر وأوله وآخره منصوبان على الظرفية أي في أوله وآخره هذا هو الجيد فيهما كما قاله البكري ويجوز تقدير لفظ في على حذف الجار وإبقاء عمله والمراد منهما جميع أجزائه كما يشهد له المعنى الذي قصدت التسمية له فلا يقال ذكرهما يخرج الوسط، وأورد أنه كيف تصدق الاستعانة باسم الله في الأول وقد خلا الأول عنها، ودفع بأن الشرع جعله إنشاء استعانة باسم الله في أوله وليس هذا إخبارًا حتى يكذب وبهذا يصير المتكلم مستعينًا في أوله ويترتب على ما رتب على الاستعانة في أوله وهذا أوضح مما في الحرز من قوله إنه مستعين به في أوله حكمًا لأن حال المؤمن وشأنه هو الاستعانة به سبحانه في جميع أحواله وإن لم يجر اسم الله تعالى على لسانه لنسيانه إذ هو معفو عنه والله أعلم اهـ. وسبق في باب ما يقول على الوضوء الفرق بين التدارك بعد انقضاء الأكل وعدمه وبعد انقضاء الوضوء وعند الحنفية إذا ترك التسمية أول الوضوء لا يتداركها في أثنائه كما في الحرز قال والفرق بين الوضوء والطعام أن الوضوء فعل واحد غسل جميع أعضائه بخلاف الطعام فإن أكل كل لقمة فعل على حدة ولذا كان العلماء يسمون في كل لقمة ولعل الشارع اكتفى بأوله دفعا للحرج عن أكله ومع هذا ففضلاء الصوفية يسمون أيضًا في كل عضو من أعضاء الوضوء اهـ. وما ذكره من أن الوضوء فعل واحد لا يخفى
وروينا في "صحيِح مسلم" عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا دَخَلَ الرَجُلُ بَيْتَهُ فَذكَرَ اللهَ تعالى عِنْدَ دُخُولِهِ وعِنْدَ طَعامِهِ، قال الشَّيطَانُ: لا مَبِيتَ
لكُمْ ولا عَشاءَ، وإذا دَخَلَ فَلمْ يَذْكُرِ اللهَ تَعالى عِنْدَ دُخُولِهِ، قال الشيطَانُ: أدرَكْتُمُ المَبِيتَ، وإذا لَمْ يَذْكُرِ الله تعالى عِنْدَ طَعَامِهِ، قال: أدرَكْتُمُ المَبِيتَ والعَشَاءَ".
وروينا في "صحيح مسلم" أيضًا في حديث أنس المشتمل على معجزة ظاهرة من معجزات رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دعاه أبو طلحة وأم سليم للطعام، قال: ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم:
ــ
ما فيه فتأمل.
قوله: (وروينا في صحيح مسلم الخ) تقدم تخريجه والكلام على ما يتعلق بمعناه في باب ما
يقول إذا دخل بيته في أوائل الكتاب. قوله: (وروينا في صحيح مسلم أيضًا الخ) لفظ الحديث عن أنس قال: أمر أبو طلحة أم سليم أن تجعل للنبي صلى الله عليه وسلم طعامًا يأكل منه ثم بعثني أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته فقلت: بعثني إليك أبو طلحة فقال للقوم قوموا فقاموا فانطلق وانطلقوا معه فلقينا أبو طلحة في الطريق فقال: يا نبي الله إنما صنعت لك طعامًا لنفسك خاصة فقال: لا عليك انطلق فانطلقوا وجيء بالطعام فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في الطعام وسمى عليه ثم قال: ائذن لعشرة فأذن لهم فقال لهم: كلوا باسم الله فأكلوا حتى شبعوا ثم قال: ائذن لعشرة فعل ذلك بثمانين رجلًا ثم أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل أهل البيت وتركوا سورًا، قال الحافظ بعد تخريجه بهذا اللفظ أخرجه مسلم أي أخرج هذا المعنى لا بخصوص هذا المبنى قال المصنف في شرح مسلم أخرجه مسلم عن أنس حديثين الأول من طريق والثاني من طرق وهما قضيتان جرت فيهما المعجزتان أي تكثير الطعام القليل وعلمه صلى الله عليه وسلم بكفايته لهم وغيرهما من المعجزات ففي الحديث أن أبا طلحة وأم سليم أرسلا أنسًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم بأقراص شعير قال أنس: فوجدت النبي
"ائْذَنْ لِعَشَرَة"، فأذن لهم فدخلوا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"كُلُوا وَسَمُّوا اللهَ تعالى، فأكلوا حتى فعل ذلك بثمانين رجلًا".
ــ
صلى الله عليه وسلم جالسًا في المسجد ومعه النّاس فقبلت عليهم فقال: أرسلك أبو طلحة فقلت: نعم فقال: الطعام فقلت: نعم فقال صلى الله عليه وسلم لمن معه: قوموا فانطلق فانطلقت بين أيديهم حتى جئت أبا طلحة فأخبرته فقال أبو طلحة: يا أم سليم قد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس وليس عندنا ما نطعمهم قالت: الله ورسوله أعلم فانطلق أبو طلحة حتى لقي النبي صلى الله عليه وسلم فأقبل صلى الله عليه وسلم معه حتى دخلا فقال صلى الله عليه وسلم: هلمي ما عندك يا أم سليم فأتت بذلك الخبر فأمر به صلى الله عليه وسلم ففت وعصرت عليه عكة لها فآدمته ثم قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله أن يقول ثم قال: ائذن لعشرة فأذن لهم فأكلوا حتى شعبوا ثم خرجوا ثم قال: ائذن لعشرة فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا حتى أكل القوم كلهم وشبعوا والقوم سبعون أو ثمانون رجلًا، والحديث الآخر فيه أن أنسًا قال: بعثني أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأدعوه وقد جعل طعامًا فأقبلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم مع النّاس فنظر إلي فاستحييت فقلت أجب أبا طلحة فقال للناس قوموا وذكر الحديث وأخرج لهم شيئًا من أصابعه وهذا الحديث قصة أخرى بلا شك وفيها ما في الحديث الأول وزيادة علم من أعلام النبوة وهو إخراج ذلك الشيء من بين أصابعه الكريمة صلى الله عليه وسلم اهـ. قوله: (ائذن لعشرة الخ) إنما لم يأذن لهم دفعة واحدة لئلا يقع نظرهم على الطعام فيتقالوه فتذهب منه البركة أو لأن الإناء لم يسع استدارة أكثر من عشرة ثمة أو لأن المكان لا يتسع لأكثر من ذلك العدد. قوله: (وسموا الله) أي اذكروا اسم الله تعالى على الطعام ولا تكفي تسمية الأولين وقولهم إن التسمية من واحد تكفي عن الباقي محمول على جماعة يعدهم العرف مجتمعين وما هنا ليس كذلك لانقطاع تسمية الأولين بقيامهم والله أعلم، قال المصنف
في الحديث تكثير الطعام وعلمه صلى الله عليه وسلم بأن هذا القليل يكفي الكثير اهـ. ثم اختلف العلماء في أن تكثير الطعام القليل الذي هو من معجزاته صلى الله عليه وسلم هل هو بإيجاد معدوم أو بإيقاع البركة في الموجود والإجزاء به مع قلته
وروينا في "صحيح مسلم" أيضًا عن حذيفة رضي الله عنه، قال: "كنا إذا حضرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم طعامًا لم نضع أيديَنا حتى يبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فيضع يده، وإنا حضرنا معه مرة طعامًا، فجاءت جارية كأنها تُدفع، فذهبت لتضع يدها في الطعام فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدها، ثم جاء أعرابي كأنما يُدفع، فأخذ بيده، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: إن الشَّيْطان يَسْتَحِل الطعامَ أنْ لا يُذْكَرَ اسمُ الله عَلَيهِ، وإنهُ جاءَ بِهَذِهِ الجَارِيةِ لِيَسْتَحِلَّ بِهَا،
ــ
معجزة؟ الأول عليه الأكثر والله أعلم. قوله: (وروينا في صحيح مسلم الخ) قال في السلاح ورواه أبو داود والنسائي ولفظ أبي داود وأن يده لفي يدي مع أيديهما اهـ. وذكر الحافظ مثله ولم ينبه على ما أشار إليه في السلاح وخرجه الحافظ عن حذيفة من وجه آخر وقال: زاد في أوله فكف صلى الله عليه وسلم يده وفي آخره وإنه لما رآنا كففنا أيدينا جاء بهذين يستحل بهما قال وفي السند شذوذ. قوله: (كنا إذا حضرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم طعامًا لم نضع أيدينا حتى يبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم) قال المصنف فيه بيان هذا الأدب وهو أنه يبدأ الكبير الفاضل في غسل اليد للطعام وفي الأكل. قوله: (كأنها تدفع) وفي رواية لمسلم كأنها تطرد وفي نسخة من السلاح كأنما تدفع بالميم محل هاء الضمير قال المصنف يعني لشدة سرعتها. قوله: (ثم جاء أعرابي الخ) كذا عند مسلم في رواية له ووقع له في رواية أخرى قوله قدم مجيء الأعرابي قبل مجيء الجارية أي عكس ما في الروايتين المذكورتين قال المصنف وجه الجمع بينهما أن المراد بقوله في الثانية قدم مجيء الأعرابي الخ أنه قدمه في اللفظ بغير حرف ترتيب فذكره بالواو فقال جاء أعرابي وجاءت جارية والواو لا تقتضي الترتيب وأما الرواية الأولى فهي صريحة في الترتيب فتعين حمل رواية الواو على رواية ثم ويبعد حمله على واقعتين اهـ. قوله: (إن الشيطان يستحل الطعام أن لا يذكر اسم الله عليه) قال
فأخَذْتُ بِبَدِها، فجَاءَ بِهَذا الأعْرَابي لِيَسْتَحِلَّ بهِ، فأخَذْتُ بيَدِهِ،
ــ
المصنف معنى يستحل يتمكن من أكله ومعناه أنه يتمكن من أكل الطعام إذا شرع فيه إنسان بغير ذكر الله تعالى وأما إذا لم يشرع فيه أحد أو شرع بعضهم دون بعض لم يتمكن منه ثم الصواب الذي عليه جماهير العلماء من السلف والخلف من المحدثين والفقهاء والمتكلمين أن هذا الحديث وشبهه من الأحاديث الواردة في أكل الشيطان محمولة على ظواهرها وأن الشيطان يأكل حقيقة إذ العقل لا يحيله والشرع لا ينكره فوجب قبوله واعتقاده اهـ. كذا في النسخة المنقول منها والظاهر أن في النسخة سقطًا إذ قوله آخرًا أو شرع بعضهم دون بعض يقتضي أن الشيطان لا يتمكن منه حينئذٍ حتى يشرع الباقون ويترك الكل التسمية وقوله أولًا لأن الشيطان يتمكن منه إذا شرع فيه إنسان بغير ذكر الله ينافيه إلا أن يقال ينزل كلامه على حالين ما إذا كان الأكل واحدًا فشرع فيه بغير ذكر فيتمكن منه الشيطان حينئذٍ وما إذا كانوا جماعة فلا يتمكن إلا بفعل الكل مع ترك الذكر وفيه ما فيه والله أعلم وعلى هذين الحالين ينزل كلامه في الموضعين قال البيضاوي كأن ترك التسمية إذن من الله تعالى للشيطان في التناول كما أن التسمية منع له عنه نقله الطيبي وقيل معنى يستحله يصرف قوته فيما لا يرضاه الله تعالى أي لا يكون ممنوعًا من التصرف فيه إلا بذكر اسم الله عليه قال المصنف في شرح مسلم وينبغي أن
يسمى كل واحد من الآكلين فإن سمي واحد منهم حصل أصل السنة نص عليه الشافعي ويستدل له بأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأن الشيطان إنما يتمكن من الطعام إذا لم يذكر اسم الله عليه وهذا في ذكر اسم الله عليه ولأن المقصود يحصل بواحد ثم أيده أيضًا بحديث الذكر عند دخول المنزل وفي سبق في باب ما يقول إذا دخل منزله أوائل الكتاب وذكره المصنف هنا أيضًا ووجه التأييد إنما يظهر إن كان
والذِي نَفْسي بيَدِهِ إنّ يَدَهُ في يَدي مع يَدِهِما" ثم ذكر اسم الله تعالى وأكل.
وروينا في "سنن أبي داود والنسائي" عن أمية بن مخشي الصحابي رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسًا ورجل يأكل، فلم يسمِّ حتى لم يبق من طعامه إلا لقمة، فلما رفعها إلى فيه قال: بسم الله أولَه وآحره، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم
ــ
يذكر فيه مبنيًّا للمفعول أما إذا كان مبنيًّا للفاعل ومرجع الفاعل فيه الرجل فلا يظهر التأييد المذكور والله أعلم.
قوله: (والذي نفسي بيده) فيه الحلف بلا استحلاف وهو جائز بل مندوب لتأكيد الأمر الذي يعتني بتأكيده وتقويته وقوله: نفسي بسكون الفاء أي روحي وقوله: بيده أي بقدرته. قوله: (إن يده) أي الشيطان. قوله: (مع يدها) قال المصنف في شرح مسلم هكذا هو في معظم الأصول يدها وفي بعضها يدهما وهذا ظاهر والتثنية تعود إلى الجارية والأعرابي ومعناه أن يد الشيطان في يده صلى الله عليه وسلم مع يد الجارية والأعرابي وأما على رواية يدها بالإفراد فيعود الضمير على الجارية وقد حكى القاضي عياض أن الوجه التثنية والظاهر أن رواية الأفراد مستقيمة فإن إثبات يدها لا تنفي يد الأعرابي بل هي ساكتة عنها فإن صحت الرواية بالإفراد وجب قبولها وتأويلها على ما ذكرناه والله أعلم اهـ. قوله: (ثم ذكر) أي النبي صلى الله عليه وسلم (اسم الله تعالى) على الطعام (وأكل).
قوله: (وروينا في سنن أبي داود الخ) قال في السلاح واللفظ لأبي داود وأخرجه الحاكم في المستدرك وقال الدارقطني لم يسند أمية عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث اهـ. وقال الحافظ بعد تخريج الحديث: هذا حديث غريب أخرجه أبو داود وأخرج الحاكم بسنده إلى الطبراني عن جابر بن صبح حدثني المثنى وصحبته إلى واسط فكان إذا أكل سمى فإذا صار إلى آخر لقمة قال: بسم الله أوله وآخره فقلت له في ذلك فقال: حدثني ابن أمية فذكر الحديث بنحوه ثم قال الحافظ: أخرجه أحمد والنسائي. قوله: (عن أمية بن مخشي الصحابي رضي الله عنه بصري يكنى أبا عبد الله قاله أبو نعيم وأبو عمر وقال ابن منده الخزاعي وهو من الأزد ولا يعرف له غير هذا الحديث كذا في أسد الغابة وفي شرح المصابيح للعاقولي قال ابن أبي حاتم في كتاب
ثم قال: ما زال الشيطان يأكُلُ مَعَهُ، فلَمَا ذَكَرَ اسمَ الله اسْتَقَاءَ ما في بَطْنِهِ".
قلت: مخشي، بفتح الميم وإسكان الخاء وكسر الشين المعجمتين وتشديد الياء، وهذا الحديث محمول على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم تركه التسمية إلا في آخر أمره، إذ لو علم ذلك لم يسكت عن أمره بالتسمية.
وروينا في كتاب الترمذي. عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل طعامًا في ستة من أصحابه، فجاء أعرابي فأكله بلقمتين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما إنَّهُ
ــ
الجرح والتعديل أمية بن مخشي له صحبة روى عنه المثنى بن عبد الرحمن بن مخشي سمعت أبي يقول ذلك وقال ابن عبد البر في استيعابه روى عنه المثنى بن عبد الله بن مخشي ؤهو ابن أخيه له حديث واحد عند الأكل يعني هذا الحديث. قوله: (استقاء الشيطان) أي ما في بطنه ولا يلزم منه غسل الإناء وإن حملناه على الحقيقة كما هو الأرجح في مثله لما تقدم عن شرح مسلم للمصنف لأنه ليس فيه أن الاستقاءة في نفس الإناء إذ يحتمله ويحتمل أن يكون خارجه وطهارة الأصل لكونها الأصل المحقق لا ترفع بذلك والله أعلم.
قوله: (مخشي بفتح الييم وإسكان الخاء وكسر الشين المعجمتين) هذا هو الصواب ويوجد في بعض النسخ المعجمة فيوهم أن الخاء مهملة وهو من تحريف الكتاب والله أعلم.
قوله: (وروينا في كتاب الترمذي الخ) هو طرف من حديث طويل تقدم تخريجه في أول هذا الباب. قوله: (طعامًا) تنوينه للتنكير لا للتكثير إذ يأباه أكله في لقمتين وقيل إنه للتكثير ويدل عليه قوله في ستة من أصحابه ولجاب بأن كفايتهم بذلك الطعام مع قلته من جملة معجزاته صلى الله عليه وسلم ومن التواضع قعوده مع أصحابه وأكله معهم بحيث يقدم الغريب فيأكل معه. قوله: (فجاء أعرابي) تقدم الكلام في معنى الأعرابي في باب تنزيه المسجد عن الأقذار هاخبار عائشة عما ذكر في الخبر إما عن رؤيتها وذلك قبل الحجاب أو بعده واقتصرت على رؤية الإناء ولا يلزم منه رؤية الأعرابي أو عن إخباره صلى الله عليه وسلم أو من غيره وعلي الأخير مرسل صحابي وهو حجة خلافًا للأسفرايني. قوله: (بلقمتين) الباء فيه بمعنى في ووقع في بعض النسخ في الشمائل في لقمتين. قوله:
لوْ سَمَّى لَكَفاكُمْ" قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
ــ
(لو سمى) وفي لفظ أما إنه لو سمى وفي لفظ لو سمى الله تعالى أي لو قال الأعرابي باسم الله لكفاكم أي وإياي وفي نسخة من الشمائل لكفانا وفي نسخة لكفاهم ويدخل فيه الأعرابي أيضًا وذلك لأن الشيطان ينتهز الفرصة وقت الغفلة عن ذكر الله وهذا تصريح بعظم بركة التسمية وفائدتها والمعنى أن هذا الطعام القليل كان الله يبارك فيه معجزة لي وكان بذلك يكفينا لكن لما ترك التسمية انتفت تلك البركة وفيه كمال المبالغة في زجر تارك التسمية على الطعام لأن تركها يمحق الطعام كذا في بعض شروح الشمائل ثم هذا الحديث بظاهره يشكل على ما تقدم عن الشافعي مما سيأتي في الكتاب أن تسمية واحد من الحاضرين تكفي في دفع الشيطان عن الطعام وسبق دليله في كلام المصنف في شرح مسلم وأجيب بأن شيطان الرجل جاء معه فلم تكن التسمية السابقة على مجيئه مؤثرة فيه ولا هو سمى فتكون تسميته مانعة من أكل شيطانه معه أشار إليه الطيبي واستحسنه ميرك ثم قال: لكن ليس صريحًا في دفع التناقض بين الحديث وبين ما قاله الشافعي قال: فالأولى أن يقال كلام الشافعي محمول على أنه مخصوص بما إذا اشتغل جماعة بالأكل معًا وسمى واحد منهم فحينئذٍ لسمية هذا الواحد تجزئ عن الباقين من الحاضرين لا عن شخص لم يكن حاضرًا معهم وقت التسمية إذ المقصود من التسمية عدم تمكن الشيطان من أكل الطعام مع الإنسان فإذا لم يحضر إنسان وقت التسمية عند الجماعة لم تؤثر تلك التسمية في عدم تمكن شيطان ذلك الإنسان من الأكل معه فتأمل اهـ. وأجاب ابن حجر الهيتمي في شرح الشمائل عن مثل حديث الباب بأن الواقعة واقعة حال محتملة لأن يكون قعوده بعد انصرافهم بدليل "ثم" -أي في ذلك الحديث والفاء في حديث الباب- قال: وهذا الجواب متعين وهو وإن كان بعيدًا من سياق
حديث الباب إلا أن الجمع بين الأحاديث يحتمل فيه نحو ذلك لما فيه من أعمال كل وعلى هذا فيكون قوله إما أنه لو سمي صدر منه كو بعد قيامه وقيام من معه ومعنى لكفاكم أي لو احتجتم إليه ثانيًا وكان ذلك الجائي سمى عند جلوسه وحده
وروينا عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
ــ
عليه لكفاكم عن الاحتياج إليه والله أعلم قال ابن حجر وأما الجواب بأن لهذا الجائي شيطانًا جاء معه فلم تؤثر فيه تسميتهم ولا هو سمى فغير صحيح لأن التسمية أول الطعام متكفلة بمنع الشيطان منه إلى فراغ أولئك الآكلين فإن قلت قضية الحديث أي حديث إذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله وطعامه الخ فإنه يصرح بأنه إنما يتمكن منه إذا لم يذكر اسم الله تعالى فقضيته أنه إذا سمى الله تعالى عليه امتنع الشيطان منه وإن فرغ الأولون منه ثم قعد غيرهم ولم يسم، قلت: لو سلم أن ذلك قضيته لكانت القاعدة أن يستنبط من النص معنى يخصصه وهو هنا أن المجتمعين ومن لحقهم قبل فراغهم منسوبون للمبسمل تابعون له فسرت إليهم بركة التسمية، فشملت من معه وشملت من لحقهم بركتها تبعًا ومن لحقهم أيضًا وهكذا، أما من جاء بعد فراغ الجميع فقد انقطعت نسبته عنهم وعد الطعام بالنسبة إليه بمنزلة الطعام الجديد ولو أخذنا بعموم ذلك الحديث وإطلاقه لاقتضى أن الطعام إذا كثر وتناوله واحد أو جماعة أيامًا متعددة كفت تسمية واحد من الأولين عن جميع تلك المرات وإن تباعد ما بينها، وكلام أئمتنا كالصريح في خلاف ذلك اهـ. قوله:(وروينا عن جابر) كذا في الأصل غير مبين من خرجه وهو في كتاب ابن السني كما قال الحافظ ووقع لنا في غيره بأتم سياق منه فخرجه عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من نسي أن يذكر الله في أول طعامه فليذكر اسم الله في آخره وليقرأ قل هو الله أحد" قال أبو القاسم اللخمي تفرد به حمزة النصيبي أي في كلا الطريقين، قال الحافظ وهو وضاع عند أهل العلم بالرجال. قال البخاري في الضعفاء حمزة منكر الحديث وأخرجه ابن حبان في كتاب الضعفاء قال: كان حمزة يروي الموضوعات عن الثقات كأنه المتعمد لها لا تحل الرواية عنه اهـ، وقد اشتد إنكار الإِمام البيهقي على الشيخ أبي محمد الجويني إدخاله هذا الحديث وغيره من الموضوعات كحديث المشمس في كتابه المحيط، وقال إن إمامنا الشافعي كان شديد الحرص على تجنب مثل هذا،
"مَنْ نسِيَ أن يُسَمِّيَ على طعامِهِ فَلْيَقْرأ: قُلْ هُوَ اللهُ أحد، إذا فَرَغَ".
قلت: أجمع العلماء على استحباب التسمية على الطعام في أوله، فإن ترك في أوله عامدًا
أو ناسيًا أو مكرهًا أو عاجزًا لعارض آخر ثم تمكن في أثناء أكله، استحبَّ أن يسميَ، للحديث المتقدم، ويقول:
ــ
والإنكار على من يتعمده، في كلام كثير في جزء مشهور يسمى رسالة البيهقي إلى الجويني والله أعلم اهـ. ثم مدار الحديث عند الجميع على حمزة وقد علمت حاله وهو يرويه عن أبي الزبير عن جابر. قوله:(من نسي أن يسمي الله الخ) قال ابن حجر الهيتمي في الإمداد وفي حديث عن أبي يعلى الموصلي وغيره مرفوعًا من قرأ لإيلاف قريش أمن من كل خوف وهو يؤيد ما قيل إنها أمان من التخمة فينبغي قراءتها أيضًا بعد الأكل، وحكمة قراءتها تنزيه البارئ سبحانه عن أن يطعم أو يشرب لأن الصمد هو الذي لا جوف له والتذكير بنعمة الإطعام من الجوع مع التبرك بها لدفع ما يخاف من غوائل الطعام. قوله:(أجمع العلماء على استحباب التسمية الخ) أي وإن كان الآكل جنبًا أو نحوه لكن لا يقصد بها القرآن. قوله: (فإن تركه في أوله عامدًا الخ) ألحق أصحابنا هذه الأحوال بالحال
المنصوص عليها في الخبر وهو حال النسيان بجامع الترك في كل، وأيضًا فالمراد من الإتيان بها للناس إيذاء الشيطان ليتقيأ ما أكله وهذا القدر يطلب من الجميع وليس الملحظ كونه معذورًا في الترك إذ لو لحظ ذلك لمنع الشيطان من مؤاكلته ولم يحتج إلى أن يجعل للناسي طريق في ذلك كذا قيل: ولا يخفى ما فيه والمراد الإكراه على ترك التلفظ بهذا الذي هو مدار الاعتبار في الأذكار اللفظية وبه يندفع ما في شرح الشمائل للقارئ من قوله الإكراه أشد عذرًا من الجهل والنسيان مع أنه لا يتصور منعه عن البسملة إلا جهرًا أو لسانًا فحينئذٍ يكتفي بالذكر قلبًا وأن ظاهره أن الذكر القلبي المأتي به حال الإكراه مغنٍ في دفع الشيطان عن الإطعام بعد زوال الإكراه ولا يحتاج في دفعه إلى قوله بسم الله أوله وآخره ولا يخفى بعده