الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الخامس: الهمز
يعد باب الهمز من أوسع أبواب الأصول وأكثرها تنوعاً وأصعبها تحليلاً وتعليلاً، كما أن ظاهرة الهمز تشكل أبرز ظاهرة صوتية في قراءة ورش عن نافع، إذ كان يميل إلى تسهيلها في مواطن، وحذفها في مواطن أخر. والهمز بشكل عام إما أن يكون مفرداً أو مقترناً مع همزة أخرى، والمقترن إما أن تكون الهمزتان في كلمة واحدة وإما أن تكونا في كلمتين، وسوف نفصل ذلك في هذا المطلب إن شاء الله.
أولا: الهمز المفرد وهو الذي لم يلاصق مثله وهو قسمان في رواية ورش:
أ - ما ينقلها ورش كما سيأتي.
ب - ما يبدلها بحسب حركتها أو حركة ما قبلها، وهو إما ساكن أو متحرك، إذا وقعت فاءً للكلمة (1) وهذا ما يتم تفصيل القول فيه هنا.
ومذهب ورش إبدال كل همزة ساكنة حرف مد من جنس حركة ما قبلها إذا كانت الهمزة فاء الكلمة، فيبدل الهمزة المفتوح ما قبلها ألفاً مثل:{وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا} فتقرأ {وَامُرْ قومك يَاخُذُوأ} [سورة الأعراف:143]، ويبدل المضموم ما قبلها واواً، مثل:{وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} فتقرأ {وَيُوتُونَ الزَكَاةَ} [سورة المائدة:5]، ويبدل المكسور ما قبلها ياءً، مثل {وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا} فتقرأ {وللَارْضِيتِيَا} ، إلا ما استثناه في كلمة واحدة خروجاً عن قاعدته وهي كلمة (الإيواء) وما تصرف من لفظها، فإن ورشاً يحقق الهمزة فيها، مع أنها فاء الكلمة.
(1) - القاضي، عبد الفتاح. الوافي في شرح الشاطبية في القراءات السبع. مكتبة الدار/ مكتبة السوادي، المدينة /جدة - السعودية، الطبعة الثالثة، 1411 - 1990، ص98.
وقد جاءت في القرآن الكريم في سبعة مواضع هي:
- {وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ} [سورة آل عمران: 151].
- {وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [سورة آل عمران:162].
- {فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ} [سورة الكهف:16].
- {وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّاصِرِينَ} [سورة العنكبوت:25].
- {وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاء} [سورة الأحزاب:51].
- {عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى} [سورة النجم:15].
- {وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْويهِ} [سورة المعارج:13].
وأبدل ورش الهمزة المفتوحة بعد ضم واواً، سواء وقعت في الأسماء أو الأفعال بشرط أن تكون الهمزة فاء الكلمة (1). ففي الأسماء مثل {مُؤَجلا} فتقرأ {مُوَجَّلًا} ، {مؤذِّن} فتقرأ {مُوَذِّنٌ} ، {المؤلّفة} فتقرأ {المُوَلّفة} ، وفي الأفعال مثل {تُؤَاخذنا} فتقرأ {تُواخذنا} ، {يُؤَيد} فتقرأ {يُوَيِّد} .
وعلى حسب قاعدة الإبدال سالفة الذكر تبدل كل همزة ساكنة قبلها همزة وصل حرف مد من جنس ما قبلها، نحو:{ائْذَن لِّي وَلَا تَفْتِنِّي} [سورة التوبة: 49]. فتقرأ {إيذن لي} ، وقوله عز وجل:{ائْتُونِي بِكِتَابٍ} [سورة الأحقاف:4] فتقرأ {ايتُوني} ، وقوله عز وجل:{الْهُدَى ائْتِنَا} [سورة الأنعام:71] فتقرأ {الهُدَى اتِنَا} .
(1) - المارغيني، النجوم الطوالع. ص66.
أما إذا كانت الهمزة عين الكلمة فإن ورشاً يحقق همزتها، سواء ساكنة نحو {الرؤيا} ، {الرأس} ، {البأس} ، أو مفتوحة نحو (فؤاد، وبدأ) أو مضمومة نحو (رؤوف، ويبدأ) أو مكسورة نحو (سئل، ومن نبإ)(1). ويستثنى من ذلك كلمات {ذئب} و {بئر} و {بئس} ، فيبدل الهمزة ياء مدية بحركتين مع كونها ليست فاء الكلمة (2).
قال الشيخ عبد الفتاح القاضى في نظمه الجامع:
إن تكن موضع فاء سكنت
…
أبدلها عثمان كيف وقعت
وإن تكن عيناً فقد أبدل في
…
بئس مع الذئب وبئر فاكتف (3)
وقد وردت كلمة (بئر) مرة واحدة في القرآن الكريم، في سورة الحج:{وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ} [سورة الحج:45]. فتقرأ {وَبِيرٍ} ، وكلمة (الذئب) وردت في القرآن الكريم في ثلاثة مواضع وكلها بسورة يوسف:{وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذئب} [سورة يوسف:13]، {قَالُواْ لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ} [سورة يوسف:14]، {فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ} [سورة يوسف:17] فتقرأ {الذيب} بالياء، ووردت كلمة {بئس} في نحو أربعين مرة أولها قوله عز وجل:{وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ} [سورة البقرة:102]، وآخرها قوله عز وجل:{عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [سورة الملك:6] ويقرؤها كلها بياء {بِيسَ} (4).
(1) - الخياط، التبصرة. ص94. والمارغيني، النجوم الطوالع. ص67.
(2)
_ القاضي، النظم الجامع لقراءة الإمام نافع. ص40. والضباع. الإضاءة في أصول القراءة. ص109.
(3)
- القاضي، النظم الجامع لقراءة الإمام نافع. ص 41،40.
(4)
- أبو الأيمن. المختصر المفيد في معرفة أصول رواية ورش. ص16.
أما إذا كانت الهمزة لام الكلمة فلا يبدلها ورش إلا في موضع واحد في سورة التوبة، وهي كلمة النسيء في قوله تعالى:{إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ} [سورة التوبة:37]، ووجه ذلك أن ورشاً شدد الياء لما أدغمها لسكون الياء التي قبل الياء المبدلة من الهمزة، فصار اللفظ:{النسيّ} لأنه مصدر فعيل، من نسأ فأبدل الهمزة تخفيفاً (1).
وهناك كلمات لم تدرج في قاعدة ورش، إما أن تكون من المستثنيات أو تكون سماعية فلا يقاس عليها غيرها منها: - الهمزة في كلمة {لئلا} يبدلها ياء خالصة، فتقرأ:{لِيَلَا} .
وهي في ثلاثة مواضع:
الأول: قوله عز وجل: {لِئَلَاّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ} [سورة البقرة: 150].
الثاني: قوله عز وجل: {لِئَلَاّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ} [سورة النساء: 165].
الثالث: قوله عز وجل: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّن فَضْلِ اللَّهِ} [سورة الحديد: 29].
- الهمزة في كلمة {لِأَهَبَ لَكِ غُلَاماً زَكِيّاً} [سورة مريم: 19] يبدلها ياء خالصة فتقرأ: {لِيَهَبَ} .
- الهمزة في كلمة يأجوج ومأجوج في قوله تعالى: {إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ} [سورة الكهف:94].
وقوله عز وجل: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ} [سورة الأنبياء:96] يبدلها ألفاً فتقرأ: {يَاجوجَ وَمَاجُوجَ} .
(1) - المارغيني، النجوم الطوالع. ص67.