الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أجمعوا على أنه لا تضادّ بينهما، وكل منهما ورد في القرآن، قال عز جل:{قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ} [سورة آل عمران: 26]. وقوله {فتعالى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ} [المؤمنون:116].
وقد رجح كلا من القراءتين مرجحون من حيث المعنى وكلاهما صحيحة حسنة، متواترة عن النبي / كما روي عن النبي / أنه قرأ بألف وبغير ألف (1) وبالتالي لا أرى ترجيح إحدى القراءتين، ولا أرى أن يقال إن إحداهما أبلغ من الأخرى إذ إن القراءتين متواترتان ومتضمنتان صفتين لله عز وجل، {ملك} صفة لذاته، و {مالك} صفة لفعله (2).
سورة البقرة
قوله تعالى: {وَمَا يُخَادِعُونَ} ، {وَمَا يَخْدَعُونَ} [9].
وهذا هو الخلاف الأول بين روايتي ورش وحفص في سورة البقرة من فرش الحروف حيث قرأه حفص بفتح الياء، وإسكان الخاء من غير ألف (3) ، وقرأه ورش عن نافع بضم الياء وبألف بعد الخاء وكسر الدال (4){وما يخادعون} .
(1) - قال ابن كثير:"عن ابن شهاب أنه بلغه أن الرسول صلى الله عليه وسلم ،وأبا بكر ،وعمر ،وعثمان ،ومعاوية وابنه يزيد بن معاوية كانوا يقرؤون {مالك يوم الدين} وروى الترمذي من حديث أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ {ملك يوم الدين} .
انظر: ابن كثير، تفسير القرآن العظيم. ج1/ 25. والترمذي، محمد بن عيسى. سنن الترمذي. كتاب القراءات، باب فاتحة الكتاب، ج5/ص185. رقم الحديث2927.
(2)
- الطبري، أبو جعفر محمد بن جرير. جامع البيان عن تأويل آي القرآن. بيروت-لبنان- دار الفكر، (رقم الطبعة غير معروف)، 1405هـ، ج1/ص65. أبو علي الفارسي. الحجة للقراء السبعة. ج32 - 39، ابن زنجلة، عبد الرحمن بن محمد. حجة القراءات. تحقيق: سعيد الأفغاني. مؤسسة الرسالة، بيروت-لبنان، الطبعة الخامسة، 1422هـ-2001م، ص 78.
(3)
- ابن خالويه، حجة القراءات.، ص 78. والدمياطي، الإتحاف. ج1/ 32.
(4)
- أبو حيان، البحر المحيط. ج1/ 55. وابن مجاهد، السبعة في القراءات. 141.
قال مكي بن أبي طالب: إن خادع - و - خدع - شيء واحد في معنى المخادعة، والمفاعلة قد تكون من واحد كقولهم: داويت العليل، وعاقبت اللص، كأن خدع وخادع شيئاً واحداً (1).
اختار ورش ومن وافقه: (خدع) وفضله على: (خادع)، حاملاً معنى الثاني على الأول (2). لأن مخادعة الكفار ومشركي مكة والمنافقين إنما كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين من حوله وعكس ذلك لم يكن شيء من المخادعة للكفار من طرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه، بل كانوا يصدقونهم الحديث أو يبينون لهم طريق الهدى وطريق الضلال فدلَّ هذا على أن الأول من واحد بمعنى يخدعون فجرى الثاني على معنى الأول.
ومعنى الآية: أن المنافقين يظهرون خلاف ما يعتقدونه، فالخداع منهم يقع بالاحتيال والمكر، ومن الله عز وجل بأن يظهر لهم من الإحسان، ويعجل لهم من النعم في الدنيا خلاف ما يغيب عنهم ويستر من عذاب الآخرة لهم فجمع الفعلين لمشابهتهما من هذه الجهة (3).
وقيل: معنى الخدع في كلامهم الفساد أي يفسدون ما يظهرون من الإيمان وأعماله بما يضمرون من الكفر كما يفسد الله عليهم نعيمهم في الدنيا بما يصيرون إليه من عذاب الآخرة (4). وقال ابن إدريس عن اليزيدي عن أبي عمرو: "الإنسان لا يخدع نفسه، إنما يخادعها،
(1) - الراغب الأصفهاني، المفردات في غريب القرآن. ص142.
(2)
- القيسي، الكشف عن وجوه القراءات وعللها. ج1/ 224. وأبو علي الفارسي، الحجة للقراء السبعة.،ج1143.
(3)
- المهدوي، شرح الهداية. ج1/ 153،
(4)
- النحاس. الحجة في القراءات السبع. ج1/ص68. محيسن، المغني في توجيه القراءات. ج1/ص129
وجعل من يخادع نفسه بمنزلة خداعه لغيره" (1). ومن حذف الألف جعله من باب خدع يخدع وخدعه فانخدع له (2).
ويرى بعض العلماء أن القراءة بغير ألف أقوى، لأن (الخداع) فعل قد يقع وقد لا يقع، والخدع فعل وقع بلا شك فإذا قرأت "وما يخدعون" أخبرت عن فعل وقع بهم بلا شك وكذلك إذا قرأت "وما يخادعون" جاز أن يكون لم تقع بهم المخادعة، وأن تكون قد وقعت وبالتالي " يخدعون" أمكن في المعنى (3).
وأنا أرى صعوبة في التفضيل والترجيح، إذ إن كلتا القراءتين قرأ بهما الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة رضوان الله عليهم وجمع غفير من العلماء.
قوله تعالى: {يُكَذِّبونَ} ، {يَكْذِبُونَ} [10]
قرأ ورش بتشديد الذال وضم الياء، وقرأ حفص بفتح الياء وتخفيف الذال (4).
فأما قراءة حفص بالتخفيف فتعني أن المنافقين أظهروا الإيمان وأبطنوا الكفر، ولذلك كانوا كاذبين (5).
وأما قراءة ورش بالتثقيل فتعني أنهم كذَّبوا الرسول صلى الله عليه وسلم فهو فعل متعد (6)، وقال المهدوي: القراءة بالتشديد أقوى وأبلغ، لأنها تجمع بين التكذيب والكذب، ولأن من
(1) - ابن إدريس، الكتاب المختار في معاني قراءات أهل الأمصار. ج1/ 12.
(2)
- ابن إدريس، الكتاب المختار في معاني قراءات أهل الأمصار. ج1/ 14.
(3)
- المهدوي، شرح الهداية.،ج1/ 154. وباز مول، القراءات وأثرها في التفسير والأحكام. ج1/ص403.
(4)
- الداني، التيسير في القراءات السبع. ص225. وابن مجاهد، السبعة في القراءات. ص143.
(5)
- ابن إدريس. الكتاب المختار في معاني قراءات أهل الأمصار. ج1/ 14.
(6)
- أبو حيان، البحر المحيط.،ج1/ 190. ومحيسن، المغني في توجيه القراءات العشر المتواتر. ج1/ص129.
كذب الرسول صلى الله عليه وسلم كأنما كذب الله عز وجل (1)، وهذه القوة في كلام المهدوي إنما هي من حيث المعنى لا من حيث النقل، وكلتا الروايتين قوية صحيحة لا فرق بينهما من حيث التواتر.
قوله تعالى: {أَتَتَّخِذُنَا هُزُؤاً} {أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً} (2)[67]
قرأ ورش: {هُزُؤاً} بالهمزة، وقرأ حفص:{هُزُوًا} بالواو بدل الهمز (3) ، وهما لغتان من لغات العرب، فوجه إبدالها واواً أنه أراد التخفيف، ومن همز فعلى الأصل (4).
قوله تعالى: {يُغْفَرْ لَكُمْ} {نَّغْفِرْ لَكُمْ} [58]
قرأ ورش: {يُغْفَرْ} يغفر لكم بالياء وفتح الفاء على ما لم يسم فاعله. وقرأ حفص {نَّغْفِرْ} بنون العظمة على أنه مردود على ما قبله وهو قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُواْ} ، فجرى "نغفر" بنون العظمة على الإخبار عن الله عز وجل فالتقدير: وقلنا ادخلوا الباب سجدا نغفر لكم ذنوبكم أو خطاياكم، فالآيتان بمعنى واحد (5).
قوله تعالى: {خَطِيئاَتُه} {خَطِيئَتُهُ} [81]
قرأ ورش بالجمع بمعنى الكبائر حمله على معنى الإحاطة والشمول والإحاطة
(1) - المهدوي، شرح الهداية. ج1/ 154. وابن إدريس. الكتاب المختار في معاني قراءات أهل الأمصار. ج1/ ص14.
(2)
- {هُزُواً} حيث أتى في القرآن، و {كُفُواً} في [الإخلاص:4].
(3)
- الطبرذي، عبد الكريم عبد الصمد. التلخيص في القراءات الثمان. تحقيق: محمد حسن عقيل، جدة -السعودية، الجماعة الخيرية لتحفيظ القرآن، ط1،1412هـ-، ص210. وابن الجزري، النشر في القراءات العشر. ج2/ 162.
(4)
- انظر: المهدوي، شرح الهداية. ج1/ 170. والقيسي، الكشف عن وجوه القراءات وعللها. ج1/ 282.
(5)
- القيسي، الكشف عن وجوه القراءات وعللها. ج1/ 242. ومحيسن، المغني في توجيه القراءات. ج1/ 142.
إنما تكون بكثرة المحيط فجعل السيئة والخطيئة، وإن انفردتا لفظاً، فمعناهما الجمع، والكثرة، ولأن المخبر عنهم جماعة وإن عبر بلفظ المفرد، ولأن الإحاطة لا تكون لشيء مفرد وإنما تكون لجمع أشياء (1).
وقرأ حفص بالإفراد على أن الخطيئة هنا يعني بها الشرك، أو معطوفة على لفظ السيئة قبلها لأن الخطيئة سيئة والسيئة خطيئة، أو يكون المعنى: وأحاطت به عقوبات خطيئته (2).
قوله تعالى: {تَظَّاهَرُونَ} {تَظَاهَرُونَ} [85]
قرأ ورش في سورة البقرة وسورة التحريم (3) ، بتشديد الظاء بإدغام التاء الثانية في الظاء، وقرأ حفص بتخفيف الظاء في الموضعين (4)، فحجة ورش أنه أدغم التاء في الظاء لقرب المخرجين وأتى بالكلمة على أصلها من غير حذف.
وقرأها حفص بالتخفيف والأصل فيه تتظاهرون، حذف إحدى التاءين (5)، لاجتماعهما، إحداهما تاء الاستقبال والثانية تاء تزاد في الفعل، وذلك كراهية لاجتماع المثلين مع المقارب فخفف إحدى التاءين بالحذف كما خفف ورش بالإدغام لنفس العلة وهو قرب المخرجين (6).
(1) - أبو علي الفارسي، الحجة للقراء السبعة. ج1/ 323. وابن مجاهد، السبعة في القراءات. ص162. والداني، التهذيب لما تفرد كل واحد من القراء السبعة. ص25.
(2)
- محيسن، المغني في توجيه القراءات العشر. ج1/ص140، والدمياطيي. إتحاف فضلاء البشر. ج1/ 182.
(3)
- وهو قوله عز وجل {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ المؤمنين} [سورة التحريم:4].
انظر: ابن الباذش، الإقناع في القراءات السبع. ص374.
(4)
- ابن زنجلة، حجة القراءات. ص103.
(5)
- اختلف في التاء المحذوفة، فذهب سيبويه إلى أن الثانية هي المحذوفه، وذهب الكوفيون إلى أن الأولى هي المحذوفة. المهدوي، شرح الهداية. ج1/ 172.
(6)
- ابن أبي مريم، الموضح في وجوه القراءات وعللها. ج1/ 288.
وقال ابن إدريس: والقراءتان جيدتان، وليست إحداهما بأولى من الأخرى (1).
قوله تعالى: {وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ} {وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [85]
قرأها ورش {عَمَّا يَعْمَلُونَ} بياء الغيبة، بناء على آخر الكلام وهو {يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ} ، وقرأها حفص {عَمَّا تَعْمَلُونَ} بالتاء بناء على أول الكلام وهو {فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ} (2).
قوله تعالى: {وَمِيكَائلَ} {وَمِيكَالَ} [98]
قرأ ورش بهمزة مكسورة بعد الألف من غير ياء بعدها على وزن مِفْعَائِل (3) ، وقرأ حفص من غير همز ولا ياء على وزن {مفعال} وهي لغة أهل الحجاز، وقراءة ورش على أنه أعجمي لا يدخل على أبنية العرب، وقراءة حفص أنه أشبه أبنية العرب فألحق بها، وهو مثل مفتاح، ومقدار، وميقات (4).
قوله تعالى: {ولا تَسْألْ} {ولا تُسْأَلُ} [119]
قرأ ورش بفتح التاء وجزم اللام على أنه نهي، وقرأ حفص بضم التاء واللام على معنى الخبر (5).
ومعرفة معنى الآية وسبب نزولها يساعد في توجيه القراءتين. ذكر الإمام السيوطي
(1) -
…
ابن إدريس، الكتاب المختار في معاني قراءات أهل الأمصار. ج1/ 60.
(2)
- الداني، التيسير في القراءات السبع. ص 228. وابن زنجلة، جحة القراءات. ص 104.
(3)
-
…
داني، التيسير في القراءات السبع. ص 230. والنحاس، أبو جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل. إعراب القرآن. تحقيق: زهير غازي زاهد، بيروت-لبنان، عالم الكتب، ط3، 1409هـ- 1988م، ج1/ 250.
(4)
- القيسي، الكشف عن وجوه القراءات وعللها. ج1/ 254. والمهدوي، شرح الهداية. ج1/ 176.
(5)
- ابن مجاهد. السبعة في القراءات ج1/ص169.
في سبب نزول هذه الآية: أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "ما فعل أبواي"؟ فأنزل الله هذه الآية (1) بمعني النهي أو بمعنى تعظيم شأن أصحاب الجحيم كقولك: ولا تسأل عن فلان عندما أردت تعظيم حال ما هو فيه من خير أو شر، وقراءة رفع اللام بمعنى: ولست تسألُ عن أصحاب الجحيم وهم اليهود والنصارى ومشركو مكة تسليةً لنبيه صلى الله عليه وسلم وتخفيفاً لما كان يجده من عنادهم وكأن الله يقول له: لست مسؤولاً عنهم وما عليك إلا البلاغ، واستبعد الفخر الرازي صحة هذا السبب وقال:" وهذه الرواية بعيدة لأنه عليه الصلاة والسلام كان عالماً بكفرهم وكان عالماً بأن الكافر معذب فمع هذا العلم كيف يمكن أن يقول ليت شعري ما فعل أبواي"(2).
قوله تعالى: {وَاتَّخَذوا} {وَاتَّخِذُوا} [125]
قرأ ورش بفتح الخاء جعله فعلاً ماضياً على أنه حكاية حال عن قوم سبقوا، وقرأ حفص بكسر الخاء على الأمر والقراءة بفتح الخاء على أنه معطوف على قوله عز وجل:{وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً} ،والقراءة بكسر الخاء لما روى البخاري عن عمر قال: قلت: يا رسول الله لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى؟ فنزلت: {وَاتَّخِذُوا} (3).
(1) - السيوطي، عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد. لباب النقول في أسباب النزول. بيروت - لبنان، دار إحياء العلوم (رقم الطبعة وسنة النشر غير معروفة)، ج1/ 28. تفسير ابن كثير، ج1/ص163. الرازي. التفسير الكبير ج4/ص28 وأبو حيان، البحر المحيط. ج1/ص588. وابن أبي مريم. الموضح في وجوه القراءات وعللها. ج1/ص288. شهاب الدين أبو الفضل. العجاب في بيان الأسباب. ج1/ص369.
(2)
- النحاس، إعراب القرآن. ج1/ 258. ومحيسن، المغني في توجيه القراءات العشر المتواتر. ج1/ 184.
(3)
- البخاري، صحيح البخاري. كتاب التفسير، باب {واتخذوا من مقام إبراهيم} ، ج1/ 154، رقم الحديث4213، انظر: السيوطي، لباب النقول. ج1/ 28. والمالكي، أبا علي الحسن. الروضة في القراءات الإحدى عشرة. تحقيق: مصطفى عدنان،، مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة- السعودية، الطبعة الأولى،1424هـ-2004م، ج1/ص546.
قوله تعالى: {وأوصَى} {ووصَّى} [132]
قرأ ورش بزياد ة همزة مفتوحة بين الواوين، مع تسكين الثانية وقرأ حفص بالتضعيف وهما لغتان بمعنى واحد في اللغة ولا فرق بينهما يذكر، ولفظ التوصية كثير في القرآن الكريم قال تعالى:{يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} [سورة النساء:12] ، فهذا يعني (أوصى)، وقوله تعالى:{وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنا} [سورة العنكبوت:8] ، وهذا يدل على لغة "وصّى" مضعفاً، والقراءتان متوافقتان غير أن التشديد فيه معنى تكرار الفعل للمبالغة في الوصية (1).
قوله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ} {أَمْ تَقُولُونَ} [140]
قرأ ورش بياء الغيبة على أنه إخبار عن اليهود والنصارى وهم غُيَّب، فجرى الكلام على لفظ الغيبة، أو على الالتفات من الخطاب إلى الغيب وهو أسلوب من أساليب القرآن، وقرأ حفص بالتاء لأنه حمله على قوله:{قُلْ أَتُحَآجُّونَنَا} فجرى الكلام على نسق واحد في المخاطبة (2)
قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} {وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} [165]
قرأ ورش بالتاء على أن الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم لنزول القرآن عليه فهو المخاطب، وهو نظير قوله عز وجل:{فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مرض} [سورة المائدة:52] أو خطاب لأمته لأنه صلى الله عليه وسلم كان عالما بحال ما يصير إليه الذين ظلموا (3).
(1) - المهدوي، شرح الهداية. ج1/ 182. وابن إدريس. الكتاب المختار في معاني قراءات أهل الأمصار. ج1/ 78. وابن أبي مريم، الموضح في وجوه القراءات وعللها. ج1/ 303.
(2)
- ابن الجزري، النشر في القراءات العشر. ج2/ 168. ومحيسن، المغني في توجيه القراءات العشر المتواتر. ج1/ 199.
(3)
- ابن غلبون. التذكرة في القراءات الثمان. ج2/ص263. والهمذاني، الحسن بن أحمد. غاية الاختصار في القراءات العشرة. تحقيق: محمد فؤاد، جدة-السعودية، الجماعة الخيرية لتحفيظ القرآن، ط1، 1414هـ-1994م، ج2/ 420.
وقرأ حفص بياء الغيبة على أن الفعل للذين ظلموا، لأنهم لم يعرفوا قدرما ينتظرهم من العذاب، أو قرأ بالياء معطوفاً على ما قبله وهو {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللهِ أَندَاداً} فجرى لفظه على لفظ الغيبة (1).
قوله تعالى: {خُطْوَات} {خُطُوَات} [168]
قرأ ورش بسكون الطاء، وقرأ حفص بضمها، وقال أبو حيان:"هذه لغات في جمع خطوة"(2). ومن قرأ بالسكون فقد استثقل توالي ضمتين بعدهما الواو، فيكون في تقدير توالي ثلاث ضمات، فأسكن الطاء استخفافاً، ومن ضمها فهي من باب {فُعْلَة} ، وباب {فعلة} إذا كان اسماً أن يجمع على {فُعُلَات} كظلمة، ظلمات، فالقراءتان على نفس المعنى (3).
قوله تعالى: {لَّيْسَ الْبِرُّ} {لَّيْسَ الْبِرَّ} [177]
قرأ ورش {الْبِرُّ} بالرفع على أنه اسم ليس، والمصدر المؤول من {أَن تُوَلُّواْ} هو الخبر، والتقدير: ليس البر توليتكم وجوهكم قبل المشرق والمغرب (4) ، وقرأ حفص بنصب {الْبِرَّ} فهو خبر مقدم، والمصدر المؤول اسم ليس مؤخر، فالقراءتان حسنتان لكون الاسم والخبر معرفتين (5).
(1) - القيسي، الكشف عن وجوه القراءات وعللها. ج1/ 272.
(2)
- أبو حيان، البحر المحيط. ج1/ 477. والعكبري، التبيان في إعراب القرآن. ج1/ 139.
(3)
- المهدوي، شرح الهداية. ج1/ 190. وابن إدريس، الكتاب المختار في معاني قراءات أهل الأمصار. ج1/ 88.
(4)
- النحاس، إعراب القرآن.،ج1/ 203. والدمياطي، إتحاف فضلاء البشر. ج1/ 32.
(5)
- العبكري. التبيان في إعراب القرآن ج1/ص157.
قوله تعالى: {وَلَكِنِ الْبرُّ} {وَلَكِنَّ الْبِرَّ} [177]
قرأ ورش في الموضعين على تخفيف النون من {لَكِنَّ} وكسرها في الوصل منعاً من التقاء الساكنين، ورفع {الْبِرُّ} (1) ، وقرأ حفص على تشديد النون وفتحها ونصب {الْبِرَّ} (2).
فأما قراءة ورش بالرفع فعلى الابتداء، والخبر {مَنْ آمَنَ بِاللهِ} ، فلم تعمل {لَكِنْ} لأنها مخففة، فلذلك رفع ما بعدها على الابتداء والخبر (3).
أما رواية حفص تشديد النون من {لَكِنَّ} فلأنه حرف أشبه بالأفعال الماضية فبني آخره على الفتح لثقل التضعيف، فنصب {الْبِرَّ} (4).
قوله تعالى: {فِدْيَةُ طَعَامِ مَساكِين} {فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِين} [184]
قرأ ورش {فِدْيَةُ} بحذف التنوين {طَعَامِ} بالإضافة و {مَساكِين} بالجمع وفتح النون بدون تنوين، لأنه اسم ممنوع من الصرف (5) ، وقرأ حفص {فِدْيَةٌ} بالتنوين مع الرفع على أنه مبتدأ مؤخر وخبره متعلق بالجار والمجرور قبله، و {طَعَامُ} بالرفع على أنه بدل من {فِدْيَةٌ} و {مِسْكِين} بالتوحيد والجر والتنوين على الإضافة (6).
(1) - العكبري، التبيان في إعراب القرآن. ج1/ 143. وابن مجاهد، السبعة في القراءات. ص 168. والداني، التيسير في القراءات السبع. ص67. وابن الباذش، الإقناع في القراءات السبع. ج2/ 607.
(2)
- ابن غلبون، التذكرة في القراءات الثمان.،ج2 /ص265. وابن الجزري، النشر في القراءات العشر. ج2/ 165. والدمياطي، إتحاف فضلاء البشر. ج1/ 429.
(3)
- انظر في الآية (189).
(4)
- العكبري، التبيان في إعراب القرآن. ج1/ص143. وابن أبي مريم، الموضح في وجوه القراءات وعللها. ج1/ص312.
(5)
- محيسن، المغني في توجيه القراءات العشر المتواتر. ج1/ص233.
(6)
- ابن غلبون، التذكرة في القراءات الثمان. ج 2/ص266. وابن الجزري، النشر في القراءات العشر. ج2/ص170. والدمياطي، إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربعة عشر. ج1 / ص430.
ووجه قراءة ورش بجمع {مَساكِين} على أنه مردود إلى ما قبله، وهو قوله تعالى:{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} وأن الذين يطيقونه جماعة حيث يلزم جميعهم إذا أفطروا إطعام مساكين كثيرة، قال مكي بن أبي طالب:"فالجمع أولى لهذا المعنى"(1).
أما قراءة حفص بالتوحيد: فعلى أن الواحد النكرة يدل على الجمع إذ ما يلزم الفرد يلزم الجماعة في شرع الله عز وجل كما ردوه أيضاً على" الفدية " فوحدوه كما وحدت الفدية وهي مفرد فديات، فلما وحدت الفدية وحد بموجبها المسكين (2).
وهذه القراءة تؤذن أن عليه لكل يوم أن يطعم مسكيناً. والقراءة الأخرى ليست ببعيدة، لأنها تؤول إلى هذا المعنى، والمساكين هم الذين يُطعَمون الفدية، لمجموعة الأيام التي يفطرها صاحب العذر، ولكل يوم مسكين.
قوله تعالى: {ادْخُلُواْ فِي السَّلْمِ كَآفَّةً} {ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً} [208]
قرأ ورش: {فِي السَّلْمِ} بفتح السين، وقرأ حفص {فِي السِّلْمِ} بكسرها (3). ومعنى الكسر الإسلام: أي ادخلوا في الإسلام كافة (4). وروي شاهداً لهذه القراءة أن ابن عباس رضي الله عنه قال: نزلت في أهل الكتاب، وقال عكرمة: نزلت في قوم من اليهود أسلموا فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيحهم إقامة السبت، فأنزل الله تعالى:{ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً} أي في الإسلام جميعاً، ونصب {كَآفَّةً} على الحال (5) ،
(1) - القيسي، الكشف عن وجوه القراءات وعللها. ج1 /ص282.
(2)
- المهدوي، شرح الهداية. ج1/ص190.
(3)
-
…
ابن مجاهد، السبعة في القراءات. ص180 - 181. والداني، التيسير في القراءات السبع. ص238. وابن الباذذش. الإقناع في القراءات السبع. ج 2/ص380.
(4)
- النحاس، إعراب القرآن. ج1 /ص300. وابن علي الفارسي، الحجة. ج2/ص295.
(5)
- شهاب الدين أحمد بن محمد المصري. التبيان في تفسير غريب القرآن. تحقيق فتحي أنور الدابلوي، دار الصحابة للتراث بطنطا - مصر، الطبعة: الأولى 1412هـ- 1992م، ج 1/ 169.
قال الشاعر:
"دعوت عشيرتي للسلم لما
…
رأيتهم تولوا مدبرينا (1)
أي دعوتهم للإسلام
فأما {السَّلْمِ} بالفتح، فهو الصلح والمسالمة، بدليل قوله عز وجل:{وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لها} [سورة الأنفال:61](2).
قال الراغب: " {السَّلْمِ} بفتح السين وبكسرها الصلح (3) ،ومن علماء اللغة من يجعل {السَّلْمِ} بالفتحة والكسرة: الإسلام والصلح، لأن مصدرهما {سلم} فيستعمل في الموضعين جميعاً"(4).
قوله تعالى: {حَتَّى يَقُولُ الرَّسُولُ} {حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ} [214]
قرأ ورش: {يَقُولُ} بالرفع (5) ، لأن فعل المضارع يرفع بعد حتى إذا كان للحال، فيكون المعنى: أن الزلزلة أدت إلى أن قال الرسول هذا القول (6).
(1) 4 -
…
انظر: أبا علي الفارسي، الحجة للقراء السبعة. ج1/ص420. وابن فارس، أحمد. معجم مقاييس اللغة. تحقيق: عبد السلام محمد هارون، بيروت-لبنان، دار الجيل، ط2،1420هـ، 1999م، مادة {سلم} ج3/ص91.
(2)
انظر: ابن فارس، أحمد. معجم مقاييس اللغة. تحقيق: عبد السلام محمد هارون، بيروت-لبنان، دار الجيل، ط2، 1420هـ، 1999م، مادة {سلم} ج3/ص91.
(3)
-
…
الراغب، المفردات في غريب القرآن. ص240. والمهدوي، شرح الهداية. ج1/ص196.
(4)
- أبو حيان، البحر المحيط. ج 2/ص317.
(5)
-
…
ابن مجاهد، السبعة في القراءات. ص181. والداني، التيسير. ص238. وابن الباذذش، الإقناع في القراءات السبع.،ج 2/ 380.
(6)
- النحاس. إعراب القرآن.،ج 1/ص300. وأبو علي الفارسي. الحجة.،ج 2/ص429.
وقرأ حفص بالنصب (1) بمعنى الغاية، والتقدير: إلى أن يقول الرسول ذلك، فالتقدير على هذه القراءة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال ذلك بعد تقضي الزلزلة (2). والقراءتان جيدتان متواترتان، إلا أن المشهور لغة النصب عند أكثر الأئمة (3).
قوله تعالى: {عَلَى الْمُوسِعِ قَدْرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ} {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ} [236]
قرأ ورش: {قَدْرُهُ} بإسكان الدال، وقرأ حفص:{قَدَرُهُ} بفتح الدال (4) ، فهما لغتان مستعملتان في القرآن الكريم بمعنى واحد وهو الطاقة والقدرة، قال عز وجل {وَمَا قَدَرُواْ اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ} بالتسكين، وقال عز وجل:{إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [سورة القمر:49]. بالفتحة (5). وقال ابن إدريس" بالتسكين بمعنى حسن تقديره، وبالفتحة بمعنى مقدرته"(6).
قوله تعالى: {وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةٌ لِّأَزْوَاجِهِم} {وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لِّأَزْوَاجِهِم} [240]
قرأ ورش: {وَصِيَّةٌ} بالرفع، وقرأ حفص:{وَصِيَّةً} بالنصب (7). ومن رفع الوصية جعلها خبراً لمبتدأ محذوف تقديره: فعليهم وصية، ولأزواجهم
(1) - ابن غلبون، التذكرة في القراءات الثمان. ج2 /ص266. وابن الجزري، النشر في القراءات العشر. ج2/ص171. والدمياطي، إتحاف فضلاء البشر. ج1/ص436.
(2)
7 - انظر: ابن إدريس، الكتاب المختار في معاني قراءات أهل الأمصار. ج1/ص101.
(3)
- القيسي، الكشف عن وجوه القراءات وعللها. ج1/ص288.
(4)
- الطبري، التلخيص في القراءات الثمان. ص119.
(5)
- الراغب، المفردات في غريب القرآن. ص240.
(6)
- إدريس، الكتاب المختار في معاني قراءات أهل الأمصار. ج1/ 108.
(7)
- ابن مجاهد، السبعة في القراءات. ص184. والطبري، التلخيص في القراءات الثمان. ص 218. والهمذاني، غاية الاختصار في القراءات العشرة. ج2/ 430.
نعت للوصية (1) ، ومن قرأ بالنصب جعل وصية منيحسبهم صوباً على معنى المصدر تقديره فليوصوا وصية. أو نصب على المفعول به، التقدير، كتب الله عليهم وصية (2).
قوله تعالى: {فَيُضَاعفُهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً} {فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً} [245]
قرأ ورش: {فَيُضَاعفُهُ} برفع الفاء ،وقرأ حفص بنصب الفاء (3). فقرأه بالرفع على الاستئناف، أي فهو يضاعفه، أو بالعطف على صلة {الذي} .
وأما القراءة بالنصب فعلى أن الفعل منصوب بأن مضمرة على جواب الاستفهام (4).
قوله تعالى: {وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ} {وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ} [245]
قرأ ورش: {وَيَبْصُطُ} بالصاد فقط أينما وردت في القرآن الكريم (5)، وقرأ حفص
(1) - العكبري، التبيان في إعراب القرآن. ج1/.192، وله أوجه أخرى مبسوطة في كتب الإعراب، انظر: النحاس، إعراب القرآن. ج1/ 322. وأبا حيان، البحر المحيط. ج2/ 554. وابن إدريس، الكتاب المختار في معاني قراءات أهل الأمصار. ج1/ 109. ومحيسن، المغني في توجيه القراءات العشر المتواتر. ج1/ 140. والنحاس، معاني القرآن. ج1/ 242.
(2)
- العكبري، التبيان في إعراب القرآن. ج1/.192. ونحاس، إعراب القرآن. ج1/ 322. والمهدوي، شرح الهداية. ج1/ 200.
(3)
-
…
ابن مجاهد، السبعة في القراءات. ص184 - 85. وابن غلبون. التذكرة في القراءات الثمان. ج2/ 270. والباذذش. الإقناع. ص381.
(4)
- القيسي. مشكل إعراب القرآن ج1/ص133. والنحاس، أبو جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل. معاني القرآن الكريم. تحقيق: محمد علي الصابوني، مكة المكرمة-السعودية، جامعة أم القرى، ط1، 1409هـ، ج1/ 516. وأبو حيان، البحر المحيط. ج2/ 261.
(5)
- {ويبصط} [سورة البقرة:245]، و {بصطة} [سورة الأعراف:69]، و {الْمُصَيْطِرُونَ} [سورة الطور:37]، و {بِمُصَيْطِرٍ} [سورة الغاشية:22] ، بالصاد قولاً واحداً وقرأ حفص فى البقرة، والأعراف بالسين، وفى الطور بالسين والصاد، وفى الغاشية بالصاد فقط.
انظر: الصفاقسي، غيث النفع في القراءات السبع. ص59.
بالسين هنا وفي الأعراف (1). وهما لغتان، ومن قرأ بالصاد وجهاً واحداً فلكراهية التصعد بالطاء بعد التسفل بالسين، فقلبوها صاداً إرادة الخفة والتجانس، ولموافقة رسم المصحف، ومن قرأ بالسين فلأنه أصل الكلمة وهي مأخوذة من سَرطَ الطريق واسترطه إذا تجاوزه، ومن قرأ بالصاد والسين فللجمع بين اللغتين (2).
قوله تعالى: {هَلْ عَسِيتُمْ} ، {هَلْ عَسَيْتُمْ} [246]
قرأ ورش: {عَسِيْتُمْ} بكسرالسين، وقرأ حفص:{عَسَيْتُمْ} (3) ، وهما لغتان، تقول العرب: عَسيت أن أفعل وعِسيت، إلا أن فتح السين أشهر اللغتين، وعليه أكثر القراء (4).
قوله تعالى: {إِلَاّ مَنِ اغْتَرَفَ غَرْفَةً} {إِلَاّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً} [249]
قرأ ورش: {غَرْفَةً} بفتح الغين، وقرأ حفص:{غُرْفَةً} بضمها (5) ، قال أبو
(1) - ابن المجاهد، السبعة في القراءات. ص192. وابن الباذذش، الإقناع في القراءات السبع. ص385. والطبري، التلخيص في القراءات الثمان. ص 223. وابن مهران الأصبهاني، أبوبكر بن أحمد. المبسوط في القراءات العشر تحقيق: سبيع حمزة حاكي، دار القبلة للثقافة الإسلامية، جدة_ السعودية، الطبعة: الثانية،1408هـ -1988م. ص148.
(2)
- المهدوي، شرح الهداية. ج1/ص200. وابن أبي مريم، الموضح في وجوه القراءات وعللها. ج1/ص334.
(3)
- ابن مجاهد، السبعة في القراءات.،ص186. وابن الباذذش، الإقناع. ج2/ 610، الطبري، التلخيص في القراءات الثمان. ص219. والهمذاني، غاية الاختصار في القراءات العشرة. ج2/ص434. وابن الجزري، النشر في القراءات العشر. ج2/ص172.
(4)
- ابن زنجلة، حجة القراءات. ج1/ص139. وابن إدريس، الكتاب المختار في معاني قراءات أهل الأمصار. ج1/ص112.
(5)
- ابن المجاهد، السبعة في القراءات. ص186. وابن الباذذش، الإقناع. ص381. والطبري، التلخيص في القراءات الثمان. ص219. والهمذاني، غاية الاختصار في القراءات العشرة. ج2/ص434. وابن الجزري. النشر في القراءات العشر. ج2/ص172.
حيان: الغُرفة بضم الغين اسم للقدر المغترف من الماء كالأكلة للقدر الذي يؤكل، وبفتح الغين مصدر للمرة الواحدة نحو ضربت ضربة (1) وقال المهدوي:"فمن ضمها فعلى أنها اسم للشيء المغترف، ومن فتحها فعلى أنها مصدر والمفعول محذوف والتقدير: إلا من اغترف ماءً غرفة"(2).
قوله تعالى: {وَلَوْلَا دِفاعُ اللهِ النَّاسَ} {وَلَوْلَا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ} [251]
قرأ ورش: {دِفاعُ} بألف، وقرأ حفص:{دَفْعُ} بغير ألف (3). والقراءتان صحيحتان، القراءة بالألف قد يكون مصدراً لفَعَل، مثل كتب كتاباً، أو مصدراً لفاعل مثل قاتل قتالاً، ويقوي ذلك قول الله عز وجل {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا} [سورة الحج:38]. والعرب تقول: أحسن الله عنك الدفاع (4) ، وبغير ألف على فعل لأنه مصدر دفع دفعًا، كالضرب الذي هو مصدر ضرب ضرباً، وليس من باب المفاعلة من اثنين كما يوهم بعض القراء (5).
قوله تعالى: {وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِرُهَا} {وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشزُهَا} [259]
(1) - أبو حيان، تفسير البحر المحيط. ج2/ص269. وابن خالويه. الحجة في القراءات السبع. ج1/ص99.
(2)
- المهدوي، شرح الهداية.،ج1/ص202. والمصري، شهاب الدين أحمد بن محمد الهائم. التبيان في تفسير غريب القرآن. ج1/ 199.
(3)
ابن مجاهد، السبعة في القراءات. ص186. والداني، التيسير. ص240، ابن الباذش، الإقناع في القراءات السبع. ج/ص38، أبو معشر الطبري، التلخيص في القراءات الثمان. ص219.
(4)
-
…
النحاس. معاني القرآن. ج1/ 255. والقيسي، الكشف عن وجوه القراءات وعللها. ج1 /ص282.
(5)
-
…
ابن أبي مريم، الموضح في وجوه القراءات وعللها. ج1/ص337.
قرأ ورش {نُنشرُهَا} بضم النون والراء المهملة، من أنشر ونشر بمعنى الإحياء، وقال النحاس: ننشزها معناه ننبتها. وقرأ حفص: {نُنشِزُهَا} بالزاي، أي نحركها أو نرفع بعضها إلى بعض للتركيب للإحياء (1).
قوله تعالى: {كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرُبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ} {كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ} [265]
قرأ ورش {بِرُبْوَةٍ} بضم الراء، وقرأ حفص {بِرَبْوَةٍ} بفتحها (2)، وهما لغتان بمعنى واحد (3)، قال ابن زنجلة: الفتح لغة تميم والضم لغة قريش (4)، والربوة في كلامهم: ما ارتفع من الأرض، ومنه أخذ {الربا} لأنه زيادة على الأصل، ومنه {الربو} الذي يحصل في الجوف، سمي بذلك لارتفاع صوت النفس للمريض به. ومنه: ربا الشيء يربو، إذا زاد، وَرُبْوَة وَرَبْوَة (5).
قوله تعالى: {فَآتَتْ أكْلَهَا ضِعْفَيْنِ} {فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ} [265]
قرأ ورش: {أكْلَهَا} بسكون الكاف، وقرأ: حفص {أُكُلَهَا} بضم الكاف (6).
(1) -الداني، أبو عمرو. جامع البيان في القراءات السبع. الشارقة-الإمارات، مجموعة بحوث الكتاب والسنة، كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، جامعة الشارقة، ط1، 1428هـ-2007، ج2/ص923. والنحاس، معاني القرآن. ج1/ص281. وأبو حيان، البحر المحيط. ج2/ص305.
(2)
- الداني، جامع البيان في القراءات السبع. ج2/ص929، ابن الباذش، الإقناع في القراءات السبع. ص382.
(3)
- انظر: ابن زنجلة، حجة القراءات. ص146. وأبا حيان، البحر المحيط. ج2/ص305. والنحاس، إعراب القرآن. ج1/ص335.
(4)
- ابن فارس، معجم مقاييس اللغة. (ربى) ج2/ص483. والقيسي، الكشف عن وجوه القراءات وعللها. ج1 /ص282.
(5)
انظر: محيسن، المغني في توجيه القراءات العشر المتواترة. ج1م140.
(6)
- ابن الباذش، الإقناع في القراءات السبع. ص382. وابن الجزري، النشر في القراءات العشر. ج2/ص174. وابن غلبون، التذكرة في القراءات الثمان. ج2/ص275. وأبو معشرالطبري، التلخيص في القراءات الثمان. ص221.
وهما لغتان مشهورتان، فالتثقيل الأصل والتخفيف للإيجاز (1). وحجة من قرأ بالسكون استثقال توالي الضمتين في اسم واحد فخفف الحرف الثاني، ومثله: العُقْب والعُقُب، والحُلْم والحُلُم، والرُّعْب والرُّعُب، ومن قرأ بالضم على أصل الكلمة وقد اجتمعت في كلمةٍ ثلاث ضمات فأكثر ولم يختلفوا فيها مثل قوله عز وجل {هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ} [سورة الواقعة:60]. وقال أبو علي: الأكْل مصدر أكلت أكْلا وأكلة، فأما الأُكُل: فهو المأكول (2).
قوله تعالى: {وَنُكَفِّرْ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ} {وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ} [271]
قرأ ورش: {وَنُكَفرْ} بالنون مع جزم الراء، وقرأ حفص:{وَيُكَفِّرُ} بالياء مع رفع الراء (3). فالنون على معنى: ونكفر نحن عنكم، والياء على معنى: ويكفر الله عنكم سيئاتكم (4)، فأما الجزم فعلى موضع الفاء في قوله:{فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ} لأنه في موضع جواب الجزاء في الفاء (5)، وأما من رفع الراء فقد جعله خبراً لمبتدأ محذوف تقديره: ونحن نكفر عنكم، أو على الاستئناف، ويكون إخباراً عن الله عز وجل أنه يكفر السيئات (6).
(1) - ابن زنجلة، حجة القراءات. ج1/ص146.
(2)
- أبو علي الفارسي، الحجة للقراء السبعة. ج1/ص478. وأبو حيان، البحر المحيط. ج2/ص324.
(3)
- الأصبهاني، أحمد بن الحسين بن مهران. المبسوط في القراءات العشرة. تحقيق: سبيع حمزة هاكمي، دمشق-سوريا، مطبوعات مجمع اللغة العربية، (رقم الطبعة وسنة النشر غير معروفة)، ص152، الطبري. التلخيص في القراءات الثمان. ص219. وابن غلبون، التذكرة في القراءات الثمان. ج2/ص280. وابن إدريس، الكتاب المختار في معاني قراءات أهل الأمصار. ج1/ص122.
(4)
- القيسي، الكشف عن وجوه القراءات وعللها. ج1 /ص316. وابن زنجلة، حجة القراءات. ج1 /ص148.
(5)
- ابن أبي مريم، الموضح في وجوه القراءات وعللها. ج1/ص337.
(6)
- المهدوي، شرح الهداية. ج1/ص202.
قوله تعالى: {يَحْسِبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء} {يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء} [273]
قرأ ورش: {يَحْسِبُهُمُ} بكسر السين، وقرأ حفص بفتح السين (1) وهو القياس لأن ماضيه على فَعِلَ بكسر العين، وهما لغتان مشهورتان (2).
وقال أبو حيان: الفتح في السين لغة تميم والكسر لغة الحجاز (3).
قوله تعالى: {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسُرَةٍ} {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [280]
قرأ ورش: {مَيْسُرَةٍ} بضم السين، وقرأ حفص:{مَيْسَرَةٍ} بفتح السين (4) ، وهما لغتان، مَيْسَرَة ومَيْسُرَة مثل: مأدَبة ومأدُبة، ومشرَقة ومشرُقة، ومقبَرة ومقبُرة، ومقدَرة ومقدُرة. إلا أن الفتح أشهر وأكثر (5). قال أبو حيان: والضم لغة أهل الحجاز، والفتح لغة أهل نجد (6).
(1) - ابن مجاهد، السبعة في القراءات. ص191. والداني، التيسير. ص245، وابن الباذش، الإقناع في القراءات السبع. ص385. والطبري، التلخيص في القراءات الثمان. ص 223.
(2)
- قال ابن خالويه" العرب تفتح الفعل المستقبل إذا كان ماضيه مكسوراً إلا في أربعة أفعال استعملت الكسر والفتح في مضارعهاا: {حَسب يَحسب ويحسب} ، و {نعم ينعم وَيَنْعِمُ} ، و {يئس ييأس وييئس} ،و {يبس وييبس وييبِس} .
انظر: ابن خلوية، إعراب القراءات السبع. ج1/ص102. وله، الحجة في القراءات السبع. ج1/ص103.
(3)
- أبو حيان، البحر المحيط. ج2/ 223. والقيسي، الكشف عن وجوه القراءات وعللها. ج1 /ص282.
(4)
- ابن غلبون، التذكرة في القراءات الثمان. ج2 /ص278. وابن الجزري، النشر في القراءات العشر. ج2/ص178. والدمياطي، إتحاف فضلاء البشر. ج1/ص458.
(5)
- ابن إدريس، الكتاب المختار في معاني قراءات أهل الأمصار. ج1/ص126. وابن خالويه، الحجة في القراءات السبع. ج1/ص103. وأبو علي الفارسي، الحجة للقراء السبعة. ج1/ص490.
(6)
- أبو حيان، البحر المحيط. ج2/ص355. وابن أبي مريم، الموضح في وجوه القراءات وعللها. ج1/ص351.