الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة الأنفال
قوله {مُرْدَفَين} {مُرْدِفين} [9]
قرأ ورش: {مُرْدَفَين} بفتح الدال على ما لم يسم فاعله، كأنهم أردفوا، أي أردفهم الله لنصرتكم وهو اسم مفعول من أردف (1). وقرأ حفص:{مرْدِفين} بكسر الدال، على تسمية الفاعل، والتقدير أنهم أردفوا غيرهم أي: أركبوا خلفهم ملائكة أخر، أو بمعنى أنهم يأتون فرقة بعد فرقة (2).
وقال الفراء: "مردِفين متتابعين"(3). تقول ردفت الرجل إذا ركبت خلفه، وأردفته إذا أركبته خلفي (4). قال ابن عباس:"كان مع كلِّ ملَكٍ ملَكٌ، فذلك الإرداف، فيكونون ألفين"(5).
قوله: {إِذْ يغْشِيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ} {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ} [11]
(1) - ابن مجاهد. السبعة في القراءات، ص:304، المهدوي، ج1/ص231.
(2)
- الدمشقي، أحمد بن مصطفى. اللطائف في اللغة {معجم أسماء الأشياء} .القاهرة-مصر، دار الفضيلة، (رقم الطبعة وتاريخ النشر غير معروف)، ج1/ص11.
(3)
- الفراء، يحيى بن زياد بن عبد الله. معاني القرآن. قدم له وعلق عليه: إبراهيم شمس الدين، بيروت- لبنان، دار الكتب العلمية، ط:1، 1423هـ- 2002م، ج1/ص273.
(4)
- الترادف ألفاظ متحدة المعنى، وقابلة للتبادل فيما بينها في تعدد الألفاظ لمعنى واحد. قال سيبويه:" واعلم أن من كلامهم- يقصد العرب- اختلاف اللفظين لاختلاف المعنيين واختلاف اللفظين والمعنى واحد واتفاق اللفظين واختلاف المعنيين".
انظر: سيبويه. الكتاب، باب ما يكون في اللفظ من الأعراض، ج1/ص24.
(5)
- أخرجه مسلم في صحيحه. كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ، باب الإمداد بالملائكة في غزوة بدر، رقم الحديث {1763} ج3/ص1385، والطبري. جامع البيان عن تأويل آي القرآن، ج9/ص190.
قرأ ورش: {إِذْ يغْشِيكُمُ} بضم الياء وجزم الغين وكسر الشين (1).
وقرأ حفص: {إِذْ يُغَشِّيكُمُ} بضم الياء وفتح الغين، مشددة الشين، والقراءتان بمعنى واحد وهو التغطية والشمول. وقد جاء بهما القرآن، قال عز وجل:{فأغشيناهم فهم لا يبصرون} [سورة يس:9]، وقال عز وجل:{فغشاها ما غشى} [سورة النجم:54](2). وإذا كان زيادة المبني يدل على زيادة في المعنى، فقراءة التثقيل تزيد مزيد التغطية، حتى يشمل النعاسُ جميعَهم.
قوله: {وَأَنَّ اللهَ مُوَهِّنٌ كَيْدَ الْكَافِرِينَ} {وَأَنَّ اللهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ} [18]
قرأ ورش: {مُوَهِّنٌ كَيْدَ} بفتح الواو وتشديد الهاء منونة، على أنه اسم فاعل من وهّنَ يوهّن توهينا (3). ونصب {كَيْدَ} لأنه مفعول به لاسم الفاعل (4).
وقرأ حفص: {مُوهِنُ كَيْدِ} بالتخفيف والإضافة، وهو اسم فاعل من أوهن يوهن (5). والقراءتان ترجعان إلى معنى واحد أي أن الله هو المضعف كيد الماكرين، وهو مثل قوله عز وجل:{ووصَّى} و {وأوصى} [سورة البقرة:132].
(1) - ابن أبي مريم، الموضح في وجوه القراءات وعللها، ج1/ص332.
(2)
- وقد تقدم توجيه هذه الآية في سورة البقرة، [الآية:54].
(3)
-
…
أبو المعشري الطبري. التلخيص في القراءات الثمان. ص 275، ومحيسن، محمد سالم. المغني في توجيه القراءات العشر المتواترة، ج2/ص184 - 332.
(4)
- النحاس إعراب القراءات السبع. ج2/ص182.
(5)
-
…
ابن الجزري، النشر في القراءات العشر، ج 2/ص275، وابن إدريس، الكتاب المختار في معاني قراءات أهل الأمصار ج1/ص338.
قال الفراء:" فإن شئت أضفت، وإن شئت نونت ونصبت. (1) وهو مثل قوله عز وجل:{بَالِغٌ أَمْرَهُ} و {بَالِغُ أَمْرِه} [سورة الطلاق:3].
قوله عز وجل: {وَيَحْيَى مَنْ حَيِيَ عَن بَيِّنَةٍ} {وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ} [42]
قرأ ورش: {حَيِيَ} بياءين الأولى مكسورة والثانية مفتوحة. وقرأ: حفص {حَيَّ} بياء واحدة مشددة، على الإدغام، قال أبو علي الفارسي عن أبي عبيدة:"الحياة والحيوان والحيّ واحد، قالوا: حيي يحيا حياً"(2).
أما وجه قراءة ورش بالإظهار فإنه استثقل الإدغام والتشديد في الياء، فجاء بالأصل، لظهور الياء في الاستقبال، مثل:(يُحيي)، وأما وجه الإدغام فيجوز لاجتماع الحرفين المتحركين من جنس واحد، مثله مّد، وردّ أصلهما: مدد وردد وكذلك {حَيَّ} (3). والقراءتان بمعنى واحد.
قال ابن الجوزي: "وفي معنى الكلام قولان: أحدهما: ليقتل من قتل من المشركين عن حجة ويبقى من بقي منهم عن حجة. والثاني: ليكفر من كفر بعد حجة ويؤمن من آمن عن حجة"(4).
قوله: {وَلَاتَحْسِبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَبَقُواْ} {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَبَقُواْ} [59]
قرأ ورش: {وَلَاتَحْسِبَنَّ} بالتاء مع كسر السين،
(1) -
…
الفراء، معاني القرآن، ج1/ 273، وابن الجوزي، زاد المسير في علم التفسير، ج3/ص334.
(2)
-
…
أبو علي الفارسي، الحجة للقراء السبعة، ج2/ص292.
(3)
-
…
ابن إدريس، الكتاب المختار في معاني قراءات أهل الأمصار، ج1/ص342.
(4)
-
…
ابن الجوزي، زاد المسير في علم التفسير، ج3/ص361.
وقرأ حفص: {يَحْسَبَنَّ} بالياء وفتح السين (1).
وفتح السين وكسرها لغتان من لغات العرب (2)، وأما وجه القراءة بالتاء، فلأن الفاعل هنا هو المخاطَب وهو الرسول وكل من يتأتى له الخطاب بعده. وهو ضمير"تحسبن"، و"الذين كفروا" مفعول أول و"سبقوا" مفعول ثان. وقراءة حفص بالياء على أن الفاعل هنا إما أن يرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم والتقدير ولا يحسبن النبي صلى الله عليه وسلم الذين كفروا سبقوا، أو يرجع إلى الكفار، والتقدير: ولا يحسبن الذين كفروا أنهم سبقوا فالمعنيان متقاربان (3).
قوله: {وَإِن تكُن مِّنكُم مِئَةٌ} ، {وَإِن يَكُن مِّنكُم مِئَةٌ} [65 - 66]
قرأ ورش: {وَإِن تكُن} بالتاء في الآيتين على التأنيث، وقرأهما حفص:{وَإِن يَكُن} بالياء (4).
قال الزجاج: من أنث فللفظ المائة، ومن ذكر فلأن المائة وقعت على عدد مذكر (5). وقال أبو علي: "من قرأ بالياء، فلأنه أريد منه المذكر بدليل قوله {يَغْلِبُواْ} ، وكذلك
(1) -
…
ابن مهران الأصفهاني، المبسوط في القراءات العشر، وأبو عمرو الداني، التيسير في القراءات السبع، ص:250، وابن الجزري، تحبير التيسير، ص:386.
(2)
-
…
فقد تقدم توجيه ذلك في سورة آل عمران، [الآية:178].
انظر: ابن أبي مريم. الموضح في وجوه القراءات وعللها، ج1/ 2ص580.
(3)
-
…
المهدوي، شرح الهداية، ج1/ص322. وابن إدريس، الكتاب المختار في معاني قراءات أهل الأمصار، ج1/ص581.
(4)
-
…
الرعينى، محمد بن شريج. الكافي في القراءات السبع. تحقيق: أحمد محمود عبد السميع، بيروت- لبنان، دار الكتب العلمية، ط: 1، 1421هـ -2000م، ص121، وأبو عمرو الداني. جامع البيان في القراءات. ج3/ص1126.
(5)
-
…
الزجاج، إبرهيم بن السري. معاني القرآن وإعرابه. تحقيق: عبد الجليل عبده الشلبي، القاهرة -مصر، دار الحديث، (رقم الطبعة غير معروف)،1424هـ -2004م، ج2/ص343.