الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قرأ ورش {الدَّرَكِ} بفتح الراء، وقرأ حفص {فِي الدَّرْكِ} بإسكان الراء (1).
والإسكان والفتح لغتان، فأما رواية ورش فهو جمع دَرَكَة كبقر وبقرة (2)، وأما رواية حفص فعلى المصدر، والمعنى واحد، هو المكان (3). ولم يختلفا في قوله عز وجل:
{لَّا تَخَافُ دَرَكاً وَلَا تَخْشَى} {طه:77} لأنه بمعنى الإدراك من العدو.
قوله تعالى: {سنُوتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً} {سَيُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً} {162}
قرأ ورش {سنُوتِيهِمْ} بنون العظمة، وقرأ حفص {سَيُؤْتِيهِمْ} وانفرد بالياء (4)، فأما رواية ورش فعلى إخبار الله عز وجل عن نفسه، وذلك على الالتفات من الغيبة إلى التكلم، وهو ضرب من ضروب البلاغة، والفاعل ضمير مستتر تقديره (نحن) يرجع إلى الله عز وجل، وأما رواية حفص فعلى لفظ الغيبة، لأن سياق الآية وهو قوله عز وجل {وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} يقتضي الغيبة، والفاعل ضمير يعود إلى الله عز وجل (5).
قوله تعالى: {وَقُلْنَا لَهُمْ لَا تَعْدُّواْ فِي السَّبْتِ} {وَقُلْنَا لَهُمْ لَا تَعْدُواْ فِي السَّبْتِ} [154]
قرأ ورش {لَا تَعَدُّواْ} بفتح العين وتشديد الدال، وقرأ حفص {لَا تَعْدُواْ} بإسكان العين وتخفيف الدال (6). وحجة ورش أن أصل هذه الكلمة (تعتدوا) مضارع {اعتدى يعتدي اعتداءا} ، ومنه قوله عز وجل {تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا} {البقرة:229}، فألقيت حركة التاء على العين وأدغم التاء في الدال لتجانسهما (7). وحجة حفص في تخفيف الدال على أنه مضارع من {عدا يعدوا عدوانا} ومنه قول الله عز وجل:{إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ} {الأعراف163} فكان الفعل منها (تعْدوا).
فرش سورة المائدة
قوله تعالى: {والأذْنُ بالأذْنِ} {وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ} [45]
(1) - الدمياطي، إتحاف فضلاء البشر. ج1/ص247. وابن غلبون، التذكرة في القراءات الثمان. ج2/ص468.
(2)
- انظر: ابن منظور، لسان العرب. مادة {درك} ج10/ص422. والراغب الأصفهاني، المفردات. مادة {درك} ص1754.
(3)
- ابن إدريس، الكتاب المختار في معاني قراءات أهل الأمصار. ج1/ص219.
(4)
- الداني، التهذيب لما انفرد كل واحد من القراء السبعة. ص123. وابن غلبون، التذكرة في القراءات الثمان. ج2/ص468.
(5)
- محيسن، القراءات وأثرها في علوم العربية. ج1/ص133.
(6)
- ابن الجزري، النشر في القراءات العشر. ج2/ص172، 165.
(7)
- محيسن، المغني في توجيه القراءات. ج1/ص423. وابن خالويه، الحجة في القراءات السبع. ج1/ص128. وأبو علي الفارسي، الحجة للقراء السبعة. ج2/ص98.
قرأ ورش بإسكان الذال معرفاً ومنكراً ومثنى (1) حيث وقع، وقرأ حفص بالضم (2). وهما لغتان كالنكْر والنكُر فالإسكان لغة بني بكر بن وائل، وتميم، والتحريك لغة عامة العرب، وقيل: الإسكان هو الأصل وإنما ضم اتباعاً، وقيل: التحريك هو الأصل وإنما سكن تخفيفاً (3). وقال ابن خالويه: فالحجة لمن ضم أنه أتى ذلك ليتبع الضم الضم والأصل عنده الإسكان، ومن أسكن فالحجة له أنه خفف لثقل توالي الضمتين والأصل عنده الضم (4).
قوله تعالى: {يَقُولُ الَّذِينَ آمَنُواْ أَهَؤُلاء} {وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُواْ أَهَؤُلاء} [53]
قرأ ورش: {يَقُولُ} بغيرواو، على الاستئناف، وهي كذلك في مصاحف أهل مكة والمدينة والشام (5)، وقرأ حفص:{وَيَقُولُ} بالواو كما في مصاحف أهل العراق، وقال المهدوي: من قرأ بالواو، فإنه قطعه مما قبله وعطف جملة على جملة، ومن قرأ بغيرواو، فإنه حذف الواو لالتباس الجملة الثانية بالجملة الأولى (6).
قوله تعالى: {مَن يَرْتَددْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ} {مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ} [54]
قرأ ورش {مَن يَرْتَددْ} على الأصل ولم يدغم، لأن أصلها {يَرْتَددْ} ،
(1) - كقوله عز وجل {هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ} {سورة التوبة:61} ، {كأن في أذُنَيْهِ} {سورة لقمان:7}.
(2)
- الداني، جامع البيان في القراءات السبع. ج3/ص1026. والدمياطي، إتحاف فضلاء البشر. ج1/ص185.
(3)
- ابن خالويه، الحجة في القراءات السبع. ج1/ص116.
(4)
- المهدوي، شرح الهداية. ج1/ص264
(5)
- ابن مجاهد، السبعة في القراءات. ص245. والدمياطي، إتحاف فضلاء البشر. ج1/ص185.
(6)
- المهدوي، شرح الهداية. ج1/ 266.
وقرأ حفص {يَرْتَدَّ} (1) بإدغام الدال الأولى بالثانية، وحركت الثانية بالفتح منعاً من التقاء الساكنين، لاتفاق مصاحف الأمصار على رسمه في [سورة البقرة:217] بدالين، والإظهار هي لغة أهل الحجاز، والإدغام لغة غيرهم، والفعل بدالين في مصاحف المدينة والشام (2).
قوله تعالى: {وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالاتِهِ} {وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [67]
قرأ ورش: {رِسَالاتِهِ} على الجمع، وكسر التاء علامة للنصب، والهاء تبعاً لها، وتوجيه قراءته أنه جعل لكل وحي رسالة، ثم جمع فقال:{فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالاتِهِ} ، كقوله عز وجل:{قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي} [سورة الأعراف:144] لأن رسالات الأنبياء مختلفة لاختلاف شرائعهم جمع لذلك (3)، وقرأ حفص:{رِسَالَتَهُ} على المفرد وفتح التاء علامة للنصب لأنه مفرد، وتوجيه قراءته، أنه جعل الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم ويقوّي ذلك قوله عز وجل (4):{اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [سورة الأنعام:124].
قوله تعالى: {فجَزَاءُ مِثْلِ مَا قَتَلَ} {فجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ} [95]
(1) -الداني، التيسير في القراءات السبع. ص 270. والطبري. التلخيص في القراءات الثمان. ص250. البغدادي، أبو الحسن محمد بن إبراهيم. روضة في القراءات الإحدى عشرة. ج2/ص627.
(2)
-الداني، جامع البيان في القراءات السبع. ج3/ص1028. وابن الجوزي، زاد المسير في علم التفسير. ج2/ص380.
(3)
- ابن زنجلة، حجة القراءات. ج1/ص232، ابن خالويه، الحجة في القراءات السبع. ج1/ص133.
(4)
- المهدوي، شرح الهداية. ج1/ص266. وأبو حيان، البحر المحيط. ج2/ص174.
قرأ ورش: {فجَزَاءُ مِثْلِ} برفع جزاء وإضافته إلى مثل، والمعني: فعليه جزاءُ مثلِ (1).
وقرأ حفص: {فجَزَاءٌ مِّثْلُ} بالتنوين والرفع في {فجَزَاءٌ} ، ورفع {مِّثْلُ} أيضاً على الابتداء، والخبر محذوف تقديره: فيلزمه جزاء (2).
قوله تعالى: {اسْتُحِقَّ عَلَيْهِمُ الَاوْلَيَانِ} {اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الأَوْلَيَانِ} [107]
قرأ ورش: {اسْتُحِقَّ} بضم التاء وكسر الحاء مبنياً للمجهول {الأَوْلَيَانِ} ، نائب فاعل ونقل حركة الهمزة إلى اللام وقفاً ووصلاً {لَوْلَيَان} على حسب قاعدته، وإذا وصل كسر الهاء وضم الميم {عَلَيهِمُ لَوْلَيَان} (3).
وقرأ حفص بفتح التاء مبنياً للمعلوم، والفاعل {الأَوْلَيَانِ} ،
والمفعول محذوف تقديره من الذين استحق عليهم الأوليان الوصية (4).
قوله تعالى: {هذا يَوْمَ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُم} {هذا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُم} [119]
قرأ ورش: {يَوْمَ} بالفتح، وهو منصوب على الظرف للخبر المحذوف، أي هذا يقع أو يكون يوم ينفع، ويجوز أن يكون {يَوْمَ} بني على الفتح في موضع رفع خبر {هذا} .
(1) - الداني، التيسير في القراءات السبع. ص271. وابن مجاهد، السبعة في القراءات. ص248.
(2)
- القيسي، الكشف عن وجوه القراءات وعللها. ج1 /ص418. وأبو علي الفارسي، الحجة للقراء السبعة. ج2/ص134.
(3)
- القيسي، مشكل إعراب القرآن. ج1/ص243. وابن الباذش، الإقناع في القراءات السبع. ص372. وابن الجزري، النشر في القراءات العشر. ج1/ص192. وأبو حيان، البحر المحيط. ج1/ص138. ومحيسن، المغني في توجيه القراءات. ج2/ص34.
(4)
- القيسي. مشكل إعراب القرآن. ج1/ص243. وابن الجوزي، زاد المسير في علم التفسير. ج2/ص449.
وقرأ حفص {يَوْمُ} برفع الميم على أنه خبر لـ {هذا} ، و {هذا} إشارة إلى يوم القيامة، والجملة في موضع نصب مقول القول (1).
فرش سورة الأنعام
قوله تعالى: {ثُمَّ لَمْ تَكُن فِتْنَتَهُمْ إِلَاّ أَن قَالُواْ} {ثُمَّ لَمْ تَكُن فِتْنَتُهُمْ إِلَاّ أَن قَالُواْ} [23]
قرأ ورش: {فِتْنتَهُمْ} بالنصب على أنه خبر {تَكُن} مقدم، {إِلَاّ أَن قَالُواْ} اسم مؤخر (2).
وقرأ حفص {فِتْنَتُهُمْ} بالرفع على أن فتنتهم اسم {تَكُن} ، و {إِلَاّ أَن قَالُواْ} خبر (3).
قوله تعالى: {فَإِنَّهُمْ لَا يُكْذِبُونَكَ} {فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ} [33]
قرأ ورش: {لا يُكْذِبُونَكَ} بسكون الكاف وتخفيف الذال، من أكذب يكْذِب، بمعنى: لاينسبونك إلى الكذب (4). وقرأ حفص: {لايُكَذِّبُونَكَ} بفتح الكاف وتشديد الذال، من كَذَّب يكَذّبُ، ويعني: أنهم لا يقولون لك كذبت لما يعرفون صدقك وأمانتك -لأنهم كانوا يسمون
(1) - هناك عدة أقوال في إعراب كلمة {يوم} وهي مبسوطة في كتب الإعراب.
انظر: العكبري، التبيان في إعراب القرآن. ج1/ص477. والقيسي، مشكل إعراب القرآن. ج1/ص244.
(2)
- ابن مجاهد، السبعة في القراءات. 255. وابن الجزري، النشر في القراءات العشر. ج2/ص192.
(3)
- الدمياطي، إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربعة عشر. ج1/ 261. ومحيسن، المغني في توجيه القراءات العشر المتواتر. ج2/ص37. والنحاس، إعراب القرآن. ج1/ص60.
(4)
- الداني، التيسير في القراءات السبع. والطبري. التلخيص في القراءات الثمان. ص،257. والقيسي، الكشف عن وجوه القراءات وعللها، ج1/ص430.
النبي صلى الله عليه وسلم الأمين- ولكن يردون ماجئت به ويجهلونه (1). والقراءتان عند القرطبي فى القوة سواء (2).
قوله تعالى: {يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبُ .. وَنَكُونُ} {يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ .. وَنَكُونَ} [27]
قرأ ورش: {وَلَا نُكَذِّبُ} بالرفع على أن يكون منقطعاً مما قبله، وقيل هو عطف على {نُرَدُّ} على أنهما داخلان في التمني، فكأنهم تمنوا أن يردوا، وألا يكذبوا، وأن يكونوا من المؤمنين، أو على الاستئناف، والتقدير يا ليتنا نرد ونحن لا نكذب (3). وقرأ {وَنَكُونُ} بالرفع عطفاً على الفعل الأول.
وقرأ حفص: {وَلَا نُكَذِّبَ} على إضمار {أن} بعد واو المعية أو يكون النصب جواباً للتمني كأنهم تمنوا الرد، وعدم التكذيب، وكونهم من المؤمنين (4). وقرأ {وَنَكُونَ} بالنصب عطفاً على الفعل الأول أيضاً.
قوله تعالى: {أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوءاً
…
فَإنَّهُ} {أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوءاً
…
فَأَنَّهُ} [54]
(1) - المهدوي، شرح الهداية، ج1/ص275. وابن إدريس، الكتاب المختار في معاني قراءات أهل الأمصار ج1/ص252.
(2)
- القرطبي، محمد بن أحمد الأنصاري. الجامع لأحكام القرآن، بيروت-لبنان، دار الكتب العلمية، (رقم الطبعة غير معروف)،1413هـ-1993م، ج6/ص416.
(3)
- ابن مجاهد، السبعة في القراءات. ص 255. والنحاس، إعراب القرآن. ج1/ص62. وابن إدريس، الكتاب المختار في معاني قراءات أهل الأمصار. ج1/ 250ص. وابن أبي مريم، الموضح في وجوه القراءات وعللها. ج1/ص463.
(4)
- النحاس، إعراب القرآن. ج2/ص62. ومحيسن، المغني في توجيه القراءات العشر المتواتر. ج2/ 37.
قرأ ورش: {أَنَّهُ
…
فإنَّه} بالفتح في الأول والكسر في الثاني حيث جعل الأولى بدلا من الرحمة واستأنف الثانية لمجيئها بعد الفاء والفاء جواب شرط لـ {مَن} (1).
وقرأ حفص {أَنَّهُ
…
فَأَنَّهُ} بفتح الهمزتين على أن الأولى بدل من الرحمة بمعنى: كتب ربكم على نفسه المغفرة وهي بدل من الرحمة، والثانية خبر مبتدأ محذوف تقديره: فأمره أنه، أي أن الله غفور رحيم له (2).
قوله تعالى: {وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلَ الْمُجْرِمِينَ} {وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} [55]
قرأ ورش: {سَبِيلَ} بنصب اللام على أنه مفعول به، لـ {لِتَسْتَبِينَ} بمعنى ولتستبين أنت يا محمد سبيل المجرمين، والتاء على تأنيث السبيل وهي لغة قريش (3)، كقوله عز وجل:
{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي} [سورة يوسف:108] وقرأ حفص: {سَبِيلُ} بالرفع على أنه فاعل فعل "تستبين" بمعنى تظهر وتتضح (4).
قوله تعالى: {لَّئِنْ أَنجَيتنَا مِنْ هَذِهِ} {لَئن أَنجَانَا مِنْ هَذِهِ} [63]
قرأ ورش: {لئن أنجيتنا} بالتاء على الخطاب لله عز وجل على سبيل الدعاء وهو كذلك في مصاحف أهل المدينة والبصرة، قال مكي:"على لفظ الخطاب، فهو أبلغ في الدعاء والابتهال والسؤال"(5).
وقال النحاس:"واتساق الكلام بالتاء كما قرأ أهل المدينة وأهل الشام"(6).
(1) - المهدوي، شرح الهداية. ج1/ 279.
(2)
- ابن خالويه، حجة القراءات. ج1/ 252. والمهدوي، شرح الهداية. ج1/ 279.
(3)
- ابن إدريس، الكتاب المختار في معاني قراءات أهل الأمصار. ج1/ 258.
(4)
- المهدوي، شرح الهداية. ج1/ 281.
(5)
- القيسي، الكشف عن وجوه القراءات وعللها، ج1/ 435. وابن الجزري، النشر في القراءات العشر. ج2/ 194، ابن خلوية، إعراب القراءات السبع. ج1/ 115. والمهدوي، شرح الهداية. ج1/ 281.
(6)
- النحاس، إعراب القرآن. ج2/ 72.
ودليله من التنزيل قوله عز وجل {لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنِّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [سورة يونس:22].
وقرأ حفص: {أَنجَانَا} بغير تاء على لفظ الخبر عن غائب، بناء على قوله عز وجل:{قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} (1).
قوله تعالى: {قُلِ اللهُ يُنْجِيكُم} {قُلِ اللهُ يُنَجِّيكُم} [64]
قرأ ورش: {قُلِ اللهُ يُنْجِيكُم} بالتخفيف، على أنه من "أنجى، يُنجي"، ومنه قوله عز وجل:{لَئِنْ أَنجَيْتَنَا من هذه} (2).
وقرأ حفص: {يُنَجِّيكُم} بالتشديد من "نجَّى يُنَجِّي" وذلك لاجتماع القراء على تشديد قوله {قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} للتوحيد بين اللفظين (3). وقال مكي: "والمعنى واحد، وأصل الفعل "نجا" ثم يثقل للتعدية بالهمزة أو بالتشديد، فالهمزة فيه كالتشديد كل واحد يقوم مقام الآخر في التعدية إلى المفعول، واللغتان في القرآن، قال عز وجل:{فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ} [سورة الأعراف:64] وقال أيضا {فَنَجَّيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي الْفُلْكِ} [سورة يونس:73](4)
قوله تعالى: {قَال أَتُحَاجُّونِي} {قَال أَتُحَاجُّونِّي} [80]
قرأ ورش بتخفيف النون، وقرأ حفص بالتشديد (5).
(1) - أبو علي الفارسي. الحجة في علل القراءات السبع. ج2/ 163.
(2)
- ابن مجاهد، السبعة في القراءات ص،259. وابن الباذش. الإقناع في القراءات السبع، 2/ 397.
(3)
- محيسن. المغني في توجيه القراءات. ج2/ 52.
(4)
- القيسي، الكشف عن وجوه القراءات وعللها، ج1/ 435.
(5)
- الداني، أبو عمرو. جامع البيان في القراءات السبع. ج3/ 1054.وابن الجزري. النشر في القراءات العشر، ج2/ص195.
والأصل فيه نونان الأولى علامة الرفع والثانية نون الوقاية، واجتماع المثلين في فعل ثقيل، فجرى الحذف أو الإدغام فمن شدد أسكن الأولى للتخفيف ثم أدغم في الأخرى فوقع التشديد، ومن خفف حذف النون الثانية استخفافاً ولم يُدغم (1). وادَّعى بعض العلماء كما ورد في القرطبي عن أبي عمرو بن العلاء:"أن هذه القراءة لحن"(2). وأيده مكي بن أبي طالب بقوله: " الحذف بعيد في العربية، قبيح مكروه وإنما يجوز في الشعر، والقرآن لا يحتمل ذلك فيه إذ لا ضرورة تدعو إليه"(3). ولكن كثيراً من العلماء ردوا على هذا القول إذ لا مجال لتضعيف القراءة المتواترة، وممن ردوا على هذا القول أبو حيان بقوله:"قول مكي ليس بالمرضي، وقيل التخفيف لغة غطفان"(4) ، وأجاز سيبويه التخفيف كما استعمل العرب حذفها في كثير من الكلام، منها:
تراه كالثغام يعل مسكا * يسوء الفاليات إذا فليني" (5)
والأصل في البيت: " فلينني".
قوله تعالى: {فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَاعِلُ اللَّيْلِ سَكَناً} {فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً} [96]
قرأ ورش: {وَجَاعلُ اللَّيْلِ} بإثبات الألف على أنه اسم فاعل مضافاً إلى الليل وذلك وفق قوله: {فَالِقُ الإِصْبَاحِ} وخفض الليل لأنه مضاف إليه (6).
(1) - ابن خالويه، إعراب القراءات السبع. ج1/ 162. ومحيسن. المغني في توجيه القراءات. ج2/ 60.
(2)
- القرطبي، الجامع لأحكام القرآن. ج7/ 29.
(3)
- القيسي، الكشف عن وجوه القراءات وعللها. ج1/ 435.
(4)
- أبو حيان، المحيط ج4/ 174. والنحاس. إعراب القرآن. ج2/ص78.
(5)
- البيت لعمرو بن معد. انظر: سيبويه، الكتاب، ج3/ 519.
(6)
- أبو معشر الطبري، التلخيص في القراءات الثمان. ص258. وابن مجاهد. السبعة في القراءات. ص 260.
وقرأ حفص: {وَجَعَلَ اللَّيْلَ} فعلاً ماضياً، ونصب الليل على أنه مفعول به، لمناسبة ما بعده في قوله عز وجل:{جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ} [97](1).
قوله تعالى: {وَخَلَقَهُمْ وَخَرَّقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ} {وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ} [100]
قرأ ورش {خرَّقُوا} بالتشديد أي مرة بعد مرة مثل قتَل وقتَّل، وقرأ حفص:{وَخَرَقُواْ} بالتخفيف ومعنى خرقوا اخترقوا: اختلقوا كذباً، فأما قراءة ورش بالتشديد فقيل بمعنى التكثير، لأن المشركين ادعوا أن لله بنات وهم الملائكة، والنصارى ادعت المسيح ابن الله واليهود قالت عزير ابن الله فكثر ذلك من كفرهم فشدد الفعل لمطابقة المعنى (2). تعالى الله عما يقولون علوًّا كبيراً.
وقيل: القراءتان بمعنى واحد، لما روى القرطبي عن الحسن البصري أنه سئل عن معنى {خرَّقُوا} بالتشديد فقال إنما هو {خَرَقُواْ} بالتخفيف (3). ولا شك أن زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى، فالتشديد فيه معنىً زائد على قراءة التخفيف كما ورد.
قوله تعالى: {وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قِبَلا} {وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً} [111]
قرأ ورش: {قِبَلا} بكسر القاف وفتح الباء يعني مقابلة وعياناً، وقرأ حفص:{قُبُلاً} بضم القاف والباء جمع قبيل نحو رغيف ورغف، أي حشرنا كل شيء عليهم
(1) - النحاس، الحجة في القراءات السبع. ج1/ 146. وأبو حيان، تفسير البحر المحيط ج4/ 176.
(2)
- القرطبي، الجامع لأحكام القرآن. ج7/ 264. والمهدوي، شرح الهداية. ج1/ 286. وابن مجاهد، السبعة في القراءات ص141. وابن إدريس، الكتاب المختار في معاني قراءات أهل الأمصار. ج1/ 282.
(3)
- القرطبي، الجامع لأحكام القرآن. ج7/ 264. والداني، أبو عمرو. جامع البيان في القراءات السبع. ج3/ص1102.وابن مجاهد، السبعة في القراءات. ص261.
نوعاً نوعاً، وقيل بمعنى جماعة جماعة فيكون جمع قبيلة، وقيل: جمع قبيل بمعنى الكفيل أي حشرنا كل شيء عليهم كفيلا، قال مكي:"الضم والكسر بمعنى المقابلة، وتستوي القراءتان"(1).
قوله تعالى: {يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنْزَلٌ مِّن رَّبِّكَ} {يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ} [114]
قرأ ورش: {مُنْزَلٌ} بالتخفيف من "أنزل ينزَل، فهو مُنزَل، وقرأ حفص: {مُنَزَّلٌ} من "نَزّلَ ينزِّل، فهو مُنزَّل" فهو بمعنى واحد تقديره: نزِّل شيئا بعد شيء (2).
قوله تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِماَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً} {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً} [115]
قرأ ورش: {كَلِماَتُ} بالجمع، قال ابن عباس:" مواعيد ربك المتعلقات من الوعد والوعيد وغيرهما فلا مغير لها"،وقال قتادة:"الكلمات هي القرآن لا يزيد فيه المفترون ولا ينقصون"(3).
وقرأ حفص: {كَلِمَتُ} بالإفراد، بمعنى كلام الله تعالى وكتابه، لأن الكلمة قد تقع في كلام العرب بمعنى الجمع، كما يقال: فلان ألقى كلمته يعني خطبته (4).
(1) - القيسي، الكشف عن وجوه القراءات وعللها. ج1/ 446. وابن خالويه، الحجة في القراءات السبع. ج1/ 117.
(2)
- النحاس. إعراب القرآن. ج1/ 13. والطبري، التلخيص في القراءات الثمان. ص 258. وابن الجزري. النشر في القراءات العشر، ج2/ 197.
(3)
- القرطبي، الجامع لأحكام القرآن. ج7/ 71. ومحيسن. المغني في توجيه القراءات. ج2/ 88. وابن إدريس، الكتاب المختار في معاني قراءات أهل الأمصار. ج1/ 282. وابن الجزري، النشر في القراءات العشر. ج2/ 197.
(4)
- ابن أبي مريم. الموضح في وجوه القراءات وعللها. ج1/ 337. والقيسي، الكشف عن وجوه القراءات وعللها ج1/ 447.
قوله تعالى: {وَإِنَّ كَثِيراً لَيَضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ} {وَإِنَّ كَثِيراً لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ} [119]
قرأ ورش: {لَيَضِلُّونَ} بفتح الياء من "ضلَّ"، يقال: ضَلَّ في نفسه، أي يَضلُّون بإتباع أهوائهم (1)، وقرأ حفص:{لَّيُضِلُّونَ} بضم الياء من "أضلّ" والمفعول محذوف أي ليُضلون غيرهم (2).
قوله تعالى: {أَوَمَن كَانَ ميِّتا فَأَحْيَيْنَاهُ} {أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ} [122]
قرأ ورش: {ميِّتا} بالتشديد، وهو الأصل، وقرأ حفص:{مَيْتاً} بالتخفيف، خفف من ثقل كراهية التشديد، يقال "هيِّن، وهيْن، وليِّن، ولَين"(3).
قوله تعالى: {يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرِجاً} {يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً} [125]
قرأ ورش: {حَرِجاً} بكسر الراءً على أنه اسم فاعل (4). وقرأ حفص: {حَرَجاً} بفتح الراء على أنه مصدر. وقيل: كسر الراء وفتحها بمعنى واحد، وهو الضيق (5). قال النحاس:"حرِج اسم الفاعل، وحَرَج مصدر وصف به"(6). وكذلك قلب
(1) - الداني، جامع البيان في القراءات السبع. ج3/ص1060.
(2)
- المهدوي، شرح الهداية. ج1/ 286. والطبري، التلخيص في القراءات الثمان. ص261.
(3)
- ابن خالويه، إعراب القراءات السبع. ج1/ 169.
(4)
- الداني، جامع البيان في القراءات السبع، ج3/ 1068.وله، التيسير في القراءات السبع، ص282. والطبري. جامع البيان عن تأويل آي القرآن. ص1405.
(5)
- ابن خالويه، إعراب القراءات السبع ج1/ 169. والقرطبي، الجامع لأحكام القرآن. ج7/ 82.
(6)
- النحاس، إعراب القرآن. ج1/ 95. القيسي، الكشف عن وجوه القراءات السبع. ج1/ 451.
المنافق لايصل إليه شيء من الخير، فلذا وصف الله صدر الكافر بشد الضيق، عن وصول الموعظة إليه.
قوله تعالى: {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الْجِنّ} {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الْجِنّ} [128]
قرأ ورش: {نَحْشُرُهُمْ} بنون العظمة على الالتفات من الغيبة إلى التكلم، وذلك لتهويل الأمر. (1)، وقرأ حفص:{يِحْشُرُهُمْ} بالياء على الغيبة لأن قبله قوله عز وجل: {لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِندَ رَبِّهِمْ} [سورة الأنعام:127]. والمعنى فيهما واحد في جميع القرآن، والله عز وجل حاشرهم (2).
قوله تعالى: {وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكْلُهُ} {وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ} [141]
قرأ ورش: {أكْلُهُ} بتسكين الكاف، وقرأ حفص:{أُكُلُهُ} بضم الكاف، وهما لغتان بمعنى واحد، وقيل الأصل التثقيل، وخفف لاجتماع الضمتين (3).
قوله تعالى: {وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حِصَادِهِ} {وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصاده} [141]
قرأ ورش: {حِصَادِهِ} بكسر الحاء، وهي لغة أهل الحجاز،
(1) - القيسي، مشكل إعراب القرآن. وله، الكشف عن وجوه القراءات وعللها، ج1/ 282.
(2)
- ابن أبي مريم، الموضح في وجوه القراءات وعللها. ج1/ 503.
(3)
- ابن إدريس، الكتاب المختار في معاني قراءات أهل الأمصار. ج1/ 294. والطبري، التلخيص في القراءات الثمان،
…
ص:258. وابن الباذش. الإقناع في القراءات السبع. ص402.