الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تابع (60) كتاب الأنبياء
40 - بابٌ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: {وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ}
الرَّاجِعُ الْمُنِيبُ، وَقَوْلُهُ:{وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} وَقَوْلُهُ: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ} أَذَبْنَا لَهُ عَيْنَ الْحَدِيدِ {وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ} إِلَى قَوْلِهِ: {مِنْ مَحَارِيبَ} قَالَ مُجَاهِدٌ: بُنْيَانٌ مَا دُونَ الْقُصُورِ {وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ} كَالْحِيَاضِ لِلإبِلِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَالْجَوْبَةِ مِنَ الأَرْضِ {وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ} إِلَى قَوْلِهِ: {الشَّكُورُ} ، {فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إلا دَابَّةُ الْأَرْضِ} الأَرَضةُ {تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ} عَصَاهُ {فَلَمَّا خَرَّ} إِلَى قَوْلِهِ:{الْمُهِينِ} {حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي} {فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ} يَمْسَحُ أَعْرَافَ الْخَيْلِ وَعَرَاقِيبَهَا، الأَصْفَادُ الْوَثَاقُ.
قَالَ مُجَاهِدٌ: {الصَّافِنَاتُ} صَفَنَ الْفَرَسُ رَفَعَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ حَتَّى تَكُونَ عَلَى طَرَفِ الْحَافِرِ. {الْجِيَادُ} السِّرَاعُ. {جَسَدًا} شَيْطَانًا.
{رُخَاءً} طَيِّبَةً. {حَيْثُ أَصَابَ} حَيْثُ شَاءَ. {فَامْنُنْ} أَعْطِ. {بِغَيْرِ حِسَابٍ} بِغَيْرِ حَرَجٍ.
(باب قَول الله عز وجل: {وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ} [ص: 30])
قوله: (الجوبة) هي موضعٌ ينكشِف في الحَرَّة، وينقطِع عنها.
(الأرضة) دُويبةٌ تأكل الخشَب.
(أعراف) جمع عَرْف، وهو شعر عنُق الخَيل.
(عراقيبها) جمع عُرْقُوب، وهو عصَبٌ غليظٌ عند العَقِب.
(الأصفاد) جمع صَفَد، يُقال: صفَدَه، أي: شدَّه وأوثَقه.
* * *
3423 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الْجنِّ تَفَلَّتَ الْبَارِحَةَ لِيَقْطَعَ عَلَيَّ صَلَاتِي، فَأَمْكَنَنِي اللهُ مِنْهُ فَأَخَذْتُهُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْبُطَهُ عَلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجدِ حَتَّى تنظُرُوا إِلَيْهِ كُلُّكُمْ، فَذَكَرْتُ دَعْوَةَ أَخِي سُلَيْمَانَ: رَبِّ هَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي، فَرَدَدْتُهُ خَاسِئًا".
عِفْرِيتٌ مُتَمَرِّدٌ مِنْ إِنْسٍ أَوْ جَانٍّ، مِثْلُ زِبْنِيَةٍ جَمَاعَتُهَا الزَّبَانِيَةُ.
الحديث الأول:
(تفلت)؛ أي: تعرَّضَ فَجْأةً.
(خاسئا)؛ أي: مَطرُودًا مُتحيِّرًا.
وسبق في (باب: الأسير يربط في المسجد).
(عفريت) قال (ك): بسكون التحتانية، ويُقال بفتحها أيضًا.
(زِبْنِيَة)؛ أي: بكسر الزاي، وسكون الموحدة، وكسر النُّون، وفتح الياء، والزَّبَانيَة عند العرَب الشُّرَط، وسمي بذلك بعض الملائكة لدفْعهم أهلَ النَّار إليها، مُشتَقًّا من الزَّبْن، وهو الدَّفْع، واحدُه زَابِن، أو زِنْبِيب كعِفْريت، والعرَب لا تكاد تَعرفه، وتجعلُه من الجمْع الذي لا واحدَ له كأَبابِيْل.
وقيل: واحدُه زِبْني كأنَّه نسبةٌ إلى الزَّبْن، ثم غُيِّر للنَّسَب كإِمْسِيٍّ، بكسر الهمزة في النِّسبة إلى أَمْسِ.
* * *
3424 -
حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي الزِّناَدِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ: لأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى سَبْعِينَ امْرَأَةً تَحْمِلُ كُلُّ امْرَأَةٍ فَارِسًا يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللهِ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: إِنْ شَاءَ اللهُ، فَلَمْ يَقُلْ، وَلَمْ تَحْمِلْ شَيْئًا إِلَّا وَاحِدًا سَاقِطًا إِحْدَى شِقَّيْهِ". فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَوْ قَالَهَا لَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ". قَالَ شُعَيْبٌ وَابْنُ أَبِي الزِّناَدِ: "تِسْعِينَ"، وَهْوَ أَصَحُّ.
(صاحبه)؛ أي: الملَك.
(إلا واحدًا)؛ أي: ولدًا واحدًا.
(قال شعيب) موصولٌ في (الأَيمان والنُّذور).
(تسعين)؛ أي: بمثنَّاةٍ قبل السِّين بدَل (سبعين).
* * *
3425 -
حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ أَوَّلُ؟ قَالَ: "الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ". قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: "ثُمَّ الْمَسْجِدُ الأَقْصَى". قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: "أَرْبَعُونَ". ثُمَّ قَالَ: "حَيْثُمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ فَصَلِّ، وَالأَرْضُ لَكَ مَسْجدٌ".
الثاني:
(أربعون) أي: سنةً كما سبَق ذكْر سِنِّه في (باب: إبراهيم).
* * *
3426 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّناَدِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَهُ أنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"مَثَلِي وَمَثَلُ النَّاسِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ ناَرًا، فَجَعَلَ الْفَرَاشُ وَهَذِهِ الدَّوَابُّ تَقَعُ فِي النَّارِ".
الثالث:
(مثلي)؛ أي: صِفَتي.
(الفراش) جمع فَراشة، وهي التي تَطير وتَتهافَتُ في السِّراج.
وتمام الحديث سبَق، وفيه:(أنا آخذ بحُجَزكُم عن النَّار، فتَغلِبُوني فتَقتَحِمُون فيها).
ووجْه تعلُّقه بقصَّة داود: أنَّ المقصود ذِكْر ما بعدَه؛ لكن ذكَره الراوي معه كما سمعه معه، أو أنَّ متابعة الأنْبياء موجِبةٌ للخَلاص، كما أنَّ في هذا التَّحاكُم خَلاصُ الكبرى من تلبُّسها بالباطِل، ووبالِه في الآخرة، وخَلاص الصُّغرى مِن ألَم فِراق ولَدها، وخَلاص الابن من القَتْل.
* * *
3427 -
وَقَالَ: "كَانَتِ امْرَأتانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا، جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بِابْنِ إِحْدَاهُمَا، فَقَالَتْ صَاحِبَتُهَا: إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ، وَقَالَتِ الأُخْرَى: إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ، فَتَحَاكَمَتَا إِلَى دَاوُدَ، فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى، فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ فَأَخْبَرَتَاهُ، فَقَالَ: ائْتُونِي بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَهُمَا، فَقَالَتِ الصُّغْرَى: لَا تَفْعَلْ يَرْحَمُكَ اللهُ، هُوَ ابْنُهَا. فَقَضَى بِهِ لِلصُّغْرَى". قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَاللهِ إِنْ سَمِعْتُ بِالسِّكِّينِ إِلَّا يَوْمَئِذٍ، وَمَا كُنَّا نَقُولُ إِلَّا: الْمُدْيَةُ.
(للكبرى)؛ أي: للمَرأة الكُبرى.
وإنما خالَف سُليمانُ داوُدَ مع أنهما لا يحكُمان إلا بالحقِّ؛ لأن حُكمهما إنْ كان بالوَحْي فالثَّاني ناسِخٌ له، وإنْ كان بالاجتِهاد فالثَّاني أَصوَب، وإن كانا كلاهما صوابًا.
قال (ك): على أنَّ الضَّمير في: (فقَضَى) يحتمل أنَّه راجِعٌ إلى داوُد، وجاز النَّقض لدليلٍ أَقوى.
وقيل: الصَّغائر جائزةٌ عليه لا سيَّما بالسَّهْو، وفي ما قالَه نظَرٌ، فإنْ قيل: لما اعترفَ الخصمُ بأنَّ الحقَّ لخصمه؛ فكيف حكَم له؟، قيل: لعلَّه عَلِم بالقَرينة أنه لا يُريد حقيقة الإقرار، أو كأنها أقرَّتْ بذلك على تقدير الشَّقِّ.
وهذا كما قال الفُقهاء: إذا قال المقِرُّ للمُقَرِّ له: اجعلْه في الصُّندوق، أو خُذْه، أو زِنْه، أو نحوه؛ فإنه لا يكون إقْرارًا.
وَحَكَمَ به للصُّغرى لأنه ثبتَ عنده ما يقتضي الحُكم، أو أنَّ القَرينة في دينهِ كالبيِّنة.
وقال (ن): استدلَّ سُليمان عليه الصلاة والسلام بشفَقة الصُّغرى على أنها أُمُّهُ، وأما الكبرى فما كرهتْ ذلك بل أرادتْه لتُشارِكَها صاحبتُها في المُصيبة بفَقْد ولَدها.
وأما داود فيحتمل أنه قضَى للكُبرى لشَبَهٍ رآه فيهما، أو أنه كان في شريعته التَّرجيح بالكُبرى، ولكونه كان في يَدِها، وكان ذلك مرجحًا في شرعه.
وأما سُليمان فتوصَّل بطريقٍ من المُلاطَفة إلى معرفة باطن القضيَّة، فأوهمها أنه يُريد قَطْعه ليَعرف مَن يَشُقُّ قطْعُه عليها، فلمَّا