الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اشتغال عن ذلك، وكيفَ ولم يكونوا رافعين رؤوسهم إلى السَّماء مترصدين مركز القمر من الفلك لا يغفلون عنه، حتّى إذا حدث لجرم القمر ما حدث من الانشقاق أبصروهُ، وكثيرًا ما يقع له الخسوف، ولا يشعر به النَّاس، حتّى يخبرهم الآحاد منهم مع طول زمانه، وهذا إنّما كان في قدر اللحظة الّتي هي مدرك البصر، ولو أحبَّ الله تعالى أن تكون معجزات النّبيّ صلى الله عليه وسلم أمورًا واقعة بحسب الحس، بحيث يشترك فيه الكل لفعل ذلك، والله تعالى جرت سنته باستئصال الأُمة الّتي أتاها نبيها بالآية العامة الّتي تدرك بالحس ولم يؤمنوا بها، وخص هذه الأُمة بالرّحمة، فجعل آية نبيه صلى الله عليه وسلم عقلية، وذلك لِمَا أُوتوه من فضل العقول، وزيادة الأفهام، ولئلا يكون سبيلهم سبيلَ من هلك من الأُمم المسخوط عليهم، المقطوع دابرهم، ولم يبق لهم عين ولا أثر.
* * *
28 - بابٌ
(باب)
3639 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُعَاذ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قتادَةَ، حَدَّثَنَا أَنسٌ رضي الله عنه: أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَا مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ وَمَعَهُمَا مِثْلُ الْمِصْبَاحَيْنِ يُضِيآنِ بَيْنَ أَيْدِيهِمَا، فَلَمَّا افْتَرَقَا صَارَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَاحِدٌ حَتَّى أَتَى أَهْلَهُ.
الحديث الأوّل:
سبق في (كتاب المساجد)، وأن الرجلين: عباد بن بشر، وأُسيد ابن حُضير، بتصغير لفظ أُسيد وأبيه.
* * *
3640 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا قَيْسٌ، سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَا يَزَالُ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ".
الثّاني:
(ظاهرين) من ظهرت، أي: علوت وغلبت.
(أمر الله) قبل يوم القيامة، وتعلّق الحنابلة بهذا على أنه لا يخلو الزّمان من مجتهد.
* * *
3641 -
حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ جَابِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَيْرُ بْنُ هَانِئٍ، أَنَّهُ سَمعَ مُعَاوِيَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَا يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأْمْرِ اللهِ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلَا مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ"، قَالَ
عُمَيْرٌ: فَقَالَ مَالِكُ بْنُ يُخَامِرَ: قَالَ مُعَاذ: وَهُمْ بِالشَّأْمِ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: هَذَا مَالِكٌ يَزْعُمُ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاذًا يَقُولُ: وَهُمْ بِالشَّامِ.
الثّالث:
(ابن يُخَامِر) بضم الياء، وبمعجمة، وكسر الميم، وبالراء، يقال: أُخامر، بقلب الياء همزة، وأخيمر، مُصغر أخمر، الشامي، قيل: إنّه صحابي.
(بالشام) قال البخاريّ في موضع: (آخرهم أهل العلم)، وقيل: العرب، فقيل: على ظاهره، وقيل: المراد أنهم بالشام، فإنها عرب الحجاز، وقيل: أهل الشدة والقوة في نصرة دين الله عز وجل، وعرب كلّ شيء حده.
* * *
3642 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا شَبِيبُ بْنُ غَرْقَدَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَيَّ يُحَدِّثُونَ عَنْ عُرْوَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعْطَاهُ دِينَارًا يَشْتَرِي لَهُ بِهِ شَاةً، فَاشْتَرَى لَهُ بِهِ شَاتَيْنِ، فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ وَجَاءَهُ بِدِينَارٍ وَشَاةٍ، فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِ، وَكَانَ لَوِ اشْتَرَى التُّرَابَ لَرَبحَ فِيهِ.
قَالَ سُفْيَانُ: كَانَ الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ جَاءَنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعَهُ شَبِيبٌ مِنْ عُرْوَةَ، فَأَتَيْتُهُ، فَقَالَ شَبِيبٌ: إِنِّي لَمْ أَسْمَعْهُ
مِنْ عُرْوَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَيَّ يُخْبِرُونَهُ عَنْهُ.
3643 -
وَلَكِنْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "الْخَيرُ مَعْقُود بِنَوَاصِي الْخَيْلِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ"، قَالَ: وَقَدْ رَأَيْتُ فِي دَارِهِ سَبْعِينَ فَرَسًا. قَالَ سُفْيَانُ: يَشْتَرِي لَهُ شَاةً كَأَنَّهَا أُضْحِيَّةٌ.
الرابع:
(الحي)؛ أي: القبيلة الّتي أنا فيها، ورواة الحي وإن كانوا مجاهيل؛ لكن قد علم أن شبيبًا لا يروي إلا عن عدل، أو لَمَّا كان الحديث ثابتًا بالطريق المعين المعلوم، اعتمد على ذلك فلم يبال بالإبهام، أو أراد نقله بوجه آكد، إذ فيه إشعار بأنه لم يسمع من رجل واحد فقط، بل من جماعة متعددة، وربما يفيد خبرهم القطع به؛ فإن قيل: الحسن بن عُمارة كاذب يكذب؛ فكيف جاز النقل عنه، قيل: لم يثبت شيء من هذا الحديث بقوله، مع احتمال أنه قال ذلك بناء على ظنه.
قال (ش): إنّما قصد البخاريّ الحديث الّذي بعده، ولكنه لما سمع الكل أورده كما سمعه.
(في داره)؛ أي: دار عروة.
(له)؛ أي: للنبي صلى الله عليه وسلم، وتعلَّق بالحديث من جوَّز بيع الفضولي؛ لأن عروة لم يكن وكيلًا إلا في الشراء، وأُجيب باحتمال أنه كان وكيلًا
مطلقًا، ووكله بالبيع أيضًا، وإن لم يذكر في الحديث.
* * *
3644 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"الْخَيْلُ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ".
3645 -
حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنسًا، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ".
الخامس، والسادس:
سبق شرح ما فيهما في (الجهاد).
* * *
3646 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زيدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي صَالحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الْخَيْلُ لِثَلَاثَةٍ، لِرَجُلٍ أَجْرٌ، وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ، وَعَلَى رَجُلٍ وِزْرٌ، فَأَمَّا الَّذِي لَهُ أَجْرٌ، فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ، فَأَطَالَ لَهَا فِي مَرْجٍ أَوْ رَوْضَةٍ، وَمَا أَصَابَتْ فِي طِيَلِهَا مِنَ الْمَرْجِ أَوِ الرَّوْضَةِ كَانَتْ لَهُ حَسَنَاتٍ، وَلَوْ أنَّهَا قَطَعَتْ طِيَلَهَا فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ، كَانَتْ
أَرْوَاثُهَا حَسَنَاتٍ لَهُ، وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهَرٍ فَشَرِبَتْ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَسْقِيَهَا، كَانَ ذَلِكَ لَهُ حَسَنَاتٍ، وَرَجُلٌ رَبَطَهَا تَغَنِّيًا وَسِتْرًا وَتَعَفُّفًا، لَمْ يَنْسَ حَقَّ اللهِ فِي رِقَابِهَا وَظُهُورِهَا، فَهِيَ لَهُ كَذَلِكَ سِتْرٌ، وَرَجُل رَبَطَهَا فَخْرًا وَرِيَاءً وَنِوَاءً لأَهْلِ الإسْلَامِ، فَهْيَ وِزْرٌ"، وَسُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْحُمُرِ، فَقَالَ: "مَا أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهَا إلا هَذِهِ الآيَةُ الْجَامِعَةُ الْفَاذَّةُ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} ".
السابع:
(مرج) هو موضع رعيها.
(طِيَلها) بكسر المهملة، وفتح الياء: الحبل الّذي يطول للدابة فترعى فيه.
(فاستنت) هو العدو.
(شرفًا)؛ أي: شوطًا، وأصله المكان العالي، وسبق الحديث في (كتاب الشرب)، وذكر هناك:(آثارها) بدل: (أرواثها)، وفي (باب الخيل لثلاثة) من (الجهاد)، وجمع هناك بين:(آثارها) و (أرواثها).
(ونواء)؛ أي: معاداة.
(الحمر) جمع حمار، وكثيرٌ يصحفه بالمعجمة، أي: في صدقة الحمر.
* * *
3647 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدٍ، سَمِعْتُ أَنس بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه يَقُولُ: صَبَّحَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ بُكْرَةً وَقَدْ خَرَجُوا بِالْمَسَاحِي، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا: مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ، وَأَحَالُوا إِلَى الْحِصْنِ يَسْعَوْنَ، فَرَفَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ وَقَالَ:"اللهُ أَكبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ".
الثّامن:
(والخميس) بالرفع والنصب، أي: الجيش؛ لأنه خمسة: ميمنة، وميسرة، ومقدمة، وساقة، وقلب.
(وأحالوا) بمهملة، أي: أقبلوا هاربين إلى الحصن، وأحال الرَّجل إلى مكان كذا: تحول إليه، وعن أبي ذر:(أجالوا) بالجيم، وليس بشيء، إلا أن يجعل من أجال بالشيء: أطاف به، وجال به أيضًا، وهو بعيد، ومرَّ الحديث مرارًا، وقال البخاريّ: لفظ: (فرفع النّبيّ صلى الله عليه وسلم يديه) غريب، أخشى أن لا يكون محفوظًا.
* * *
3648 -
حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الْفُدَيْكِ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنِّي سَمِعْتُ مِنْكَ حَدِيثًا كثِيرًا فَأَنْسَاهُ، قَالَ:"ابْسُطْ رِدَاءَكَ"، فَبَسَطْتُ، فَغَرَفَ بِيَدِهِ فِيهِ ثُمَّ قَالَ:"ضُمَّهُ"، فَضَمَمْتُهُ، فَمَا
نسَيتُ حَدِيثًا بَعْدُ.
التّاسع:
سبق شرحه في (باب: حفظ العلم).
* * *