الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال (خ): روى إبراهيم: (رزِّ)، يعني: الراء قبل الزاي، قال: ولستُ أدري معنى الكلام الذي ذكره أبو عبد الله في تفسير الحجَلة، وما الفرَس وما بين عينيه، أي: لأن التَّحجيل في قوائم الفرَس لا في وجهه.
قال (ك): وفي بعضها روايته كما هو المشهور.
وفائدةُ ذكره: الإشعار بأنه روَى هذه الكلمة، لا محمد بن عُبيد الله، فإنه لم يَروِها، وعليه أكثر النُّسَخ.
* * *
23 - باب صِفَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
-
(باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم)
3542 -
حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: صَلَّى أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه الْعَصْرَ ثُمَّ خَرَجَ يَمْشِي، فَرَأَى الْحَسَنَ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ، فَحَمَلَهُ عَلَى عَاتِقِهِ، وَقَالَ: بِأَبِي شَبِيةٌ بِالنَّبِيِّ لَا شَبِيهٌ بِعَلِيٍّ. وَعَلِيٌّ يَضْحَكُ.
الحديث الأول:
(بأبي) قسَمٌ.
* * *
3543 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونس، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ الْحَسَنُ يُشْبِهُهُ.
الثاني: نحوه.
* * *
3544 -
حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَليٍّ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عليهما السلام يُشْبِهُهُ، قُلْتُ لأَبِي جُحَيْفَةَ: صِفْهُ لِي. قَالَ: كَانَ أَبْيَضَ قَدْ شَمِطَ. وَأَمَرَ لَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِثَلَاثَ عَشْرَةَ قَلُوصًا، قَالَ: فَقُبِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ أَنْ نَقْبِضَهَا.
الثالث:
(وكان الحسن بن علي يشبهه) نعم في "صحيح ابن حِبان"، في الحسين: أنه كان من أشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: والجمع بينهما: أن الحسَن كان يشبهه ما بين الصَّدر إلى الرأس، والحسين أسفل من ذلك.
(شَمِط) بفتح المعجمة، وكسر الميم، أي: اختلَط سوادُ شعر رأسه بالبياض.
(بثلاثة عشر) كذا في الأصول، وصوابه: بثلاث عشرة، قاله ابن مالك.
(قَلُوصًا) بفتح القاف، وبمهملة: الناقة الشابَّة.
* * *
3545 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ وَهْبٍ أَبِي جُحَيْفَةَ السُّوَائِيِّ، قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَرَأَيْتُ بَيَاضًا مِنْ تَحْتِ شَفَتِهِ السُّفْلَى الْعَنْفَقَةَ.
الرابع:
كالذي قبله.
* * *
3546 -
حَدَّثَنَا عِصَامُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ، أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللهِ بْنَ بُسْرٍ صَاحِبَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: أَرَأَيْتَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ شَيْخًا؟ قَالَ: كَانَ فِي عَنْفَقَتِهِ شَعَرَاتٌ بِيضٌ.
الخامس:
وهو ثلاثيٌّ.
(شعرات) جمع قِلَّةٍ، فلا يكون زائدًا على العشَرة.
* * *
3547 -
حَدَّثَنِي ابْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: سَمِعْتُ
أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَصِفُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: كَانَ رَبْعَةً مِنَ الْقَوْمِ، لَيْسَ بِالطَّوِيلِ وَلَا بِالْقَصِيرِ، أَزْهَرَ اللَّوْنِ لَيْسَ بِأَبْيَضَ أَمْهَقَ وَلَا آدَمَ، لَيْسَ بِجَعْدٍ قَطَطٍ وَلَا سَبْطٍ رَجِلٍ، أُنْزِلَ عَلَيْهِ وَهْوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ، فَلَبِثَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ يُنْزَلُ عَلَيْهِ، وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ، وَلَيْسَ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعَرَةً بَيْضَاءَ. قَالَ رَبِيعَةُ: فَرَأَيْتُ شَعَرًا مِنْ شَعَرِهِ، فَإذَا هُوَ أَحْمَرُ، فَسَأَلْتُ فَقِيلَ: احْمَرَّ مِنَ الطِّيبِ.
السادس:
(رَبْعة) بسكون الموحدة، أي: مربوع الخلْق، لا طويل، ولا قصير، قيل: والتأنيث فيه باعتبار النفس.
قال الجَوْهَري: رجلٌ رَبْعةٌ، وامرأةٌ رَبْعةٌ.
(أمهق)؛ أي: أبيض، لا في الغاية، وهو معنى:(ليس بأبيض)، وقال: رُؤية المهق خُضرة الماء، ولم يوجد (أمهق) في بعض النُّسخ، وهو الأظهر.
(قَطَط) بفتح القاف، والمهملة الأولى: شديد الجُعودة، والسُّبوطة ضدها.
(رجل) بكسر الجيم، وقيل بفتحها: المسترسِل، وهو بالرفْع على القطْع، أي: هو رجلٌ، وعند الأَصِيْلِي بالرفع والخفض، ووجْه الخفض أن: الرجِل غير السَّبط، فلا يصحُّ أن يكون وصفًا للسبط المنفي عن شعره صلى الله عليه وسلم، إلا أن يُخفض على الجوار على بُعدٍ.
قال صاحب "مرآة الزمان": الجيم ساكنةٌ، مِن رجَّل الشَّعر.
وحكى الجَوْهَري عن ابن السِّكِّيت لغتَين أُخريين، فتح الراء، وكسر الجيم وفتحهما، إذا لم يكن شديد الجُعودة، ولا سَبْطًا.
(فلبث بمكة عشر سنين) هو على قول أنس، والصحيح أنه أقام بمكة ثلاث عشرة سنةً؛ لأنه توفي وعمُره ثلاثٌ وستون، ويلزم من قال: تُوفي ابن خمس وستين: أن لا خِلاف في أنَّ إقامته بالمدينة عشرٌ.
(فسألت)؛ أي: أنسًا.
* * *
3548 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكُ ابْنُ أَنسٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، أنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْبَائِنِ وَلَا بِالْقَصِيرِ، وَلَا بِالأَبْيَضِ الأَمْهَقِ، وَلَيْسَ بِالآدَمِ وَلَيْسَ بِالْجَعْدِ الْقَطَطِ وَلَا بِالسَّبْطِ، بَعَثَهُ اللهُ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، فَأَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ، وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ، فتوَفَّاهُ اللهُ وَلَيْسَ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيِتَهِ عِشْرُونَ شَعْرَةً بَيْضَاءَ.
السابع:
(البائن)؛ أي: المفرِط، وبئْرٌ بائنةٌ، أي: بعيدةُ العُمْق واسعةٌ.
(الأمهق) وجه الجمع بين نفيه هنا، وبين إثباته في الرِّواية
السابقة: أن المراد بالأمهَق هنا شدَّة البياض، وهناك التوسُّط بين البياض والسُّمرة.
وقيل: صواب الرواية ليس بالأبيض الأبهق؛ لأن البَهَق يُشبه لون البرَص.
* * *
3549 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ابْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهًا وَأَحْسَنَهُ خَلْقًا، لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْبَائِنِ وَلَا بِالْقَصِيرِ.
الثامن:
(وأحسنه) في بعضها: (وأحسَنهم).
(خَلقًا)، الأصحُّ فتح الخاء.
* * *
3550 -
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسًا: هَلْ خَضَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: لَا، إِنَّمَا كَانَ شَيْءٌ فِي صُدْغَيْهِ.
التاسع:
(شيء)؛ أي: من الشَّيب.
(صدغيه) الصُّدغ: ما بين الأذُن والعنُق، ويسمى الشَّعر المتدلي عليه أيضًا صُدغًا، ولا يعارض نفي الصَّبْغ هنا ما روى ابن عُمر في "الصحيحين": أنَّه رأى النبيَّ صلى الله عليه وسلم يصبَغ بالصُّفرة، إذ النَّفْي في غالب الأوقات، والإثْبات في وقتٍ، فكلٌّ من الراويين أخبَر بما رأَى، ومراد الراوي هنا أنه لم يكُن له من الشَّيب ما يحتاج إلى التخضيب.
* * *
3551 -
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَرْبُوعًا، بَعِيدَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ، لَهُ شَعَرٌ يَبْلُغُ شَحْمَةَ أُذُنِهِ، رَأَيْتُهُ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ، لَمْ أَرَ شَيْئًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ. قَالَ يُوسُفُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِيهِ: إِلَى مَنْكِبَيْهِ.
العاشر:
(وقال يوسف) موصولٌ قبل ذلك بحديثٍ.
(عن أبيه) إما أن الضمير عائدٌ إلى إسحاق، وإما أطلق على الجدِّ أبًا مجازًا.
(إلى منكبيه)؛ أي: تبلغ الجُمَّة إلى مَنكِبَيه.
* * *
3552 -
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سُئِلَ الْبَرَاءُ: أَكَانَ وَجْهُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَ السَّيْفِ؟ قَالَ: لَا بَلْ مِثْلَ الْقَمَرِ.
الحادي عشر:
ظاهر المعنى.
* * *
3553 -
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مَنْصُورٍ أَبُو عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَعْوَرُ بِالْمَصِّيصَةِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالْهَاجِرَةِ إِلَى الْبَطْحَاءِ، فتوَضَّأَ ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ، وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةٌ.
وَزَادَ فِيهِ عَوْنٌ، عَنْ أَبِيهِ، عن أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ: كَانَ يَمُرُّ مِنْ وَرَائِهَا الْمَرْأَةُ، وَقَامَ النَّاسُ فَجَعَلُوا يَأَخُذُونَ يَدَيْهِ فَيَمْسَحُونَ بِهَا وُجُوهَهُمْ، قَالَ: فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ فَوَضَعْتُهَا عَلَى وَجْهِي، فَإِذَا هِيَ أَبْرَدُ مِنَ الثَّلْجِ، وَأَطْيَبُ رَائِحَةً مِنَ الْمِسْكِ.
الثاني عشر:
(بالمصِّيصة) بكسر الميم، وتشديد المهملة الأولى.
(الهاجرة) نصف النهار عند اشتداد الحر.
(البطحاء) المسيل الواسع الذي فيه دِقاقُ الحصا.
(عَنَزة) بفتح المهملة، والنون، والزاي: أطْوَل من العصَا، وأقصر من الرُّمح، وفيه زُجٌّ.
الثالث عشر:
(عن أبي جحيفة) هو الصواب، خلافًا لما يقع في بعض النسخ:
(عن أبيه، عن أبي جُحَيفة)، [و] كما [في] بعضها:(زهير، عن ابن أبي إسحاق) بزيادة لفظ: (ابن)، وكما في بعضها:(يوسف بن أبي إسحاق) بزيادة: (الأب)، والصَّواب حذفُهما.
* * *
3554 -
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ، وَأَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ جِبْرِيلُ عليه السلام يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ.
الرابع عشر:
(المرسلة) بفتح السين.
وسبق الحديث في (كتاب الوحي).
* * *
3555 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَني ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَيْهَا مَسْرُورًا تَبْرُقُ أَسَارِيرُ وَجْهِهِ، فَقَالَ: "أَلَمْ تَسْمَعِي مَا قَالَ الْمُدْلِجيُّ لِزَيْدٍ وَأُسَامَةَ -وَرَأَى أَقْدَامَهُمَا- إِنَّ بَعْضَ هَذِهِ الأَقْدَامِ مِنْ بَعْضٍ.
الخامس عشر:
(يحيى) إما ابن موسى الخُتِّي، وإما ابن جعفر.
(تَبْرُق) بضم الراء: تُضيء وتستنير من الفرَح.
(أسارير) جمع أسرار، وهو جمع سَرَر، وهي الخُطوط التي في الجَبين.
(المُدْلجي) بضم الميم، وسكون المهملة، وبجيم: اسم مُجَزِّز، بفتح الجيم، وكسر الزاي الأُولى المشدَّدة.
كانت الجاهلية تقدح في نسَب أُسامة لكونه أسوَد وزيدٌ أبيض، فقال مُجزِّز حين رآهما نائمين غطَّا رؤوسَهما، وبدتْ أقدامهما: إِنَّ هذه الأقْدام بعضُها من بعضٍ، فقضى هذا القائِف بلَحاق نسبه، وكانت العرب تعتَمِدُ قول القائف، ويعترفون بأن القِيافة حقٌّ، ففرح صلى الله عليه وسلم؛ لكونه زجْرًا لهم عن الطَّعن في النَّسَب، وكانت أُمّ أُسامة حبَشيَّةٌ سوداء، اسمها بَرَكة.
واختُلف في العمل بقول القائف؛ فأثبته الشافعي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يُظهر الفرح، ولا يقرِّر إلا ما كان حقًّا، ونفاه أبو حنيفة، والمشهور عن مالك إثباته في الإماء، ونفيه في الحرائر.
* * *
3556 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ
كَعْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ تَبُوكَ، قَالَ: فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهْوَ يَبْرُقُ وَجْهُهُ مِنَ السُّرُورِ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ حَتَّى كَأَنَّهُ قِطْعَةُ قَمرٍ، وَكُنَّا نَعْرِفُ ذَلِكَ مِنْهُ.
السادس عشر:
(فلما) جزاؤه محذوف، أي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أبشر).
وسيجيء في (غزوة تبوك).
* * *
3557 -
حَدَّثَنَا قتيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"بُعِثْتُ مِنْ خَيْرِ قُرُونِ بَنِي آدَمَ قَرْنًا فَقَرْنًا، حَتَّى كُنْتُ مِنَ الْقَرْنِ الَّذِي كُنْتُ فِيهِ".
السابع عشر:
(قرنًا فقرنًا)؛ أي: بعثت من خير القُرون وأفضلها، إذا اعتبرت قرْنًا فقرْنًا من أوله إلى آخره، فهو حالٌ للتفضيل، فخيرُ القرون قرنه، ثم قرن الصحابة، ثم قرن التابعين.
* * *
3558 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَسْدِلُ شَعَرَهُ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَفْرُقُونَ رُؤُسَهُمْ، فَكَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَسْدِلُونَ رُؤُسَهُمْ، وَكَانَ رَسُولُ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ بِشَيْءٍ، ثُمَّ فَرَقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَأْسَهُ.
الثامن عشر:
(يسدل) بضم الدال وكسرها: يُرسِل.
قال (ن): قال العلماء: المراد إرساله على الجبين، واتخاذه كالقصَبة، وسَدَل شعره: إذا أرسلَه، ولم يضمَّ جوانبَه.
(يفرقون): بكسر الراء وضمها، وهو فَرْق الشَّعر بعضَه من بعضٍ، وموافقة أهل الكتاب؛ لأنهم أقرب إلى الحقِّ من عبَدة الأوثان، وهو مأمورٌ باتباع شرعهم فيما لم يُوحَ إليه فيه شيءٌ، فيكون دليلًا لمن يرى أن شرع من قبْلَنا شرعٌ لنا، وَرُدَّ بأنه لا يلزم من المحبَّة الاتباع، بل يجب أن يوحى إليه بمثْل شرعهم.
(فرق) بالتخفيف، أي: شَعْرَ رأسه كُلَّه، فألقاه إلى جانبي الرأْس، ولم يبق منه شيءٌ على جبهته.
* * *
3559 -
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما، قَالَ: لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم -
فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا، وَكَانَ يَقُولُ:"إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أَحْسَنَكُمْ أَخْلَاقًا".
التاسع عشر:
(فاحشًا) الفحش: الزيادة بالخروج عن الحد في الكلام السَّيء.
(متفحشًا)؛ أي: متكلِّفًا لفعله، أي: لم يكن الفُحش له جِبلِّيًّا، ولا كسبيًّا.
(أخلاقًا) الخلُق: ملَكَةٌ تصدُر بها الأفعال بسُهولة من غير رَويَّةٍ، وحُسن الخلق: اختيار الفضائل، وترك الرذائل، وأمهاته داخلة في:{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} الآية [الأعراف: 199]، وهذه صفة الأنبياء والأولياء.
* * *
3560 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا، فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ، وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِنَفْسِهِ، إِلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ بِهَا.
العشرون:
(أيسرهما)؛ أي: أسهلهما.
(ما لم يكن إثمًا) وهذا ظاهرٌ إن كان التخيير من الكفَّار، فإن كان من الله تعالى، أو من المسلمين؛ فالتخيير لا يكون بين ما يكون فيه إثمٌ
وغيره، فيؤوَّل: بأن المراد ما لم يُؤدِّ إلى إثمٍ، كالتخيير في المُجاهدة في العبادة، والاقتصادِ فيها، فإنَّ المُجاهدة بحيث ينجرُّ إلى الهلاك لا تجوز.
(تنتهك): انتهاك حرمة الله: هو ارتكاب ما حرَّمه، وهو استثناءٌ منقطعٌ، أي: لكن إذا انتُهكت حُرمة الله انتصَر لله، وانتقَم ممن ارتكب ذلك.
وفيه الأخذ بالأسهل، والحثُّ على العفو، والانتصار للدِّين، وإنما يستحب للحكام التخلُّق بهذا الخلق الكريم، فلا ينتقِم لنفسه، ولا يُهمل حق الله تعالى.
* * *
3561 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنسٍ رضي الله عنه قَالَ: مَا مَسِسْتُ حَرِيرًا وَلَا دِيبَاجًا أليَنَ مِنْ كَفِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلَا شَمِمْتُ رِيحًا قَطُّ أَوْ عَرْفًا قَطُّ أَطْيَبَ مِنْ رِيحِ أَوْ عَرْفِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
الحادي والعشرون:
(مَسِستُ) بكسر السين.
(شَمِمت) بكسر الميم، وفتحها.
(عَرفًا) بفتح العين: الريح الطيِّبة، وترك التنوين في (ريح) لقصْد الإضافة، كقوله:
بَينَ ذِراعَيْ وجَبْهَةِ الأَسَدِ
* * *
3562 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي عُتْبَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: كانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا.
الثاني والعشرون:
(العذراء) هي البكر؛ لأن عُذْرتها -وهي جِلْدة البَكارة- باقيةٌ.
(خدرها) هو ستر يجعل للبكر في جنْب البيت.
* * *
3562 / -م - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى وَابْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ مِثْلَهُ، وَإِذَا كَرِهَ شَيْئًا عُرِفَ فِي وَجْهِهِ.
الثالث والعشرون:
العطف فيه على ما سبَق، كأنه روى الحديثَ وزاد فيه هذه الزيادة.
* * *
3563 -
حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ،
عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: مَا عَابَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم طَعَامًا قَطُّ، إِنِ اشْتَهَاهُ أَكلَهُ، وَإِلَّا تَرَكَهُ.
الرابع والعشرون:
ظاهر المعنى.
* * *
3564 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ، عَنْ جَعْفَرِ ابْنِ رَبِيعَةَ، عَنِ الأَعْرَج، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَالِكٍ ابْنِ بُحَيْنَةَ الأَسْدِيِّ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا سَجَدَ فَرَّجَ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى نَرَى إِبْطَيْهِ. قَالَ: وَقَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا بَكْرٌ: بَيَاضَ إِبْطَيْهِ.
الخامس والعشرون:
(ابن بحينة) صفة لـ (عبد الله)، فعلى هذا ينون:(مالكٌ)، ويكتب (ابن) بالألف؛ لأنه ليس صفةً لـ (مالك)، والحاصل أنه جمع بين ذكْر أبي عبد الله وأُمِّه.
(الأسدي) بسكون السين؛ لأنه من الأَزْد، فيقال: بالزاي والسين، وهو أَزْد شَنوءة.
ومن ظنَّه بالفتح حتى غلَّط البخاريَّ فهو الغالِط.
* * *
3565 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ أَنَسًا رضي الله عنه حَدَّثَهُمْ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ دُعَائِهِ إِلَّا فِي الاِسْتِسْقَاءِ، فَإِنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ.
السادس والعشرون:
(لا يرفع)؛ أي: الرفع البليغ، بدلالة السياق، وإلا فقد ثبت أنه رفَع في مواطِن غير الاستسقاء.
(بياض) لا ينافي رواية: (عُفْرة)، فإنها البياض الذي ليس بناصع.
* * *
3566 -
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَوْنَ بْنَ أَبِي جُحَيْفَةَ ذَكَرَ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: دُفِعْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهْوَ بِالأَبْطَحِ فِي قُبَّةٍ كَانَ بِالْهَاجِرَةِ، خَرَجَ بِلَالٌ فَنَادَى بِالصَّلَاةِ، ثُمَّ دَخَلَ فَأَخْرَجَ فَضْلَ وَضُوءِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَوَقَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ يَأْخُذُونَ مِنْهُ، ثُمَّ دَخَلَ، فَأَخْرَجَ الْعَنَزَةَ، وَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ سَاقَيْهِ، فَرَكَزَ الْعَنَزَةَ، ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ، وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ، يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ الْحِمَارُ وَالْمَرْأَةُ.
السابع والعشرون:
(دفعت) مبنيٌّ للمفعول.
(كان بالهاجرة) حال، أو استئناف.
(وبيص) بإهمال الصاد: البريق واللمعان.
* * *
3567 -
حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ صَبَّاحٍ الْبَزَّارُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُحَدِّثُ حَدِيثًا لَوْ عَدَّهُ الْعَادُّ لأَحْصَاهُ.
3568 -
وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ قَالَ: أَخْبَرَني عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: أَلَا يُعْجبُكَ أَبُو فُلَانٍ! جَاءَ فَجَلَسَ إِلَى جَانِبِ حُجْرَتِي يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُسْمِعُنِي ذَلِكَ وَكُنْتُ أُسَبِّحُ، فَقَامَ قَبْلَ أَنْ أَقْضِيَ سُبْحَتِي، وَلَوْ أَدْرَكْتُهُ لَرَدَدْتُ عَلَيْهِ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ يَسْرُدُ الْحَدِيثَ كسَرْدِكُمْ.
الثامن والعشرون:
(لأحصَاه) لا يُقال: فيه اتحاد الجزاء مع الشرط، إنما هو مثل:{وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} [النحل: 18]، أي: لا تُطيقوا عدَّها، وبُلوغَ آخرها.
(وقال الليث) وصله في "الزُّهْريات".