الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقيل: المراد: وأنا أيضًا بالنسبة إليك مثل ذلك، والأول أَولى.
(مَسيك) بفتح الميم، وتخفيف السين، وبكسر الميم، وتشديد السين، أي: بخيلٌ شحيحٌ.
(أن أطعم) بفتح (أن) وكسرها.
(لا)؛ أي: لا حرَج.
(بالمعروف)؛ أي: اطعمِي بالمعروف.
وفيه وجوب نفَقة الأولاد الفُقراء الصِّغار، وجواز ذِكْر الإنسان بما يَكره عند الحاجة، وأخذ قدْر الحاجة من المال بغير إذْن صاحبه.
واحتُجَّ به على جواز الحكم على الغائب، والحقُّ أنه كان إفتاءً لا حكمًا.
* * *
24 - بابُ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ
(باب حديث زيد بن عمْرو بن نُفَيل رضي الله عنه)
بضم النون، وفتح الفاء: القُرشي، العدَويُّ، والد سعيد، أحدِ العشَرة، كان يتعبَّد في الجاهلية على دين إبراهيم عليه الصلاة والسلام، ويُوحِّد الله تعالى، واجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة، ومات أيضًا قبلها.
* * *
3826 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَقِيَ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْل بِأَسْفَلِ بَلْدَحَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْوَحْيُ، فَقُدِّمَتْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سُفْرَة، فَأَبَى أَنْ يَأْكلَ مِنْهَا، ثُمَّ قَالَ زَيْدٌ: إِنِّي لَسْتُ آكُلُ مِمَّا تَذْبَحُونَ عَلَى أَنْصَابِكُمْ، وَلَا آكُلُ إلا مَا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ، وَأَنَّ زيدَ بْنَ عَمْرٍو كَانَ يَعِيبُ عَلَى قُرَيْشٍ ذَبَائِحَهُمْ، وَيَقُولُ: الشَّاةُ خَلَقَهَا اللهُ، وَأَنْزَلَ لَهَا مِنَ السَّمَاءِ الْمَاءَ، وَأَنْبَتَ لَهَا مِنَ الأَرْضِ، ثُمَّ تَذْبَحُونها عَلَى غَيْرِ اسْمِ اللهِ؟ إِنْكَارًا لِذَلِكَ وَإعْظَامًا لَهُ.
الحديث الأوّل:
(بَلْدَح) بفتح الموحَّدة، وسكون اللام، وفتح المهملة، وإهمال الحاء: وادٍ قبل مكّة من جهة المغرب، يصرف، ولا يصرف.
(فأبى)؛ أي: زيدٌ.
(أن يأكل) فإن قيل: نبيّنا صلى الله عليه وسلم أَولى أن لا يأْكل؛ قيل: ليس في الحديث أنه أكَل من تلك السُّفْرة، وما كلّ ما يُوضع في سُفرة الإنسان يأكُل منه، بل يأكل منه أتباعُه، ولم يكن نزل عليه شيءٌ حتّى ينهاهم عن أكله.
وأجاب السُّهَيْلي: بأن زيدًا إنّما قال ذلك بِرًّا، أي: منه، لا بشرعٍ قبله، فالذي في شرع إبراهيم تحريم الميِّتة، لا ما ذُبح لغير الله.
ورُدَّ ما قاله: بأن الّذي في شرع إبراهيم تحريم ما ذُبح لغير الله، وقد كان عدوَّ الأصنام، والله تعالى يقول:{أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ} [النحل: 123].
وقال (خ): امتناع زيدٍ لاحتمال أن يكون فيها ممّا ذُبح على الأصنام، وقد كان النَّبيّ صلى الله عليه وسلم لا يأكُل من ذبائحهم الّتي يذبحونها لأصنامهم، أنها ذبائحهم الّتي لمَأْكلهم فلم ينْزل عليه حينئذٍ فيها شيءٌ وقد كان مقيمًا بين ظَهرانيهم، ولم يُذكر أنه كان يتميَّز عنهم إلا في الميِّتة، فإنَّ قريشًا كانوا يتنَزَّهون في الجاهلية عنها.
* * *
3827 -
قَالَ مُوسَى: حَدَثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ وَلَا أَعْلَمُهُ إلا تُحُدِّثَ بِهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ زيدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ خَرَجَ إِلَى الشَّأْمِ، يَسْألُ عَنِ الدِّينِ وَيَتْبَعُهُ، فَلَقِيَ عَالِمًا مِنَ الْيَهُودِ، فَسَأَلهُ عَنْ دِيِنِهِمْ، فَقَالَ: إِنِّي لَعَلِّي أَنْ أَدِينَ دِينَكُمْ، فَأَخْبِرْنِي. فَقَالَ: لَا تَكُونُ عَلَى دِيِنِنَا حَتَّى تَأْخُذَ بِنَصِيبِكَ مِنْ غَضَبِ اللهِ، قَالَ زَيْدٌ: مَا أَفِرُّ إلا مِنْ غَضَبِ اللهِ، وَلَا أَحْمِلُ مِنْ غَضَبِ اللهِ شَيْئًا أَبَدًا، وَأَنَّى أَسْتَطِيعُهُ فَهَلْ تَدُلُّنِي عَلَى غَيْرِهِ؟ قَالَ: مَا أَعْلَمُهُ إلا أَنْ يَكُونَ حَنِيفًا، قَالَ زَيْدٌ: وَمَا الْحَنِيفُ؟ قَالَ: دِينُ إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَكُنْ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَا يَعْبُدُ إلا اللهَ، فَخَرَجَ زَيْدٌ فَلَقِيَ عَالِمًا مِنَ النَّصَارَى، فَذَكَرَ مِثْلَهُ، فَقَالَ: لَنْ تَكُونَ عَلَى دِيِنِنَا حَتَّى تَأْخُذَ بِنَصِيبِكَ مِنْ لَعْنَةِ اللهِ، قَالَ: مَا أَفِرُّ إلا مِنْ
لَعْنَةِ اللهِ، وَلَا أَحْمِلُ مِنْ لَعْنَةِ اللهِ، وَلَا مِنْ غَضَبِهِ شَيْئًا أَبَدًا، وَأَنَّى أَسْتَطِيعُ، فَهَلْ تَدُلُّنِي عَلَى غَيْرِهِ؟ قَالَ: مَا أَعْلَمُهُ إلا أَنْ يَكُونَ حَنِيفًا، قَالَ: وَمَا الْحَنِيفُ؟ قَالَ: دِينُ إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَكُنْ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَا يَعْبُدُ إلا اللهَ. فَلَمَّا رَأَى زيدٌ قَوْلَهُمْ فِي إِبْرَاهِيمَ عليه السلام خَرَجَ، فَلَمَّا بَرَزَ رَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: اللهُمَّ إِنِّي أَشْهَدُ أَنِّي عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ.
3828 -
وَقَالَ اللَّيْثُ: كَتَبَ إِلَيَّ هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما، قَالَتْ: رَأَيْتُ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ قَائِمًا مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبةِ، يَقُولُ: يَا مَعَاشِرَ قُرَيْشٍ! وَاللهِ مَا مِنْكُمْ عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ غَيْرِي، وَكَانَ يُحْيِي الْمَوْؤدَةَ، يَقُولُ لِلرَّجُلِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَ ابْنتَهُ: لَا تَقْتُلْهَا أَنَا أَكْفِيكَهَا مَؤُنَتَهَا، فَيَاْخُذُهَا فَإِذَا تَرَعْرَعَتْ قَالَ لأَبِيهَا: إِنْ شِئْتَ دَفَعْتُهَا إِلَيْكَ، وَإِنْ شِئْتَ كَفَيْتُكَ مَؤُنَتَهَا.
الثّاني:
(فأخبرني)؛ أي: عن حال دينكم، وكيفيته.
(وأنى أستطيعه)؛ أي: والحال أن لي قدرةً على عدَم الحمْل.
(غضب) هو إيصال العذاب.
(لعنة) هي البعد عن الرّحمة، والغضَبُ أشدُّ من اللَّعنة، وكأن اليهود أحقُّ به؛ لأنهم أشد عداوةً لأهل الحق.
(يحيي الموءودة) إطلاق الإحياء مجازٌ عن الإبقاء، ورفْع الهلاك، كما أن المراد بالموءودة: من يُقصد وأْدُها.