الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الكهف: 11]، أي: ضربنا عليهم حجابًا من أن تَسمع، أي: أغفاهم إنامةً لا تُنَبِّههم الأصواتُ، فأخذَ البخاري لازم لفظ القرآن، وفسَّره أيضًا بلازمه، إذ ليس ذلك لفْظ القرآن، ولا ذلك معناه.
* * *
53 - حَدِيثُ الْغَارِ
3465 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "بَيْنَمَا ثَلَاثَةُ نَفَرٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ يَمْشُونَ إِذْ أَصَابَهُمْ مَطَرٌ، فَأَوَوْا إِلَى غَارٍ، فَانْطَبَقَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: إِنَّهُ وَاللهِ يَا هَؤُلَاءِ لَا يُنْجيكُمْ إِلَّا الصِّدْقُ، فَلْيَدْعُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ بِمَا يَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ صَدَقَ فِيهِ، فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ لِي أَجِيرٌ عَمِلَ لِي عَلَى فَرَقٍ مِنْ أَرُزٍّ، فَذَهَبَ وَتَرَكَهُ، وَأَنِّي عَمَدْتُ إِلَى ذَلِكَ الْفَرَقِ فَزَرَعْتُهُ، فَصَارَ مِنْ أَمْرِهِ أَنِّي اشْتَرَيْتُ مِنْهُ بَقَرًا، وَأَنَّهُ أَتَانِي يَطْلُبُ أَجْرَهُ، فَقُلْتُ له: اعْمِدْ إِلَى تِلْكَ الْبَقَرِ فَسُقْهَا، فَقَالَ لِي: إِنَّمَا لِي عِنْدَكَ فَرَقٌ مِنْ أَرُزٍّ! فَقُلْتُ لَهُ: اعْمِدْ إِلَى تِلْكَ الْبَقَرِ فَإنَّهَا مِنْ ذَلِكَ الْفَرَقِ، فَسَاقَهَا، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ خَشْيَتِكَ فَفَرِّجْ عَنَّا. فَانْسَاحَتْ عَنْهُمُ الصَّخْرَةُ، فَقَالَ الآخَرُ: اللَّهُمَّ إِنْ كنْتَ تَعْلَمُ كَانَ لِي أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ، فَكُنْتُ آتِيهِمَا كُلَّ لَيْلَةٍ بِلَبَنِ غَنَمٍ لِي، فَأَبْطَأْتُ عَلَيْهِمَا
لَيْلَةً، فَجئْتُ وَقَدْ رَقَدَا وَأَهْلِي وَعِيَالِي يَتَضَاغَوْنَ مِنَ الْجُوعِ، فَكُنْتُ لَا أَسْقِيهِمْ حَتَّى يَشْرَبَ أَبَوَايَ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَهُمَا، وَكَرِهْتُ أَنْ أَدَعَهُمَا فَيَسْتكِنَّا لِشَرْبَتِهِمَا، فَلَمْ أَزَلْ أَنْتَظِرُ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، فَإِنْ كنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ خَشْيَتِكَ فَفَرِّجْ عَنَّا. فَانْسَاحَتْ عَنْهُمُ الصَّخْرَةُ، حَتَّى نَظَرُوا إِلَى السَّمَاءِ. فَقَالَ الآخَرُ: اللَّهُمَّ إِنْ كنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ لِي ابْنَةُ عَمٍّ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَأَنِّي رَاوَدْتُهَا عَنْ نَفْسِهَا فَأَبَتْ إِلَّا أَنْ آتِيَهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَطَلَبْتُهَا حَتَّى قَدَرْتُ، فَأَتَيْتُهَا بِهَا فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهَا، فَأَمْكَنتنِي مِنْ نَفْسِهَا، فَلَمَّا قَعَدْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا، فَقَالَتِ: اتَّقِ اللهَ وَلَا تَفُضَّ الْخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ. فَقُمْتُ وَتَرَكْتُ الْمِائَةَ دِينَارٍ، فَإِنْ كنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ خَشْيَتِكَ فَفَرِّجْ عَنَّا. فَفَرَّجَ اللهُ عَنْهُمْ فَخَرَجُوا".
(باب حديث الغار)
(فانطبق)؛ أي: باب الغار.
(إن كنت تعلم)، (إن) كلمة شكٍّ، وهم جازمون بأن الله تعالى عالمٌ، فمعناه: أنت تعلَمُ ذلك، فرتِّبْ عليه ما نسألك بفضلك.
وقال (ك): إنه على خلاف مقتضى الظاهر، أو أنهم لم يكونوا عالمين بأنَّ لأعمالهم اعتبارًا عند الله، ولا جازمين به، فقالوا: إنْ كنت تعلم أنَّ لها اعتبارًا؛ ففرِّج عنا.
(فَرَق) بفتح الفاء، والراء، وسُكونها: ظَرفٌ يسَع ثلاثة آصُعٍ.
وليس لمن جوَّز بيع الفُضولي تعلُّقٌ بهذا! لأنه شرْع من قبلَنا.
وأيضًا فليس فيه أنَّ الفرَق كان معيَّنًا، ولم يكن في الذِّمَّة، وقبضَه الأجير، ودخَل ملْكه، بل كان هذا تبرُّعًا منه له.
(انساخت) بالمعجمة، أي: غابتْ في الأرض.
وقال (خ): صوابُه بمهملةٍ، أي: اتسعَتْ، ومنه ساحة الدَّار، ويُروى بالخاء المعجمة والصاد، مِن انصَاخَ الثَّوب انصِياخًا: إذا انشَقَّ من قِبَل نفْسه.
قال (ك): ويمكِن أن يكُون: انسَاخَ، بالسين بدلًا من الصَّاد، يُقال: انسَاخَ البَرْق: إذا تصدَّع.
(يتضاغون) بمعجمتين: يتصايحُون، وقيل: يَستغيثون من الجُوع، وأصله مِن ضُغاء الثَّعلب والسِّنَّور إذا صاحَ، وذلك صوتُ كلِّ ذليلٍ مقهورٍ.
(فيستكينا) من السَّكينة، وقال (ك): يستكينا، أي: يَضعُفا لشربتهما التي فاتتْ عنهما.
قال: وفي بعضها: (يستَكِنَّا)، أي: يَلبَثا في كِنِّهما منتظرَين لشُربهما.
وسبق الحديث آخر (البيع) إلا أنَّ هناك الفرَق من الذُّرة، فلعلَّه كان مخلُوطًا منهما، وأُطلق كلًّا من النوعين بأَدنى مشابهةٍ بينهما.
* * *