الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال (خ): ومثله انفَضَّ، كقوله تعالى:{لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159]، قال: ومَن رواه: (انقضَّ) بالقاف، فمعناه: تقطَّع، وتكسَّر.
(لكان)؛ أي: حقيقًا بالارفِضاض، وفي بعض النُّسَخ:(لكان مَحقُوقًا) بالقاف، وسيَذكر البخاريّ رواية:(لكان مَحقُوقًا أن يُنقَضَ).
والمراد: أنَّ في الزمن الأوَّل كان المُخالفون في الدِّين يرغِّبون المُسلمين في الخير، وفي هذا الزّمان الموافقون يعمَلون الشرَّ بأصحابهم، ويُرغِّبون عليه.
* * *
35 - بابُ إِسْلَامِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه
-
(باب إسلام عُمر بن الخطَّاب رضي الله عنه)
3863 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، قَالَ: مَا زِلْنَا أَعِزَّةً مُنْذُ أَسْلَمَ عُمَرُ.
الحديث الأوّل:
معناه ظاهرٌ.
* * *
3864 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: فَأَخْبَرَنِي جَدِّي زَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: بَيْنَمَا هُوَ فِي الدَّارِ خَائِفًا، إِذْ جَاءَهُ الْعَاصِ بْنُ وَائِلٍ السَّهْمِيُّ أَبُو عَمْرٍو، عَلَيْهِ حُلَّةُ حِبَرَةٍ، وَقَمِيصٌ مَكْفُوفٌ بِحَرِيرٍ -وَهُوَ مِنْ بَنِي سَهمٍ، وَهُمْ حُلَفَاؤُنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ- فَقَالَ لَهُ: مَا بَالُكَ؟ قَالَ: زَعَمَ قَوْمُكَ أَنَّهُمْ سَيَقْتُلُونِي إِنْ أَسْلَمْتُ، قَالَ: لَا سَبِيلَ إِلَيْكَ، بَعْدَ أَنْ قَالَهَا أَمِنْتُ، فَخَرَجَ الْعَاصِ، فَلَقِيَ النَّاسَ قَدْ سَالَ بِهِمُ الْوَادِي، فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُونَ؟ فَقَالُوا: نُرِيدُ هَذَا ابْنَ الْخَطَّابِ الَّذِي صَبَا، قَالَ: لَا سَبِيلَ إِلَيْهِ، فَكَرَّ النَّاسُ.
الثّاني:
فائدته العطْف في: (فأخبرني) أنه حدَّث بغير هذا الحديث أيضًا.
(العاص) بضم الصاد إذا قُلنا: إنّه من الأَجْوَف، أي: ألِفُه مبدلةٌ عن واو، وبكسرها إذا قلنا: من النَّاقص، وأصلُه: العاصِي، فخُفِّف بترك الياء، وهو والد عمْرو بن العاص، أدرك الإِسلامَ ولم يُسلِم.
(حبرة) بوزن عِنَبَة: بُردٌ يماني، والجمع حِبَرٌ.
(مكفوف) من كفَفتُ الثّوب: خطْتُ حاشيَتَه، وكفَّة الثّوب: حاشيتُه.
(أمنت) بتاء المتكلِّم من الأَمان، أي: زالَ خَوفي؛ لأنَّ العاصي
كان مُطَاعًا في قومه.
(قالها)؛ أي: الكَلِمة الّتي هي: (لا سَبيلَ إليك)، وهذه الجُملة من مَقُول ابن عُمر.
(فكرّ)؛ أي: رجَع.
* * *
3865 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ سَمِعْتُهُ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: لَمَّا أَسْلَمَ عُمَرُ اجْتَمَعَ النَّاسُ عِنْدَ دَارِهِ وَقَالُوا: صَبَا عُمَرُ، وَأَنَا غُلَامٌ فَوْقَ ظَهْرِ بَيتِي، فَجَاءَ رَجُلٌ عَلَيْهِ قَبَاءٌ مِنْ دِيبَاجٍ، فَقَالَ: قَدْ صَبَا عُمَرُ، فَمَا ذَاكَ فَأَنَا لَهُ جَارٌ، قَالَ: فَرَأَيْتُ النَّاسَ تَصَدَّعُوا عَنْهُ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا الْعَاصِ بْنُ وَائِلٍ.
الثّالث:
(فما ذاك)؛ أي: فلا بأْسَ، أو لا قتْلَ، أو لا تعرُّضَ.
(جار)؛ أي: أجرتُه من أن يظلمَه ظالمٌ.
(تصدعوا)؛ أي: تفرَّقوا عنه.
* * *
3866 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ،
قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ أَنَّ سَالِمًا حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: مَا سَمِعْتُ عُمَرَ لِشَيْءٍ قَطُّ يَقُولُ: إِنِّي لأَظُنُّهُ كَذَا، إلا كَانَ كَمَا يَظُنُّ، بَيْنَمَا عُمَرُ جَالِسٌ إِذْ مَرَّ بِهِ رَجُلٌ جَمِيلٌ، فَقَالَ: لَقَدْ أَخْطَأَ ظَنِّي، أَوْ إِنَّ هَذَا عَلَى دِينِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، أَوْ لَقَدْ كَانَ كَاهِنَهُمْ، عَلَيَّ الرَّجُلَ، فَدُعِيَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ اسْتُقْبِلَ بِهِ رَجُلٌ مُسْلِمٌ، قَالَ: فَإنِّي أَعْزِمُ عَلَيْكَ إلا مَا أَخْبَرْتَنِي، قَالَ: كنْتُ كَاهِنَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، قَالَ: فَمَا أَعْجَبُ مَا جَاءَتْكَ بِهِ جِنِّيَّتُكَ؟ قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا يَوْمًا فِي السُّوقِ جَاءَتْنِي أَعْرِفُ فِيهَا الْفَزَعَ، فَقَالَتْ: أَلَمْ تَرَ الْجنَّ وَإِبْلَاسَهَا، وَيَأْسَهَا مِنْ بَعْدِ إِنْكَاسِهَا، وَلُحُوقَهَا بِالْقِلَاصِ وَأَحْلَاسِهَا؟ قَالَ عُمَرُ: صَدَقَ، بَيْنَمَا أَنَا عِنْدَ آلِهَتِهِمْ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ بِعِجْلٍ فَذَبَحَهُ، فَصَرَخَ بِهِ صَارِخٌ لَمْ أَسْمَعْ صَارِخًا قَطُّ أَشَدَّ صَوْتًا مِنْهُ، يَقُولُ: يَا جَلِيحْ، أَمْرٌ نَجيحْ، رَجُلٌ فَصِيحْ: يَقُولُ: لَا إِلَهَ إلا أَنْتَ، فَوَثَبَ الْقَوْمُ قُلْتُ: لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَعْلَمَ مَا وَرَاءَ هَذَا، ثُمَّ نَادَى: يَا جَلِيحْ، أَمْرٌ نَجيحْ، رَجُلٌ فَصِيحْ، يَقُولُ لَا إِلَهَ إلا اللهَ، فَقُمْتُ، فَمَا نَشَبْنَا أَنْ قِيلَ: هَذَا نبَيٌّ.
الرابع:
(عُمر)؛ أي: ابن محمّد بن زيد بن عبد الله بن عُمر.
قال الكَلابَاذي: هو عَمْرو -بالواو- ابن الحارِث.
(كما يظن)؛ أي: لأنه كان من المُحَدَّثين.
قال الشاعر:
الأَلْمَعيُّ الذِي يظُنُّ بكَ الظَّنْـ
…
ـنَ كأَنْ قَدْ رأَى وقَدْ سَمِعَا
(رجل جميل) هو سَوَاد بن قَارِب.
(ظني)؛ أي: في كونه على الجاهلية، بأن صار مسلمًا.
(أوْ إن) بإسكان الواو.
(ولقد كان) في بعضها: (أو لقَدْ كانَ).
(عليَّ الرَّجل)؛ أي: قرِّبْه منِّي، وقيل: الأسوَد بن قارِب الدَّوْسي، تقول: عليَّ يزيد، أو عليَّ زيدًا، أي: أعطني زيدًا.
(استقبل) بالبناء للمفعول.
(رجلًا) مفعول (رأَيتُ).
(إلا ما أخبرتني)؛ أي: واللهِ لا أطلُبُ منكَ إلا إخبارَك.
(ممّا أعجب) مرفوعٌ، و (ما) استفهامية.
(جنيتك) الجنِّي: منسوبٌ إلى الجنِّ، كرُومي للرُّوم، والمراد منه واحدٌ من النَّوع، وأُنِّث تحقيرًا له.
(وإبلاسها)؛ أي: انكسَارها، ويأْسها، وصَيرورتها كإبليس باليأس والإبعاد.
(ويأسها)؛ أي: من السَّمْع، بعد أن كانت ألفَتْه، وقيل: صوابه: وبَأْسها، بالموحَّدة، بعد إنكاسها، وهي رواية ابن السَّكَن، وعند أبي ذَرٍّ:(أنسَاكَها)، جمع نُسُك، وهو العبادة.
وقيل: في روايةٍ: (من بعد إيناسِها)، أي: كانت تأْنَس إلى ما تَسمع.
(ولحوقها) بالنصب.
(بالقُلاص) جمع قُلُص، بضمتين، جمع قَلُوص: وهي الناقة الشابَّة، تسمى قَلُوصًا، ويُراد بالقُلُوص: أهل القُلُوص على سبيل الكِنَاية، وهم العرَب.
(وأحلاسها) بمهملتين جمع حلس، وهو كساءٌ رقيقٌ يكون تحت البِرْذَعة.
والغرَض من هذا بيان ظهور النَّبيّ العربي صلى الله عليه وسلم، ومتابعة الجنِّ للعرَب، ولُحقوهم بهم في الدِّين إذ هو رسولٌ إلى الثَقَلَين.
(بعجل)؛ أي: ولَد البقرة.
(يا جَلِيح) بفتح الجيم، وكسر اللام، وبمهملةٍ: الوَقحِ، المُكافح، المكاشِف بالعَداوة.
(نجيح) من النجاح، وهو الظَّفَر بالحوائج.
(فصيح) من الفصاحة، وفي بعضها:(نَصِيْحُ)، ويُروى أيضًا:(يَصِيْحُ)، من الصِّيَاح.
(نشَبنا) بكسر المعجمة: مكَثْنا، وتعلَّقْنا بشيءٍ؛ إذ ظهر القَول بين النَّاس بخُروج النَّبيّ صلى الله عليه وسلم.
قال ابن الأثير بدَل (أنساكَها): (إنكاسَها)، أي: انقلابها عن أمرها، وقال: الجَلِيْح: اسم رجلٍ.
* * *
3867 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا